الاثنين، 23 نوفمبر 2015

مثال على التلاعب بالقرآن بسبب الأخذ بمعان شاذة للألفاظ ....... بقلم الباحث ابن قـــــــــرناس


القرآن يفهم بأسلوبه البسيط الواضح وبالمعاني الأولى للكلمات، وكل من يحاول أن يأخذ بالمعاني الثانوية والشاذة فهو يحاول أن يستعرض معارفه اللغوية على حساب القرآن أو يريد أن يأول القرآن ليتفق مع ما يريد. وهذا التلاعب بمعاني كلمات القرآن إرث ورثناه من المفسرين الذين أفرطوا في تأويل كلمات القرآن إلى غير معانيها الواضحة البسيطة.
بعضهم لجهله بمعنى الكلمة، أو لكي يختلق قصة عن سبب نزول الآية، فيقوم باختلاق معنى للكلمة لكي تتفق مع ما يريد قوله. وبعضهم ينتمي للفرق الباطنية التي تقول إن للكملة معنى ظاهر للعامة والدهماء، ومعان باطنة خفية لا يعرفها إلا شيوخهم. وذلك لإضفاء القدسية على شيوخهم من جهة وليتمكن أولئك الشيوخ من التلاعب بمعاني القرآن كيفما يشاؤون.
وبالتالي فكل تأويل كلمات القرآن لغير معانيها البسيطة المعروفة هو موروث قديم، ولم يقل به كُتّاب معاصرون كما قد يظن البعض من مثقفي النت.
ومن ذلك فوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43) النساء.
فالبعض يتبع القول بأن سكارى في الآية لا تعني من غلبه السكر لشارب الخمر، وهو المعنى الأول للسكر. ولكنهم يقولون إن السكر هنا يعني غلبة النعاس. وكل من يظن أن الكاتب أو الواعظ المعاصر الذي يتبعون هو أول من قال بهذا، فهم لا يعلمون أن من قال بهذا هم المفسرون، ولو فتحنا تفسير القرطبي أو غيره على الآية فسنجد أن الضحاك بن مزاحم أحد من قال: لم يعنِ سكر الخمر، إنّما يعني سكر النوم.
والضحاك ابن مزاحم خراساني ومن عصر الظلمات والفتن يأتي ليقول إن سُكر تعني سكر النوم . ولم تقل بذلك اللغة العربية ولا أي عربي في عصر الرسول وأي عصر سبق عصر العجمة.
ومثله قوله تعالى: حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ(18) النمل.
فالبعض يقول إن التحطيم لا يكون على النملة لأن النملة لا تتحطم (هذه الفلسفة اللغوية الغير صحيحة) لم يقل بها كاتب معاصر ولكن من قالها المفسرون، ومن ذلك ما نقله الثعالبي في تفسيره، حيث يقول إن سليمان سأل النملة: لم قلتِ: لا يحطمنّكم سليمان وجنوده؟
فقالت النملة: أما سمعت قولي: وهم لا يشعرون؟ مع أني لم أرد حطم النفوس، وإنما أردت حطم القلوب خشية أن يتمنين مثل ما أعطيت، أو يفتتن بالدنيا، ويشتغلن بالنظر إلى ملكك عن التسبيح والذكر... انتهى
فجاء من الكتاب من يقول إن النمل لا يحطم وبالتالي فالمعنى شيء آخر وبدأ يتقول كيفما يشاء. ولغة العرب ليس فيها ما يمنع من أن نستخدم تحطيم للنمل لأن القرآن استخدم هذا. أما لغة سيبويه وعصر العجمة فلا تجيز ذلك.
كما أن تفاسير الفرق الباطنية هي التي قالت بأن الهدهد والنملة وغيرها ليست على ظاهرها، فجاء بعدهم من يقول: إن الهدهد يعني رجل اسمه الهدهد وليس الطائر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...