الأحد، 31 مارس 2024

اغتيال كريم بلقاسم .. بقلم براء عبد الله

اغتيال كريم بلقاسم بين الحقيقة والأسطورة 

نشرت جريدة الشرق الأوسط، يوم الأربعاء 27 مارس 2024، مقالا مطولا نقلت فيه دراسة نشرتها مجلة (Jeune Afrique)، الناطقة بالفرنسية، حيث حللت بطريقة خبيثة جدا، عملية اغتيال المناضل الجزائري كريم بلقاسم (رحمه الله)، وألمحت بطريقة أكثر خبثا إلى أن الرئيس هواري بومدين رحمه الله، هو من أمر باغتياله، ونفذ العملية فريق من ثلاثة أشخاص، انتقلوا من الجزائر نحو سويسرا ثم ألمانيا، حيث أوهموا كريم بلقاسم أن بومدين يريد التفاوض معه، ثم اغتالوه خنقا بربطة عنقه. 
بعد قراءة وطباعة المقال المنشور في "الشرق الأوسط" اللندنية، انتقلت لموقع المجلة الفرنسية (Jeune Afrique)، لأطلع على الملف من مصدره الرئيسي، عسى وربما أجد فيه ما لم تنشره الجريدة، فوجدت أن المجلة الفرنسية اعتمدت على "تحقيق" قام بها الصحفي فريد عليلات، الذي كان قبل هذا التاريخ، مديرا لجريدة ليبارتي الناطقة باللغة الفرنسية، والذي له باع طويل و سلسلة من الملاحم مع السلطة، منها أنه حكم عليه عام 2005، بسنة سجن بتهمة القذف في حق رئيس الجمهورية (عبد العزيز بوتفليقة)، كما أنه صاحب كتاب "بوتفليقة الحكاية السرية"، الذي تطرق فيه لجوانب خاصة جدا من حياة الرئيس بوتفليقة، وصلت لحد القذف والتشهير بالرئيس الأسبق. إلى هنا، أغلقت الملف، لأنني كنت متأكد منذ الوهلة الأولى التي وصلني فيها خبر فتح جريدة الشرق الأوسط لملف اغتيال كريم بلقاسم، أن القضية لا تعدو على كونها مسألة تصفية حسابات، ومحاولة استباقية لضرب السلطة في صميمها، خصوصا وأننا بدأنا العد التنازلي، للدخول في الاستحقاق الرئاسي، ثلاثة أشهر قبل موعدها القانوني. 
من خلال النقاط الأولى سالفة الذكر، يمكنني أن أستنتج أن الصحفي الذي أجرى التحقيق، ما هو إلا معارض للنظام أو السلطة الحاكمة، وبالتالي لا يمكنه أن يكون محايدا أو موضوعيا في بحثه، لأنه لا يرمي للوصول إلى الحقيقة، وإنما يريد الوصول إلى دليل مادي يدين السلطة لا غير. أضيف إلى ذلك قرينة ثانية؛ هي أن هذا الصحفي من أشد المعارضين لبوتفليقة، وقد سبق وأن كُتِبَ أن بوتفليقة نفسه متورط في عملية اغتيال كريم بلقاسم، حين كان على رأس وزارة الخارجية، وهذه المعلومة سربتها جهات أمنية فرنسية، لنستنتج هنا أيضا، أن الهدف الثاني هو تلطيخ شخصية الرئيس بوتفليقة، واتهامه بالمشاركة في اغتيال زعيم ثوري جزائري كبير، وبطبيعة الحال أينما وجدنا المخابرات الفرنسية، وجدنا خلفها المخابرات الإسرائيلية والمغربية، والدليل هنا جاء به الصحفي صاحب التحقيق (فريد عليلات) الذي قال حسبما جاء في مقال جريدة الشرق الأوسط: إن الذين اغتالوا كريم بلقاسم دخلوا الأراضي الألمانية بجوازات سفر مغربية، مما يجعلنا نفتح قوسا، ونطرح سؤالا: لماذا يستعمل رجال المخابرات الجزائرية جوازات سفر مغربية؟ بينما بإمكانهم الدخول لألمانيا بجوازات سفر جزائرية عليها أسماء وهمية؟ أو بأي جوازات سفر لأخرى غير مغربية ؟ فذلك أكثر أمنا لرجال المخابرات الجزائريين. ثم نطرح سؤال ثانيا، وهو من المستفيد من اغتيال كريم بلقاسم؟ و لماذا اغتيل ولم يغتال الحسين آيت أحمد؟ ولماذا لم يغتال محمد بوضياف؟ ولماذا لم يغتال الطاهر الزبيري الذي كان حينها هو أيضا معارضا للنظام خارج الوطن؟ ما الفائدة من اغتيال كريم بلقاسم بينما كان رجال المخابرات الجزائرية و على رأسهم العقيد قاصدي مرباح ونائبه المقدم زرهوني، يضعان الخطط لحمايته بأمر من بومدين شخصيا؟ لماذا كلما حاول الرئيس بومدين التقرب من معارضيه في الخارج، قصد إقناعهم بالعودة لأرض الوطن، تخطفهم الموت فجأة وبدون سابق إنذار؟ وفي ظروف غير طبيعية؟ الحقيقة كاملة لا يملكها إلا من اطلعوا على كل هذه الحيثيات، وقد سبق أن تطرقت لهذا الموضوع عرضا، خلال حديثي عن ملف اغتيال الرئيس بومدين رحمه الله، وقلت إنني بحثت في الموضوع، وجمعت الكثير من المعطيات والمعلومات من مصادرها الأساسية، واستنتجت في الأخير أن كريم بلقاسم تعرض لعملية تصفية نظمها خصومه من خارج النظام، والرئيس بومدين رحمه الله وحتى بوتفليقة أبرياء من دمه، ودليلي هنا ما قاله قاصدي مرباح قبل اغتياله بمدة ليست بالقصيرة، حين أعلن، انه يستطيع أن يعطي أسماء الذين اغتالوا كريم بلقاسم ونشر ذلك على الصحف الوطنية حينها، فلو كانت المخابرات الجزائرية هي من قامت بالعملية، لما صرح قاصدي مرباح بما يدينه ويدين الجهاز الذي كان على رأسه، عند اغتيال كريم بلقاسم رحمهم الله جميعا.
سيكون لي وقفة طويلة جدا على هذا الملف متى أنهيت بعض الأجزاء من ملف الدكتور محيي الدين عميمور، و ملف اغتيال الرئيس بومدين.
حفظ الله الجزائر من كل سوء و لا هنئ الله أعين الخونة و العملاء .

في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...