الأربعاء، 16 مايو 2018

بدأ رمضان غريبا و عساه يعود غريبا ، فطوبى للغرباء ... بقلم البشير عبد السلام


كان الصوم محاولةً لتذكير الإنسان بكونه كائنا فيسيو-روحيا ، عبر الانتقال بالجسد إلى خدمة الروح ..ذلك أن الصوم عن المتناول في اليد و اللذات القريبة ما هو إلا محاولة لإدراك اللامتناهي و اللذات البعيدة و الأكثر نشوة... و قد اختلفت تأويلات أهل " المعنى معنا " ، فراحوا يبحثون عن مقصد او رمزية الشعائر ايمانا منهم بأن التدين بلا معنى هو وثنية اخرى بتعبير الجبران ، و هكذا كان مولانا بن عربي يرى الصوم أكثر عبادة يتقرب بها العبد إلى الله لأن الصوم صفة صمدانية من جهة التنزه عن الأكل و الشرب و الجماع فيما حقيقة المخلوق كل ذلك ، فلما أراد العبد أن يتصف مما ليس من حقيقته أن يتصف به ، طاعةً لله ، ( قال الله له " الصوم لي لا لك " أي أنا هو الذي لا ينبغي لي أن أطعم وأشرب ، وإذا كان بهذه المثابة ، وكان سبب دخولك فيه كوني شرعته لك فأنا أجزي به، كأنه يقول و أنا جزاؤه ).
بيد أنه و كما تمّت يهوَدة و مَسحنة و أسلمة الصوم الذي عرفته الأمم الوثنية سابقا ، فإنه قد تمت رأسملة الصوم لاحقا ، مثلما تمت رأسملة الحج فأصبحا شعيرتي الخواص من الأغنياء ،يستعرضون في الحج سياحتهم و يستعرضون في الصوم تُخمتهم ، و معلوم أن السوق يعض بنواجده على الدين لما يوفره من أرباح خيالية --اسألوا عمرو خالد و العريفي و باقي الشلة فهم أدرى -- ... هكذا إذن أضحى رمضان المسلمين بعد رأسملته مجرد كريسماس آخر و قد نطق بالشهادتين ...إنه بعد أن كان شهر القطيعة مع الاستهلاك المفرط كي لا يصبح الانسان عبدا للأشياء ، كما حذر من ذلك هنري ثورو ، المتأثر بالفلسفة الهندية حين ألمح الى أن الغنى الحقيقي للانسان يقاس بكمية الأشياء التي يمكنه أن يستغني عنها ، او كما عبر عن ذلك درويش بعبارته الجميلة " لي حكمة المحكوم بالاعدام ، لا أشياء أملكها كي تملكني " ،الا انه صار الان موسما لنار الاستهلاك التي لا رماد لها ،و لا ينازعه في ذلك شهر... وهكذا أيضا لم يعد الصائم يشعر بامتزاج الأضداد فيه أي بمحدودية قوته و هول ضعفه و هو ممسك ثم بالشحنة الضخمة التي يمنحها له الروحي على تجاوز هذا الضعف و هو واثق أن في بعض المشقة لذة ... و يقال ان فاقدي البصر لهم ذاكرة اقوى من المبصرين و تنمو لديهم احاسيس اقوى ، إذ حين يفقد الجسد قدرة مادية تنتقل القدرة الى حسه و احساسه و حدسه ، كذا هو حال الصوم ، إنه استثمار الجسدي في الروحي ...
لكن الصائم الان هو ذلك الغافل عن كل معنى ، إنه الآن يمشي مزهوا في الأسواق و هو ممسك ينتظر آذان المغرب ليغنم بفرصة استهلاكية فريدة كان ينتظرها بفارغ المعنى ...فبعدما كان رمضان فرصة للقطع مع الروتين صار فرصة لمزيد من البروتين ..من الإنفاق ..من الثرثرة..من الضحك ..من السهر ...من الوعظ التجاري..إنه ذروة الاستهلاك ..و هو ما جعل جلال عامر رحمه الله يسأل ساخرا كعادته( من المسؤول عن تحويل رمضان من ثلاثين يوم إلى ثلاثين حلقة ؟!)
كان رمضان فرصة للشعور بقيمة الحاجات و الظواهر اليومية ... انتباها إىى لذّة العادي التي نسيناها بفعل الافراط ...لنعمة الماء ، لقرمشة الرغيف و لموسيقى قظم الفاكهة ...للغروب أيضا كلحظة منسية جديرة بالتأمل .. و قبلها لصوت الأمعاء و تناهيد الأنفاس في سكون الجسد ... كان استعادة لدور الحواس ...للرائحة. .للذوق. ..للبصر ....و للبصيرة التي كانت متوارية خلف الحاجة و قد تم إشباعها بشكل مبالغ فيه ..
كان رمضان فرصة لاختبار أحاسيس جديدة بالإمساك عن أشياء العالم ، كي يشتهينا العالم ..ثم انتقل رمضان من كونه " شهر " عظيم إلى مجرد " شره " عظيم .....
هذا و نقول : رمضان كريم لجميع المعتقلين خلف قضبان الاستبداد ،و لمقاطعي شركات رأسمالية الريع ، و رمضان سعيظ لمقاومي الصهيونية و من حالفها من الحكام العرب قبل العجم ، و رمضان مبارك بشير لكم و لكل من صام عن الذل قبل 
الأكل 

.

الاثنين، 14 مايو 2018

مَن هم الوهابية ؟ ومَن هم السلفية ؟ بقلم الاستاذ محمد رميلات


الوهابية ليست شتيمة ولا مَسَبَّة ... الوهابية هي المنهج الفكري لمحمد بن عبدالوهاب ... والمنتمون إلى هذا المنهج يضنون أن مجرد اختيارات أحمد بن حنبل و ابن تيمية وتلميذه بن القيم و محمد بن عبدالوهاب هي " كل " ما كان عليه السلف الصالح ... وهذا خطأ و وَهم كبير ، هذه جزئيات مما كان عليه السلف الصالح ، وليس كل ما كانوا عليه ، ففي منهج السلف الصالح رخص بن عباس ، وشدائد بن عمر ، وغرائب بن مسعود ، ومقاصدية الشاطبي ، في منهج السلف الصالح أثرية بن حزم و فقه الليث بن سعد و سفيان الثوري ، في منهج السلف الصالح رقائق الجنيد والحسن البصري وسليمان الداراني وبشر الحافي وسري السقطي وإبراهيم بن أدهم وحاتم الأصم ... كل هؤلاء كانوا على منهج السلف الصالح ...بينما الوهابية ضيقوا واسعًا ...وظنوا أنهم بمجرد مجابهتم للبدع وإحياء النزاعات القديمة مع الفرق الضالة ومحاربة الشرك التعبدي ... هذه الأعمال هي ـ وحدها ـ كل ما كان عليه السلف ، وضنوا أنهم هم ـ وحدهم ـ الفرقة الناجية وأخرجوا بقية المسلمين من دائرة النجاة ...بينما السلف الصالح جاهدوا واجتهدوا ... السلف الصالح انطلقوا في زوايا الأرض لنشر هذا الخير... السلف الصالح أقاموا الدين وعمروا الدنيا ... السلف الصالح تأسوا بالنبي صل الله عليه وسلم تربية وقدوة ونموذجًا ، فجمعوا بين كمال العلم ، وجمال العمل ... هذا هو الفرق بين منهج السلف الصالح ، ومنهج الوهابية ... وجل مشايخ الوهابية شغلوا أجيالا كثيرة من أبناء المسلمين بالجدل ، والرد ، والرد على الرد ، وكل من يخالفهم يُحيلونه على مدرسة " الجرح والتعديل " والتي بعد أن تغسله وتسلخه ، تصفه بكل نعوت الضلال وصفات التحقير والإزدراء ، وكل مفردات القبح والشر ...وهذا خلاف ما كان عليه السلف الصالح ... السلف الصالح اختلفوا وتناظروا وتحاوروا لكنهم تراحموا فيما بينهم ، فالإمام الشافعي تتلمذ على الإمام مالك و خالفه وألف كتابا سماه اختلاف مالك والشافعي ومع ذلك كان يقول "إذا ذكر العلماء فمالك النجم الثاقب" وكان يقول " مالك حجة الله على خلقه " وكان يقول " ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مالك " وكان يقول " لولا مالك وبن عيينة لذهب العلم من الحجاز " ، وما أكثر الأمثلة على ذلك ... هكذا كان الاختلاف بين السلف تراحمًا ومودة ، لكن " الوهابية " حَوّلُوا الاختلاف إلى قسوة وجفوة وغلظة وشدة وتعصبًا ، بعضهم إذا رآني في الشارع يغير الاتجاه لأنني أختلف معه ... أحد شيوخ الوهابية ألف كتابًا عنوانه " السيف المشهور على أهل التبرج والسفور " عندما تقرأ عنوان الكتاب يتبادر إلى ذهنك أن موضوع الكتاب عن التبرج ، فإذا ما تَصَفَّحتَهُ ألفيته محشو حشوًا بالأدلة التي تُضَعّفُ الرأي القائل بأن وجه المرأة وكفيها ليسوا من العورة ... هذا الرأي الذي يقول به جمهور العلماء تحول إلى رأي يُستعمل فيه السيف المشهور !!! ومنهم من يستعمل الصارم البتار ، ومنهم من يستعمل المهند الحاد ... فهل نُشهر السيوف الباترة ، الهاتكة ، الهالكة التي تقطع رحم العلم ، ورحم الأخوة ، ورحم الإيمان لمجرد الجهر برأي في مسألة ؟ إشغال الناس بالجدل جعل السفهاء يتجرؤن على العلماء ، إشغال الناس بالجدل ذهب باحترام وتقدير أهل العلم والفضل بين المسلمين ...هذا المسلك الشائن مخالف لمنهج السلف الصالح ... كما أن عقائد الوهابية في صفات الربوبية والألوهية مخالفة لما كان عليه السلف ... وكل مَن يختلف معهم من الأشاعرة والماتوريدية وأهل الحديث يُكفرونه ، ويصفونه بأوصاف شنيعة فضيعة ، وهذا مزلق عظيم ، ومنحى خطير هدد الأمة في كيانها ووحدتها ، ونكأ جراحها ، ووسع فتوقها ، وكسر شوكتها ، وذهب بريحها ... وعلى الرغم من كل هذه العثرات والمثالب إلا أن مملكة آل سعود اتخذت المنهج الوهابي سياسة دولية لها منذ ثلاثة قرون خلت ، فنشرت هذا الفكر على ما فيه من خلل وعلل بقوة الريال ، وريع البترول في كل بلاد العرب ، فظهرت في بلاد المسلمين ألبسة غير التي ألفوها وأشكالا غير التي عرفوها ، فهل وضع الغترة على الكتفين من السنة مثلا ؟ وهل ارتداء القندورة حتى في العمل والسفر من السنة ؟ إذا قلت لأحدهم ما هذا الشذوذ ؟ قال : لباس الفرنجة تشبه بالكفار .. بينما التشبه المذموم هو تشبه الميوعة والانحلال ، وقد لبس رسول الله صل الله عليه وسلم جبة رومية ضيقة الأكمام ... سياسة السعودية في نشرها للوهابية كانت لها عواقب وخيمة على المسلمين فقد أزرت بمراجعهم الفقهية العريقة مثل الأزهر الشريف في مصر ، وجامع القرويين في المغرب ، وجامع الزيتونة في تونس ، والمدارس السنية العتيدة لأهل الشام والعراق واليمن ... وحلت محلهم هيئة " كبار " العلماء التي أفتت المسلمين بالمتناقضات ، وقضت على أعرق المراجع الفقية للمسلمين .. فصار علمائها ومشايخها لا يساوون شيئا مع مشايخ نجد وفقه البداوة الذي نشروه في المسلمين .. هذه السياسة السعودية الآثمة كانت وبالاً على المسلمين الذين تقاطعوا وتدابروا لمجرد أن أحدهم يجهر خلف الجنازة بـ " لا إله إلا الله " فينكر عليه الوهابية بحجة أنها بدعة وكل بدعة ضلالة ، بينما الجهر بـ " لا إله إلا الله " خلف الجنازة ليس أعظم جناية ممن بَالَ في مسجد رسول الله صل الله عليه وآله وسلم وفي حضرة النبي صل الله عليه وآله وسلم ، وهذا مثال بسيط عرضته عن اختلافات في الفروع صارت كأنها اختلافات في أصول الإسلام والمسلمين ... ومؤخرًا انفصلت السياسة السعودية الداخلية والخارجية عن الفكر الوهابي انفصال لعله طلاق بائن لا رجعة فيه ... آل سعود انقلبوا على شيوخهم وعلمائهم وهيئاتهم الرسمية ، فقد حُلت هيئة كبار العلماء التي استاء جل السعوديين والمسلمين من فتاواها المتناقضة وانبطاحها للعائلة المالكة ...ومنذ أيام قليلة ترددت الأغاني " الشركية " للشاب خالد في جدة المجاورة للحرمين ولم ينكر عليها أحد ... وتم تنظيم حفلة صاخبة للجاز ولم ينكر عليها أحد ، وسيُجرى حفل صاخب لتامر حسني في نهاية شهر مارس ولم ينكر عليه أحد ... ومن قبل لم ينكر أحد على قتل الأبرياء والفقراء والأطفال والنساء في اليمن وضرب المستشفيات بالقنابل ... وحُلت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن النكر ولم ينكر عليها أحد... وحَلّت محلها هيئة الترفيه ولم ينكر عليها أحد ...و الكلام يطول ...والعالم الرباني لا يهمه السجن ولا البطش ولا التنكيل ...العالم الرباني ينبغي أن يجهر بكلمة الحق عاليًا ، العالم الرباني يبادر بالنهي عن المنكر ولا يبالي ... هذا هو منهج السلف الصالح الذي كان عليه الشافعي وأحمد بن حنبل...وقد دخلا السجن في سبيل إعلاء كلمة الحق ، وربما يكون بعض شيوخ الوهابية ممن زُج بهم في السجون قد أعلنوا معارضتهم للحرب في اليمن .. الله أعلم !!! ، لكن الذي نعلمه أن السديس إمام الحرمين قال بإن أمريكا والسعودية تقودان العالم إلى مرافئ السلام ... وعجائز الأرض جميعًا تعلمن أن الأمريكان هم مصدر كل الشرور التي يعاني منها المسلمون ... فكيف بالمثقفين والمتابعين للشأن العام ؟...




الجمعة، 27 أبريل 2018

اصل الالقاب الجزائرية

صل الألقاب الجزائرية أصدرت الإدارة الاستعمارية الفرنسية في 23 مارس 1882 قانون الحالة المدنية أو قانون الألقاب الذي ينص على استبدال ألقاب الجزائريين الثلاثيةh وتعويضها بألقاب لا ترتبط بالنسب.
وسبق صدور هذا القانون محاولات متواصلة لطمس الهوية الجزائرية، أهم ملامحها إجبار الأهالي - وهو التعبير الشائع لتوصيف الجزائريين - على تسجيل المواليد الجدد وعقود الزواج لدى مصلحة الحالة المدنية الفرنسية، بعدما كانوا يقصدون القاضي الشرعي أو شيخ الجماعة.
و الغاية من استبدال ألقاب الجزائريين الثلاثية وتعويضها بألقاب لا ترتبط بالنسب هو تفكيك نظام القبيلة لتسهيل الاستيلاء على الأراضي، وإبراز الفرد كعنصر معزول، وتغيير أساس الملكية إلى الأساس الفردي بدلا من أساس القبيلة، و طمس الهوية العربية والإسلامية من خلال تغيير الأسماء ذات الدلالة الدينية وتعويضها بهوية هجينة، وإحلال الفرد في المعاملات الإدارية والوثائق مكان الجماعة، وأخيرا تطبيق النمط الفرنسي الذي يخاطب الشخص بلقبه وليس باسمه.
و بموجب هذا القانون لم تكتف السلطات الاستعمارية بتغيير أسماء وألقاب الجزائريين بصفة عشوائية بل عوضت العديد منها بأسماء مشينة و نابية و بعضها نسبة لأعضاء الجسم والعاهات الجسدية، وألقابا أخرى نسبة للألوان وللفصول ولأدوات الفلاحة وللحشرات وللملابس وللحيوانات و لأدوات الطهي.
و لم يكن هناك أي منطق في إطلاق الألقاب على الأشخاص، وكل ما هنالك هو رغبة في تحطيم معنويات الجزائريين، من خلال منح الفرصة لترديد أسمائهم المشينة طول الوقت وعلى مرّ الأزمان.
و ما يزال الأبناء والأحفاد يتوارثون هذه الأسماء منذ عام 1882 و هي أسماء لم يختاروها هم ولا آباؤهم، وإنما أُجبروا على حملها حتى اليوم.
و من ألأمثلة الحية على الألقاب المشينة التي تحملها عائلات جزائرية اليوم ويتم تداولها في كل المحررات والوثائق الرسمية لقب "بوذيل"، "لحول"، "لعور"، "بومعزة"، "كنّاس" ،"بومنجل"...الخ
كما يذكر التاريخ قصة الجزائري "الحاج البخاري بن أحمد بن غانم" وله أربعة أولاد: محمد وعبد القادر وأحمد والحبيب، فقد خسر هذا الشخص أرضه بعد رحيله إلى سورية، وبعدما قامت الإدارة بتغيير ألقاب أولاده حيث أصبحوا "محمد عسّال، وعبد القادر بووشمة، وأحمد البحري، والحبيب ندّاه.  .


في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...