الخميس، 30 أبريل 2015

وثيقة دير شبيجل تكشف: كيف أصبحت داعش أنجح جيش إرهابيين في التاريخ؟



ترجمة كاملة:  وثيقة ديرشبيجل عن الضابط العراقي حجي بكر المؤسس الحقيقي لتنظيم داعش ومخطط استراتيجية التنظيم.
AP
AP
ترجمة:  محمد الصباغ - دعاء جمال -  محمد على الدين
ضابط عراقى خطط لبسط سيطرة الدولة الإسلامية فى سوريا، وقد استطاعت مجلة “ديرشبيجل” الحصول حصريا على أوراقه. ترسم تلك الأوراق صورة مختلفة لتنظيم الدولة، الذى يظهر وكأنه تنظيم يدفعه التعصب الديني، بينما هو يخطط بدقة لتحقيق أهدافه.
منعزل ومهذب، متملق وحاضر الذهن وقادر على ضبط النفس بالإضافة إلى أنه غير أمين وغامض وخبيث. هكذا يتذكر المعارضون في شمال سوريا، لقاءاتهم مع الرجل ناعتين إياه بصفات مختلفة ومتناقضة. لكنهم اتفقوا على أمر واحد :”لم نعرف أبداً مع من بالضبط كنا نجلس”.
لم يعرفه حتى من قتلوه في تبادل لإطلاق النار في بلدة “تل رفعت” في صباح أحد أيام يناير 2014، ولم يستطيعوا تحديد الهوية الحقيقية للرجل الخمسيني الطويل. لم يدركوا حينها أنهم قتلوا الرأس المدبر والعقل الاستراتيجي للمجموعة التي تطلق على نفسها ”الدولة الإسلامية“. في الواقع ما حدث كان نتيجة خطأ نادر الحدوث لكنه مدمر ارتكبه ذلك المُخطط العبقري. خطط المعارضون لدفنه بعد وضع جثته لثلاثة أيام في غرفة تبريد. ثم أدركوا لاحقاً مدى أهمية هذا الرجل فتركوا جثمانه بالخارج مجدداً.
كان “سمير عبد محمد الخليفاوى” هو الاسم الحقيقى للعراقى الذى توارت ملامح وجهه النحيلة وراء لحية بيضاء. لم يعرفه أحد بهذا الاسم، وحتى اسمه الأكثر شهرة، “حجى بكر”، لم يكن معروفا بين كثير من الناس. كان ذلك تحديدا جزء من الخطة حيث أدار العقيد السابق فى جهاز مخابرات القوات الجوية العراقية التابعة لنظام صدام حسين “الدولة الإسلامية” سراً لسنوات.
 ذكر اسمه الأعضاء السابقون في التنظيم كأحد قادته، ومع ذلك لم يتضح أبداً دور الرجل بالتحديد.
عندما مات العقل المخطط لتنظيم الدولة الإسلامية ترك شيئاً ورائه طالما أراد أن يظل في سرية تامة، وهو خطة عمل هذا التنظيم. هي عبارة عن ملف به الهيكل التنظيمي والجداول والقوائم المكتوبة بخط اليد التي تشرح كيفية إخضاع دولة ما تدريجياً. توصلت ديرشبيجل إلى 31 صفحة وكان العديد منها صفحات ملتصقة ببعضها. وتوضح الأوراق التكوين المتدرج وتوجيهات العمل، وتم تجربة بعض تلك الطرق بالفعل بينما تم ابتكار طرق أخرى للتعامل مع الموقف الفوضوي في الأراضي السورية التي تسيطر عليها المعارضة. بمعنى آخر هذه الوثائق هي عبارة عن الشفرة الرئيسية لأنجح جيش من الإرهابيين في التاريخ الحديث.
حتى الآن، تأتي الكثير من المعلومات عن تنظيم الدولة من خلال المقاتلين المهزومين أو البيانات التى أتت من الإدارة الداخلية للتنظيم عقب محاصرته في بغداد. لكن لا يعطي أي منهم تفسيراً واحداً للصعود الصاروخي للتنظيم، قبل الضربات الجوية في أواخر صيف 2014 التي وضعت حداً لمسيرة التنظيم.
لأول مرة،  بعد الحصول على وثائق حجي بكر، أصبح من الممكن الوصول لنتائج عن كيفية ترتيب القيادة داخل تنظيم الدولة الإسلامية وعن الدور الذي يلعبه المسئولون السابقون في حكومة الديكتاتور السابق صدام حسين داخل التنظيم. وفوق كل ذلك، أوضحت الوثائق طريقة التخطيط للإستيلاء على شمال سوريا مما جعل عملية التقدم في العراق لاحقاً ممكنة. وعقب أشهر من البحث الذى أجرته “ديرشبيجل” في سوريا، بجانب تسجيلات تم الكشف عنها حديثاً وحصرياً للمجلة، اتضح كيف أن التعليمات الواردة في وثائق حجي بكر تم تنفيذها بدقة.
كانت وثائق بكر مخبأة لفترة طويلة في منزل بشمال سوريا. كانت الأخبار الأولي حول وجود تلك الوثائق قد جاءت من شاهد عيان رآها في منزل حجي بكر بعد موته بفترة قصيرة. وفي إبريل 2014 تم تهريب صفحة واحدة من الملف إلى تركيا، وهناك تمكنت “ديرشبيجل” من فحص الوثيقة للمرة الأولى. ومن ثم أصبح ممكناً الوصول إلى “تل رفعت”، وإخراج باقي الأوراق في نوفمبر 2014.
الخطة الرئيسية   
بدأت قصة تلك الوثائق في وقت كان قليلون فقط هم من يعرفون بوجود تنظيم الدولة الإسلامية. غادر العراقي ذو الميول القومية حجي بكر إلى سوريا كجزء من مجموعة تمهيد صغيرة (مقاتلون يسبقون القوات النظامية لتمهيد ساحة المعركة) في أواخر 2012، لتنفيذ خطة تبدو مستحيلة. وهى أن “الدولة الإسلامية” تستولي على أكبر مناطق ممكنة في سوريا، ثم تستخدم سوريا كنقطة إنطلاق لغزو العراق.
أقام بكر في مكان خفي بـ”تل رفعت”، شمال حلب وكانت البلدة خياراً جيداً. ففي الثمانينيات توجه كثير من سكانها إلى العمل في الدول الخليجية وخاصة السعودية. وعاد بعضهم بأفكار وعلاقات متطرفة. وفي عام 2013، كانت “تل رفعت” المعقل الحصين للدولة الإسلامية في حلب مع تمركز المئات من المقاتلين فيها.
في تل رفعت، عاش ”ملك الظلال“ كما يطلقون عليه، ورسم هيكل الدولة الإسلامية من القمة إلى المستوى المحلي وجمع قوائم متعلقة بالتسلسل التدريجي للقرى والمناطق التي سيسيرها التنظيم. استخدم في ذلك قلماً من الحبر الجاف، ورسم تسلسل القيادة في الأجهزة الأمنية. الأوراق التي رسم عليها التسلسل كانت تتبع وزارة الدفاع السورية وتزينت بشعار القسم المسؤول عن الإقامة والأثاث، ويفترض ان ذلك بمحض الصدفة.
ما وضعه بكر على الأوراق بعناية ومنه شرح المسؤوليات الفردية لم يكن إلا مخططاً للوصول إلى السلطة. لم تكن وثيقة إيمان، لكنها خطة دقيقة من ”مخابرات الدولة الإسلامية“ التي يمكن تشبيهها بوكالة الاستخبارات الداخلية (شتازي) سيئة السمعة في ألمانيا الشرقية.
 نُفذ المخطط بدقة مذهلة في الأشهر التي تلت إعداده. وتبدأ الخطة بنفس التفاصيل: تقوم المجموعة بتجنيد الأتباع تحت غطاء افتتاح مكتب للدعوة. ويتم اختيار رجل اواثنين من بين  الذين يحضرون للاستماع إلى المحاضرات ودروس حول الحياة الإسلامية. تم بالفعل اختيار رجل أو اثنين وتلقوا التعليمات بالتجسس على قريتهم والحصول على قدر كبير من المعلومات. وكتب حجي قوائمه بالشكل التالي:
- قوائم بالعائلات ذات النفوذ القوي.
- تحديد الأفراد الأقوياء في تلك العائلات.
- تحديد أسماء وحجم الكتائب المتمردة في القرية.
- إيجاد أسماء قادة الكتائب، الذين يتحكمون فيها وتوجههم السياسي.
- البحث عن أنشطتهم التى لا تتةافق مع الشريعة الإسلامية، والتي قد يمكن استخدامها لابتزازهم وقت الضرورة.
تم تكليف الجواسيس بتدوين تلك التفاصيل مع ذكر ما إذا كان الشخص قد ارتكب جرائم أو مثلي جنسياً، أو حتى يشترك في أعمال سرية حتى يمكن استخدام ذلك في ابتزازه مستقبلاً. و دون بكر ملحوظة نصها: ”سنجعل من الأشخاص الأذكياء شيوخاً للشريعة. سوف ندربهم لفترة ثم نوفدهم“. وحسب الوثائق أضاف أن بعض ”الإخوة“ سيتم اختيارهم في كل بلدة للزواج من بنات أكثر العائلات ذات النفوذ، من أجل ”تأكيد التغلغل في تلك العائلات دون أن يدروا بذلك“.
كان من واجب الجواسيس معرفة كل ما يستطيعون معرفته عن البلدات المستهدفة: مثل من يعيش هناك، ومن كان يسيطر عليها، وأي العائلات متدينة وإلى أي فقه ومذهب ينتمون، وكم عدد المساجد هناك، وأيضاً من هو الإمام وكم عدد زوجاته وأطفاله وأعمارهم. وتشمل باقي التفاصيل معلومات عن الخطب التي يلقيها الإمام وهل هو منفتح على الصوفية أم على نهج مختلف. وأيضاً ما إذا كان يقف بجانب المعارضة أم النظام وما هو موقفه من الجهاد.
أراد بكر أيضاً أن يعرف إجابات أسئلة مثل، هل يحصل الإمام على راتب؟ ولو كان كذلك، فمن يدفع له؟ و من عينه في منصبه؟ و أخيراً، كم عدد الناس في البلدة الذين يناصرون الديمقراطية؟
أرسل هؤلاء العملاء لتعقب أصغر التفاصيل ومعرفة الأخطاء القديمة لأعمق طبقات المجتمع. باختصار، أي معلومة قد تستخدم لتقسيم السكان وإخضاعهم. كان من بين هؤلاء العملاء جواسيس عملوا مع المخابرات في السابق، وأيضاً معارضين للنظام الذين اختلفوا مع أحد الجماعات المتمردة. وكان بينهم أيضاً بعض الشباب والمراهقين الذين هم في حاجة إلى المال أو من وجدوا في هذا العمل شيئاً مثيراً. كان معظم العملاء أو المخبرين في قائمة بكر مثل جواسيسه في تل رفعت في بداية العشرينيات، وأيضاً كان منهم من في عمر 16 أو 17 عاماً.
شملت الخطة أيضاً مجالات كالتمويل، والمدارس، والرعاية اليومية، والإعلام بالإضافة إلى التنقل. لكن كانت هناك أهداف تتكرر باستمرار ويتم تناولها بدقة في الهيكل التنظيمي وقوائم المسؤوليات، وهي: الرصد، والتجسس، والقتل، والاختطاف.
كانت خطة بكر أنه في كل مجلس محلي سيكون هناك أمير أو قائد مسؤول عن مهام الإغتيال، والاحتجاز، والقنص، والاتصالات والتشفير. كما سيكون هناك أمير للإشراف على الأمراء الآخرين ”في حال عدم قيامهم بعملهم جيداً“ يمكن أن تكون بنية هذه الدولة عبارة عن تصور شيطاني لخلية من المقاتلين تم صنعها لنشر الخوف.
 منذ البداية كانت الخطة مبنية على وجود شبكات استخبارات تعمل بشكل مماثل حتى على مستوى المحافظات.  ويسلم قسم الاستخبارات العامة تقارير إلى ”الأمير“ المسؤول عن الأمن في المنطقة، ثم يقوم أحد رؤساء خلايا التجسس و”مدير الاستخبارات و المعلومات“  بالمقاطعة بتسليم تقارير إلى كل نواب الأمراء. أما خلايا التجسس على مستوى المحلي فترسل تقاريرها إلى نائب الأمير في المقاطعة.  كان الهدف من ذلك هو أن يراقب كل الأشخاص بعضهم البعض.
كل ذلك يخدم هدفا واحدا: الإخضاع والسيطرة. حتى الكلمة التي استخدمها بكر في الحديث عن المسلمين الحقيقيين وهي (TAKWIN)  ( التكوين)هي ليست بكلمة دينية بل تقنية ترجمتها ”تنفيذ“ وهي كلمة لا تستخدم إلا في مجالات كالجيولوجيا أو البناء. وكان الكيميائيون الشيعة قد استخدموها عند وصف خلق حياة اصطناعية.  وفي القرن التاسع في ”كتاب الأحجار“ كتب الفارسي، جابر بن حيان، باستخدام نص سري وشفرات عن خلق الأقزام، ”الهدف هو تضليل الجميع، عدا من يحبون الله“. يمكن أن يتشابه ذلك مع استراتيجيات الدولة الإسلامية، حتى مع رؤيتها للشيعة على أنهم مرتدين ابتعدوا عن الإسلام الحقيقي.
أما بالنسبة لحجي بكر فكان الله والإيمان به الذي عمره أكثر من 1400 عام ليس  إلا أحد النماذج الكثيرة تحت تصرفه ليرتبها كما يحب من أجل هدف أسمى.
البداية في العراق
  يبدو كما لو أن جورج أوريل كان هو المثال الذي يحتذى به هذا النموذج المجنون بمراقبة الجميع. لكن الأمر كان أبسط من ذلك لأن بكر كان فقط يدخل تعديلات على ما تعلمه في الماضي داخل أجهزة صدام حسين الأمنية المنتشرة في كل مكان. في تلك الاجهزة لم يكن حتى كبار قادة أجهزة الاستخبارات متأكدين من كونهم غير خاضعين للمراقبة.
وصف الكاتب العراقي المنفي كنعان مكية العراق بـ”جمهورية الخوف“، ووصف كيف كانت العراق دولة يمكن بكل بساطة أن يختفى فيها أي شخص. كما يمكن أن يختتم صدام حسين حفل تنصيبه الرسمي في عام 1979 بالحديث عن مؤامرة مزيفة.
هناك سبب بسيط يوضح لماذا لم يزعم بكر في كتاباته وجود نبوءات تدعم فكرة تأسيس الدولة الإسلامية باعتبارها أمرا إلهيا. يعتقد حجي  أن المعتقدات الدينية المتطرفة وحدها لن تكون كافية لتحقيق الانتصار، لكن يمكن استغلال إيمان الآخرين.
في عام 2010، قام بكر ومجموعة من ضباط المخابرات العراقية السابقين بجعل أبو بكر البغدادي، الخليفة الحالي، قائداً لتنظيم الدولة الإسلامية. وسبب ذلك هو أن البغدادي الداعية الذي تلقى تعليماً جيداً سوف يعطي للمجموعة وجهاً دينياً.
يقول الصحفي العراقي هشام الهاشمي إن ”بكر كان قومياً وليس إسلامياً“، وبكر كان يعمل مع احد أقاربه في قاعدة الحبانية الجوية. ويقول هاشم إن ”العقيد سمير“، يقصد بكر، ”كان شديد الذكاء، وحازماً وممتازا في الأمور اللوجيستية“، وأضاف أنه عندما قام بول بريمر، قائد قوات الإحتلال الأمريكية في العراق، بحل الجيش بقرار في مايو 2003، شعر بكر بالمرارة وكان بدون عمل.
انقطع دخل الآلاف من الجنود السنّة المدربين جيداً بجرة قلم. وبذلك صنعت أمريكا أكثر أعدائها مرارة وذكاءاً. اختفى بكر وقابل أبو مصعب الزرقاوى فى مقاطعة الأنبار غرب العراق. كان الزرقاوى الأردني الأصل قد أدار مخيم تدريب للإرهابيين الدوليين المهاجرين من أفغانستان. وبداية من 2013، نال شهره عالمية كالعقل المدبر للهجمات ضد الأمم المتحدة، وقوات الولايات المتحدة والمسلمين الشيعة. حتى أنه كان أكثر تشددا من أسامة بن لادن القائد السابق لتنظيم القاعدة. قتل الزرقاوى خلال ضربات جوية أمريكية فى 2006.
ورغم أن حزب البعث المهيمن فى العراق علمانى، إلا أن النظامين قد تشاركا فى النهاية قناعة أن السيطرة على الحشود يجب أن تقع فى يد نخبة صغيرة  لا يستطيع أحد مساءلتها، لأنها تحكم بهدف تحقيق “خطة كبيرة”، وشرعيتها من الله أو مجد التاريخ العربى. يكمن سر نجاح الدولة الإسلامية فى جمع تلك التناقضات؛ الاعتقادات المتعصبة لمجموعة معينة والحسابات الاستراتيجية للأخرى.
أصبح بكر بالتدريج أحد القادة العسكريين فى العراق، وسجن من عام 2006 حتى 2008 فى سجن “بوكا” و”أبو غريب” التابعين لجيش الولايات المتحدة. نجا من موجات الاعتقالات والقتل من قبل الوحدات الأمريكية العراقية المتخصصة، وكان ذلك إنذار بوجود تنظيم الدولة الإسلامية فى 2010، الدولة الإسلامية فى العراق.
بالنسبة لبكر وعدد من الضباط ذوى الرتب الرفيعة، يمثل ذلك  فرصة لحصر السلطة فى دائرة صغيرة جداً من الجهاديين. استفادوا من الوقت الذى تشاركوه فى سجن “بوكا” لتأسيس شبكة كبيرة من المعارف. لكن القادة الأوائل عرفوا بعضهم بالفعل منذ وقت طويل. كان حجى بكر وضابط اخر جزءاً من وحدة استخبارات صغيرة مرتبطة بالقسم المضاد للطائرات. وكان اثنان آخران من قادة الدولة الإسلامية من التركمان السنة فى بلدة تل عفر. وكان أحدهما أيضاً ضابط استخبارات رفيع المستوى.
فى عام 2010، بدت فكرة محاولة هزيمة قوات الحكومة العراقية صعبة المنال. إلا أن منظمة سرية قوية تشكلت في ظل عمليات إرهابية وأنشطة مسلحة. وقد شعر قادة ذلك التنظيم أن الفرصة قد سنحت عندما اندلعت الانتفاضة ضد نظام الأسد فى سوريا المجاورة. وفي أواخر 2012، فى الشمال تحديدا، تعرضت قوات الحكومة ذات السلطة الهائلة سابقاً لهزيمة كبرى وطردت. وحل محلها الآن المئات من المجالس المحلية وكتائب المعارضة المسلحة، التى أصبحت جزءاً من مزيج فوضوى لم يتمكن أحد من تتبعه. كانت حالة من الضعف سعت الجماعة المنظ       المصدر     http://www.spiegel.de/international/world/islamic-state-files-show-structure-of-islamist-terror-group-a-1029274.html

العرب لم يغزو الاندلس ... بقلم المؤلف: لاغناسيو أولاغي




هذه صورة  للجيش الاسلامي الاندلسي 
 م1284 محفوظة في مدريد انظرو الى وجوه محاربي جيش غرناطة. من الواضح جدا اصولهم الوندالية الجرمانية. هذا تعليق صاحبة الصفحة ليلي حسان للامانة العلمية 

.......للامانة العلمية الموضوع منقول من صفحة الصديقة الافتراضية ليلي حسان ....

.. إن أولاغيIgnacio Olagüe يعتقد أن أخبار فتح الأندلس بدئ بكتابتها بعد قرن من تاريخ حدوثها. وقد كتبت اعتماداً على بعض الروايات المصرية التي سمعها طلاب جاؤوا من الأندلس إلى القاهرة.. فسمعوا ما سمعوا عن الفتح المزعوم. وإذن، وبعد مئة سنة من دخول العرب إلى الأندلس، راح المسلمون يبالغون في وقائع الفتح إلى حد الأساطير. ولكن المسيحيين، في المقابل وجدوا أن خرافة الفتح تناسبهم لتفسير هذا التحول في إسبانيا.. نحو الإسلام. ولكن أي إسبانيا هذه التي تحولت؟ إنها إسبانيا "الآريوسية" الموحدة.
_________________________________________________________________________________
لقد كان بين الطلاب الأندلسيين العائدين من القاهرة "ابن حبيب"" الذي وضع كتاباً في التاريخ ضمَّنه المعلومات التي سمعها في شأن الغزو. وكان هذا الكتاب مفتاح كل ما بني بعد ذلك في مسألة اجتياح العرب إسبانيا. ولكي نأخذ فكرة عن أهمية هذا الكتاب، يذكّرنا إغناسيو أولاغي، بما قاله المؤرخ الألماني "راينهارت دوزي" في كتابه "بحث في إسبانيا. تاريخها وأدبها في القرون الوسطى": "ألم يتكون لديك أيها القارئ انطباع بأنَّ ما تقرأ لدى ابن حبيب هو أقرب إلى نصوص ألف ليلة وليلة"..
يقول أولاغي: لو تم غزو إيبريا عربياًسنة 711م لكان كثير من المؤرخين الذين عاصروا تلك الفترة شهدوا على هذا الحدث الكبير. ولو فرضنا أن الحرب الأهلية أتلفت جميع الشهادات، لكان ينبغي أن تشير أخبار القرن التالي -يعني الثامن الميلادي- إلى هذا الحدث الكبير، ولو في نص واحد على الأقل. "وعندما يتعلق الأمر بغزو ما، فلا يمكن أن يكون دور الغزاة غامضاً، فالغزاة والمغزوون هنا متمايزون بشكل واضح. الغزاة من شعب غريب يحملون عادات ومفاهيم ثقافية تنتمي إلى حضارة أخرى يجهلها أبناء البلد المغزو. لكن.. لم يظهر شيء من هذا القبيل في مانعرفه من تلك الحقبة. أما الأخبار التي نقلها ابن حبيب وزملاؤه في القرن التالي عن رواة القاهرة، فلم تنتشر وتترسخ في الرأي العام إلا ثمرة جهود استمرت قروناً طويلة. وحتى.. بعد مئة سنة من نشر كتاب ابن حبيب، لم يقبل الرواة البربر الذين نقَلوا معظم روايات الكتاب، النظرية، وقالوا إن غزو إسبانيا تم فعلاً.. ولكن من قبل المراكشيين(!) وكان يجب الانتظار حتى القرن الثاني عشر -الميلادي- لتتخذ الخرافة -خرافة الغزو- بنية متآلفة وغير متناقضة. أما.. في الجانب الآخر فقد آثار ظهور الحضارة العربية الإسلامية في إسبانيا عقدة لدى المسيحيين الغربيين. ويبدو أن الكنيسة الكاثوليكية قبلت هذه الخرافة في النهاية على مضض." ويمحص المؤرخ الإسباني مسألة عبور طارق بن زياد المضيق، بناء على رواية ابن حبيب بالطبع مشيراً في البداية إلى الصعوبات الجغرافية بقوله:
"للوصول إلى إيبيريا كان على العرب أن يجتازوا المضيق البحري الذي يفصل إفريقيا عن أوروبا. الجمل "سفينة الصحراء" الذي يسبب "دوار البحر" لمن يمتطيه دون خبرة. إنه سفينة صحراوية وليست بحرية. كذلك البربر، لم تكن لديهم سفن بحرية. حتى لو تزود العرب بالزوارق، فقد كان عليهم أن يجدوا الربابنة المهرة، خاصة أن مضيق جبل طارق الذي يصل ما بين البحر المتوسط الخالي من المدّ والجزر وبين الأطلسي، يشكل ممراً لتيارات قوية تسير في الاتجاهين، وتهزه على نحو دائم رياح عنيفة. إنه ممر خطير للغاية، ويعرف أنه مقبرة البواخر.".
حكاية الزوارق الأربعة .. والغزو
ثم ينتقل أولاغي إلى التدقيق في جانب آخر من الموضوع حسب ما ورد في "أخبار مجموعة" المنسوب إلى ابن حبيب(*) قائلاً:
"أعار المدعو أولبان- يوليان- العرب أربعة زوارق، لا يزيد الحد الأقصى لحمولة الزرق الواحد عن خمسين رجلاً إضافة إلى البحارة، ويحتاج طارق في هذه الحالة، لنقل جيشه إلى خمس وثلاثين رحلة، أي: سبعين يوماً.. تقريباً. ذاك أن هذا النوع من الزوارق يحتاج، على الأقل إلى يوم واحد ليقطع المسافة، وإذا حسبنا الأسابيع ذات الطقس الرديء، التي تتوقف فيها الرحلات، بلغت هذه المدة ثلاثة أشهر، ولا يمكن أن يتم إبحار كهذا، إلا إذا استطاع النازلون على شواطئ إسبانيا النجاة من مجزرة"
يستطرد المؤرخ الإسباني في الاتجاه نفسه فيقول:
"ينبغي القيام بمئة رحلة على الأقل، لنقل رجال طارق السبعة آلاف في ظروف عادية وشعب بحريٌّ وحده، من مثل أبناء مدينة قادش Cadés، على نحوٍ أساسي يستطيع أن ينجز مثل هذه العملية. خاصة أن شعب هذه المدينة وهي ساحلية تقع جنوب إسبانيا- كان يقوم برحلات إلى انكلترا منذ الألف الثالث قبل الميلاد بحثاً عن القصدير. فضلاً عن أن بحارة قادش تمكنوا من الإبحار بمحاذاة شاطئ إفريقيا الغربي. وربما توصلوا إلى الدوران حول إفريقيا."
يضيف أولاغي "أن هؤلاء البحارة هم الذين ساعدوا "الفاندال Les Vandales" الجرمان على الانتقال في الاتجاه المعاكس. وبعد مرحلة من الانحطاط البحري كان بحارة قادش مازالوا قادرين، في أوائل القرن الثامن، على امتلاك زوارق تستطيع نقل الجيوش. والسؤال هو: لماذا أدّى هؤلاء الأندلسيون هذه الخدمة إلى الذين جاؤوا لإخضاعهم. فلو سلّمنا أن "طارق" خدع الإيبيريين ونجح في إخفاء نواياه، فلماذا ساعد هؤلاء البحارة موسى بن نصير في نقل الدعم لطارق بعد بضعة أشهر؟!".
وفي المقابل يقول الدكتور شاكر مصطفى إن المؤرخين يتحدثون عن إحراق السفن التي جاء طارق عليها ليقطع أملهم في العودة، أو ليجعل العرب الذين لا يثقون به، يؤمنون أنه جعل نفسه والبربر الذين معه أمام مصير واحد.
رواية تشبه الخيال المسرحي
إنه رأى أن الشكوك تحوم حول هذه الرواية كلها التي تشبه الخيال المسرحي، فقصة إحراق المراكب إنما رواها أول من رواها الإدريسي في "نزهة المشتاق" وابن الكردبوس، وهما من القرن الهجري السادس، ثم رواها "الحميري" صاحب: أرض المعطار" بعدهم.. فلماذا لم يذكرها المؤرخون السابقون على مدى خمسة قرون سابقة؟ والعملية نفسها، تروى عن عدد من القواد الذين سبقوا طارقاً، ومنهم كما يذكر الدكتور مصطفى: "أرياط الحبشي" الذي عبر البحر إلى اليمن، والقائد الفارسي الذي رافق سيف بن ذي يزن إلى اليمن و"أسد بن الفرات" فاتح صقلية إلخ. "ولماذا يحرق طارق السفن ولا يأمرها بالعودة إلى ساحل المغرب؟" "وكيف يحرق أسطولاً لا يملكه؟!"
.. أما قصة خطبة طارق بن زياد فهي قصة أخرى. وهي التي تنسب إليه وفيها يقول: "أيها الناس، أين المفر؟! البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة، أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام. وقد استقبلكم العدو بجيشه وأسلحته، وأقواته موفورة، وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم، ولا قوت إلا ما تستخلصونه من عدوكم...".
.. يقول د. شاكر مصطفى: إنها بليغة جميلة شائعة، ولكن الشكوك تحف بها بدورها. فمن أين لابن زياد هذه البلاغة؟ وكيف يخاطب جنداً كانوا في جمهرتهم من البربر الذين لا يفقهون العربية؟!
ماردة وموسى والخضاب... المرعب
............. ولكن هذه الحيلة لم تنفع المسلمين واستشهد بعضهم كما يقول المقري. وعندئذ فكر موسى بن نصير على نحو آخر.. لقد أراد أن يتفاوض مع أهل ماردة، وأن يوقع الرعب في قلوبهم على نحو فريد.. هو التلاعب بلون شعره، بواسطة صبغة أو تخضيبه "واحتال في توهيمهم في نفسه، فدخلوا عليه أول يوم فإذا هو أبيض الرأس واللحية لمّا نصل خضابه -أي: زال أثر الصبغة وظهر الشيب- فلم يتفق لهم معه أمر. وعاودوه قبل الفطر بيوم فإذا هو قد قنأ لحيته -أي صبغها- فجاءت كضرام عرفج -أي: حمراء كشجر عرفج سريع الالتهاب- فعجبوا من ذلك. وعاودوه يوم الفطر، فإذا هو قد سوّد لحيته فازداد تعجبهم منه، وكانوا لا يعرفون الخضاب ولا استعماله، فقالوا لقومهم: إنا نقاتل أنبياء يتخلقون كيف شاؤوا، ويتصورون في كل صورة أحبوا: كان ملكهم شيخاً فقد صار شاباً، والرأي أن نقاربه ونعطيه ما يسأله، فمالنا به طاقة. فأذعنوا عند ذلك، وأكملوا صلحهم مع موسى."
لابأس أن نتوقف عند تعليق المؤرخ الإسباني "أولاغي" على هذه الروايات حول تساقط المدن والبلدان الإسبانية، في أيدي "الغزاة العرب". فهو ينقل عن ابن حبيب، أو تلميذه، في كتاب "أخبار مجموعة" أنه "بعد انتصار طارق في معركة وادي لكه Guadalete اجتاز ممر الجزيرة Algeciras ثم توجه نحو مدينة أسيغا ECIGA .
يقول أولاغي: في الواقع يشكل هذا الممر فخاً حقيقياً يساوي الدخول فيه تسليم الرأس إلى العدو. أما مدينة اسيغا فتقع على مسافة 160كم من مخرج هذا الممر، والطريق إليها مزروعة بمدن مثل رندة Randa وأوسيما Osuma وغيرهما: مدن قوية منذ القدم، قبل الفتح الروماني."
.. ويسخر أولاغي من الرواية عن احتلال قرطبة، بواسطة سبعمئة فارس حصلوا على الخيول بعد نزولهم في إيبيريا، قائلاً:
"هكذا، إذن نجحت هذه الكوكبة من الفرسان في عمل باهر يعتبر فريداً في سجلات الحروب، فقد استطاعوا احتلال أهم مدن إيبيريا، تلك المدينة، كان يحميها سور هائل بني في أواخر عهد الأمبراطورية الرومانية، ولا يزال قسم منه منتصباً حتى الآن."
وهناك من ظنهم أكلة لحوم البشر‍
.. وإذا كان "المقري" قد ذكر أن أهل مارده Merida، ظنوا قوم موسى بن نصير، حين صبغ لحيته "أنبياء يتخلّقون كيف شاؤوا" فإن أولاغي يروي أن بعضهم حسبهم من "أكلة لحوم البشر" ثم يقول متحدثاً عن مارده:
"كانت هذه المدينة من أهم مدن إيبيريا، كان يسكنها أكثر من نصف مليون نسمة (ولابد أن العرب فقدوا عقولهم أمام عظمتها) وقد ظلت حتى القرن الثامن مركزاً حضارياً هاماً، خصوصاً بعماراتها الأنيقة. ولم تكن قرية مأهولة بسكان جهلة. ولم يكن من الممكن خداعهم بحيلة: تغيير لون اللحية..!"
وثمة فكرة أخطر وأهم كثيراً مما تقدم جميعاً، يقدمها أولاغي نقلاً عن "أخبار مجموعة" فهو يقول:
عندما نزل موسى بن نصير في مدينة الجزيرة Algeciras أخبروه عن الطريق التي اجتازها طارق فأعلن عدم رغبته باللحاق به. فقال له المسيحيون الذين يلعبون دور الدليل: "نقودك في طريق أفضل من طريقه، حيث تجد مدناً أكثر أهمية من المدن التي استولى عليها، وحيث -
سيداً دون منازع" ويتابع أولاغي:
"لم يعرف العرب أين يذهبون، فالمسيحيون هم الذين يقترحون لهم الأفكار. أما "الغزاة" فكانوا تحت رحمة السكان المحليين!!"
.. فلو كان هؤلاء المسيحيون الإسبان يشعرون بالعداء إزاء هؤلاء الغزاة الأجانب، فكيف يتطوعون ليدلوهم على طريق أفضل، ويخبروهم عن مدن أهم للاستيلاء عليها؟
.. ويستطرد أولاغي:
"وماذا عن المدن الحصينة مثل طليطلة Tolido أو رندة Randa؟ صمدت هذه الأخيرة، مدة نصف قرن في وجه أمراء قرطبة الأشد قوة من طارق وموسى مجتمعين. أن يأخذ العرب مدناً بالخدعة الحربية، أو بفضل الخيانات المحلية أمر يمكن فهمه، ولكن.. أن يجتاحوا بسهولة بالغة، مئات المدن، كان بعضها من أهم مدن العالم آنذاك.. فأمر آخر.".
.. وفي تنويع آخر على اللحن ذاته: أن العرب لم يغزوا الأندلس، ينطلق أولاغي منطلقاً يصب في الطاحونة ذاتها. فهو يقول: إن القوط في كتابات البربر يحملون أسماء عربية، لذلك يصعب حتى على المختصين التعرف على أصول هذه الأسماء اللاتينية والجرمانية" ويتابع: "ولأن الأخبار اللاتينية لم تتحدث عن الأحداث التي جرت في إيبيريا بعد سنة 711، أي بعد أن خسرت الارثوذكسية إيبيريا، يصبح من المستحيل التعرف على أسماء الإيبيريين الذين لعبوا دوراً متميزاً عن غيرهم. فما هي حقيقة الرجل الذي عرف تحت اسم عبد الرحمن الغافقي"
هل كان الفرسان.. من جبال البيرنة؟
. ومن المعروف أن هذا الغافقي العظيم كان قد اندفع من الأندلس عبر جبال البيرنة سنة 732م نحو فرنسا.. حيث كانت معركة بواتيه Poitiers بينه وبين شارل مارتل، في السنة نفسها في شهر تشرين الأول، وقد هزم عبد الرحمن في هذه المعركة وقتل.
إن أولاغي يمضي بعيداً في هذا الاتجاه، فيتساءل:
"ألا يمكننا الافتراض أن أولئك الفرسان الذين اندفعوا في غزواتهم حتى مدينة بواتيه والذين تدّعي الروايات أنهم عرب، لم يكونوا إلا من سكان جبال البيرنة، ولم يعرفوا إلا تحت أسماء عربية؟"
.. ويصل هذا المؤرخ الإسباني في هذا الاتجاه إلى حدود المبالغة فيقول:
"حوالي سنة 755م توصل محارب شجاع إلى احتلال قرطبة والسيطرة على الأندلس، نقلت الروايات البربرية اسمه، وسكتت عنه الروايات اللاتينية. لقّبه العرب بالمهاجر ثم بالداخل. من أجل تدعيم هيبته ونفوذه، ثم من أجل مداهنة ذريته التي درج الناس على مدحها ومصانعتها، رأى المؤرخون أن ينسبوا له أصلاً أموياً في دمشق. وذهب البعض إلى أبعد من ذلك واعتبره من ذرية النبي (ص).. وكثيراً ما أعطي هذا الوسام المشرف إلى زعماء تلك المرحلة".. ثم ينتهي أولاغي إلى هذا الاستنتاج المدهش:
"يقول المؤرخون التقليديون إن عبد الرحمن كان من ذرية خلفاء دمشق -الأمويين- بينما نحن نعلم أنه نموذج جرماني أشقر اللون فاقعه، وحافظت ذريته على هذه الخصائص، خلال قرنين من الزمن: بشرة فاتحة اللون وعيون زرقاء وشعر شديد الشقرة. إن استمرار هذه الخصائص الفيزيولوجية في ذرية الأمير "العربي" لفتت أنظار المؤرخين الأندلسيين المسلمين، وقد فسّر بعضهم هذا الأمر مستنداً إلى ما يقوله كُتّاب الأخبار البربر حول أن أُمّه كانت بربرية (من قبائل الطوارق الذين يحملون هذه الفيزيولوجية الجرمانية).
المورثات السائدة والمتنحّية
.. ويسخّر أولاغي قوانين الوراثة، من أجل دعم وجهة نظره وتفسير حالة عبد الرحمن الداخل، ولاسيما القانون المعروف باسم "الموّرثات السائدة والمتنّحية"، فيقول:
"من المعروف حسب هذا القانون أن العيون الزرقاء هي التي تتنحى لصالح العيون السوداء. أي أن الفرد ذا العينين الزرقاوين لا يمكن أن يحمل جينة Gene (مورثة) العيون السوداء. ومع أن العرق السامي يتميز بالعيون السوداء، فيمكن أن يحمل السامي جينة العيون الزرقاء وتهيمن الأولى على الثانية. أما العكس فمستحيل. ولتبرير زرقة عيون عبد الرحمن "السامي" علينا أن نفترض أن والده المزعوم ساميّاً يحمل جينة العيون الزرقاء. هكذا اتحدت جينة الوالد الزرقاء مع الجينات التي تحملها الوالدة البربرية، ولابد أن يأتي الأمير بعيون زرقاء. هذه النتيجة رغم ندرتها ليست بعيدة عن الخيال. إلا أن ما هو مستبعد فعلاً، أن يأتي ابن السامي والبربرية، فاتح البشرة وأشقر الشعر. يتطلب الأمر فعلاً معجزة بيولوجية خارقة." وهكذا ينتهي أولاغي إلى أن عبد الرحمن الداخل: "لم يكن أموياً ولا سامياً ولا بربرياً. وهذا ما يؤكده السياق التاريخي، تماماً.. كما يؤكد أن الغزو العربي لم يحدث مطلقاً."
.. ويمضي المؤرخ الإسباني مؤكداً خطواته في هذا المجال فيقول:
"حتى لو افترضنا أن آخر شخص من سلالة الأمويين قد اختار إيبيريا البعيدة لهجرته وتخلى طوعاً عن جميع الخيارات الجغرافية التي كانت في متناول يده، فقد كان عليه أن يبذل جهوداً ليفرض نفسه وسلطانه، تقترب هي الأخرى من حدود الأسطورة: كان عليه في هذه الحالة أن يقاتل الإيبيريين الماقبل- مسلمين الذين ليس لديهم أي سبب لتفتنهم أصوله المزعومة، كان عليه أن يقاتلهم مدة ثلاثين سنة."
أعلام أندلسيون ... من أصل ايبيري
... وهو يرفض فكرة تفوق عبد الرحمن العسكري قائلاً:
"إن المؤرخين التقليديين فسّروا سيطرته على إيبيريا بقدراته العسكرية التي دأبوا على كيل المدائح لها. إلا أن حقيقة عبقريته العسكرية لا تكفي لتفسير نجاحه، فخلال القرون الوسطى حاول الكثيرون من العسكريين الذين يعترف لهم المؤرخون بالإجماع بموهبة عسكرية مشابهة، فرضَ سلطانهم على إيبيريا، ولم ينجحوا بالمقدار نفسه الذي توصل إليه عبد الرحمن.".
ويذهب أولاغي أبعد من هذا فيذكر أنه "كان على كل رجل عظيم أن يعود في أصوله إلى العرب. والإيبيري الذي لم يكن بإمكانه ادعاء الرجوع بأصوله إلى الرسول (ص) كي لا ينافس أمراء قرطبة، اكتفى باتخاذ إبراهيم وهاجر جدَّين له". وهو يجزم أن اثنين من أعلام الأندلس هما من أصل إيبيري. فيكتب:
"أما الإيبيريون التوحيديون الأحاديون، فكانوا قد بدؤوا منذ القرنين التاسع والعاشر يتخذون أسماء عربية، والأمثلة كثيرة، خصوصاً في صفوف كبار كتاب العربية، الذين نعرف بصورة أكيدة أصلهم الإيبيري: ابن حيان وابن حزم اللذين لا خلاف حول أصلهما الإيبيري.".
.. إذن هكذا، فإن إغناسيو أولاغي يرفض رفضاً قاطعاً فكرة غزو العرب شبه الجزيرة الإيبيرية، فالعرب والمسلمون لم يفتحوا إسبانيا عسكرياً, وقد حدث التحول إلى الإسلام في الأندلس عبر حركة الأفكار وتصارعها، ثم هيمنة الفكرة-القوة، على حد تعبير أولاغي، وهي التي شكلت عصب الحضارة العربية-الإسلامية في ثلاثة أرباع العالم.. في تلك الأيام.
الأريوسية ... تصارع الكاثوليكية
إن هذا المفكر الإسباني يفرد صفحات كثيرة للحديث عن الصراع الديني الذي شهدته إيبيريا قبل الحقبة العربية. فقد دخلت الأرثوذكسية إلى إسبانيا القوطية الكاثوليكية، ودخلت أيضاً الآريوسية. وكان ثمة حضور لليهود.. ولكن المسيحية عموماً في شبه الجزيرة الإيبيرية كانت في نهاية القرن السابع في حالة انحلال كامل خصوصاً بعد قرن سيطرت فيه الآريوسية. "وبإجماع نادر اعترف جميع المؤرخين بفشل المسيحية في المملكة القوطية. ولأنهم لم يروا التزامن بين أحداث إيبيريا وبين الهيجان الديني في الشرق، فسّروا هذا الفشل بأسباب محلية وعابرة، فعزوا ذلك إلى الضعف الذي شجع العدو الخارجي على غزو البلاد. لكن خرافة هذا الغزو حجبت عن أنظارهم الانقسام الإيديولوجي في المجتمع الإيبيري.".
ويعود أولاغي إلى التأكيد، مرة أخرى، على هذه المسألة بتعبير آخر، فهو يقول:
"حسب الروايات العربية، تمّ غزو إيبيريا من قبل سكان شبه الجزيرة العربية الذين استطاعوا بقوة السلاح أن يؤسسوا امبراطورية عظيمة. وحسَب أقدم النصوص اللاتينية التي وصلتنا، فإن الأمر لا يعدو كونه ثورة دينية، كانت في بادئ الأمر محلية، ثم انخرطت في حركة سياسية ثقافية حضارية واسعة النطاق، شملت نصف العالم آنذاك.".
10 ملايين لايختفون بضربة ساحر
إن المؤرخ الإسباني يرى أن أسياد إيبيريا الجدد احتاجوا إلى ثلاثة أرباع القرن، كي يرتبوا أمورهم في هذه البلاد أو "يتفقوا على مغانم الفتح" حسب تعبيره، فماذا فعل الإيبيريون في هذه الأثناء؟ هاهو ذا يقول:
"لم يحدثنا التاريخ عنهم بعد سنة 711م. مع هذا فإن عشرة ملايين نسمة -في أقل تقدير- لا يمكن أن يكونوا قد اختفوا هكذا بضربة ساحر: ففي تلك الحقبة السعيدة، لم تكن هناك وسائل إبادة جماعية. وكان يلزم الفاتحين كثير من الوقت والعمل لجزر هذا العدد بالسيف".
ثم يتساءل تساؤلاً يجيء في موضعه:
"فإذا كان اجتياح أرض مسيحية من قبل "الكفار" قد بدا بهذه الضخامة بماذا نستطيع إذاً أن نصف اعتناق شعبها الإسلام وتمثله الحضارة العربية- الإسلامية؟ إما أن يكونوا قد قتلوا جميعاً، وإما أنهم استرقوا عبيداً، أو إنهم لجؤوا إلى الجبال، أو، ببساطة، أن المؤرخين تجاهلوا وجودهم".
.. ثم يندفع أولاغي بثقة وقوة كي يضع النقاط على الحروف، معتبراً أن الإيبيريين قد وضعوا أيديهم على نبض العصر حينذاك، من خلال الإندفاعة الحضارية العربية التي كان الدين الجديد شعارها. إنها لم تكن اندفاعة بدوية ولا غزواً تترياً:
"لماذا، وكيف اعتنقت الجماعات الإنسانية التي كانت متمركزة في المقاطعات البيزنطية في آسيا ومصر وإفريقيا الشمالية وشبه جزيرة إيبيريا، إيماناً جديداً، ومفهوماً جديداً للوجود؟ قد يسهل تحويل خرافة الغزوات العربية -المستحيلة جغرافياً- وتاريخياً إلى حقيقة، ولكننا لا نستطيع أن ننكر أن حضارة عربية إسلامية قد امتدت في جميع هذه الأصقاع."
الاريوسية وقد تخلّت عن التثليث
.. على أن الآريوسية كانت ذات شأن آخر. وباعتبار أنها تخلت عن عقيدة التثليث، فإن أولاغي يطلق عليها صفة التوفيقية، ويقول:
"تميزت التوفيقية الأريوسية بالإيمان بإله واحد، يحمل بالنسبة لبعض المفكرين صفات الكائن الماورائي، أو يرتدي هالة الأبوية المافوق أرضية. يراقب الناس وأعمالهم، فيكافئ ويعاقب. ولم يكن هذا المعتقد مجرداً ولا حتى خارقاً، ولايتضمن قواعد تتجاوز المبادئ الطبيعية أو البيولوجية التي تشكل مجتمعاً سليماً. واضفت أهمية الموروث الثقافي الإيبيري على التوفيقية الآريوسية حساسية الانفتاح على جميع التيارات الثقافية الآتية أو التي ستأتي، من أراضٍ بعيدة، شرط أن تكون مشهورة بحضارة غنية وذات طاقة خلاقة."
نقاط لقاء ... مع العقيدة الجديدة
وكانت النتيجة الطبيعية لذلك أنه "حين وصل دعاة الإسلام لم تختلف الخطوط الكبرى في إيمانهم عن تلك التي كانت في معتقد السكان الأصليين. ولعل نقطة الخلاف الوحيدة كانت وجود النبي (ص) وبعض قواعد في السلوك. وعبر السجال الفكري بين فقهاء مدرستين تكادان أن تكوّنا مدرسة واحدة، انزلقت التوفيقية. الآريوسية إلى التوفيقية الإسلامية. وهكذا دون صراع أو تواطؤ تم التبشير بصورة بطيئة وهادئة.".
ولم تلبث المسألة العقيدية الدينية أن اندمجت في صميم الموضوع الثقافي، يقول أولاغي: "لا نعرف الكثير عن سياق التعريب الذي عاشه الشعب، لكننا لا نستطيع أن ننكر أن المثقفين من أنصار التوحيد الأحادي -يعني الأريوسيين- تركوا في تلك المرحلة اللغة اللاتينية ليتعلموا العربية، بهدف التميّز عن "الثالوثيين" والإطلاع على عقيدة تتفق وعقيدتهم في شأن الطبيعة الإلهية، وعلى الحضارة التي بدأت تزدهر في ظل هذه العقيدة. وشيئاً فشيئاً بدأت السياسة والحضارة تؤثران على الدين في فروعه العامة.".
إذاً: فإن اللاتينية انهارت حضارة ولغة وعقيدة.
والمؤرخ الإسباني يلح كثيراً على هذا الجانب من الموضوع، فهو يرى أن الأحداث "اتخذت لدى المسيحيين طابعاً سياسياً، وأصبحوا في القرن التاسع في حالة ميؤوس منها. وعلى المستوى النظري واللاهوتي وصل المثقفون المسيحيون الذين يعيشون في الأندلس إلى طريق مسدود، ثم تماثلوا في مابعد شيئاً فشيئاً مع الحضارة العربية- الأندلسية المسيطرة التي لا تقهر.".
الحرية الدينية في الأندلس
.. مهما يكن من أمر، فإن المرء يستطيع أن يرى على الجانب الآخر، حالة الذين رفضوا الانسياق والوضع المستجد في إيبيريا، من خلال المثال الذي يقدمه أولاغي من قرطبة. "فخلال النصف الأول من القرن التاسع كانت أقلية مسيحية مهمة تعيش في قرطبة وتمارس عباداتها بحرية كاملة".
ويستشهد أولاغي بما كتبه القديس إيلوج، وكان مسيحياً متعصباً عايش تلك الفترة، فهو يقول:
"نعيش بينهم دون أن نتعرض إلى أي مضايقات، في ما يتعلق بمعتقدنا" ويتابع أولاغي:
"وبالفعل فإن كنائسهم حافظت على أبراجها وأجراسها. وتوجد محتويات آخر هذه الكنائس، واثني عشر ديراً في محيط المدينة.".
"كذلك تمتع المسيحيون بامتياز المحافظة على حاكم مستقل، كان كونتاً أو قاضياً يدعى: الرقيب. وكان حرس الأمير من الطائفة المسيحية. ولعب هذا الحرس دوراً هاماً في السياسة الإسلامية. واحتل عدد من الأرثوذكس مناصب هامة في الدولة.".
الحضارة الأندلسية الفريدة
وبعد، فإن هذا المؤرخ الإسباني لا يكتفي بالإنحياز إلى الفكرة القائلة: إن العرب لم يغزوا إسبانيا، بل إنه أضاف إلى الموضوع رؤية حضارية ثاقبة. وفي الوقت الذي لا ينكر فيه فضل الحضارة العربية الإسلامية، على العالم في ذلك العصر، فإنه يتحدث عن حضارة عربية جديدة في الأندلس. حضارة اختمرت في التربة الإسبانية, فكانت علامة كبيرة هامة، في تحول أوروبا وتقدمها في عصورها الحديثة. إنه يشير إلى الإنجازات الحضارية التي حققها العرب في الأندلس بعد قرن ونصف تقريباً من قيام دولتهم هناك، معتبراً أنها كانت شيئاً مختلفاً عما كان يمكن أن يحدث "لو كان صحيحاً أن جيشاً عربياً فتح إيبيريا سنة 711 وأنجز عملية أسلَمة الناس في سنة 714" فقد كان ينبغي أن تظهر مع الحضارة العربية- الإسلامية في الأندلس مباشرة مبادئ هندسية وتقنية، ولفرضت هذه المبادئ نفسها، بتفوقها أو بمساعدة الفاتحين، فلماذا لم تظهر هذه المبادئ إلا بعد قرن ونصف قرن.. أو أكثر؟"
إن الأمر يتعلق إذاً بالشروط الموضوعية لما تمكن تسميته: النضج الحضاري. ولعل هذا أجمل ما انتهى إليه أولاغي، وهو يكتب سطوره الأخيرة:
"لوغزا العرب إسبانيا، لما خمّرت الخميرة الإسلامية العجين الأندلسي، لتخرج تلك الحضارة الأندلسية الفريدة في التاريخ، والتي يعود إليها انتشال الغرب من الظلمة في عصر النهضة. إن تاريخ المجتمعات الإنسانية هو ثمرة لعبة الأفكار، وليس تكتيكات الجنرالات المدججين بوسائل التدمير".

لصوص برتب أكاديمية ..يا للهول .... بقلم حسان خليفة


لصوص برتب أكاديمية ..يا للهول
يعجز الإنسان عن فهم ما يجري خاصة عندما يتصل الأمر بـ"النُخبَة" ـ أو نُخبَة النخبة ـ ـأعني أولئك الأكاديميين (الجامعيين ) ؛ حيث صارت أخبار "اللطش" شائعة، تفوح روائحها من كثير من الجامعات في الوطن، الذي صار أقوى مافيه هو "اللصوصية" و"الهف"...
من جامعات الجزائر ستير)، وامتداد يد بعض الأكابر من عمداء وبروفيسورات إلى .....
أما الماستر فحدث ولا تتوقف ،سلخ"عيناني" ...يا للهول من بشاعة مايجري ..
في الصورة اعتذار رسمي من جامعة الجزائر 1 في شكل رد ،عن صنيع شنيع لأحد "لصوص الجامعة " ...اعتذار وتوضيح لأستاذ ووزير مغربي سابق (وزير الخارجية ) ..ماذا بقي ليُسرق
في الشرق (سطيف ـخنشلة ـ عنابة ـ ...إلى جامعات ومراكز في الغرب:وهران ، مستغانم ...الخ )فضائح من الوزن الثقيل عن "سرقة أبحاث ـ ومقالات علمية ـ ودراسات ـ..حتى وصل الأمرإلى الأطاريح العلمية(دكتوراه وماج

الأحد، 26 أبريل 2015

أن يغمى عليك بشارع خالٍ أفضل منه في مكان مزدحم.. اعرف لماذا؟ بقلم مي خلف


بينما كانت "أسيل" في طريقها إلى إحدى المؤسسات الحكومية لتوقيع بعض المعاملات، أصابها دوار حاد أوقعها أرضاً فأغمي عليها؛ كان الشارع الذي أغمي عليها فيه مزدحماً بالمارّة من جميع الطبقات الاجتماعية والأجناس، على الرغم من ذلك، كان الجميع يمر بجانبها وينظر إليها ويكمل طريقه كأنه لم ير شيئاً، والبعض الآخر كان يقف ويحدق فيها وينظر إلى الناس حوله مستغرباً من التجاهل لوهلة، ومن ثم يكمل طريقه متجاهلاً إياها أيضاً.
وهنا يثار السؤال، لِمَ لمْ يحرّك أحد ساكناً لمساعدة "أسيل" وهي في ضائقة؟ على الرغم من أن احتياجها للمساعدة الطارئة أمر واضح لا يمكن تفسيره على نحو آخر؟ من أجل الإجابة على هذه الأسئلة، قام مختصو علم النفس الاجتماعي منذ عقود بمراقبة الظاهرة من أجل التحقق منها وإيجاد إجابات لها.
ففي عام 1964، حصلت حادثة شهيرة في نيويورك، إذ وجدت فيه امرأة مقتولة في حديقة عامة، واتضح أن 38 شخصاً شاهد الجريمة ولم يتصل أي منهم بالشرطة؛ بعد هذه الحادثة قام الباحثان المعروفان في علم النفس الاجتماعي "بيب لاتين" و"جون دارلي" بتسمية الظاهرة بـ"تأثير المارّة" أو (Bystanding Effect) باللغة الإنجليزية. والتي بحسب تعريفهم لها تحدث عندما يمنع حضور الآخرين الفرد من تقديم المساعدة أو التدخل في الحالات الطارئة لإنقاذ شخص يحتاج لمساعدة.
وقد فسّروا هذه الظاهرة أولاً بأنها تنبع من "توزيع المسؤولية"، أي إن الفرد يتجنب تحمل مسؤولية التدخل لوحده، ويعتبر أن الآخرين لا بد لهم أن يتدخلوا أيضاً ويشاركوا بتحمل المسؤولية، لذلك كما يظهر في المقطع المصور أدناه، فور أن تدخل أحد المارة لمساعدة المرأة المغمى عليها تقدّمت امرأة أخرى لمساعدته بعد أن كانت واقفة مترددة ومندهشة.
ثانياً، تفسّر هذه الظاهرة بحسب "الضغط الجماعي" والذي يكون فيه الفرد في أثناء وجوده ضمن مجموعة بتقليد السلوك العام، متجنباً الخروج عن القاعدة، فيقوم بمراقبة سلوك المجموعة قبل أن يتخذ قراراً حول كيفية التصرف.
وبناءً على هذه التفسيرات يقول الباحثون: إنه على عكس الاعتقاد السائد، فإن من الأفضل للإنسان أن يصاب بضائقة صحية في مكان غير مزدحم، لأنه بذلك يزداد الاحتمال أن يتلقى المساعدة من أي مار في الشارع، ويرون أن ذلك ينبع من كون الفرد يشعر بالمسؤولية أكثر عندما يكون لوحده خارج مجموعة، كما أنه لن يعاني من الضغط الجماعي ليختار كيفية التصرف.
يذكر أن دراسات لاحقة أجريت لفحص هذه الظاهرة بشكل أعمق ومن جوانب مختلفة، وتبيّن منها بأن المارّة يميلون للمساعدة إذا ما كانوا على معرفة بالشخص المحتاج أو إذا كانوا مختصين (أطباء أو ممرضين أو مسعفين)، كما أن المارّ العادي يميل للمساعدة بحسب هوية المغمى عليه، فعلى قدر ملاءمة مظهره الخارجي للمكان الذي أغمي عليه فيه، يزداد احتمال تلقيه للمساعدة في وقت أقل.
مي خلف: محررة مختصة في علم النفس

الاثنين، 20 أبريل 2015

ذهنية الجزائري ... معمر بن طوبال


الجزائري أناني بطبعه، فهلوي، يعتقد أنه غير معني بالمعايير التي تنتظم فيها المجتمعات وتحدد على أساسها سبل الارتقاء الاجتماعي أو المكانة والوضع الذي يحق لكل شخص بلوغه انطلاقا مما يملكه من مؤهلات، فالجزائري، كفرد، يعتقد أن القفازة هي المعيار الوحيد الذي يحدد المكانة التي يبلغها الأفراد، لهذا فهو غير معني كفرد بتهيئة نفسه معرفيا واجتماعيا وفق مسار معروف ومعترف به اجتماعيا ومهنيا، من أجل أن يكون له الحق في شغل وظيفة أو احتلال مكانة، أو بلوغ وضع امتيازي، مؤمنا بالحلول السحرية والسريعة التي قوامها التحايل و"المعريفة"، بمعناها الدارج، وتوظيف العلاقات التي تحمله على أكتافها لتضعه في مكان لا تؤهله إمكاناته لشغله، فهو غير معني بتاتا بالسؤال: هل يحق لي أن اشغل هذا المنصب أو احتل هاته المكانة؟. ما دام يؤمن بأن كل واحد من أفراد المجتمع لن يتردد في الحصول على ما لا حق له فيه، موظفا كل ما يستطيع من سبل وعلاقات لأجل ذلك، فالقافز هو من يكون الأسبق والأقدر على اختصار الطريق من أجل بلوغ منابع الريع التي تنزل عليه المن والسلوى وتقيه البرد والجوع، لهذا يجد الجزائري سبل نجاحه وارتقائه الاجتماعي في جو الرداءة الذي يمعن في خلق وتنمية كل الظروف التي تجعله يفرّخ ويتمدد، رغم أنه، كفرد داخل جماعة، لا يكف عن التنديد بالرداءة التي تجعل كل شيء لا يسير وفق المعايير المحددة له. رغم أن سلوك ذلك الجزائري المندد، وهو وسط الجماعة، بالرداءة، هو نفسه سلوك شديد الرداءة، وسلوك لا معياري؛ لا يعترف سوى بالمعايير التي يضعها لنفسه والتي تعطيه كل مبررات التحايل والقفز على معايير الآخرين. فنحن كمجموعة بشرية لم نصل بعد لخلق ثقافة العمل الجماعي والإقرار بالتراتبية الاجتماعية ، التي تجعل من المؤهلات المعلنة والمعترف بها اجتماعيا وقانونيا، هي المعيار الأساسي للارتقاء الاجتماعي، وليس المؤهلات المستشعرة ذاتيا، ولا طرق الدخول من النافذة التي يتقنها الجزائريون بشكل مدهش.
ولأننا، كجزائريين، لا نقر بالتراتبية، وبالتالي بأحقية أهل الاختصاص في القول والفعل في مواضع اختصاصهم، فالجزائري مستعد لإبداء رأي والدفاع عنه باستماتة حتى في موضوع تطور الهندسة النووية، لهذا تسخر الصحافة الرياضية من الـ 40 مليون مدرب، أي من الشعب الجزائري الذي يعتقد كل فرد من أفراده بأنه الأعلم بكرة القدم، كما يسخر كل فرد من آراء الآخرين معتقد أنه رأيه هو الصواب، وهذه العقلية خلقت لنا إنسان جزائري لا يمكن إقناعه لأنه يعتقد أنه فاهم دون أن تكون له مؤهلات الفهم العلمية والمعرفية، فالجزائريون في معظمهم يؤمنون بمقولة: " أعطيني فاهم الله لا قرى "، كما يردد أولئك الفاشلون دراسيا بشكل رتيب ومتكرر مقطع من أغنية الشيخ العنقى: " ما قريتش فليكول قراني الجوع والحفى "، هذا الموقف من المعرفة والخبرة هو ما يجعل أي جزائري ذو مستوى تعليمي بسيط يناقش دكثورا في تخصصه دون أن يشعر بأنه يتجاوز حدود إمكانياته ومعارفه، فمعارف الجزائري وآراؤه هي ما يعتقد أنها كذلك، أي مجموع التصورات البسيطة عن الحياة والعالم المستنبطة من ثقافة سمعية فقيرة وبسيطة بدورها، لكنها تصورات، وبسبب نفسية الجزائري المتصلبة وذهنيته المنغلقة، تتحول إلى دوغما ويقينيات لا تتزعزع، دون الحاجة إلى البرهنة عليها، فيكفي أنه يؤمن بها ويراها كذلك حتى تكون هي الصواب عينه والحقيقة ذاتها، وهذا التصلب في المواقف والإنغلاق في الرأي هو ما يجعل حوراتنا كجزائريين غالبا ما تتسم بالحدة والرفض المتبادل والمسبق بين أطراف الحوار الذين يتحول الحوار بينهم إلى حوار طرشان، وحتى عندما يستمع أحدنا للآخر غالبا مالا يقتنع بآراءه مهما كانت منطقية وسديدة.

أساطير جزائرية: بنت الفاميليا ... بقلم معمر بن طوبال


كانت جداتنا تتحدثن عن بنت الأصل وصرنا نحن نتحدث عن بنت الفاميليا، وبين الأصل الذي يحيل على النسب والعائلة الممتدة وانتمائها القبلي والعشائري وما تمنحه من مزايا للمنتسبات إليها، وبين الفاميليا التي تحيل على نزعة عائلية صغيرة وانتماء يكاد يكون مقطوع الجذور عن ماضيه الأبعد من جيل وعن جغرافيته التي طوحت بالكثير من العائلات بعيدا عن أرض الانتماء "الجدودية" فرق الزمن وفرق الرؤيا، وفرق القيم التي تبدلت وتغيرت وانقلبت على أصيل الماضي فعلا محتفظة بدعوى الانتماء إليه قولا.
تحضر بنت الفاميليا في مخيالنا الجزائري كأسطورة ندعي واقعتيها أكثر مما نلتقي بها فعلا وتمثلا وسجايا ونبل خصال؛ إنها، في تصوراتنا القمعية، الطاهرة التي تتحصن بعفة الجسد وبراءة القلب من أدران الغرام وخيبات الهوى. هي في تحديد الصفات: محمودة النسب، مقبولة الجمال، عارفة بالتدبير، وهي سند الرجال إذا ما غدر الزمان، وهي، بالأساس، حافظة الشرف وحاملة ثقله: شرف العائلة وهي بنت، وشرف الزوج وأهله وهي أم وزوجة، دون أن نفهم من الشرف الذي نتحدث عنه أكثر من معنى العفة بمعناها الضيق الذي يحيل مباشرة على انعدام الخبرة الجنسية قبل الزواج وعلى الوفاء الجنسي بعده، وفي تحديد أكثر تضييقا لدى البعض: إنعدام المعرفة الجنسية. فالجزائري المأزوم الرجولة يؤمن، حين يتعلق الأمر بالمرأة والجنس، أن مصدر المعرفة هو التجربة، وهي القناعة التي ترمي بالعارفات بأمور الغرام ولواعج الوصال خارج دائرة بنات الفاميليا حتى لو لم يمسسهن إنس ولا جان.
بنت الفاميليا في عرفنا الجزائري هي غاية الباحثين عن الظفر بالزوجة الصالحة، وهي مطمح وأمل كل الرجال الخلاطين الذي فقدوا، نتيجة تخلاطهم، الثقة في النساء، ولأن بنت الفاميليا صارت لا يظفر بها كما لا يظفر بكل ما هو نادر وغير متاح بوفرة، إلا قلة ممن ترعاهم " دعاوي الوالدين " وتسدد خطاهم النوايا الطيبة وإن خالطها سوء الفعال

السبت، 18 أبريل 2015

علاقة الشيخ بن باديس بالتصوف وبالشيخ العلاوي المستغانمي تحديدا...... بقلم الدكتور فرعون حمو


ــــــ علاقة الشيخ بن باديس بالتصوف وبالشيخ العلاوي المستغانمي تحديدا... 
ــــ ليس صحيحا ما يشيـــــــعه بعض الجهلة ....ممــن لا علم لهم بالتاريخ .... أن الشيخ العلامة عبد الحميد ابن باديس رحمة الله عليه لم تكن له علاقة جيدة مع التصوف وأهله...ومع الشيخ احمد بن مصطفى بن عليوة المستغانمي تحديدا....وافتعال الخصام بين الرجليين فريـــــــة عظيمة....يكذبها التاريخ....بل.....ويكذبها الشيخ بن باديس نفســــــــــــــه ...الذي كتب في "أثــــــــاره" ومذكراته وسجل فيها كل زياراته الكثيرة والمتكررة للزوايا ولشيوخ الزوايا ....في مختلف مناطق الوطن الجزائري......
ـــ ففي كتاب " آثاَرُ ابْنُ بَادِيسَ " الذي ألفه الشيخ عبد الحميد محمد بن باديس الصنهاجي (المتوفى: 1359هـ) والذي حققه الدكتور عمار طالبي، ونشرته دار ومكتبة الشركة الجزائرية في طبعتها الأولى (عام 1388هـ - 1968 ميلادية )، بمجلداته الأربع.....ذكر الشيخ بن باديس تفاصيل لقاءاته مع مشايخ التصوف وأشاد بهم وبدورهم ....ودور زواياهم في تربية المسلمين وتوجيههم.... 
ــــ وواضح جــــــدا من كلام الشيخ بن باديس وشهادته أنه كان مؤدبا ...غاية الأدب والتبجيل والتقدير مــــع هؤلاء المشايخ ......و على سبيل المثال لا الحصر.....أذكر هنا زيارة الشيخ بن باديس التاريخية للزاوية العلوية بمستغانم ولقائه الودي مع شيخ زاويتها الشيخ أحمد بن عليوة رحمه الله تعالى... في غرة رجب 1350هـ - نوفمبر 1931م....
ـــــ والملاحظ أن الشيخ بن باديس كان يصر على وصف شيخ الزاوية العلوية بــــــــــ" سماحة الشيخ سيــــــــــدي أحمد بن عليوة "........كما لم يخفي الشيخ بن باديس إعجابــــه بفضـــــل الشيخ العلوي وأدابـــــه ....وسجل تقديــــره لــــه ......
ـــــــ واترك القارئ الكريم يتأمل كلمات الشيخ ابن باديس فقي كلمات الشيخ ما يقطع ألسنــــــة الجهل والفتنة بين المسلمين........
جاء في الكتاب في المجلد الرابع وفي الصفحة 311 ،312،313) :-
ــــ " .....مستغانم: قصدنا من المحطة إلى مسجد الأخ الشيخ بلقاسم ابن حلوش لما بيننا من سابق المعرفة بالمكاتبة وروابط المودة المتأكدة ولأن ابنه الشيخ مصطفى أحد مريدينا ومن أعزهم علينا فتلقيانا بالحفاوة والسرور الزائدين وأنزلنا على الرحب والسعة ومن غده دعا للعشاء معنا أعيان البلد منهم فضيلة الشيخ المفتي سيدي عبد القادر بن قارة مصطفى وسماحة الشيخ سيـــــدي أحمـد بن عليـــوة شيخ الطريقة المشهورة وكان هذا أول تعرفنا بحضرتهما فكان اجتماعاً حافلاً بعدد كثير من الناس، ولما انتهينا من العشاء ألقيت موعظة في المحبة والأخوة ولزوم التعاون والتفاهم على أساسهما وأن لا نجعل القليل مما نختلف فيه سبباً في قطع الكثير مما نتفق عليه، وأن الإختلاف بين العقلاء لا بد أن يكون ولكن الضار والممنوع المنع البات هو أن يؤدينا ذلك الاختلاف إلى الافتراق وذكرنا الدواء الذي يقلل من الاختلاف ويعصم من الافتراق وهم تحكيم الصريح من كتاب الله والصحيح من سنة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم-. فاستحسن الشيوخ الحاضرون ذلك وحل من الجميع محل القبول، والحق يقال أن أغلب الناس ممن رأينا صاروا يشعرون بألم الافتراق وينفرون منه ويصغون إلى دعوة الوفاق والتحاب، وما افترق المجلس حتى دعانا الشيخ سيـــــــدي أحمد بن عليوة إلى العشاء عنده والشيخ الحاج الأعرج بن الأحول شيخ الطريقة القادرية إلى الغداء فلبينا دعوتهما شاكرين، فكانت حفلة الغداء في دار الشيخ سيدي الحاج الأعرج ثم كانت حفلة العشاء عند الشيخ سيـــــــدي أحمد بن عليوة حضرها من أعيان البلد ومن تلامذة الشيخ ما يناهز المائة وبالغ الشيخ في الحفاوة والإكرام وقام على خدمة ضيوفه بنفسه فملأ القلوب والعيون وأطلق الألسنة بالشكر، وبعد العشاء قرأ القارىء آيات، ثم أخذ تلامذة الشيخ في إنشاد قصائد من كلام الشيخ ابن الفارض بأصوات حسنة ترنحت لها الأجساد، ودارت في أثناء ذلك مذاكرات أدبية في معاني بعض الأبيات زادت المجلس رونقا. ومما شاهدتــــــه من أدب الشيـــــخ مضيفنا وأعجبت به أنه لم يتعــــــرض أصــــــــلاً لمسألة من محل الخلاف يوجب التعرض لها على أن أبدي رأيي وأدافع عنه فكانت محادثاتنا كلها في الكثير مما هو محل اتفاق دون القليل الذي هو محل خلاف. لكن السيد أحمد بن اسماعيل صاحب مخازن الاتاي- وكان جالسا على شمالي في المجلس- شاء أن يخرق هذا السياج ويدخل في موضوع ليس حضرته- وله الاحترام- من أهل الكلام فيه فقال: "هؤلاء المفسدون الذين يسمون أنفسهم مصلحين ينكرون الولاية" فرأيت في وجه الشــــيخ أحمـــــد بن عليوة الإنـــــــــكار لهذا الكلام الخارج عن الدائرة ووجدت نفسي مضطراً للبيان فقلت له: "إسمع يا سيد أحمد الولاية الشرعية قد جاءت فيها آية صريحة قرآنية" وتلوت له قوله تعالى: {إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ} الآية وتكلمت على شيء من معناها فمن أنكر هذه الولاية. فلفظة مفسد قليل في حقه وحقه أن يقال فيه ملحد. وأما لفظة مصلح فهي أعلى من هذا وأشرف من هذا كله، وأن المسألة ليست هنا وإنما المهم هو أن جميع علماء الإسلام من المفسرين والمحدثين والفقهاء والمتكلمين وشيوخ الزهد المتقدمين تتسع صدورهم لأن يؤخذ من كلامهم ويرد إلا العامة المنتمين إلى التصوف فإنهم يأبون كل الإباء أن يسمعوا كلمة نقد أو رد في أحد من الشيوخ مع أن غير المعصوم معرض للخطأ دائما في قوله وأفعاله فكأنهم بهذا يعتقدون فيهم العصمة. وقد سئل إمام الطائفة الجنيد: أويزني الولي؟ فأطرق ثم قال: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} فهذا يدلنا على ما كان عليه شيوخ الزهد من تعليم الناس بأنهم غير معصومين دفعاً لغلو الغالين وعلى أن فكرة العصمة أو ما يقرب منها موجودة في الأذهان وهي مثار مثل هذا السؤال، فلو أن إخواننا المنتمين للتصوف قبلوا أن يوزن كلام الشيوخ بميزان الكتاب والسنة مثل غيرهم من علماء الإسلام ورضوا بالرجوع الحقيقي لقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} لبطل الخلاف أو قل" فرضي أهل المجلس هذا الكلام وسكت السيد أحمد بن اسماعيل وقال الشيخ سيــــــــدي أحمــــد هذا مما لا يخالف فيه أحد فقلت له مثلكم من يقول هذا وتكلم الشيخ المفتي بما فيه تأييد لما قلناه ثم عاد المجلس إلى الإنشاد والمذاكرات الأدبية حتى انتهت السهرة وانصرف المدعون ونحن من جملتهم شاكــــرين فضل حضــــرة الشيـــــخ وأدبـــــه ولطفـــــــه وعنايتـــــــــه كما شكرنا أدب تلامذتــــه وعنايتهم بضيوف أستاذهم وخصوصا الشيخ عده ابن تونس تلميذ الشيخ الخاص.
أهــــل مستغانــــم أهـــل ذكـــاء وحســـن نيــــــة وإقبــــال على العلم والشيخ مصطفى بن حلوش قائم في مسجده بالتعليم والإرشاد للعامة بدروس ليلية وساع في تحصيل رخصة من الحكومة لتعليم الصغار. وقد أضافنا فيها الشيخ ابن حلوش أبو مثوانا والشيخ الحاج بن الأعرج والشيــــخ أحمد بن علــــيوة والسيد الجيلاني التدلوتي عائلة دين وفضل وعمل، ولو اتسعت المدة لكنا تشرفنا بكثير غيرهم منهم صاحب الفضيل

الخميس، 16 أبريل 2015

الحركة النسوية تخدع المرأة وتؤذيها ... بقلم الدكتور محمد جلو


أنظر بتمعن في فلسفة و أهداف الحركات النسوية.
أجد أن أغلب الحركات النسوية العالمية تحتقر قيمة تربية الأم لأولادها في البيت، و تنكر بأن للأم قدرة طبيعية أفضل من قدرة الأب في ذلك، و تستنكف من عناية المرأة ببيتها، و تعتبر المطبخ قفص حيوانات، و العناية بالرضيع تحقير، و عمل الرجل خارج البيت أرقى و أعلى شأنا، و تتصور أن المساواة تعني خروج المرأة من البيت للعمل في المعامل والمزارع و المكاتب و الأسواق.
في النهاية، ستقنع الحركة النسوية المرأة بأن الخروج من البيت للعمل، هو السبيل الوحيد للتخلص من العبودية..
ثم تعود المرأة إلى البيت لتجد أن الأولاد جياع، و الرجل قد أحرق و خرب كل شيء، فتضطر إلى العمل في البيت أيضا.
قبل 60 سنة، و قبل إبتلاء الغرب بالحركة النسوية، كانت (الغالبية الساحقة) من رواتب و أجور الأب كافية لإعاشة عائلة بثلاث إلى خمسة أطفال.
فيتسنى للأم كامل الحرية في التمتع بما يتبقى من يومها، بعد إيصال أولادها إلى المدارس، و إنجاز عمل البيت.
فتقضي أمتع الأوقات من الرضيع، أو تلتقي بصديقاتها، أو تمارس هواياتها.
أغلب التطور و الحضارة في القرن العشرين أدت إلى تسهيل أعمال البيت، فأمور شغل البيت الشاقة أصبحت أسهل كثيرا، بغسالة الصحون و الملابس و المجففة و المكنسة الكهربائية، و الخبز الجاهز و الطعام الجاهز، و عدم الحاجة إلى التسوق اليومي بوجود الثلاجة و المجمدة، و الإستغناء عن حمل الماء من البئر بوجود الحنفية، و سخان الماء الأوتوماتيكي و التلفون و التنقل بالسيارة، و الأطعمة الجاهزة و الدجاج المنظف المقطع، و ألوف من الأمور التي سهلت الحياة.
و بدلا من أن تتمتع المرأة بيومها و وقتها، و تتنعم بالإحساس بالسعادة و طفلها الرضيع يناغيها في حضنها، و يمسك بأنفها، و اللعاب ينقط من حنكه، و يبتسم لها مظهرا سنين فوق و سنين تحت، و يتعلم خطواته الأولى..
بدلا من هذا، وجدناها تستمع إلى الحركات النسوية التي تطالبها بأن تتوقف عن الإنجاب، لأن تربية الأطفال إستعباد..
و تخدعها لتترك كل هذا النعيم، و تدفعها لتتجه نحو العمل الشاق في المعامل و الحقول و الأسواق.
الآن، المرأة الغربية وصلت إلى حالة، تجد نفسا مجبرة على العمل.
لن تتمكن هذه المرأة الغربية من العودة إلى حياة البيت الهادئة، حتى إذا كان ذلك ما تتمنى و ما تريد.
فلقد تغيرت الأمور كثيرا، و تكَيَّف الإقتصاد لعمل المرأة و الرجل معا.
فإنخفضت أجور الجميع نسبيا..
و هكذا، أصبحت رواتب و أجور زوجها لوحده، لن تكفي الآن.
أما في السابق، فكانت تكفي.
خرجت المرأة الغربية من البيت في البداية، لأن الرجال كانوا مشغولين بالحروب التي شنها الرجال.
و بعد أن إنتهت الحروب، و بدأت النساء تعود إلى البيوت، جاءتهم الحركة النسوية لتخدعهم و تبقيهم خارج البيت.
الآن، فات الأوان و لن يستطيعوا العودة حتى إذا أرادوا.
أنا لا أقول أن كل ما تطالب به أية حركة النسوية خطأ.
فهناك أشواط بعيدة نحتاج سيرها لتحرير نساء الشرق المظلومات.
و لكني لا أريد أن تقع المرأة الشرقية في الفخ الذي وقعت فيه المرأة الغربية.
و أريد التوضيح بأن إسترجال المرأة و دفن أنوثتها لن يعني تحريرها.
الحركة النسوية غسلت العقول، و خدعت النساء الغربيات.
و صورت للنساء أن البقاء في البيت إستعباد، و العمل خارجه سيادة.
المرأة الغربية خُدِعَت، و فقدت الآن الكثير من حرية إختيارها، بإسم المساواة مع الرجل.
فحتى التي تختار أن تتفرغ لتربية أطفالها، لن تستطيع ذلك الآن.
و حتى إن إستطاعت، لن تتحمل حالتها الإقتصادية أكثر من طفل أو طفلين.
المرأة الغربية الآن، أتعس و أكثر بؤسا..
-----------------------------------------
الذي يقرأ هذا و يتصور أنني ضد عمل المرأة خارج البيت، لم يفهم كلامي.
أنا مع المرأة ، و مع حريتها و ضد ظلمها.
و أنا ضد إنتقاص المرأة التي تختار أن تبقى في بيتها.
لا أدري لماذا لا يتخلص البعض من عقدة تبجيل عملية جلب لقمة العيش، و إحتقار إعدادها و طبخها و إطعامها له

الاثنين، 13 أبريل 2015

وفاة الكاتب الألماني غونتر غراس

الراحل الكاتب الألماني غونتر غراس
توفي الكاتب، الحائز على جائزة نوبل للآداب، الألماني غونتر غراس، اليوم الاثنين، عن 87 عاما، كما أعلنت عن ذلك داره للنشر على حسابها على موقع تويتر.
ونشرت دار النشر عددا من الصور بالأسود والأبيض للكاتب الذي بدا كثيف الشاربين وبين شفتية غليون ويضع نظارتين كثيفتين.
وكان غونتر غراس اليساري المعروف بمواقفه المثيرة للجدل والحائز جائزة نوبل للآداب في 1999 الكاتب الألماني الأكثر شهرة في الخارج في النصف الثاني من القرن العشرين.
وخلال مؤتمره الصحافي اليومي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية أن السلطات الألمانية "تشعر بحزن عميق" بعد الإعلان عن هذا النبأ "المأساوي".

الأحد، 12 أبريل 2015

تأييد الأنظمة القمعية هل هو مرض نفسي؟؟ محمد النزيلي


متلازمة ستوكهولم هو مصطلح يطلق على الحالة النفسية التي تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه بشكل من الأشكال، أو يظهر بعض علامات الولاء له مثل أن يتعاطف المخطوف مع المُختَطِف .
أطلق على هذه الحالة اسم "متلازمة ستوكهولم" نسبة إلى حادثة حدثت في ستوكهولم في السويد حيث سطا مجموعة من اللصوص على بنك كريديتبانكين Kreditbanken هناك في عام 1973، و اتخذوا بعضاً من موظفي البنك رهائن لمدة ستة أيام، خلال تلك الفترة بدأ الرهائن يرتبطون عاطفياً مع الجناة، و قاموا بالدفاع عنهم بعد إطلاق سراحهم.
عندما تكون الضحية تحت ضغط نفسي كبير، فأن نفسه تبدأ لا إرادياً بصنع آلية نفسية للدفاع عن النفس، و ذلك من خلال الاطمئنان للجاني، خاصة إذا أبدى الجاني حركة تنم عن الحنان أو الاهتمام حتى لو كانت صغيرة جداً فإن الضحية يقوم بتضخيمها و تبدو له كالشيء الكبير جداً. و في بعض الأحيان يفكر الضحية في خطورة إنقاذه، و أنه من الممكن أن يتأذى إذا حاول أحد مساعدته أو إنقاذه، لذا يتعلق بالجاني.
تظهر هذه الحالات كذلك في حالات العنف أو الاستغلال الداخلي، و هي حالات العنف أو الاستغلال: (عاطفي، جسدي، جنسي) التي تحدث داخل العائلة الواحدة، خاصةً عندما يكون الضحايا أطفال، يلاحظ أن الأطفال يتعلقون بالجناة بحكم قرابتهم منهم و في الكثير من الأحيان لا يريدون أن يشيروا بأصابع الاتهام إليهم.
وعلى صعيد المجتمع، يمكن ملاحظة هذا التأثير في الأنظمة القمعية، عندما لا تملك السلطة شرعيتها من اغلبية الشعب، فتصبح وسيلة الحكم القمعية ضاغطة على افراد المجتمع، ولمدة طويلة، يطور خلالها الافراد علاقة خوف من النظام، فيصبح المجتمع ضحية النظام، ويدرك النظام هذه الحالة مع الوقت، حتى يتقن لعبة ابتزاز المجتمع.
المصدر/موسوعة ويكيبيديا.

الجمعة، 10 أبريل 2015

متى تكتب حرف (ض) ؟ ومتى تكتب حرف (ظ) ؟


كثيراً مايقع البعض في الخطأ…
فلا يميزون بين الظاء والضاد أثناء الكتابة.
فيخرج النص بطريقة مشوهة ؛؛ وجدت هذا الموضوع ونقلته لكم لكي نستفيد منه ؛
يقول الكاتب:
وجدت كتاباً لأحد العلماء وهو ابن الحداد المهدوي وقد أعجبت بفكرة صاحبه وحسن جمعه.
وفكرة الكتاب:
أن صاحبه قد أثبت أن في اللغة العربية ثلاثاً وتسعين كلمة تكتب بحرف (الظاء) وما سواها فيكتب بحرف (الضاد).
وقد وجدت أن منها الغريب غير المستعمل فنقيتها وصفيتها وأخترت أشهرها وما هو متداول اليوم فوجدتها أثنتين وثلاثين كلمة ( 32 كلمة) تحوي (الظاء) (ظ)
وما عداها (الضاد) (ض) وتسلم بعدها من الخطأ إن شاء الله.
1 ـ ـالحَظّ: بمعنى النصيب .
2- الحِفْظُ: وهو ضد النسيان .
3- الحَظْرُ: وهو المنع .
4- الحَظْوَةُ: وهي الرفعة .
5- الظلم .
6- الظليم: وهو ذكر النعام .
7- الظبي : وهو الغزال .
8- الظبة: وهي طرف السيف .
9- الظعن: وهو السفر بالنساء .
10- الظرف.
11- الظريف .
12- الظَّنُّ .
13- الظِّلُّ .
14- الظفر : وهو ضد الخيبة .
15- الظهر.
16- الظماء .
17- الكظم : وهو كتم الحزن .
18- اللحظ : وهو النظر.
19- اللفظ .
20- النّظْمُ . ومنها النظام
21- النظافة .
22- النظَر.
23- العظم.
24- العظيم.
25- العَظَل : وهو الشدة ، من قولهم : أمر معظل .
26- الغيظ : أعني الحنق .
27- الفظاظة : وهي القسوة .
28 - الفظاعة : من الأمر الفظيع ، وهو الشنيع .
29 - التقريظ : مدح الحي بالشعر .
30- المواظبة.
31 - الوظيفة.
32- اليقظة : ضد النوم .
====
ختاما
هذه القاعدة استفدتها من الكتاب :
أي كلمة تبدأ بأحد هذه الأحرف :
(أ- ت - ث - ذ - ز- ط - ص - ض - س) لا يوجد فيها حرف (ظاء) بتاتا !!
ملاحظه :
قاعدة الاحرف اعلاه تطبق على المفرد وليس الجمع !
فـ مثلا كلمة أظافر مفردها ظفر ..
اذا ننظر للقاعده ونلاحظ ان الكلمة لم تبدأ بالاحرف السابقه
وعليه نكتبها بـــ الظاء

في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...