يبلغ عدد المسلمين في العالم نسبة 22.74 في المئة من اصل 7.095 مليارات هو عدد سكان العالم حسب آخر احصاء لوكالة المخابرات المركزية الاميركية، أي نحو 1,631 مليار وستمئة وواحد وثلاثين مليونا. تشير التقديرات الى ان غالبية المسلمين يتبعون مذاهب اهل السنة والجماعة وان اقلية تقدر باقصى الاحوال بعشرة بالمئة أي نحو 160 مليون تتبع المذهب الشيعي وباقي المذاهب. ينتشر الشيعة بشكل اساسي في ايران (نحو 90 في المئة) والعراق (نحو 60 في المئة) وباكستان (نحو 15 في المئة) وافغانستان (نحو 15 في المئة) ويشكلون غالبية في بلد صغير هو اذربيجان (اكثر من 95 في المئة) واقليات متفرقة في باقي الدول.الغاية من الكلام عن الاحصاء هي اظهار ضعف دعاوى خطر التشيع والهلال الشيعي التي تصدر بين حين وآخر وان هذه الدعاوى هي سياسية وليست دينية. يطرح هذا الاحصاء سؤالا: هل من المعقول ان تشكل نسبة 10 في المئة أي 160 مليونا خطرا على الـ 90 في المئة أي على 1,440 مليار واربعمئة واربعين مليونا؟ يستحضر المتحدثون عن الخطر الشيعي وقائع من التاريخ حول تناقضات سنية شيعية لدعم ما يدعون اليه اليوم وتصويره انه استمرار لنزاع قديم جرى اكتشافه حديثا. لكن هؤلاء يفشلون في تحديد من هو السني ومن هو الشيعي في التاريخ الاسلامي، ويخلطون بين المذاهب الفقهية والنزعات السياسية والصراع على السلطة.من المعروف ان الفقيه ابو حنيفة النعمان هو اول الائمة الاربعة عند اهل السنة والجماعة وعاش في القرن الثامن الميلادي (699 -767 م) وهو فارسي وعاصر الامام جعفر الصادق (702 -765 م) الامام السادس عند الشيعة، وكان رائدا في مذهب اهل السنة لكنه كان يؤيد ثورة محمد النفس الزكية ومو من شيعة اهل البيت ضد العباسيين، ودخل السجن بسبب مواقفه السياسية المؤيدة له، بينما اجتاحت آراؤه الفقهية العالم الاسلامي.لقد نشأ مذهب السنة في العصر العباسي وكان العباسيون قد ارتكبوا مجازر بالاسرة الأموية بعد سيطرتهم على السلطة وقتلوا رجالهم ونبشوا قبورهم في شبه حرب ابادة، بينما كانت الاسرة الاموية المنكوبة على نزاع سياسي مع شيعة اهل البيت. هنا اختلط على البعض تحديد من هم السنة في التاريخ، فاذا اعتـبروا ان الامويين هم السنة كما يشاع بين العامة، فان العباسـيين، الذين ظهر في عهدهم مذهب اهل السنة، هم من اباد الامويين. كما ان اسرة البويهيين الشيعة سيطرت على بغداد العام 934م وتسلمت مقاليد الحكم لكنها ابقت الخليفة العباسي في موقعه الرسمي والديني.ترمي هذه الحقائق المتفق عليها تاريخيا الى اثبات ان الخلاف السياسي والصراع على السلطة لا علاقة لهما بالمذهب الفقهي وان كانا يتستران به احيانا. ان ما يحصل اليوم هو محاولة الباس الصراع السياسي رداء فقهيا مذهبيا يعمم المشكلة ويوسع ساحة النزاع. وتبرز في هذا المجال حملة تبادل الاتهامات الجارية حاليا حيث يتهم بعض السنة الشيعة بانهم روافض، أي يرفضون سلطة الحاكم، وهو اتهام سياسي بعيد عن العقيدة والفقه، بينما يتهم بعض الشيعة السنة بانهم نواصب، أي ينصبون العداء لاهل البيت، بينما يجمع المؤرخون على ان من انشأ المذهب السني أي العباسيين يعتبرون انفسهم من اهل البيت، وهم ابادوا الامويين خصوم اهل البيت.لم ينجح استحضار الوقائع التاريخية في اظهار قدم النزاع السني الشيعي كما هو مطروح حاليا وكما تروج له مراكز الدراسات الغربية ووسائل الاعلام والفضائيات. ولا تطرح هذه المراكز الخلاف، حيث تجده، من الزاوية السياسية بل تسارع الى ربطه بالعقيدة والفقه لانه يساعد على تحقيق مراميها في تأجيج النزاع وزيادة حدته. ومن الاتهامات الرائجة ضد الشيعة هي «الصفوية» نسبة للدولة الصفوية الفارسية. المعروف ان الاسرة الصفوية هي تركية اعتنقت المذهب الشيعي الامامي وحكمت ايران ونافست الدولة العثمانية. وقعت حروب ونزاعات بين الدولتين الصفوية والعثمانية في صراع واضح على السلطة والتوسع. كانت اولى المعارك في جالديران العام 1514م حيث انتصر العثمانيون، لكن السلطان سليم كانت عينه على سوريا ومصر فاحتل سوريا العام 1516م بعد معركة مرج دابق، ومصر العام 1518 وبقي العثمانيون في حالة نزاع واستنزاف مع الدولة الصفوية. استمرت هذه الحالة الى ان عقدت معاهدة قصر شيرين بين الدولتين العام 1639م وانهت النزاع السياسي. اذاً، لقد انتهى النزاع مع الصفويين منذ نحو اربعة قرون وانتهت الاسرة الصفوية نفسها العام 1750م، وحلت مكانها في حكم ايران اسرة القجار وهناك من ايقظ هذا الخلاف السياسي وجعله دينيا لاستثماره سياسيا.ما معنى الاتهام بالصفوية وقد تصالح الصفويون مع العثمانيين منذ مئات السنين، ثم سقطت دولتهم وزالوا عن الوجـود؟ من الثابت انه لا جذور تاريخية لكل الاتهامات المتبادلة وهي تهدف الى تصعيد النزاع بين السنة والشيعة ومحاولة وضع اسس عقيدية وفقهية له.لم يبق الا ان نقر ان النزاع هو سياسي من دون اضافات، وفي الغالب تهيمن المصالح على القرارات السياسية والا فكيف نفسر وقوف ايران الشيعية مع ارمينيا المسيحية ضد اذربيجان الشيعية في ازمة ناغورني قرباخ؟ وكيف نفسر زواج شاه ايران الشيعي محمد رضا بهلوي بالاميرة فوزية ابنة الملك فؤاد المصري وان تصبح امبراطورة ايران من اهل السنة والجماعة؟ فتش عن السياسة اولا وآخرا ومن يحذر من خطر العشرة على التسعين او خطر التسعين على العشرة انما يخالف الحقائق ويوظف تحذيراته السياسية في الدين والايمان، لا سيما ان حالة التسعين والعشرة بين السنة والشيعة مستمرة منذ اربعة عشر قرنا، ومن دون ان يحصل ما تدعو اليه بعض مراكز الدراسات والفضائيات.
19-04-2014 01:49 AM
|
الثلاثاء، 31 مارس 2015
الأحد، 29 مارس 2015
علاقة نشر "التوهمات العرقية" بمخطط تفجير الدول المغاربية بقلم الدكتور رابح لونيسي
عادة ماتدخل حروب المصطلحات ضمن إستراتيجيات القوى الكبرى التي تديرها بإحكام، ونجد ضمن هذه الأفكار والمصطلحات فكرة "الأعراق" التي ولدت في مخابر فرنسية وأمريكية، وأصبحت متداولة بقوة اليوم، ففكرة الأعراق في الحقيقة هي نتاج الفكر الأوروبي في القرن19عندما كتب الفرنسي أرثر جوبينو في منتصف هذا القرن كتابه عن عدم المساواة بين الأعراق، وقد ولد بنقل فكرة الداروينية عن تطور المخلوقات وإنقراض بعضها بالقول "أن البقاء للأقوى"، ثم نقل ذلك بالقول بالبقاء للعرق الأقوى، ومنه تولد الإستعمار والعنصرية وإحتقار الشعوب، ومنها النازية والصهيونية وغيرها، ثم أستخدمها الإستعمار الفرنسي في تقسيمه لشعوبنا، ومنها الشعب الجزائري مثلا الذي ما فتأت الأيديولوجية الإستعمارية تردد أن لاوجود لأمة جزائرية وأن الجزائر مجرد فسيفساء أو موزاييك من القبائل والأعراق، فشرع منذ البداية في تصنيف هذه القبائل والأعراق التي أخترعها، ويبحث في أصل كل عرق من هذه الأعراق التي خلقها إعلاميا وفكريا بهدف تفتيتي وتطبيق مبدأ فرق تسد، وعرفت البلدان الأفريقية التي أستعمرتها نفس السياسة، ومنها بلدان الساحل كالنيجر والمالي وغيرها، ثم عاد الإستخدام المفرط للأعراق بقوة اليوم تنفيذا لإستراتيجيات قوى كبرى سنوضحها فيما بعد.
فمن الخطورة ترديد هذه المصطلحات، ويجب أن نرفض الإستخدام أو قراءة وتفسير الأزمات والصراعات بالإستناد على فكرة الأعراق، لأنها ليست منطقية، ومؤثر جدا في الأذهان، لأن في الحقيقة فكرة العرق والأصل الواحد هي فكرة وهمية لا وجود لها على أرٍض الواقع في بلداننا، بل ماهو موجود هو تمايزات ثقافية طفيفة نتجت عن أسباب تاريخية وعزلة البعض عن الآخر لأسباب جغرافية وتاريخية وعوامل أخرى، وهي في حقيقة الأمر ليست قوية في دولنا، ثم أعطت الأيديولوجية الإستعمارية لكل مجموعة ثقافية وصف عرق محدد، مما يعقد الصراعات أكبر فيما بينها، فمثلا على الصعيد اللساني فهل المجموعات التي تتحدث بالفرنسية في بلدان الساحل هي فرنسية العرق والأصل أم مجرد تشكل ثقافي بسبب تأثير ثقافي إستعماري، ونجد نفس الأمر بالنسبة للأنجليزية أو العربية وغيرها؟، ونسجل نفس الملاحظة بالنسبة لتمايز العادات والتقاليد أو الممارسات الدينية وغيرها من المظاهر الثقافية التي تتطور وتتغير عبر العصور بفعل التثاقف والتأثير والتأثر.
وعند حدوث أي صراع حول مصالح سياسية وإقتصادية تبرز الهويات التحتية والفرعية كأسلوب للحشد والتجنيد والتوظيف، ثم تعطي لها صفة النزاعات العرقية أو الطائفية، وهو ما يشكل خطرا في المستقبل من إعطاء هذه التفسيرات، ليس فقط لأنها تغطي على الأسباب الحقيقية لها، بل لأنها بإمكانها أن توسع مساحة أي صراع أو نزاع محدود يمكن التحكم فيه إلى نزاع شامل ومعقد يصعب حله، كما هو حاصل مثلا في غرداية في ليبيا، وأصبحنا اليوم نعيش تضخيما إعلاميا مشبوها ومؤثر جدا على المدى المتوسط لمصطلحات "القبائل العربية" أو "الأمازيغية" أو "التبو" وغيرها، ويبدو أن بعض إستراتيجيات القوى الكبرى تعتمد على ذلك التضخيم الإعلامي لهذه التسميات لخلق الفوضى إما لإعطاء مبرر للتدخل تحت غطاء حماية ما تسميه ب"حماية الأقليات من التطهير العرقي"، أو لأهداف إستراتيجية أخرى.
إن عدم إكتمال الأسلمة والتعريب في كل هذا الفضاء الذي يسمى اليوم بالعالم العربي تحول اليوم إلى مشكلة عويصة سواء في المشرق العربي بنشوب صراعات دينية وطائفية هي نتاج تاريخي لاأقل ولاأكثر، وأصبحت القوى التي تريد تفجير العالم العربي تعتمد على النزعات الطائفية في المشرق بسبب التعدد الديني والطائفي، أما في البلاد المغاربية ثم الصحراء والساحل فيمكن القول أن الأسلمة كانت تامة تقريبا، لكن ما لم يكتمل هو التعريب اللساني، حيث تعربت ولازالت تتعرب مناطق خضرية على العموم، وتخلت عن لسانها الأمازيغي مقابل حفاظ المناطق الجبلية والصحراوية البعيدة عن المراكز الحضرية على هذا اللسان، وهذا الإختلاف هو لساني فقط وليس عرقيا، كما يريد إيهامنا البعض، فحوله البعض عندنا تحت تأثير الأيديولوجية الإستعمارية، ومنها بالأخص بعض التيارات الأيديولوجية المشرقية التي لم تتلخص من بعض تصنيفات العصور الوسطى، وكان خطابها الإقصائي وراء إعطاء سلاح لأعداءنا لخلق فوضى عارمة في هذا الفضاء المغاربي والصحراوي والساحل بنشر فكرة وهمية هي الأعراق بدل الحديث عن مجموعات لسانية لها تمايزات ثقافية طفيفة جدا لاأكثر ولا أقل.
ولم يكن ذلك التباين إلا بسبب عوامل تاريخية وجغرافية وإقتصادية وليست عرقية كما يتوهم البعض اليوم، وهو ما يجب تلقينه لأبنائنا في المدارس وفي وسائل الإعلام للقضاء على فكرة الأعراق الوهمية التي غرسها الإستعمار كما قلنا آنفا، لكن بدأت تأخذ هذه الإختلافات في السنوات الأخيرة طابعا وتفسيرا عرقيا خطيرا، وكأنها أعراقا متباينة، وهو ما من شأنه تحويل هذه الإختلافات الثقافية الطفيفة إلى شعور كل مجموعة بأنها تشكل عرقا لذاته، مما يمكن أن يهدد الوحدات الوطنية لمختلف دولنا طبقا لإستراتيجية رسمت بدقة في مخابر قوى كبرى، والتي مهدت لها في دولنا الأيديولوجية الإستعمارية كما سبق أن أشرنا في البداية.
فمثلا لم تتخل الولايات المتحدة الأمريكية قط عن فكرة الزعامة على العالم، بل غيرت فقط التكتيك وأساليب تحقيقه، وتسعى مع أوباما إلى إستبدال السيطرة بالقيادة السلسة للعالم، ولا يمكن لها تحقيق ذلك إلا بزرع الفوضى الخلاقة في عدة مناطق تدفعها إلى البحث عن الأمن فقط لا أكثر ولا أقل لتأتي هي لتضمن ذلك بعد ما تعيد رسم الخريطة السياسية والجغرافية لدولنا، ولتحقيق ذلك تستخدم كل من الإرهاب و"الأعراق الوهمية" التي تسمح لها بإنشاء إمارات آمنة تحت نفوذها شبيهة بإمارات الخليج.
ويتم التحضير لذلك على الصعيد الفكري والأيديولوجي بالتلاعب بالعقول، حيث تنتشر بقوة اليوم فكرة "دول صغيرة لكنها غنية"، وعادة ما أصبحت الإمارات الخليجية نموذجا للبعض من سكان فضاء الساحل والصحراء المحيطة بالمناطق الغنية بالنفط أو اليورانيوم أو الذهب، ويعتقدون أن بإنفصالهم وإقامة دول صغيرة حول هذه الثروات، سيتحولون أغنياء مثل إمارات الخليج، وأختلط ذلك مع مصالح لأمراء الإرهاب في هذا الفضاء في إقامة دولة فيها تكون منطلقا للسيطرة على كل الفضاء المغاربي ثم العربي والإسلامي بهدف تحقيق ما تعتقده "حلم إحياء الخلافة الإسلامية".
فمنذ أن برزت نظرية هننغتون حول صدام الحضارات، أصبحت الولايات المتحدة لا تهمل هذه التمايزات الثقافية والدينية في رسم إستراتيجياتها، خاصة وأن الحركات الدينية التي توظفها الولايات المتحدة قد رحبت بهذه النظرية، وأخذتها كدليل إقناع الكثير من المسلمين بأن الغرب عامة هدفه الإسلام، وأن الصراعات هي صراعات دينية، وليس حول مصالح إقتصادية وسياسية وإستراتيجية، مما أعطى لهذه الحركات البعض من الشرعية لتجنيد الكثير من المسلمين على أساس الدفاع عن الإسلام وقيمه في مواجهة الحضارة الغربية وقيمها.
وهو ما يدفعنا إلى تسجيل ملاحظة مهمة جدا، فلم تكن الحضارة إطلاقا خاصة بمنطقة دون أخرى أو جنس دون آخر، فحضارة اليوم، والتي غالبا مايصفها البعض بأنها حضارة غربية أو أوروبية، فهو في الحقيقة هي نتاج الإنسان عبر التاريخ، فهذه الحضارة اليوم ولو كان يلعب فيها الإنسان الغربي اليوم دورا كبيرا، إلا أنه لما وصل إلى ذلك لو لم تساهم فيها شعوب أخرى عبر التاريخ، ففي الحقيقة يمكن لنا القول أنه قد ساهم فيها الإنسان الأول الذي اكتشف النار أو الدبوز بصفتها آداة إستخدم في التاريخ الغابر، كما ساهم فيها المسلم وغيرالمسلم، لكن للأسف اليوم نجد البعض من المسلمين يرفضون كل ما يأتيهم من الغرب بإسم الدين ورفض الآخر، وقد تناسى هؤلاء أن ما أنتجه الغرب حضاريا هو مواصلة ونتاج لمساهمة المسلمين وغيرهم في هذه الحضارة الإنسانية، كما أن ما يسمى بالحضارة الإسلامية هو في الحقيقة إستمراربة ونتاج للحضارة الرومانية -الأغريقية السابقة، وهذه الأخيرة أيضا هي نتاج للحضارات السابقة سواء الفرعونية أو البابلية أو السومرية أو الأمازيغية من قبل وغيرها من الحضارات، فقد صدق الكاتب المصري طه حسين الذي دعا في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" إلى الإقتباس من الحضارة الأوروبية، لأنها في الحقيقة "ما هي إلا بضاعتنا قد ردت إلينا" .
وأعتقد أنه لو أخذنا بهذا المفهوم لأنتفى نهائيا ما يسمى اليوم بصدام الحضارات الذي وقع في فخها البعض من المسلمين في إطار إستراتيجية محكمة وضعت في المخابر الأمريكية بعد نهاية الحرب الباردة لإيجاد مبررات للإستيلاء على ثروات بلداننا بالتنظير لحرب إستباقية لمحاربة الإرهاب الذي يشجعه الغرب وينفخ فيه ليكبر ويتضخم ويضرب إستقرار هذه البلدان.
فقد عانت دولنا من تأثر الكثير من نخبها بالفكر السياسي الفرنسي اليعقوبي المبني على المركزية والأحادية، خاصة في مجال الهوية والثقافة، مما أدى إلى تهميش جزء كبير من شعوبها، مما أنتج ردود فعل ثقافية زادتها حدة التهميش الإقتصادي والإجتماعي، مما أدى إلى بروز جماعات ثقافية وهويات تحتية كردود فعل على الإقصاء والإحتقار، وقد ثبت نفسيا أن أي محاولة لإقصاء ثقافة أو إحتقارها يؤدي إلى تقويتها أكثر، وأزداد بروزهذه الهويات الفرعية مع التوسع الرأسمالي والعولمة الثقافية التي دفعت إلى التعصب الهوياتي، وكل تعصب ينشأ ردود فعل وتعصبات أخرى، مما أصبح يهدد وحدة الدول، ويدفعها إلى صدامات ثقافية، ويظهر ذلك بالخصوص في الدول التي لا تعترف بالتعددية الثقافية أو عجزت عن إيجاد تنظيم سياسي وثقافي يسير هذه التعددية، أو عجزت عن تحقيق بناء وطني مبني على هوية وطنية مركبة تضم كل المكونات الثقافية للأمة دون أي إقصاء أو تهميش، وقد كان للنموذج الفرنسي اليعقوبي الممركز على الصعيد السياسي والثقافي مسؤولية كبرى في إنشاء هذا الوضع الذي يعد بالإنفجار والتفتت للعديد من دولنا اليوم خاصة المغاربية.
لكن في الوقت الذي بدأت تدرك بعض نخب هذه الدول أخطائها في عملية البناء الوطني، وترى ضرورة إعادة النظر في سياساتها الثقافية وبناء هويات جديدة مركبة تكون أساسا لبناء وطني جديد وسليم، يظهر أمامنا منظر صدام الحضارات هننغتون بنظرية جديدة تقوض هذه الحلول الجديدة في كتاب له عام2004 بعنوان"من نحن؟ّ-الهوية الوطنية وصدام الثقافات-"، أين يريد إقناعنا أن التعدد الثقافي للولايات المتحدة خطر عليها وضرورة الدفاع عن ما يسميها الهوية الأمريكية المبنية على الثقافة الأنكلوساكسونية فقط دون الأخذ بمكوناتها الأخرى، وكأنه مرة أخرى يظهر أمامنا هننغتون في إطار مخطط إستراتيجي مدروس بدقة لإعطاء دفع جديد للبعض من المنغلقين ثقافيا وذوي الأيديولوجيات المشرقية عندنا بسلامة طروحاتهم الإقصائية لمختلف المكونات الثقافية لشعوبنا، ويتحمل هؤلاء المنغلقين مسؤولية كبرى لخطر التفكك التي تعاني منها دولنا خاصة بإقصائهم للبعد الأمازيغي كمكون رئيسي لهوية أممنا في المغرب الكبير، فكأن هننغتون أراد إعطاء شرعية جديدة تحت غطاء أكاديمي مشبوه للمنهج اليعقوبي المركزي الفرنسي الذي أضر بوحدة دولنا، وكأن هناك حرب تدار في العقول والأفكار لخلق الفوضى في دولنا بهدف تحقيق الهدف الإستراتيجي الأمريكي، والمتمثل في الفوضى الخلاقة المبنية على صدامات ثقافية لتقبل الشعوب في الأخير بالتوفير الأمريكي للأمن والإستقرار، ولما لا القبول بالدولة العالمية تحت السيطرة الأمريكية، خاصة وأن منشأ الدول والقبول بأي سلطة كان نتيجة الفوضى وإنعدام الأمن، وقد بدأ يبرز ذلك جليا بعد مطالبة بعض الليبيين بالتدخل الأجنبي للحفاظ على الأمن بعد ما عاثت الجماعات الإرهابية في البلاد وظهور بوادر حرب أهلية بين قبائلها ومكوناتها الثقافية، وكان تصادمها نتيجة للسياسة الأحادية ومبدأ فرق تسد الذي طبقه نظام القذافي من قبل للبقاء في السلطة، والذي أقصى العديد من الأبعاد الثقافية للهوية الليبية.
هل ينبغي أن نفهم إيران؟ خطاب الكراهية الجديد ??? بقلم المفكر فاضل الربيعي
الحلقة 1
ينتشرُ - في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي هذه الأيام وبكثافة- نوع من العداء اللفظيّ الهستيري لإيران.هذا العداء الصريح والمكشوف ينتمي في نسيجه السردي إلى أدبيات النظام العراقي السابق خلال الحرب العراقية- الإيرانية، حيث شاعت آنذاك، اصطلاحات وتعبيرات غريبة ومثيرة في وصف الشعب الإيراني (وليس الدولة الإيرانية وحسب).
اليوم، نشهد ما يشبه إعادة إنتاج لتراث الأدبيات السياسية التي تركها النظام السابق في العراق، ولكن مع فارق جوهري، أن العداء اللفظيّ الجديد يتخذ طابعاً خاصاً، يمكن وصفه بأنه (النقد بأدوات الكراهية لشعب آخر).وفي الواقع، لا يبدو هذا النقد السياسي مصممّاً لنقد السياسات الرسمية، بأكثر ما يبدو نوعاً من تشهير بالتاريخ والقيم والثقافة.
ما من مقالة تخلو من الكلمات العنصرية الرخيصة التالية: فرس، مجوس، صفويون، شيعة، يهود، أبناء زواج المتعة؟ إن ظاهرة (كراهية إيران) تكاد تصبح، نظراً لكثافة حملات النقد العدائي، نوعاً من كراهية علنية لشعب آخر.من المؤكد أن (نقد إيران) انتقل خلال السنوات القليلة المنصرمة، وكلياً من حيزّ النقاش السياسي حول سياسات الدولة الإيرانية،إلى حيّز (كراهية شعب آخر) وبحيث اختلطت المواقف بالمشاعر.لكن تحليل النصوص المنشورة، وبشكل أخصّ في وسائل الإعلام العربية والمواقع الالكترونية، سوف يكشف مع ذلك، عن شكل جديد من التحوّل في هذا النقد، فهو لم يعد خاضعاً لأي معيار أخلاقي أو علمي، كما بات مفرّغاً من أيّ محتوى سياسي حقيقي.إنه نقد يخلو من أي دلائل أو براهين أو حجج مقنعة.
إن النقد السياسي– أي نقد وفي أي ظرف ومع أي خصم- إذا ما اختلط بالمشاعر والإنفعالات، يصبح مع الوقت أكثر شبهاً بـ (هستيريا) تفتقد لأي ترابط أو انسجام.ولعل اكثر الدلائل سطوعاً على حدوث مثل هذا التحوّل، أن (نقد إيران) سرعان ما اتسع ليصبح لا نوعاً من العداء لشعب إيران؛ بل وللتاريخ والثقافة والقيم الاجتماعية.انظروا مثلاً إلى الكيفيّة التي أصبح فيها نقد السياسة الإيرانية، مناسبة للتشهير بالقيم الاجتماعية والروحية والثقافية.
إن كل من هبّ ودّب، يمكنه أن ينشر في أي صحيفة أو عبر أي قناة فضائية أو موقع الكتروني ترهات من قبيل، أن الإيرانيين جميعاً هم نتاج (زواج المتعة) وأن (الفرس) جماعة شريرة خدمت (اليهود) منذ آلاف السنين، وأنهم يعملون معهم سراً ويداً بيد من أجل تمزيق العرب؟ مثل هذه الترهات باتت مألوفة وشائعة، وثمة في الإطار الإقليمي منْ يساهم في تغذيتها وتطويرها ونشرها.
من النادر- اليوم- أن لا تجد ذلك المزيج الغريب من التعليق السياسي ومشاعر الكراهية للتاريخ والثقافة الإيرانية، وهو ينتشر في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بوصفه معرفة زائفة لا أكثر. إن (شيطنة إيران) وتصوير مجتمعها التاريخي بأنه مجتمع (فسق وفجور) وأنهم أشرار (لأنهم فرس) وهم أشدّ خطراً من اليهود لأنهم (صفويون) وهم فوق ذلك خطر داهم (لأنهم شيعة) يندرج في سياق حملة كراهية يقودها الغرب وقوى إقليمية بأدوات عربية.وممّا يدعو للتساؤل حقاً، أن مَنْ ينشرون هذه الكراهية – يشكون غالباً من وجود كراهية للعرب عند الأوربيين والأمريكيين؟ وهذه مفارقة غريبة في خطاب الكراهية الجديد.
والآن، ومهما تكن دوافع ومبررات هذا التناقض في سلوك المحللّين والمعلقين، فمن غير المنطقي قبول فكرة أن الموقف السياسي من بلد ما، يسمح للفرد تلقائياً بأن يجعل من مادته النقدية مادة لنشر الكراهية لشعب آخر؟ إن نقد السياسة الإيرانية حق مشروع لأي شخص، وهو أمر مفهوم ويمكن إيجاد المبررات للنقاش حوله، ولكن من السخف وانعدام الانصاف والعدل، تقبّل الترّهات حول تاريخ إيران ومجتمعها وقيمه التاريخية وحضارته القديمة، باعتبارها معرفة حقيقية عن تاريخ وثقافة شعب.
لقد تحوّلت إيران في هذا النقد إلى شعب شرير يدعى شعب الفرس المجوس، الصفويين، اليهود، الشيعة الخ الخ الخ.ومؤخراً، ثارت ثائرة كثير من العراقيين والعرب، بعد تصريح السيّد يونسي مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، وجرى تدبيج موشّحات تقطرّ عنصرية وجهلاً.إن السؤال المطروح في خضمّ هذه الهستيريا هو التالي: هل ينبغي أن (نفهم إيران) في سياق نقدها؟ أم أن علينا الإنسياق وراء هذه الهستيريا؟ لكن وقبل أن ننخرط بشكل أعمى في حرب الآخرين ألا يتعيّن علينا أن نعرف أي شيء حقيقي عن تاريخ إيران؟
إن المقاربة التي أطمح إلى تقديمها في هذه السلسلة الجديدة من المقالات، تفترض أن على الجميع التحليّ بالهدوء والصبر وبروح النقاش الموضوعي والرغبة الجادة في تقديم مقاربات أخرى، لا مواصلة اطلاق الشتائم المجانية والرخيصة.إن العداء اللفظيّ وروح العداء المقيتة لشعب آخر،لا تنفع في شيء في أوقات المحن.ومن يعرفون معنى (المسؤولية التاريخية) وحدهم من يدرك أهمية خوض نقاش موضوعي في اصعب الظروف.ما قاله يونسي هو مناسبة ممتازة لإثارة نقاش حول إمكانية ( تفهّم إيران). فهل يمكن الإفتراض أن من سوف ينخرطون في السجال مع – مقولة هذه السلسلة من المقالات- سيتصّرفون بتعقل ويُعْملون الفكر قليلاً؟ أكاد أجزم أن كل الذين يهاجمون الفرس والمجوس والصفويين وإيران يجهلون بشكل مريع، تاريخها وتكوينها الجغرافي والسكاني، وهم في الغالب لا يعرفون أي شيء حقيقي وله قيمة.ولو سألتهم عن التركيبة الحاكمة وكيفية صنع القرار، فسوف يخطئون في التمييز بين لاريجاني وجنتيّ.ولو أنك سألتهم عن معنى (الصفوي) ومن أين جاءت، وما الفارق بينها وبين (المجوسي) فسوف تكتشف الجهل الفاضح في (تفهّم إيران) في العالم العربي. وأريد هنا أن استثني – من هذا التوصيف- كل المتخصصييّن في مراكز البحث في مصر، لأنهم يتمتعون بمعرفة رصينة مشهود لها.
لقد انشأت مصر عبد الناصر في وقت مبكر، مراكز بحث استراتيجية غاية في الإنضباط العلمي بمعايير العمل المهني.أليس أمراً محزناً أن العرب يحاربون (أعداء) لا يعرفون أي شيء حقيقي عنهم؟ هاكم المفارقة التالية: خلال 8 سنوات من الحرب المأسوية بين العراق وإيران، لم يتمكن النظام السابق من إنشاء أي مركز تخصصيّ، جامعي أو مركز أبحاث مستقل، لدراسة إيران؟ وبالفعل، لا يوجد حتى اليوم كاتب أو أكاديمي أو باحث عراقي واحد متخصصّ بإيران؟ كل ما لدى العراق بضعة محللين ومعلقين لا قيمة ولا أهمية علمية لأي شيء يتفوهون به؟ والفاجعة الكبرى، أن الجهل المطبق بالتركيبة الأثنية التاريخية لإيران، والمعرفة السطحية بطبيعة مجتمعها، انتهى إلى تكوين معرفة (شعبية) مضللّة، ما تزال شائعة في الأدب السياسي العراقي.
ومؤخراً، أثار نائب عراقي سخط العراقيين جميعاً، حين زعم أن الشيعة في جنوب العراق هم جماعة من الهنود؟ لقد تحوّلت ثقافة (كراهية إيران) إلى كراهية لشيعة العراق والمنطقة، أي أنها تخطت حدود (نقد إيران) أو كراهية شعب إيران، وباتت نوعاً من الوباء اللفظيّ الذي يجتاح المنطقة كلها؟ إن الضجّة التي أثيرت مؤخراً حول تصريحات مستشار الرئيس الإيراني، هي دليل آخر على أن (المعرفة الشعبية المضللّة) التي أشاعها النظام السابق، ما تزال فعالة ومستمرة ويواصلها اليوم أنصاره من العراقيين والعرب دون أي تغيير. فهل يمكن لنا أن نعيد وضع النقاش حول إيران في إطار جديد، وأن نسمح بحوار عقلاني وهادئ بدلاً من هذه الهستيريا اللفظيّة؟
ما قاله مستشار الرئيس الإيراني مؤلف من فكرتين رئيسيتين فقط : 1: إن العراق يشكل جزء من هويّة إيران التاريخية 2: إن بغداد هي عاصمة إيران الجديدة. هاتان هما الفكرتان الجوهريّان في التصريح. فعلام كل هذا الضجيج؟ من المؤلم حقاً القول، أن ردّ الفعل السطحي المريع من جانب غالبية المحللين السياسيين، ناجم عن انعدام أي معرفة علمية بالإطار التاريخي لتشكلّ الهويّة الإيرانية.لم يخطئ يونسي قط، حين تحلىّ بالشجاعة الأدبية وأقرّ علناً، بأن العراق التاريخي ساهم في تشكلّ وعي الإيراني المعاصر لنفسه؟ هل يجرؤ أي سياسي عراقي على القول أن إيران أو تركيا ساهمتا في تشكيل الهويّة العراقية؟ لا يوجد بلد في العالم شكلّ هويته بمعزل عن تأثير جيرانه حتى ولو كانوا غزاة؟ إن العراقي- العربي الذي يتغنىّ ليل نهار بفتح الأندلس، ولا يترددّ عن التباهي أمام الإسبان، بأن العرب شكلّوا لا هويّة اسبانيا وحسب؛ بل أعادوا صياغة دورها في مسرح التاريخ، هو نفسه العراقي- العربي الذي لا يريد ان (يفهم إيران) حين يصرح أحد مسؤوليها، أن العراق ساهم في تشكيل الهويّة الإيرانية، ويعدّ ذلك نوعاً من الشتيمة؟ هذه الحسّاسيّة المرضية المفرطة من كل شيء إيراني، تؤسس اليوم لخطاب كراهية جديد.
لقد تسنى لي خلال زيارات متباعدة لاسبانيا، أن التقي قادة وناشطين وكتّاباً وصحفيين يساريين ويمينيين وليبراليين، وأن أتعرّف عن قرب إلى النقاش الدائر هناك منذ سنوات: هل الغزو العربي لاسبانيا هو غزو أم فتح؟ والمدهش ان الجميع، يساريين ويمينيين وليبراليين، يجمعون على أن الفتح العربي (وهم يرفضون كلمة غزو) شكلّ لحظة تحوّل كبرى في تاريخ إسبانيا، وأنهم بفضل العرب المسلمين، انتقلوا من (دولة) إلى قوة إمبراطورية سيطرت على سواحل العالم. وهذا وضع شبيه بحالة إيران، فالفتح العربي هو الذي أعاد صياغة دور إيران في التاريخ.إن تشكلّ الهويّات التاريخية عملية معقدّة وشائكة، فقد تتخلى أمم وشعوب عن (لغتها القديمة) لقاء الحصول على لغة جديدة؛ بل وأن تتخلى عن جزء ميت من تاريخها لتنتسب إلى جزء من تاريخ الآخر، وتتعامل معه بوصفه جزء عضوياً من تاريخها هي.أكثر من ذلك، ان تنسى بعض أبطالها القوميين، وتحلّ محلهم أبطال أمم أخرى؟ ألم يصبح خالد بن الوليد العربي- الذي يزعم في أدبيات المتطرفين انه مسلم سنيّ- بطلاً قومياً في إيران المسلمة- الشيعية بدلاً من هرمز الوثني؟
إن اللغة هي العنصر الأهم في تشكل هوية أي أمة من الأمم، وفارس القديمة شكلت هويتها اللغوية تحت تأثير العراقيين المباشر.مرّت اللغة الفارسية بثلاث مراحل في تطورها التاريخي: الأولى ، الفارسية القديمة التي كانت تكتب بالخط المسماري، والثانية، اللغة الفارسية الوسطى التي تعرف باسم اللغة الأفستائية وهي التي كتبت بها تعاليم زرادشت وأناشيده الخمسة في كتاب (الافستا) ويطلق عليها (اللغة البهلوية).أما المرحلة الثالثة فهي اللغة الفارسية الحديثة التي ظهرت بعد دخول الإسلام، حين أخذ الإيرانيون حروفها وقواعد كتابتها من اللغة العربية.
إن الإيراني المعاصر، مثله مثل قرينه الإيراني القديم، يكتب ويقرأ بواسطة لغة مستعارة من الجيران: مسمارية العراقيين القدماء ثم عربية الفتح الإسلامي؟ هذا يعني أن تشكلّ الهويّة الإيرانية لغوياً، جرى – وخلال حقب وعصور مختلفة- تحت تاثير الجار العراقي؟ وبفضل العراق استبدلت إيران – فارس القديمة- أبجديتها (الهندو اوروبية) بأبجدية مسمارية ثم عربية، لتقرأ وتكتب بها حتى اليوم (بعكس ما فعلت تركيا أتاتورك التي استبدلت الحرف التركي بحرف لاتيني)؟ فهل يمكن تصّور الإيراني المعاصر الذي يستخدم الحرف العربي في كتابته كل يوم، ويقرأ في كتاب محمد، ويصلي بالعربية صلاة العرب، هو شخص بهويّة (إيرانية صغيرة)؟ إن الأمم العظيمة في التاريخ هي التي تهضم وتستوعب وترتوي من ثقافات الأمم الأخرى.
ومن المؤسف أن الضجة الفارغة حول تصريحات يونسي قادها اشخاص لا يعرفون اي شيء حقيقي عن تاريخ إيران القديم أو الحديث.إن كل معلوماتهم عن إيران مستمّدة من تراث الحرب المأسوية 1980-1988 بين العراق وإيران، ثم من مرحلة ما بعد الغزو الأمريكي للعراق 2003، وهو بوجه الإجمال تراث صحفي يتضمن معلومات مثيرة بطبيعتها لكل وأيّ خلاف، كما أن بعض المعلقين اعتمد في نقده للسياسة الإيرانية على (القيل والقال) بأكثر مما استند إلى معطيات ومعلومات علمية أو إلى تحليل دقيق وصحيح للأحداث. في هذه السلسلة الجديدة من مقالات (هل ينبغي أن نتفهم إيران) مقاربة جديدة للموضوع الإيراني بهدف تعميق الوعي ب( فهم إيران). -غدا حلقة أخرى- |
الأربعاء، 25 مارس 2015
لصوص ومغفلون ............. بقلم نادر قريط
عندما يتم تلميع اللصوص !!!!!!!!!!!!!!!!!
يقول الكاتب المسلم شانافاس(T.o Shanavas وهو طبيب من ولاية ميشيغان) :سألني مرة صديق مسيحي، إن كنت سأزوّج إبنتي ذات الأعوام السبعة، لرجل في الخمسين من عمره. أجبته بالصمت. إستمر وقال: إذا كنت لاتريد ذلك، فكيف تقبل زواج الطفلة البريئة عائشة إبنة السبع سنوات، من النبي. قلت له بأني لا أملك إجابة. إبتسم صديقي، وترك في قلبي جرحا. ( إنتهى)
الترجمة أعلاه إقتبستها من نص للكاتب شانافاس نشره أول مرة عام 1999م، بعنوان : هل كانت عائشة عروس وهي في السادسة ؟ يمكن مراجعته بالإنكليزية على الرابط: http://www.ilaam.net/Articles/Ayesha.html
قد يبدو الأمر عاديا، فالقصة أصبحت علكة يمضغها كل عابر إنترنت، لكن الأمر قد يهم الأستاذ ( الباحث) إسلام بحيرى!! صاحب (البحث) الذائع الصيت، في مجلة ( اليوم السابع) بعنوان: "زواج النبى من عائشة وهى بنت 9 سنين.. أكذوبة!" يمكن قراءته أيضا على الرابط التالي: http://www.youm7.com/News.asp…
لكن قبل الإسترسال بالموضوع، وقبل توجيه تهمة عدم الأمانة العلمية والأدبية أو فتح سجال حول السرقة والسطو والنهب، وبناء أمجاد زائفة على أكتاف الغير أود تسجيل مايلي:
أولا: السرقة عموما هي إدعاء ملكية مالا تملك، وفي الأعمال الكتابية، هي إستيلاء على أفكار وجهود بحثية وإمتلاكتها بإعتبارها جهد وإبداع ذاتي، دون الإشارة إلى أصحابها الحقيقين.
ثانيا: فكرت طويلا بإلتزام الصمت، سيما وأن السيد بحيري شاب في مقتبل العمر، والأيام كفيلة بتعليمه ما فاته. وقد يكون الصمت، نوعا من الصيام كما تخبرنا الرواية الدينية،في قصة زكريا، وطريقا للتصوف والزهد. وقد كان بالإمكان رفع القبعة تحية لهذا الشاب الطموح، أسوة بالمجتهد الإسلامي المعروف جمال البنا، الذي كتب مديحا صحفيا له بعنوّان: "صحفى شاب يصحح للأئمة الأعلام خطأ ألف عام" (1) لكني أعلم أن ( صياما مجازيا) قد يصبح مشاركة ضمنية في الإثم، فالنحل والتزوير في تاريخ البشرية( كما يقول بعض النقاد) نشأ من خلال صمت وتواطؤ جمعي، فرضته إرادات سياسلطوية، بمشاركة( مقصودة وغير مقصودة) لمفكرين وكتاب، لم يجرؤوا على معارضة الذائقة الجمعية لعصرهم.
ثالثا: على المستوى الشخصي، أجد أن الجدل في موضوع عمر زواج السيدة عائشة ، أمرا ثانويا، ولايمكن تحديده في ضوء الكرونولوجيا الإسلامية، فالإخباريون صنعوا لنا صورة مشوّشة ومتناقضة فرضت جدارا سميكا حجب أمامنا الرؤية، وهذا أمر منطقي وبديهي، سببه ظروف إنتقال الرواية من طورها الشفهي إلى الكتابي، مما حدا ببعض الباحثين( أمثال الألماني شاخت) إلى رفض الرواية الشفهية برمتها. وبهذا يكون قد إقتدى بموقف المعتزلة من جماعةالنقل، أو بموقف حركة القرائين اليهود من أحاديث الميشنا .
وعودة إلى موضوع الأستاذ إسلام بحيري ( وبحثه) المدوّي، أجد أن أعيد عليكم الحكاية من أولها:
قبل حوالي ثلاثة أعوام ، وبينما كنت أتصفح مجلة ورقية ألمانية، إسمها نجمة الصباح
Der Morgenstern ( العدد 10 عام 2005) يُصدرها بعض المتأسلمين الألمان وقع نظري على بحث مترجم من الأنكليزية، أعده (عبدالله فرانك بوبنهايم)، وهي عينها مقالة شانافاك المنوّه عنها أعلاه. وأتذكر أن زوجتي، أعربت عن فرحتها وإعجابها ودهشتها بهذا البحث المنسق، والأدلة البحثية الرصينة( التي قد ترفع الضيّم عن الإسلام) وهذا أمر طبيعي في سياق تقاتل الثقافات والهويات(والذي يستفحل عند مسلمي أوروبا وأمريكا ، أكثر من غيرهم، لما يعانوه من إغتراب نفسي ومادي ووجداني، مقابل نظرات البغضاء والعنصرية وأجواء الكراهية التي ولدتها حقبة ما بعد 11سبتمبر وحرب العراق)
Der Morgenstern ( العدد 10 عام 2005) يُصدرها بعض المتأسلمين الألمان وقع نظري على بحث مترجم من الأنكليزية، أعده (عبدالله فرانك بوبنهايم)، وهي عينها مقالة شانافاك المنوّه عنها أعلاه. وأتذكر أن زوجتي، أعربت عن فرحتها وإعجابها ودهشتها بهذا البحث المنسق، والأدلة البحثية الرصينة( التي قد ترفع الضيّم عن الإسلام) وهذا أمر طبيعي في سياق تقاتل الثقافات والهويات(والذي يستفحل عند مسلمي أوروبا وأمريكا ، أكثر من غيرهم، لما يعانوه من إغتراب نفسي ومادي ووجداني، مقابل نظرات البغضاء والعنصرية وأجواء الكراهية التي ولدتها حقبة ما بعد 11سبتمبر وحرب العراق)
وهكذا وبمرور الزمن نسيت القصة بأكملها( ونسيّت إسم الكاتب والمترجم) خصوصا أن ذاكرتي أصبحت مثقوبة ( مثل أباريق الوضوء في جامع الكيلاني في بغداد)
وعندما قرأت بالصدفة مقالا منشورا في إيلاف، للدكتور خالد منتصر بعنوان: هل أصبح الدفاع عن البخارى أهم من الدفاع عن الرسول؟(2) وقرأت المانشتيات العريضة للمقالة: "الهجوم على الباحث الذى أنكر زواج الرسول من عائشة فى سن التاسعة، وأثبت زواجها فى سن الثامنة عشرة. الأزهر أنكر هذا البحث خوفاً على البخارى، والدعاة صمتوا خوفاً على مصالحهم." ( إنتهى)
في الحال تذكرت القصة، وقلت في نفسي: العرب يأتون متأخرين دائما ( أو لا يأتون )، هذا بحث قديم، قرأته قبل أعوام ، ولفرط سذاجتي، إعتقدت أن السيد بحيرى هو نفسه صاحب المقال ( الذي طواه النسيان) وقلت : ربما يكون أحد الباحثين، الذين عرفهم الغرب وترجم لهم . لكن الفضول دفعني لقراءة المقالة في مجلة ( اليوم السابع ) وكم كانت الصدمة، فتاريخ نشر المقالة هو : 14 أغسطس عام 2008؟؟ حينها سألت زوجتي إن كانت تتذكر ما قرأناه قبل أعوام، حول إشكالية عمر زواج السيدة عائشة. أجل لقد تذكرت القصة فورا (وتذكرت أيضا لون القميص الذي، أرتديته وقتها، وماذا طبخت في ذلك اليوم .. يا إلهي أية ذاكرة تملكها حواء!!) وبعد لحظات، أتت لي بالمجلة الألمانية المذكورة.
وعندما قرأت بالصدفة مقالا منشورا في إيلاف، للدكتور خالد منتصر بعنوان: هل أصبح الدفاع عن البخارى أهم من الدفاع عن الرسول؟(2) وقرأت المانشتيات العريضة للمقالة: "الهجوم على الباحث الذى أنكر زواج الرسول من عائشة فى سن التاسعة، وأثبت زواجها فى سن الثامنة عشرة. الأزهر أنكر هذا البحث خوفاً على البخارى، والدعاة صمتوا خوفاً على مصالحهم." ( إنتهى)
في الحال تذكرت القصة، وقلت في نفسي: العرب يأتون متأخرين دائما ( أو لا يأتون )، هذا بحث قديم، قرأته قبل أعوام ، ولفرط سذاجتي، إعتقدت أن السيد بحيرى هو نفسه صاحب المقال ( الذي طواه النسيان) وقلت : ربما يكون أحد الباحثين، الذين عرفهم الغرب وترجم لهم . لكن الفضول دفعني لقراءة المقالة في مجلة ( اليوم السابع ) وكم كانت الصدمة، فتاريخ نشر المقالة هو : 14 أغسطس عام 2008؟؟ حينها سألت زوجتي إن كانت تتذكر ما قرأناه قبل أعوام، حول إشكالية عمر زواج السيدة عائشة. أجل لقد تذكرت القصة فورا (وتذكرت أيضا لون القميص الذي، أرتديته وقتها، وماذا طبخت في ذلك اليوم .. يا إلهي أية ذاكرة تملكها حواء!!) وبعد لحظات، أتت لي بالمجلة الألمانية المذكورة.
نتيجة :
بعد مراجعتي للنص الذي ترجمه عبدالله بوبنهايم للغة الألمانية ، تبين لي أنه قدم ترجمة حرفية أمينة للنص الإنكليزي، الذي كتبه السيد ت.و. شانافاس ، تتصمن كل المراجع التي إعتمدها الباحث وأرقام الصفحات .
أما البحث الذي نسبه لنفسه الأستاذ إسلام بحيري فهو إقتباس كامل لكل الأفكار الواردة ، في نص شانافاك أو ترجمة ( بتصرف ) لجل المقاطع فيه وإحيانا إلتفاف وإحتيال على المضمون خصوصا في المقاطع ( التي لا توافقه أوتركها لعسر لغوي)..
السيد بحير ى لم يخبرنا عن مراجعه بالتفصيل، بل إكتفى بالقول في مقدمة مقاله حرفيا : بالاستناد لأمهات كتب التاريخ والسيرة المؤصلة للبعثة النبوية ( الكامل- تاريخ دمشق - سير اعلام النبلاء - تاريخ الطبرى - البداية والنهاية - تاريخ بغداد - وفيات الأعيان, وغيرها الكثير)( إنتهى) وهذا أسلوب رديئ، يتضمن نيّة مبيّتة للإحتيال .. أما السيد شانافاك فقد إتبع أصول المنهج العلمي وهاكم بعض الأمثلة:
أما البحث الذي نسبه لنفسه الأستاذ إسلام بحيري فهو إقتباس كامل لكل الأفكار الواردة ، في نص شانافاك أو ترجمة ( بتصرف ) لجل المقاطع فيه وإحيانا إلتفاف وإحتيال على المضمون خصوصا في المقاطع ( التي لا توافقه أوتركها لعسر لغوي)..
السيد بحير ى لم يخبرنا عن مراجعه بالتفصيل، بل إكتفى بالقول في مقدمة مقاله حرفيا : بالاستناد لأمهات كتب التاريخ والسيرة المؤصلة للبعثة النبوية ( الكامل- تاريخ دمشق - سير اعلام النبلاء - تاريخ الطبرى - البداية والنهاية - تاريخ بغداد - وفيات الأعيان, وغيرها الكثير)( إنتهى) وهذا أسلوب رديئ، يتضمن نيّة مبيّتة للإحتيال .. أما السيد شانافاك فقد إتبع أصول المنهج العلمي وهاكم بعض الأمثلة:
1ــ في موضوع الطعن بمصداقية عروة إبن هشام ( ناقل حديث البخاري ـ باب تزويج النبى عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها-3894 ) يورد الكاتب مصدرين هما : تهذيب التهذيب، لإبن حجر العسقلاني دار التراث الإسلامي، مجلد 11 صفحة 50 . والآخر هو ميزان الإعتدال للذهبي المكتبة الأثرية، باكستان ، المجلد الرابع، ص: 301
أما السيد بحيرى فيكتفي بإقتباس الأفكار كاملة دون الإشارة إلى مرجعيتها، إلا بكلام عمومي غائم
أما السيد بحيرى فيكتفي بإقتباس الأفكار كاملة دون الإشارة إلى مرجعيتها، إلا بكلام عمومي غائم
2ــ في سياق تخبط روايات الطبري عن عمر السيدة عائشة.. يذكر شانافاك المرجع وهو : تاريخ الملوك، مجلد 4، 50، دار الفكر ـ بيروت 1979م, وبالمقابل فإن بحيرى ينقل نفس الموضوع دون ذكر المرجع.
3ـ أما عن مقارنته بعمر أسماء بنت إبي بكر، (وما ترتب عليه من خلاصة مفادها أن عمر عائشة كان 18 عاما يوم زواجها ) فيحددها شانافاك بإبن كثير ، البداية والنهاية مجلد8، ص: 371 دار الفكر العربي 1933م، وكذلك تقريب التهذيب لإبن حجر العسقلاني ص:654 .. أما الأستاذ بحيرى فيلوح للقارئ بأنه أرخميدس زمانه الذي صرخ " وجدتها وجدتها "؟؟؟
4ـ في سياق المقارنة بعمر فاطمة ، يخبرنا شانافاك عن مصدره وهو: الإصابة في تمييز الصحابة ، ابن حجر ، ص: 377 مكتبة الرياض الحديثة 1978م .. إلخ
أما السيد إسلام بحيرى فكان منهمكا في إستنساخ معلومات شانافاك ونهب محتوياتها بدون رحمة ( يمكن مقارنه النصين كما وردا في الرابطين أعلاه ) وكي لا أطيل عليكم، أرجو من الباحث ( الذي لم يبحث قط) أن يذيّل مقالته بجملة إضافية تقول: قمت بالترجمة والإقتباس عن ت.و. شانافاس. وبهذا يكون قد إحترم نفسه وإحترم من يكتب إليهم وإحترم حقوق الآخرين.
ملاحظات:
1ـ إذا كان الإحتيال والنصب هو سمة لعصر الإنترنت، فمابالك بالأزمنة الضبابية للتاريخ.
2ـ أو لفت الإنتباه في سياق هذا الجدل أن الإسم العربي للسيدة عائشة، هوإشتقاق دلالي من أصل كنعاني(ءيشه) ومعناه " إمرأة " وهو من أسماء الأم "حواء" لهذا تكنى السيدة عائشة " بأم المؤمنين" وهي أم منظومة الحديث الإسلامي، وبهذه اللفتة أرجو النظر إلى رمزية الحدث التاريخي، والخروج من حالة التجسيد المبتذل للتاريخ.
هوامش
4ـ في سياق المقارنة بعمر فاطمة ، يخبرنا شانافاك عن مصدره وهو: الإصابة في تمييز الصحابة ، ابن حجر ، ص: 377 مكتبة الرياض الحديثة 1978م .. إلخ
أما السيد إسلام بحيرى فكان منهمكا في إستنساخ معلومات شانافاك ونهب محتوياتها بدون رحمة ( يمكن مقارنه النصين كما وردا في الرابطين أعلاه ) وكي لا أطيل عليكم، أرجو من الباحث ( الذي لم يبحث قط) أن يذيّل مقالته بجملة إضافية تقول: قمت بالترجمة والإقتباس عن ت.و. شانافاس. وبهذا يكون قد إحترم نفسه وإحترم من يكتب إليهم وإحترم حقوق الآخرين.
ملاحظات:
1ـ إذا كان الإحتيال والنصب هو سمة لعصر الإنترنت، فمابالك بالأزمنة الضبابية للتاريخ.
2ـ أو لفت الإنتباه في سياق هذا الجدل أن الإسم العربي للسيدة عائشة، هوإشتقاق دلالي من أصل كنعاني(ءيشه) ومعناه " إمرأة " وهو من أسماء الأم "حواء" لهذا تكنى السيدة عائشة " بأم المؤمنين" وهي أم منظومة الحديث الإسلامي، وبهذه اللفتة أرجو النظر إلى رمزية الحدث التاريخي، والخروج من حالة التجسيد المبتذل للتاريخ.
هوامش
أما السيد إسلام بحيرى فكان منهمكا في إستنساخ معلومات شانافاك ونهب محتوياتها بدون رحمة ( يمكن مقارنه النصين كما وردا في الرابطين أعلاه ) وكي لا أطيل عليكم، أرجو من الباحث ( الذي لم يبحث قط) أن يذيّل مقالته بجملة إضافية تقول: قمت بالترجمة والإقتباس عن ت.و. شانافاس. وبهذا يكون قد إحترم نفسه وإحترم من يكتب إليهم وإحترم حقوق الآخرين.
ملاحظات:
1ـ إذا كان الإحتيال والنصب هو سمة لعصر الإنترنت، فمابالك بالأزمنة الضبابية للتاريخ.
2ـ أو لفت الإنتباه في سياق هذا الجدل أن الإسم العربي للسيدة عائشة، هوإشتقاق دلالي من أصل كنعاني(ءيشه) ومعناه " إمرأة " وهو من أسماء الأم "حواء" لهذا تكنى السيدة عائشة " بأم المؤمنين" وهي أم منظومة الحديث الإسلامي، وبهذه اللفتة أرجو النظر إلى رمزية الحدث التاريخي، والخروج من حالة التجسيد المبتذل للتاريخ.
هوامش
الاثنين، 16 مارس 2015
العلم المطلوب في ..الحديث المقصود بقلم صديقي الاستاذ موح دامو
زمرة فقهاء الظلام وطوائف الشعوذة الاصولية ،تنكر صحته وتشن عليه حرب الالغاء
اطلبوا العلم ولو بالصين، او .. الحديث النبوي الشريف المفترى عليه
حمدان الجعدي
*الحديث الذي أغنت حكمته عن سيوف المحاربين وجيوش الفاتحين ،وقاد الدعوة الإسلامية في ماليزيا واندونيسيا وجنوب بحر الصين
*السر الكامن وراء الدعوة التي وجهها النبي العربي الكريم الى قومه لطلب العلم في ربوع الصين ودوافع وأهداف نكرانه والتشكيك فيه..
*الصين في عهد انتصار النبي العظيم ،ولاية الامبراطور الحكيم وتزامن ازدهار حضارتها العلمية والصناعية مع فجر الاسلام..
ليس
غريبا ان تعمد الزمر الاصولية والسلفية الى الاعتداء على اشهر حديث نبوي
شريف ،والاكثر تداولا بين الناس ،والمعروف بدعوته الى طلب العلم التطبيقي
الحقيقي :"اطلبوا العلم ولو بالصين"، فالزمر اياها ،تدعي لنفسها صحوة بعد
نهضة ،الامر الذي يعني في عرف الملل والنحل ،غربلة كل الموروث الاسلامي
،وشيطنة ما فيه من نصوص تعليمية انسانية وحضارية ،لا تتلاءم والشعوذة
المنتهجة من طرف فقهاء الظلام ،والتي من شانها تيسير خطتهم الجهنمية
الرامية الى افراغ العقيدة الاسلامية من مضمونها الانساني والحضاري،
والثوري التحديثي المبهر.
ويبدو
ان فقهاء الوهابية واضرابهم من شيوخ الاصولية المتزمتة ،يجدون كبير الحرج
في سماع الحديث الشريف "اطلبوا العلم ولو بالصين" ،وعلى هذا راح غلاتهم من
المفسرين والمصححين ،يجهدون النفس في رفضه والحكم عليه بالضعف ،وبكونه من
الاقوال المتداولة بين العرب في اسفار الحكمة على احسن تقدير ،وبتحريم
العمل به على اعتباره موضوعا لا اساس له من الصحة ،رغم ان اسناده الى كبار
الصحابة الذين يعتبرون مصادر ثقة في رواية اسفار السيرة النبوية والحديث
الشريف.
الحرب على الموروث الحضاري
الشيخ الالباني ،وهو واحد من عشرات ،حكم على الحديث المنقول عن انس بن مالك ،بانه موضوع ،وانكره
جملة وتفصيلا في كتابه "ضعيف الجامع"، واستعاض عنه بحديث منقول عن بن ماجة
:"طلب العلم فريضة على كل مسلم" ،واضاف : "ان المقصود بالعلم هنا هو العلم
الشرعي". وواضح ان رأس العلم والصين معا ،هو المطلوب ،بحيث لا مجال لان
يفكر المسلم في طلب العلم وهو علم شرعي حكما من بلد كافر ،وخاصة اذا كان
اسمه الصين. ولسنا بحاجة لان نزيد عما اورده وحكم به الالباني ،فقد توالت
بقية الاحكام على ذات المنوال ،اي شيطنة الحديث والصين معا ،والتأكيد على
جملة دعاوى يستقيم بها المقام على ان العلم لا يكون إلاَ شرعيا ،وبالتالي
،مقصورا على فقهاء الزمر الاصولية دون غيرهم.
عصب
"العلماء" التي حاضت وباضت ما طاب لها من الفتاوى المسيئة للعقيدة
المحمدية السمحاء ،حتى اصبح المسلم محل شك وتشكيك بين الامم في كل اصقاع
الارض ،لم تكتف بما جادت به قريحتها الجهنمية في هذا المجال فحسب ،بل
تجاوزته الى "تصفية" النصوص القديمة من الصحيح البين فيها لصالح دعم زيفها
،وذلك بإسقاط وتشويه كل نص يعترض او يناقض مشروعها ،على هذا سنكتف في هذا
المجال بذكر مثل شهير يسهل فهمه واستيعابه على المسلم البسيط، ونقصد به
الحديث الشريف الذي يقول :" اطلبوا العلم ولو بالصين "،هذا الحديث الذي
اثار غضب وامتعاض العصب الاصولية الزاحفة على عقل وحياة الناس ،كما يزحف
الفيروس الطفيلي العنيد على جسد وحياة الكائنات الحية التي من غير جنسه،
اما طفيليات الاصولية فهي تستسيغ اكثر، نهش عقل وافئدة بني البشر وتحديدا
ابناء جلدتها من التقاة والمؤمنين السذج، والعاطفيين المتمسكين بصواب دينهم
وسلامة دنياهم ،و... واملهم في الاخرة كبير.
تصفية وتنكيل بجامع الحديث
الجديد
في هذا المجال ،هو اضافة جملة اشبه ما تكون بالهامش الذي ياتي عادة في
سياق الخطاب لتوضيح المعنى ،وهو "فان طلب العلم فريضة على كل مسلم"،ومن ثم
يلحق الهامش بالنص الاصلي فيصبح الحديث في صيغته الجديدة "اطلبوا العلم ولو
في الصين ،فان طلب العلم فريضة على كل مسلم"، بعد هذا جاء تطور جديد في
الموقف ، ليصبح رفضا قاطعا لهذا الحديث ،وجرى الحكم عليه زورا وبهتانا بانه
"حديث ضعيف" ،وليصار بعدها الى القول انه "موضوع"،ثم الادعاء انه "قول
مأثور"، واخيرا جرى رفضه وتحريم العمل به ،او ذكر نسبته الى النبي العربي ،تحت طائلة الكفر ..الخ.
ترى كيف وصلت الامور بالملل والنحل الى هذه الدرجة من العدوانية ضد الحديث المذكور؟.
تذكر
معظم مصادر الحديث الشريف ، النص العظيم الاهمية والمذكور آنفا:" اطلب
العلم ولو بالصين "، وتزعم بعض تفاسير هذا الحديث انه مبني على المبالغة
"ولو في الصين "،على سبيل التحريض لطلب العلم ،بمعنى ان الصين التي لم يكن
من الوارد
الوصول اليها ،لمجرد طلب العلم ،اوردها النبي بهذه الصيغة تحريضا ودفعا
لقومه في هذا الاتجاه أي :طلب العلم الحقيقي ،الذي تسهم انجازات تطبيقاته
في تحسين حياة الناس ورفد الحضارة الانسانية بالاكتشافات المذهلة التي
حققتها فروع العلوم التطبيقية والانسانية، والتي كانت الصين وقتذاك رائدتها
بدون منازع ،كما عرفت واشتهرت به في عهد النبي (ص)، الذي صادف العهد
الزاهر للإمبراطور تاي تزونغ.
النهضة الصينية و..فجر الاسلام
والحقيقة
ان لصين البعيدة جدا، كانت صناعاتها تصل بالبواخر الشراعية الضخمة الى
سواحل الهند والسند والخليج العربي ،وبالتالي لم يكن الوصول اليها ضربا من
المستحيل كما روَج فقهاء الظلام ،ولا كان ناسها كفارا
ظالمين ،بل كانوا يهتدون بهدي وحكمة فيلسوفهم الشهير كنفوشيوس وليس كما
تدَعي العصب الاصولية، وبالتالي فانه من المعقول جدا ان يتوجه المسلم دون
خوف الى هذا البلد المجهول ،وحيدا ،اعزلا ، لطلب المعرفة والحكمة والعلم
، فالرخصة التي منحها النبي لامته ،تقول لهم اسعوا بكل الجهود الممكنة ولا
تترددوا في سبيل الغاية الاعظم ،اكتساب الخبرة والتجربة والعلم الغزير
،ليس من الهند والسند القريبتين فحسب ،بل ومن الصين البعيدة ايضا وخاصة.
وعلى هذا، فان الحكمة السديدة
تقتضي منا بداية التعامل مع النص الوارد في الحديث الشريف ،في كل الوجوه
،وليس على وجه واحد سبق ان رسمه المفسرون وفقهاء الظلام الذين ادعوا الصحوة
الاسلامية بغرض مصادرة العقيدة والتحكم في مقاصد الدين ،بحيث لم يعد هناك
من مجال لمناقشتهم بطريقة علمية لا تنكر الحديث ،بل تقوم بقراءة اكثر
واقعية للنص ،دون تأويل مغرض او احكام مسبقة ،لكي نصل الى نتيجة منطقية،
تفضي الى وجهة نظر معاصرة وهي تمتلك من القوة الكفيلة بان ترجح صوابها او
تجعلها الاقرب الى الصواب.
حكمة الحديث ..المفترى عليه
بداية
دعونا نعود الى تأريخ القضية ، ورصد الظروف التي واكبتها ،بمعنى التاريخ
المنطقي لصدور الحديث عن النبي ،والوضع الذي قيل فيه ،وحال العالم وقتئذ
،وبشكل خاص ،حال الصين ،والهند ،وفارس ،باعتبار ان المرور الى الصين لا بد
وان يمر عبر هذين المصرين الاخيرين ،الهند وفارس..
لأجل
هذا يجب ان نثق اكثر في ابائنا وجدودنا ،وبشكل اخص في نبينا ومقدرته على
الرؤية الصائبة والدعوة المخلصة لشعبه وامته ،بشكل مباشر لا التواء فيه،
ولا يحتاج كلامه الى تأويل او تفسير مفسر من هذا الزمان ،يسعى الى مخاطبة
الناس بلغتهم وليس بلهجة الفقهاء الذين سطوا ظلما وعدونا على لقب "عالم"،
دون وجهة حق ،اللهم إلا الرغبة في اللعب على مزاج المؤمن واستغلال عاطفته
ظلما وعدوانا ،عبر الفتاوى المسيئة التي الحقت العار بالمؤمن والضرر البالغ
بعقيدة المسلم التقي المسالم ،فحولته الى غول مخيف في نظر القاصي والداني.
بالنظر
الى الموضوع العملي لهذا الحديث الشريف ،فان المرجح ان يكون قد صدر عن
النبي (ص)،في الفترة المدنية الاولى او المكية الثانية التي تلت فتح مكة
،في عام 632 ميلادية وهي نفس السنة التي توفي فيها النبي (ص) ،ترى كيف كانت
الصين وقتذاك وما الذي كان يميزها في مجالات العلوم والفنون وشؤون السياسة
،وهي المواضيع التي كانت مثار اهتمام النبي وصحابته وهم يؤسسون لبناء نظام
عصري جديد يقوم على اواصر العدل والعلم والمعرفة الحقة؟.
النبي و..الامبراطور الحكيم
لنعد الى ربوع الصين في هذه الفترة المتميزة من تاريخها الحافل ،تاريخ غير خفي على نبي يسعى جهده للتأسيس لدين جديد ،ولدولة
قوية تقوم على قواعد العلم الصحيح والمعرفة الحقة التي لا تناقض طبيعة
الحياة ولا تغرق في غيبيات الاقوال التي لا تواكب الافعال. ولنلحظ ان العصر
كان عصر الصين الذهبي بامتياز، الذي تعزى اليه نهضة الصين الكبرى بفضل
عوامل حضارية تجسدت في عبقرية امبراطور من اعظم اباطرة الصين ان لم يكن
اعظمهم على الاطلاق ،وهو تاي تزونع خلفا لوالده موحد الصين وبانيها بعد
انكسار ،ومؤسس الاسرة الثالثة عشرة التي حكمت الصين طيلة ثلاثة قرون
متتالية ، ،والذي تنازل طواعية عن العرش لابنه بعد ان اشتد عوده، فحكمها
تاي من عام 627 على مدى ثلاث وعشرين سنة كاملة ،اظهر فيها كفاية عسكرية
وتنظيمية تذكرنا ببعض خصال النبي العربي واسلوب ادارة شؤون امته التي يجدر
بنا الرجوع اليها لتفقّد اوجه الشبه والمقارنة ،فقد رد هجمات القبائل
الهمجية ،واخضع الاقاليم المجاورة لمركز دولته، وبعد ان انتهى من حروبه عاد
الى عاصمة ملكه وانبرى للاعمال السلمية ،قرأ مؤلفات فيلسوف الصين
كونفوشيوس مرات عديدة ،وامر بنشرها على نطاق واسع ،وكان يقول :" انك إذا
استعنت بمرآة ،فقد تستطيع تعديل قلنسوتك على رأسك ،أمَا في حال اتخذت
الماضي مرآة لك فقد تستطيع ان تتنبأ بقيام الامبراطوريات وزوالها ".وقد رفض
كل اسباب الترف ،حتى انه أخرج من قصره ثلاثة آلاف جارية جيء بهن لتسليته.
وردا على وزرائه الذين اشاروا عليه بسن قوانين صارمة لقمع الجرائم ،اجاب : "
انني اذا انقصت نفقات المعيشة ،وخففت اعباء الضرائب ،ولم استعن إلاَ
بالامناء من الموظفين ،حتى يحصل الناس على كفايتهم من الكساء والغذاء ،كان
لكل هذا اثر في منع الجرائم أعظم من اقسى ضروب العقاب ".
عباب البحر و..طريق الحرير
لقد
سر الامبراطور لنجاح خططه في تكريس السلم الاجتماعي ،فأقر على اثر ذلك
قانونا يقضي بألاَ يصادق على حكم بالاعدام إلاَ بعد ان يصوم ثلاثة ايام
متتالية ،وقد عمل على فتح حدود بلاده لخروج مواطنيه بكل حرية ولاستقبال
الزوار الاجانب من مختلف الاقوام واتباع مختلف الاديان المعروفة في ذلك
الوقت: البوذية، الزرديشتية، والمسيحية النسطورية ..وكان الامبراطور يرحب
بهم ويبسط عليهم حمايته ،فمهد عهده السبيل امام اعظم عصور الصين خلقا
وابداعا ،ونعمت بلاده بالسلم واستقرار الحكم ،وراحت تصدر منتوجاتها التي
زادت عن حاجتها من توابل ، وارز ،وذرة ،تنتجها حقول تمتد على طول البصر
،وحرير تنتجه مصانع تستخدم مائة الف عامل ، ..الى شواطئ المحيط الهندي والخليج العربي بواسطة اسطول من البواخر العصرية ،هي الاكبر و الاحدث في عالم ذلك الزمان..
وعلى
هذا تكون الصين في عهد النبي الذي تزامن مع حكم الامبراطور تاي ،مشعلا
حضاريا حقيقيا ،تشع حضارتها بمبادئ واخلاق الانسان المتحضر ،المتسامح
،المبدع، المبتكر ،الذي يعتمد على العقل والفكر في تطوير فنونه علومه
التطبيقية بمختلف مجالات الزراعة والصناعة ،ويمخر عباب البحار والمحيطات
ليتواصل مع بني جنسه للتجارة واقامة الروابط السلمية مع امم الارض قاطبة
،دون نوازع عدوانية او ميول حربية من طرفه ،حتى وهو القوي القادر المتمكن
،والمهيب المنيع.
الحديث الشريف و..دعوة السلام
وبالرجوع
الى اسفار التاريخ ،يتضح ان المسلمين الاوائل اخذوا بنصيحة النبي وعملوا
بامره الذي نص عليه الحديث الشريف ،فكانت لهم دولة بعمر دولة اسرة تانغ
،الذي امتد ثلاثة قرون كاملة ،على الاهم من ذلك كله ان العمل بحكمة الحديث
الشريف لم تتوقف يوما ،فقد استفاد العرب المسلمون من طريق الحرير الذي اعاد
فتحه الامبراطور تاي تزونغ ،فتنقلوا عبره الى الصين واستمروا في توسيع
مجال تنقلاتهم جنوبا ،حتى ماليزيا واندونيسا ،وهي الجزر التي تشكل اليوم
اكبر دولة اسلامية على وجه الارض ،قامت وازدهرت دون حاجة لسيوف المحاربين
،وخطط الفاتحين ،وقد اصبحت رائدة في عصرنا هذا ،وستبقى كذلك ،ما لم تنخرها
دعاوى فقهاء الصحوة الاصولية، التي لا تخفي غيظها من حكمة الحديث الشريف
الداعي الى طلب العلم ولو بالصين.
المعروف
ان العرب نقلوا الكثير من المعارف المفيدة من مواطنها الاصلية في الهند
والصين وجوارهما ،وقاموا بدورهم في تطويرها والاضافة اليها قبل ان يتعرف
عليها العالم الغربي واروبا تحديدا ،التي سارعت الى اخذها عنهم قبل
ان الاطلاع على اصلها الصيني او الهندي ..،ومن ذلك الارقام العربية بعد
اضافة الصفر اليها ،علوم الحركة والجبر ..،صناعة الورق والفخار
والخزف..وغيرها من الصنائع والعلوم ،مما يطول سرده في هذا المقام.
ان
الانجازات التي تمت على ايدي العرب المسلمين في اسيا ،بفضل تمسكهم بحكمة
الحديث الشريف الذي نصحهم به النبي (ص) ،تدعو للتامل والتروي ،امام ادعاءات
الزمر الاصولية ،فطريق العمل السلمي كما تبين لنا في هذا الخصوص ،قد حقق
الحضور الحضاري للاسلام واثبت كونية الدين الاسلامي ،خلافا لدعوات الكراهية
والحقد والمقت التي تعمل على نشرها قطعان الاصولية المتوحشة ،عملا بفتاوى
الدمار الصحووي ،وفقهاء الظلام
الأحد، 15 مارس 2015
عقدة الشرف لدى الرجل العربي..
أنا أعلم أني أطرق موضوعا فيه من
الحساسية الشيء الكثير، خصوصا لدى المتلقي العربي، لكن هذه الحساسية لن
تزول أبدا إذا بقي هذا الموضوع طي الكتمان! فلنخرج، إذن، هذا الملف من
الدرج، ولنناقش هذا الموضوع بعيدا عن أية حساسية مفرطة! سأبين وجهة نظري
حول هذا الموضوع من خلال هذا التساؤل: ما معنى أن تكون امرأة ما "شريفة"
حسب عقلية الرجل الشرقي، وما هي الأمور التي تترتب على هذا المعنى؟ للإجابة
على هذا التساؤل ينبغي لنا أولا أن نعارض بين مفهومين مختلفين للشرف، و
أعني بهما "شرف الرجل" و "شرف المرأة" حسب الثقافة الشرقية، أو العربية
تحديدا. عندما يقال "فلان شريف"، فإن المعنى هنا يقودنا إلى صفات إيجابية
مثل الكرم و المروءة و الشهامة و
الوفاء، إلخ، أي إلى صفات معنوية في
مجملها! لكن ماذا تعني العقلية العربية تحديدا عندما تقول أن "فلانة
شريفة"؟ أكاد أجزم أن المعنى هنا ينحصر في الجانب المادي فقط، أي بجسد
المرأة و حواسها الخمس، ولا شيء غير ذلك! نأتي الآن إلى الشق الثاني من
التشاؤل الذي طرحناه منذ قليل لنؤكد على أن ما يترتب على هذا المعنى
"المادي" لشرف المرأة هو ظلم واضح تجاه المرأة بصفة عامة! إن عملية ربط شرف
المرأة بجسدها تعني أولا أن المرأة لا سلطة لها على جسدها، و تعني ثانيا
"تشييء" المرأة، أي أنها أقرب إلى الجماد منها إلى الكائنات الحية!، و تعني
ثالثا أن المرأة، إذا ما قورنت بالرجل، أقل مسؤولية و أدنى منزلة! أليس من
الظلم بل من العار أن نغض الطرف عن تلك الحشود الذكورية الماجنة التي
تسافر في كل صيف لتعربد و تفجر، بينما نرفع أصواتنا بكل وقاحة كي ندين
ابتسامة إعجاب من فتاة لشاب؟! سوف يقول نفر منكم أني أدعو إلى الانحلال
الأخلاقي! لماذا أدعو إليه وهو موجود أصلا؟! نعم...إنه لواقع، شئتم أم
أبيتم!! لكنه واقع من صنع أيديكم، من صنعكم أنتم يا من تفرحون لزواج
"الأنثى" لا لأن مناسبة الزواج تستدعي الابتهاج بل لأن مسؤولية "حماية
جسدها" طوال سنين عديدة قد انزاحت أخيرا عن ظهوركم!!! إنها مسؤوليتكم أنتم
يا من لا ترون في المرأة سوى موضوع للشهوة و لا ترون في أنفسكم سوى ذئاب
جائعة!!! إنه لمن الحماقة و الجهل أن نعادي و نقمع كل علاقة بين شاب و فتاة
تتم في وضح النهار و على مرأى من كل الناس، و نتجاهل في المقابل السبب
وراء تلك العلاقات التي تتم في جنح الظلام و كل ما ينتج عنها من كذب و نفاق
و عهر!!! لكن لا غرابة، فهذه سمة المجتمعات البرجوازية البغيضة و
المنافقة، فكل ما يطفو على السطح يجب أن يكون ناصع البياض، أما هناك في
الأعماق فلا يهم ما لون الصخور!!!..... موضوع مقتبسالأربعاء، 11 مارس 2015
تحولات الإسلام الجزائري ومفعول الحداثة الكولونيالية ..... بقلم راجعي يوسف ...موقع مؤمنون بلا حدود
ستحاول هذه الورقة عرض تطور أشكال التدين
عبر المراحل التي مرت بها الجزائر من المرحلة الما قبل كولونيالية إلى
الجزائر المستعمرة الفرنسي ةوصولا إلى الجزائر المستقلة. وسنبين كيف أن
الإسلام الجزائري تطور من شكله الريفي التقليدي الطرائقي والصوفي إلى شكل
حضري إصلاحي بفعل التغيرات البنيوية التي أحدثتها صدمة الحداثة الغربية
بوجهها الكولونيالي. وسنرى كيف أن الإسلام الريفي ازداد تراجعا بفعل مفاعل
التحديث الاشتراكي في الجزائر ما بعد الكولونيالية لصالح الإسلام الإصلاحي
الذي أصبح إسلاما رسميا، وفي الأخير سنبين كيف عاد الإسلام الديني والثقافي
الريفي وبقي مقاوما، وتم الرجوع إليه لما دخلت الجزائر في أزمتها السياسية
والأمنية في سنوات التسعينيات لما تصاعد الإسلام السياسي، ودخل في صراع مع
النخبة الحاكمة، حيث أدى الإسلام الصوفي والطرائقي وظائف متنوعة في سياقات
سياسية وثقافية جديدة.
الأسئلة:
ماهي أشكال التدين التاريخي في الجزائر؟
ماهي أشكال التدين في ماقبل الحداثة الاستعمارية؟
كيف تفاعلت أشكال التدين في مواجهة الحداثة؟
ماهي أشكال التدين في الجزائر الكولونيالية؟
ماهو دور الحداثة الاستعمارية في تعدد اشكال التعبير الإسلامي؟
كيف أصبح التدين في الجزائر المستقلة؟
الإجابات:
1.كانت الجزائر الدينية الإسلامية قبل مجئ الاستعمار منقسمة بين إسلام البوادي وإسلام الحواضر.
2.ساهم التحديث الكولونيالي في خلق إسلام إصلاحي حضري ( سلفي وصوفي) وهمش الإسلام الريفي المرابطي.
3.بعد الاستقلال، شجعت الدولة الوطنية
الإسلام الإصىلاحي السلفي الحضري وجعلته تدين الدولة وحاربت الإسلام الصوفي
الريفي والحضري بحجة نزعته المضادة للتحديث الاشتراكي.
4.ومع بداية الأزمة الجزائرية. عادت الدولة للإسلام الصوفي لمواجهة الإسلام السياسي وعاد المثقفون إلى التصوف في زمن مابعد الحداثة.
أشكال الإسلام الجزائري ماقبل الكولونيالي:
قبل مجئ الحداثة الغرببة بشكلها
الكولونيالي بالنسبة للجزائر في 1830 كانت ملامح الإسلام الجزائري تتألف من
ثلاثة أشكال للتعبير الديني: الإسلام الأرثوذكسي الحضري للعلماء والقضاة
في المساجد والمدارس، الإسلام الصوفي من خلال الطرائق والزوايا، وأخيرا
الإسلام الريفي الشعبي البدعي المرتبط بالمرابطين والقباب والأضرحة، حيث
الإسلام الصوفي يشكل جسرا للتواصل بين السنية النخبوية لإسلام العلماء
والبدعية الشعبية لإسلام المرابطين.[1]
كان الإسلام المرابطي
أقدم شكل ديني ريفي في بلاد المغرب، تعود أصوله إلى عهد الموحدين
والمرابطين في القرن العاشر، حيث كان المرابط شخصا محل تقديس في الأوساط
الريفية. والمرابطون كانوا قادة كارزميين محليين ريفيين، اتخذوا من
الرباطات مقرات لأنشطتهم. لم يكن المرابطون سواء كانوا رجالا أو نساء
أشخاصا ذوي تعليم، وكانوا يمضون كثيرا من وقتهم في الأسفار في الأرياف
بعيدا عن الإسلام الأرثوذكسي الحضري في الحواضر الكبرى الذي يمثله العلماء
الفقهاء والقضاة، إسلام المرابطين،وهو التدين الريفي الخاص ببلاد المغرب
غير معروف في الشرق الأوسط.[2]
تأخر الإسلام الصوفي في الظهور في بلاد المغرب إلى غاية القرن 12
م ربما بسبب وجود الإسلام المرابطي الذي كان يستجيب لحاجات سكان البوادي،
حيث إن أقدم شخصية صوفية معروفة لدى المؤرخين هي سيدي بومدين (1126-1190)
الذي أقام في تلمسان ودفن بها[3].ويعود
انتشار التصوف في شمال إفريقيا إلى تلميذه أبي الحسن(بلحسن) الشاذلي
(1196-1256) وتلميذه الجازولي (توفي 1465)، حيث تأسست الطرائق الصوفية
والزوايا التي أخذت مكان الرباطات كأماكن للتعليم والعبادة، وهي في الأصل
أملاك وقفية(حبوس) وتتمول الزوايا من الهبات (الزيارة) والضرائب
الدينية(العشور والزكاة) والعمل الطوعي (الخدمة والتجراد)، كما جاء الإسلام
الصوفي بشكل مدعم ومجدد للإسلام المرابطي الريفي بامتياز.
ومن العوامل التي ساعدت على انتشار
الإسلام الصوفي هو الدور الذي قام به الجازولي (توفي 1465) في نشر الطريقة
الشاذلي، وتبني السعديين في القرن 16 للجازولي كأب روحي
لهم. وتعاظم دور المرابطين كأفراد أو كقادة لطرائق صوفية في فترة التهديدات
المسيحية البرتغالية والإسبانية لسواحل الشمال الإفريقي، حيث برز
المرابطون والصوفيون كقادة للمقاومة العسكرية الشعبية. وبعد ذلك تحولت
مقرات المرابطين والصوفيين الرباطات والزوايا إلى مراكز للسلطة الإدارية
والسياسية المحلية. ومع مجيء الحكومات المركزية مع العثمانيين في الجزائر
وتونس والسعديين في المغرب فيالقرن 16 والعلويين في القرن 17 سعت هذه
الحكومات المركزية إلى إدماج الرباطات والزوايا والطرائق الصوفية في
السلطة، حيث تعذر القضاء عليها. ويبدو أن المرابطين والصوفيين استمروا في
لعب دور الوساطة بالنسبة لمجتمعاتهم المحلية في الأرياف والبوادي مع الحكم
المركزي بعيدا عن الحواضر ومساجدها التي يقودها الفقهاء والقضاة. وشهدت هذه
الفترة ظهور وانتشار أغلب الطرائق الصوفية في المركزية للدايات والبايات
والسلاطين لردع وثني الطموحات العسكرية للمرابطين والصوفيين شمال
أفرقيا.ونظرا لتعاظم الدور العمومي للرباطات والزوايا سعت السلطات.[4]
الشكل الثالث للإسلام هو إسلام الفقهاء والقضاة
الذي ارتبط بالسلطة المركزية في الحواضر الكبرى في المساجد والمدارس هو
إسلام الفقهاء والقضاة، وهو يقدم نفسه على أنه يمثل السنة الصحيحة. ويمكن
وصف خصائص إسلام العلماء والقضاة على أنه نموذج طهري، وحدوي، فرداني، كتابي
لعبادة الإله الواحد الذي أوحى رسالته الأخيرة في نص نهائي يمكن الوصول
إليهمن قبل أي شخص يهتم بقراءته، وهي صيغة تلغي كل وسيط ولا تتطلب وجود
طبقة دينية خاصة اللهم إلا طبقة من المتعلمين يمكنهم أن يحرسوا ويشرحوا
الوحي المنزل، إنها طبقة مفتوحة لجميع من تعلم وليس طائفة مغلقة. في
المقابل، هناك النموذج"الشركي" بلغة علي مراد الذي يسمح بوجود الوسيط، والشفاعة والمبالغة الطقوسية والتعبدية والتراتبية الدينية.[5]
أمام وجود الأشكال الدينية الثلاثة في نفس
الوقت، سيقع صدام وتوتر دينامكي داخل المجتمع المغاربي على المستوى
السياسي والديني تتعارض فيه السلطة المركزية مع السلطات المحلية
والأرثوذكسية الدينية للعلماء الحضريين ضد شعبوية المرابطين.[6]
الإسلام الجزائري في مواجهة الحداثة العسكرية المحتلة:
شكل التواجد الكولونيالي في الشمال
الإفريقي، سواء اتخذ لون الحماية أو الاحتلال كما في الجزائر صدمة كبيرة
وتحديا عظيما تفاعل معه الجزائريون من خلال قادتهم الدينيين، سواء كانوا
مرابطين أو صوفيين أو أئمة مساجد المدن الكبرى بأشكال مختلفة تراوحت من
التقبل والتعاون إلى الرفض والمقاومة.
بالنسبة للإسلام الأرثوذكسي الحضري للعلماء
كانت الإجابة هي التقبل والتعاون خاصة في المغرب وتونس، حيث استمر وجود
الداي والسلطان. أما في حالة الجزائر، حيث انقسم الداي والبايات على أنفسهم
بعد إزاحتهم من السلطة، بعض العلماء فقط رفضوا العدوان العسكري لكن
الأغلبية كان لهم دور سلبي.
بالنسبة للإسلام الطرائقي،الإجابة
عموما كانت هي التقبل والتعاون، حيث كانت الطرائق والزوايا تتمتع
بالاستقلال السياسي والاقتصادي عن السلطة المركزية قبل الاحتلال؛ فكان من
مصلحتهم التعاون وليس تأييد السلطة المركزية المنهارة للعثمانيين.كان هناك
استثناءات، الطريقة السنوسية في ليبيا كانت متحالفة مع العثمانيين، ولهذا
شاركت في مقاومة الإيطاليين.والطريقة القادرية بزعامة الأمير عبد القادر
التي قاومت الفرنسيين.
أما عن الإسلام المرابطي الريفي،
سواء كان ممثلوه أشرافا أو مشايخ طرائق، فعموما كان رد الفعل هوالمقاومة
العسكرية للاحتلال.لقد تم إحياء دور المرابط من القرن العاشر بصفته المجاهد
والمحارب.لكن كان هناك استثناءات، حيث تعاون المرابطون مع المحتلين.لكن
عموما مصدر مقاومة الاحتلال الفرنسي كانت تأتي من القطاع المرابطي للمجتمع
المغاربي أكثر من أي قطاع ديني آخر.الاستثناءات كانت عند الزاوية الحنصالية
في وسط المغرب والمعاينين في الصحراء الغربية، على الرغم من صعوبة التمييز
بين المرابطين والطرائقيين. لكن عموما تحتفظ الذاكرة الشعبية بذكريات
المقاومة المرابطية للاحتلال أكثر إيجابية من مواقف العلماء.[7]
على الرغم من أن الإسلام المرابطي الريفي
كان الأكثر مقاومة للتدخل الفرنسي،إلا أنه سيتهم بعد ذاك، أنه كان الأكثر
تعاونا من قبل ممثلي الإسلام الأرثوذكسي في العشرينيات.هذا الاتهام
الأرثوذكسي للإسلام الريفي بالتعاون مع الاستعمار، سيتحول إلى مبرر أساسي
لقيام الإصلاح الديني في ثلاثينيات القرن العشرين.
مفعول التحديث الكولونيالي على الإسلام الجزائري الريفي:
كان للاستعمار الفرنسي للجزائر انعكاسات
خطيرة على تطور الحياة الدينية في الجزائر، حيث إن التحديث الكولونيالي من
خلال إحداث تغير اجتماعي واقتصادي على حياة الجزائريين، ساهم في إحداث
تغيرات دينية، أهمها تراجع الإسلام الريفي المرابطي ونمو الإسلام الحضري في
شكل حركة الإصلاح الديني في المدن الذي شمل قيام الحركة السلفية في
قسنطينة (ابن باديس)، وكذلك تجدد الحركة الطرائقية في مستغانم (ابن عليوة).
يعكس نشوء حركة الإصلاح الديني التحول من النمط الريفي إلى النمط الحضري
الذي اعتبره إرنست جلنر الواقعة الأساسية في تاريخ شمال إفريقيا.[8]
كانت التغيرات البنيوية التي أحدثها
احتلال الجزائر سنة 1830 سببت اختلالات وظيفية للطرائق والزوايا في الجزائر
وفي شمال إفريقيا عامة، تطلبت القيام بإصلاحات مؤسساتية. مع مجيء
الاحتلال، فقدت الزوايا وظائفها التقليدية التي كانت تتمثل في دور الوساطة
بين القبائل والحكومة المركزية (الأتراك، السعديين في القرن 16 ...)،
والتحكيم في النزاعات القبلية، وفقدت دور الضبط في مجتمعات لم تكن تخضع
لسيطرة الحكومة المركزية. فمع مجيء حكومة مركزية قوية ومتوسعة مع الفرنسيين
أصبحت الطرائق الصوفية بدون عمل (جلنر )(.
كما فقدت الزوايا وظيفة تقديم الخدمات
للمسافرين مع تحديث وسائل النقل الذي قلل من أهمية الزوايا كأماكن للإقامة.
كما أسهم انتشار التعليم الحديث في تراجع الدور التعليمي للزوايا، وشكلت
حركة الهجرة إلى المدن العامل الأساسي في تراجع الإسلام الريفي في شكله
المرابطي والطرائقي لصالح نمو الإسلام الحضري.[9]
رغم التحديث الذي شهدته المجتمعات
المغاربية، استمرت ممارسات التدين الريفي المتعلق بالمرابطين، كالاحتفالات
السنوية(المواسم) بالمرابطين المحليين، وزيارات المرابطين يؤدي وظائف
اجتماعية متنوعة علاجية وغيرها.[10]
وعلى الرغم منهذه التغيرات، استمر الإسلام
الطرائقي في الحضور بأشكال متنوعة.في الجزائر وتونس رغم أن الطرائق
الصوفية فقدت سلطتها السياسية والاقتصادية، إلا أنه مازال لديها الأتباع في
المغرب، الطرائق الكبرى التيجانية والوزانية والدرقاوية تكيفت مع العالم
الحديث، وأصبح كبار أعضائها أفرادا مهمين في البنيات الاقتصادية والتجارية
الجديدة.أما الطرائق الصوفية الأكثر شعبوية التي تتضمن عناصر بدعية من تراث
جنوب الصحراء، مثل الحمداشية وقناوة وعيساوة فبقيت مهمة فقط في المناطق
الفقيرة في المدن الكبرى.[11]
الحرب ضدالإسلام الطرائقي في الجزائر المستقلة:
لعب الإسلام في الجزائر المستقلة أدوارا
عمومية خطيرة. من جهة، شكل الخلفية الدينية لسياسات حكومات ابن بلة وبومدين
تجاه الاقتصاد والثقافة والدين. وكان الإسلام في طبعته الإصلاحية كما يعبر
عنها رجالات جمعية العلماء يمثل شكل الإسلام المفضل الذي اعتبر دين الدولة
دستوريا. لكن من جهة أخرى،شكل الإسلام إطارا للتعبير عن رفض ومقاومة
الثورة التحديثية الراديكالية التي فرضت على المجتمع الجزائري، سواء عبر
عنه ممثلو الإسلام الطرائقي بشكل علني(الطريقة العلوية) أو استمر في
التعبير عن نفسه من خلال استمرارية الممارسات المرابطية الريفية أوفي شكل
مقاومة ثقافية للعمال والفلاحين.
إضافة إلى الحملات الدينية الدعائية لصالح
الاشتراكية، شنت حكومة بن بلة حملة دينية أخرى مضادة لممارسات الإسلام
المرابطي الريفي والطرائقي. كان ابن بلة هو من أعطى إشارة انطلاق الحملة ضد
الإسلام الريفي والطرائقي من موسكو في مايو1964، حيث أدلى ابن بلة
بتصريحات تحريضية قائلا: "نحن نشن حملة ناجحة ضد التخلف، الشعوذة، وضد
الأفكار الرجعية والمحافظة".وانطلاقا من تصريحات ابن بلة شنت الصحافة
الوطنية الرسمية في صيف 64 حملة ضد الإسلام الطرائقي والريفي. صحيفة النصر
الرسمية والجهوية في عدد 15 مايو 1964 وجهت انتقادا لمظاهر احتفال شعبي
يقام سنويا بعين مليلة بزاوية مرتبطة بولي صالح معروف في المنطقة من حيث إن
الاحتفال يخالف الإسلام والمبادئ الثورية في نظر الصحيفة. صحيفة المجاهد
في عددها ليوم 18 يونيو 1964 انتقدت انتشار الزوايا والطرائق الصوفية في
تيارت.[12]
وتوجت الحملة ضد الطرائق الصوفية في
الجزائر بإصدار مرسوم في22 سبتمبر1964 صاغه توفيق المدني وزير الأوقاف
ووقعه ابن بله يقضي بتأميم الميـراث العقاري للزاويا في الجزائر. لكن رد
الفعل من قبل الحاج مهدي بن تونس شيخ الطريقة العلوية بمستغانم وتحركه
الفردي ضد المرسوم انتهى بإلغائه من قبل ابن بلة.[13]
ومع مجيء بومدين للسلطة، ستتعزز هذه
التوجهات الأساسية بشكل أكثر راديكالية وعنفا. سيتقوى الاتجاه الإصلاحي في
مؤسسات الدولة إلى درجة تطابق خطاب الدولة مع الخطاب الإصلاحي. وسيتولى
الإصلاحيون الدفاع الديني عن المشروع التحديثي الراديكالي لبومدين. وسيضعف
بشكل كبير الاتجاه الطرائقي ويتم محاربته من قبل الإصلاحيين بوسائل الدولة
بحجة أنه يؤخر المجتمع للحاق بالحداثة، كما يستمر تهميش واحتقار الممارسات
الدينية الشعبية للنساء والرجال في المدن والأرياف بصفتها بقايا ثقافة
دينية منحطة وبدعية تخالف الإسلام وتعارض التنمية.
استخدم الإسلام في معركة" التنمية" ضد"
التخلف"، في تبريرالتأميمات والحد من الملكية الزراعية، كما وظف في معركة
مصنع الحجار. وسيتم توظيفه في معركة ثقافية ودينية أخرى هذه المرة ضد
الموروث الثقافي والديني الجزائري وممثليه المرابطين والطرائقيين.المعركة
الجديدة هي معركة السنة ضد البدعة (إذا استخدمنا لغة متحيزة).
أصبح التقليد الثقافي يوصف عند مولود قاسم
بأنه تقليد"جامد، خامد، هامد آلي وأعمى.ومن هنا يتم التنديد بالفلكلور
ومظاهره"الولائم والزرد على الجنائز، أو قبل الذهاب إلى الحج، وبعد الرجوع
إليه، وفي الأعراس، واحتفالات الختان، أعياد الميلاد.
ومن الهجوم على الفولكلور ينتقل إلى
الهجوم على ممارسات الإسلام المرابطي ويخرجها من دائرة التراث الجزائري
الذي يستحق العناية الرسمية بأسلوب أدبي فيتساءل "وهل من التراث تلك
الدرابيك حول المزارات التي يتزاحم فيها مثل البازارات، من سيدي عمار أو
سيدي زمار، في زوايا تشبه حانة خمار، وتجازي الإسلام جزاء سنمار، وما يصاحب
ذلك من اختلاط وحيوانية، وشهوات وحركات بهلوانية.[14]
ثم يشن الهجوم على الإسلام الطرائقي واصفا اياه بالدروشة القديمة والخرافة[15].ويتهم
الصوفيون أنهم يشجعون أخلاق الرهبانية والكسل في حين أن الإسلام " ليس دين
الرهبانية، بل دين العمل والكفاح، والإنجازات والإنتاج في كل الميادين. ثم
يعتبر أن الصوفيين المشهورين بكتاباتهم الفلسفية والأدبية"، أمثال:ابن
عربي، ابن الفارض، الحلاج، الرومي، الدجوي أوالحجوي، عفيف الدين التلمساني،
....كلهم بنسب متفاوتة، دراويش ضروا الأمة الإسلامية، وجروها إلى ماهي
عليه اليوم، أولئك الدراويش الذين يدعون بالصوفية".[16]
ووصف الإسلام الطرائقي بالمرض الذي يعاني
منه الإسلام؛ ففي حواره مع مجلة المجاهد الأسبوعية الصادرة في 25 /2/77 صرح
الوزير مولود قاسم أن"الطرائقية داء من الأدواء التي عانى منها العالم
الإسلامي...ولعبت الشطحات الصوفية وغير الصوفية دورا بالغ السلبية في
التعجيل بانهيار العالم الإسلامي، كما كانت معولا من معول الهدم لما تبقى
له من طاقة حيوية، عند قدوم الاستدمار الفرنسي". ويضيف أخيرا "وقد حاربهم
عبد الحميد بن باديس ورفاقه. ونستطيع أن نقول بأننا في الجزائر ربما نجحنا
في هذا الجانب أكثر من أي بلد إسلامي آخر.وإن كان هذا المرض لم يستأصل
تماما، مما يجعله بين حين وآخر يطفو على السطح.وينبغي أن نعترف بأننا نرى
بوادر ظهوره من جديد بين آونة وأخرى في الجزائر، حيث نقاوم هذه الشطحات
رسميا بمختلف الوسائل...".[17]
هكذا تتحول الثورة الثقافية إلى ثورة
دينية ضد الإسلام المرابطي والطرائقي، فبعد أن كان الإسلام المرابطي
والطرائقي مصدر المقاومة والحفاظ على الثقافة والهوية الجزائرية تحول إلى
مصدر للأمراض والانحطاط والتدهور يجب محاربته في الخطاب الرسمي. شاركت
الصحافة الرسمية في هذه المعركة الدينية ضد الإسلام الطرائقي. فشنت صحيفة
المجاهد(20 يوليو1968) حملة ضد الزاوية العلوية بمستغانم وصفت الطريقة
العلوية أنها حركة رجعية وعميلة للقوى الأجنبية، وتسعى لتشيكل "دولة داخل
الدولة" وعنون المقال في المجاهد ب"العلويين أو إسلام رجال الأعمال". وفي
1969 تمنع السلطات في مستغانم المسيرة الاحتفالية السنوية التي تقيمها
الزاوية، والتي تجوب وسط المدينة بمناسبة المولد النبوي الشريف. وفي1970
يتم اعتقال الحاج المهدي بن تونس، ويتم حجز كل ممتلكات الزاوية ووضع المهدي
بن تونس تحت الإقامة الجبرية بعيدا عن مدينته.[18]
لقد انصدم العديد من الباحثين للتحول الجذري الذي وقع في الجزائر تجاه الإسلام الريفي.وعبر ارنست جلنر
عن دهشته بعبارات بليغة، حيث كتب أنه"من المحتمل أنه لم يوجد أي بلد مسلم
ارتبط الناس فيه كلية بالأولياء الصالحين الريفيين مثلما كان الحال في
جزائر القرن التاسع عشر، وفي نفس الوقت لم يكن هناك أي بلد ناهض الأولياء
الصالحين بعنف، مثلما فعلت الجزائر من بعد ذلك.[19]
الحرب الدينية والثقافية ضد الإسلام
الريفي والطرائقي هي جزء من التاريخ الديني المعاصر للمغرب الكبير الذي هو
تاريخ الالتقاء الطويل والصعب بين إسلام الناس العاديين وإسلام العلماء
الإصلاحيين[20].الحرب
الإصلاحية ضد المرابطين والطرائقيين هي المظهر الديني لمعركة التحديث
الاشتراكي الراديكالي، حيث ظهرت قوة الارتباط ببن الإسلام الإصلاحي السلفي
والتحديث، والذي كان يحتاج إلى تفسير سوسيولوجي.
حسب ارنست جلنر الجواب
يكمن في طبيعة الأخلاق التي يدعو لها الإصلاح الديني ونوع السلوكات التي
يتطلبها التحديث؛ فكلاهما يشجع أخلاق الانضباط السلوكي، وهي نوع الأخلاق
الغائبة في الإسلام الريفي في نظر جلنر "الإسلام الريفي
والقبلي يمكن ألا يتلاءم مع الانضباط الذي يفرضه التنظيم الاجتماعي الحديث
لكن الإسلام الطهري الإصلاحي بطبيعته الانضباطية الذي يؤكد على الانضباط في
أداء الصلوات والصيام ويحرض ضد الممارسات الاحتفالية الشعبية يلائم
ويشجعأكثر الصفات المطلوبة في العامل الصناعي. إنهم يعلمونه الخضوع للقواعد
و ينفرونه من تقديم الهبات عند زيارة الأضرحة.[21]
انتصار الإسلام الريفي على الحداثة الاشتراكية:
كانت عملية التحديث التي خضعت لها الجزائر
المستقلة عملية قوية مقارنة بالمجتمعات الإسلامية الأخرى. لقد كان للتحديث
الاشتراكي الراديكالي والثورة الدينية التي قام بها الإصلاحيون ضد الإسلام
الريفي في الجزائر نتائج ثقافية ورمزية خطيرة، وصفها أركون بالتفكك الرمزي.[22]
في نظر أركون كانت نتيجة التحديث المادي والديني للجزائر من خلال ما سماه أركون
بتأميم الإسلام هو تفكيك الانسجام الرمزي والدلالي بين الإسلام والمجتمع
الجزائري " أن الإسلام كتعبير ثقافي اندمج مع قيم وبنية نظام التضامن
والإنتاج والتبادل الموجودة المجتمعات. لكن مع فرض تحديث مادي راديكالي على
المجتمعات التقليدية وتأميم الإسلام في الجزائر تم تفكيك العالم الرمزي
والدلالي لهذه المجتمعات.[23]
أظهرت دراسة فاني كولونا
عن منطقة الأوراس، كيف أنالإصلاح الديني الذي انتشر بين 1920 و1940 في هذه
المنطقة جعل من أهدافه تحطيم اللغات والثقافات الشعبية، فرض اللغة العربية
الكلاسيكية كلغة وحيدة وإبعاد أي بعد عاطفي في الطقوس الدينية، بكلمة
واحدة كان نوعا من الإصلاح المضاد التوحيدي الذي شكل البنية المعرفية
الشمولية التي ستشكل جذور الدولة ذات الطبيعة الدينية والفكر الواحد الذي
يصبح فكر حزب السلطة من 1962 إلى 1988. إن فترة الإصلاح الديني في
الثلاثينيات والأربعينيات بالنسبة لكولونا هي فترة خطيرة
جدا مازالت تلقي بأثرها على حاضر الجزائر، ولقد تم إهمالها وإهمال التنوع
الديني والفكري الذي شكل مادة المجتمع وقواه الفكرية ورؤيته للعالم.[24]
أظهرت العديد من الدراسات الثقافية في
الوسط الريفي والصناعي في الجزائر حدود الجهود التحديثية الراديكالية منذ
1965 واستمرار الثقافة الريفية وتعبيراتها الدينية ومقاومتها لجهود التحديث
الثقافي والديني.كان قانون التسيير الاشتراكي للمؤسسات لسنة 1971 الذي كان
يهدف إلى القضاء على الحدود الفاصلة بين الاقتصاد والسياسة والتكنولوجيا
داخل المؤسسات نموذجا للتحديث التنظيمي. لكن دراسات عديدة بينت كيف أبدى
العمال ذوو الأصول الريفية والقادمون للمدن مقاومة لهذه المعايير الجديدة.[25]
دراسات جمال غريد
العديدة عن الثقافة العمالية، أظهرت صورا متنوعة لمقاومة العمال للانضباط
المصنعي، حيث عكست هذه المقاومة وجود وترسخ ثقافة دينية تقليدية، استمرت في
التعبير عن نفسها، رغم الجهود الإصلاحية لمحاربتها كحضور"الوعدات
والزردات" التي تقام إحياء لذكرى الأولياء الصاحين والتي تتطلب الغياب عن
العمل.[26]
على الرغم من الجهود التحديثية التي
بذلتها الثورة الثقافية والثورة الدينية الإصلاحية، لفرض تعبير ثقافي وديني
موحد للجزائر، إلا أنها باءت بالفشل،حيث أظهر الجزائريون مقاومة ثقافية
للتوحيد، حيث استمرت الانتماءات الدينية المذهبية تعبر عن نفسها داخل
الواقع الاقتصادي نفسه،لقد بين جمال غريد كيف أن التقسيم إلى أباضي وسني مالكي بقي هو الواقع الأساسي بالنسبة للعمال في غرداية.[27]
وأخيرا، تظهر الدراسات السوسيو- أنثربولوجية التي قام بها مولاي الحاج مراد
عن الثقافة العمالية في منطقة طرارة بالغرب الجزائري حدود نظرية التحديث
الثقافي للمؤسسة الصناعية كمؤسسة لنشر القيم الحديثة في أوساط العمال،حيث
إن المشروع التصنيعي فـــي الجزائر كان يهدف إلى القضاء على الإنسان
الجزائري الريفي القديم وبناء محله الإنسان الجزائري الجديد.لكن المعاينات
الميدانية التي أجراها مولاي الحاج لاختبار نظرية التحديث
الثقافي للمؤسسة الصناعية بينت تمسك العمال الصناعيين بقيم المجتمع الريفي
الذي جاءوا منه،فهم لايزالون يتحدثون بحنين عن الماضي الريفي وقيمه من
رحمة وتعاون وبساطة وقناعة بالمستوى المعيشي البسيط وعلاقات جوارية حميمية
وعن صورة تمجيدية للمرأة التقليدية.[28]
خاتمة:
لم يكن الإسلام الجزائري واحدا، كان
الإسلام شعبيا شركيا وطرائقيا في الأرياف وأرثوذكسيا في المدن، ولما جاء
الاستعمار فرض الحداثة على الجزائريين، فتراجع الإسلام الريفي الشعبي
والطرائقي، ونشأ إسلام حضري إصلاحي بوجه سلفي وآخر طرائقي وبعد الاستقلال،
ومع فرض الحداثة الاشتراكية جرى فرض الإسلام الإصلاحي ضد الإسلام
الريفي.ومع نهاية الاشتراكية وبداية الأزمة جرت العودة إلى الإسلام الصوفي
الشعبي والطرائقي لمواجهة خطر الإسلام السياسي والجهادي، بعد فشل المشروع
الاشتراكي الذي كان يهدف إلى القضاء على الإنسان الجزائري القديم وبناء
إنسان جزائري جديد مكانه، وبعد الأزمة في التسعينيات وصعود الإسلام السياسي
والمسلح، لم تجد الدولة الجزائرية إلا العودة إلى الإسلام الريفي الطرائقي
للاستعانة به في مواجهة الإسلاميين. كما عادت الدولة لتستعين بالإسلام
الريفي الذي حاربته، وعاد المثقفون الجزائريون في نهاية التسعينيات إلى
الإسلام الصوفي بعد أن ساعدت موجة مابعد الحداثة لدى النخب الثقافية
الفرنكوفونية والمعربة، وهنا أعاد المثقفون اكتشاف الجوانب المابعد حداثية
في التجربة الصوفية الملامح الرئيسة؛ اليوم في التدين الجزائري لدى الشباب
تظهر في ضعف الاهتمام بالإسلام الصوفي واحترام للإسلام السلفي الخليجي
وانفتاح على الإسلام الشيعي والتحول إلى المسيحية الإنجيلية؛إنه نوع من
الانفجار الجديد بعد الانفجار الذي أحدثته القنبلة الاستعمارية؛إنه مفعول
العولمة.
المراجع:
1.المراجع باللغة العربية:
-مولاي الحاج مراد،2005،العمال الصناعيون في الجزائر، ممارسات و تمثلات:دراسة ميدانية بثلاث مؤسسات صناعية بمنطقة طرارة، أطروحة دكتوراه دولة في علم اجتماع، جامعة وهران.
-مولود قاسم نايت بلقاسم،1991، أصالة أم انفصالية، الجزائر،المؤسسة الوطنية للكتاب
2.المراجع باللغات الأجنبية:
-Adamson, K.1998. Algeria: A study in Competing Ideologies. London-New York: CASSEL
-Arkoun,Mohammed. 1988. Algeria, in ShireenT-Hunter (ed), ,The Politics of Islamic Revivalism:Diversity and Unity. Bloomington-Indianapolis: Inidiana University Press,
-Bentounes,Khaled.2009. La fraternité en héritage: Histoire d une confrérie soufie. Paris :Albin Michel
-Brown,Leon Carl (Ed).1966. State and society in independent North Africa.Washington,D.C: The Middle East Institute.
-Bourdieu,P.1958. Sociologie de l `Algerie. Paris.Puf
-Colona,F.1995. Les versets de l` invincibilité: Permanence et changements religieux dans l` Algérie contemporaine .Paris: Presses de Sciences Po
-Deheuvels,Luc-Willy.1991.Islam et pensée contemporaine en Algérie: la revue Al –Asala 1971-1981.Paris ;Ed CNRS
-Gellner,E.1981. Muslim Society, Cambridge, Cambridge University Press
-Guerid,Djamel.2007. L exception algériennes: la modernisation a l épreuve de la société .Alger :Casbah Edition
-Isichei,Elizabeth.2004.The religious Traditions of Africa: A History, Westport,Connecticut,London:Praeger
-Joffe,G.1997.Maghribi Islam and Islam in The Maghreb:The Eternal Dichotomy,in Westerlund,D,Rosnder,E,E,(Ed),African Islam and Islam in Africa:Encounters between Sufi and Islamist.London :Hurst Company.
-Merad,A.1999.Le Réformisme musulman en Algérie de 1925 a 1940.Les Alger ;editions El-Hikma.
-Taleb Irahimi,A.1973.De la décolonisation a la révolution culturelle 1962-1972,Alger,SNED
-Vallin,Raymond.1973.Muslim socialism in Algeria,in William Zartman (Ed).Man,State and Society in Contemporary Maghreb.London:Pall Mall Press,
-Vatin,J-C.1982.Revivalism in the Maghreb,in Ali,E,Hillal Dessouki(ed) Islamic Resurgence in the Arab world .New York: Praeger Publisher.
*- نص المداخلة الذي ألقي في الندوة التي نظمتها مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث تحت عنوان: "إشكالية الدين والتدين: أسئلة، مقاربات، نماذج"،بتاريخ 5 ـ 6 أكتوبر2013،الرباط، المغرب.
[1]- Joffe , 1997, p64
[2]- Adamson , 1998 , p 51
[3]- Isichei , 2004,p 43
[4]-Joffe , 1997, p 62-63
[5]- Gellner, 1981, p159
[6]-Joffe , 1997, p 63-64
[7]- Joffe , 1997, p65
[8]- Gellner,1981 , p163
[9]-Joffe , 1997,p68
[10]-Joffe , 1997,p69-70
[11]- Joffe, 1997,p 68-69
[12]- Vallin,1973,p58
[13]- Bentounes,2009,p69
[14]- مولود قاسم قاسم، 1991 قاسم، ص 40
[15]-مولود قاسم، 1991، ص 286
[16]-مولود قاسم، 1991، ص 387
[17]-مولود قاسم، 1991، ص 179- 180، الجزء الثاني.
[18]- Bentounes,2009, p 79-88-96
[19]- Gellner,1981,p 155
[20]- Colonna, 1995, p23
[21]- Gellner, 1981,p170
[22]-Arkoun ,1988,pp182-183
[23]- Arkoun, 1988,p181
[24]- Colonna, 1995,p23
[25]- Arkoun,1988,p177
[26]- Guerid,2007, pp197-198
[27]- Guerid,2007,p219
[28]- مولاى الحاج، 2005، ص 11- 297
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس
ثمة موقفين لا تاريخيين من ابن باديس: الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين, ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...
-
من المشهور عند علماء اللغة واهل التحقيق فيها مسالة تكرار المعرفة والنكرة .وفيها قاعدة عامة تقول انه اذا تكررت المعرفة لفظا في الجملة فهي...
-
هذه صورة للجيش الاسلامي الاندلسي م1284 محفوظة في مدريد انظرو الى وجوه محاربي جيش غرناطة. من الواضح جدا اصولهم الوندالية الجرماني...