الأحد، 21 أغسطس 2016

مفهوم الدين عند «جلال الدين الرومي» .... بقلم خالد محمد عبده

في مقدمته للحوار في مجال الفكر الديني يذكّرنا أحمد جلالي بمناهج التعليم في المدرسة الابتدائية التي تعلّم فيها، فقد كان كتاب الأدب الفارسي يضمّ قصّة من قصص المثنوي، تتحدث عن راعي غنم مجهول ونبي من أنبياء الله هو موسى عليه السلام. قرأ القصة كما يروي لنا وهو ابن تسعة أعوام كما قرأها غيره من تلاميذ المدرسة، وتعلّم فهم الدين من خلالها، ففي كلّ محاورة علينا أن نتدبر أحد أشعة الحقيقة لعرضها على الآخرين، وكذلك نتعلم إسهام ذلك الآخر في الحقيقة وإلاّ أصبح الحوار بين البشر بلا فائدة.
تذكر القصّة أن موسى شاهد راعيًا في الطريق وهو يتضرع إلى الله  قائلاً: «إلهي؛ يا من تصطفي من تشاء.. أين أنت حتى أصبح خادماً لك فأصلح نعليك وأمشط رأسك ! وأغسل ثيابك وأقتل ما بها من القمل وأحمل الحليب إليك، أيها العظيم!وأقبّل يدك اللطيفة وأمسح قدمك الرقيق ، وأنظّف مخدعك حين يجيء وقت المنام. يا من فداؤك كل أغنامي! ويا من لذكرك حنيني وهيامي!».
لقد قدّم الراعي من كل قلبه أفضل ما يمتلكه، إن الماعز كلّ مقتنياته، وكلماته البسيطة ناقلة لمشاعره النقية والقوية، إن كثيرًا من كلماته قد تبدو حمقاء، يخالف بها كل الأنماط العقائدية المسموح بها عند مخاطبة (الله) حيث نحّى جانبًا كل صفات القداسة الإلهية المفروضة دينيًا، ولم يراع كل الترتيبات الكهنوتية المستقرة حول صورة الله العظيم. علّق النبي على الراعي باعتباره حاميًا كبيرًا للشريعة ومفوّضًا لتفسير الدين ومدافعًا عن الإيمان: «يا أيها الرجل، من تخاطب بهذه الكلمات الحمقاء؟» أجاب الراعي: مع ذلك الشخص الذي خلقنا. مع من ظهرت بقدرته هذه الأرض وتلك السموات!
فقال له موسى:
«حذار، إنك قد أوغلت في إدبارك، وما غدوت بقولك هذا مسلماً بل صرت من الكافرين. ما هذا العبث وما هذا الكفر والهذيان؟ ألا فلتحشُ فمك بقطعة من القطن. إن نتن كفرك قد جعل العالم كلّه منتناً! بل أن كفرك قد مزّق ديباجة الدين! إن النعل والجورب يليقان بك. ولكن متى كان مثل هذين يليقان بالشمس؟
فإن لم تغلق حلقك عن مثل هذا الكلام، فإن ناراً سوف تندلع وتلتهم الخلق! وإن لم تكن النار قد اندلعت فما هذا الدخان؟ ولماذا أصبحت نفسك مسودة وروحك مردوداً؟
وإن كنت تعلم أن الله هو الحاكم ، فكيف اعتقدت بمثل هذا السفه والوقاحة؟ إن صداقة الحمق هي عين العداوة. وما أغنى الحق تعالى عن مثل هذه العبادة! فمع من تتحدث؟ أمع العم أم الخال؟ وهل الجسم والحاجة من صفات ذي الجلال؟ إن الحليب يشربه من يكون قابلاً للنشأة والنماء. والنعل يلبسه من هو بحاجة إلى القدم. وحتى لو كان من القيل والقال موجّها لعبد الله الذي قال عنه الحق: «إنه ذاتي وأنا ذاته» هذا العبد الذي هو مغزى حديث الحق: «مرضت فلم تعدني . لقد غدوت مريضاً، وليس عبدي وحده هو الذي مرض».
وطبقًا لرواية مولانا للقصة فقد استمر النبي موسى في نقده القاسي وإدانته للراعي، شارحًا له وموضّحًا له ما ارتكبه من خطايا، بأسلوب ديني بدا معقّدًا بالنسبة لهذا الراعي البسيط، فمزّق الراعي ثوبه، وتأوه ، ثم انطلق مسرعاً إلى الصحراء ، ومضى قائلاً بإحساس الصدمة وبتعبير من البساطة والبراءة: «لقد أغلقت فمي أيها الرجل، كما أحرقت روحي في سعيها إلى التوبة».
وتستمر القصة ليحكي لنا مولانا جلال الدين الرومي أنه بعد هذه المحادثة ظهر التجلي الإلهي للنبي، وجاءته هذه الكلمات:
«لقد أبعدت عني واحداً من عبادي! فهل أتيت لعقد أواصر الوصل، أم أنك جئت لإيقاع الفراق؟ فما استطعت لا تخط خطوة نحو إيقاع الفراق، فأبغض الحلال عندي هو الطلاق! لقد وضعتُ لكل إنسان سيرة، ووهبت كل رجل مصطلحاً للتعبير، يكون في اعتباره مدحاً على حين أنه في اعتبارك ذم. ويكون في مذاقه شهداً وهو في مذاقك سمّ! إنني منزّه عن كلّ طهر وتلوث، وعن كلّ روح ثقلت في عبادتي أو خفّت. والتكليف من جانبي لم يكن لربح أنشده. لكن ذلك كان لكي أنعم على عبادي. فأهل الهند لهم أسلوبهم في المديح. ولأهل السند كذلك أسلوبهم.
ولست أغدو طاهراً بتسبيحهم، بل هم المتطهرون بذلك، الناثرون الدرَّ.  ولسنا ننظر إلى اللسان والقال، بل نحن ننظر إلى الباطن والحال.
فنظرنا إنما هو لخشوع القلب، حتى لو جاء اللسان مجرداً من الخشوع.
فالقلب يكون هو الجوهر، أما الكلامُ فعَرضٌ. والعرضُ يأتي كالطفيلي أما الجوهر فهو المقصد والغرض.
فإلى متى هذه الألفاظ وذلك الإضمار والمجاز؟ إني أطلب لهيب الحب، فاحترق، وتقرّب بهذا الاحتراق! أشعل في روحك نارا من العشق ، ثم احرق بها كل فكر وكل عبارة!
يا موسى! إن العارفين بالآداب نوع من الناس، والذين تحترق نفوسهم وأرواحهم نوع آخر. إن للعشاق احتراقا في كل لحظة! وليس يفرض العشر والخراج على قرية خربة!
فلو أنه أخطأ في القول فلا تسمّه خاطئاً. وإن كان مجللاً بالدماء، فلا تغسل الشهداء.
فالدم أولى بالشهداء من الماء! وخطأ المحب خير من مائة صواب!
فليس في داخل الكعبة رسم للقبلة.
وأي ضرر يحيق بالغواص إن لم يلبس النعل الواقي من الغوص في الثلوج؟
فلا تلتمس الهداية عند السكارى. وكيف تطلب من تهلهلت ثيابهم رفو تلك الثياب؟
إن ملّة العشق قد انفصلت عن كافة الأديان. فمذهب العشاق وملتهم هو الله .
ولو لم يكن للياقوتة خاتمٌ فلا ضير في ذلك. والعشق في خضم الأسى ليس مثيراً للأسى! ولقد ألقى الله – بعد ذلك – أسراراً في أعماق قلب موسى، ليست مما يباح به.
لقد تدفقت الكلمات إلى قلب موسى، وامتزج الشهود بالكلام.
فكم ذهل عن ذاته وكم عاد إلى الوعي! وكم طار محلقاً من الأزل إلى الأبد!».
وطبقًا لما يذكره مولانا جلال الدين فإنه بعد هذا الحديث يضع الله في صميم قلب النبي موسى خوارق لا تُعبّر عنها الكلمات، وقد صبت الكلمات في قلبه، أما البصر والكلام، فقد اختلطا سوية، ويستمر الرومي قائلاً:
«فلو أنني شرحت أكثر من هذا لكان من البلاهة. ذلك لأن شرح هذا يتجاوز علمنا.
ولو أنني ذكرته لاقتلعت العقول! ولو أنني كتبته لانشق كثير من الأقلام!».
وتخبرنا القصة أنه عندما «سمع موسى هذا العتاب من الحق، هرع وراء الراعي موغلاً في البيداء. وانطلق مقتفياً آثار قدمي ذلك الحيران. فكان ينثر الغبار من أذيال الصحراء. وإن خطوة قدم الإنسان الموله لهي متميزة عن خطى الآخرين. فتارة يمضي مستقيماً كالرخ من القمة نحو القرار. وتارة يمضي بخطى متقاطعة مثل الفيل. وتارة يمضي كالموج متطاولاً رافعاً علمه، وتارة يمضي زاحفاً فوق بطنه كالسمكة. وتارة يخط وصف حاله فوق التراب ، كالرمّال الذي يضرب الرمال».
وفي النهاية أدرك موسى الراعي ورآه، وقال البشير للراعي:
«إن الإذن قد جاء! فلا تلتمس آداباً ولا ترتيباً، وانطق بكل ما يبتغيه قلبك الشجيّ!
إن كفرك دينٌ، ودينك نور للروح! وإنك لآمنٌ، والعالم بك في أمان!
أيها المعافى! إن الله يفعل ما يشاء. فاذهب، وأطلق لسانك بدون محاباة.
فقال الراعي: يا موسى. إني قد تجاوزت ذلك. إنني الآن مجلل بدماء قلبي!
لقد تجاوزت سدرة المنتهى. وخطوت مائة ألف عام في ذلك الجانب!
إنك قد أعملت سوطك، فدار حصاني، فبلغ قبة السماء، ثم تجاوز الآفاق!
فعسى الله أن يجعل جوهرنا الإنساني نجي سر لاهوته. وليبارك الله لك يدك وساعدك! فالآن قد تجاوز حالي نطاق القول. فهذا الذي أقوله ليس حقيقة حالي».
وعلى الرغم من وجود أنظمة التعليم المتقدمة حاليًا، وكذلك القفزات الهائلة في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في جميع أرجاء العالم، فما زال الملايين من البشر محاصرين في غياهب الريبة والظنون والكراهية المتبادلة. ويفشلون في تقدير مدى فاعلية ثقافة الحوار في تحقيق التفاهم، وتقدير روعة التنوّع الخلاّق، إننا نعيش ونرى مدى الدمار الناتج عن هذا الفشل.
يمثّل أحمد جلالي تيارًا منفتحًا على الآخرين، فربما كان عمله في المجال الدبلوماسي مؤثرًا في رؤيته، فقد حصل على الدكتوراه في الفلسفة السياسية من أكسفورد، وكما قام بالتدريس في طهران درّس في مانشستر وأكسفورد وأماكن أخرى، ومثّل إيران في المجلس التنفيذي لليونسكو ونشر كتبًا كثيرة في مجال الرياضيات، ولعل فهمه للقصص المولوي قريب من فهم عبد الكريم سروش الذي بنى كثيرًا من أطروحاته الفكرية حول التعددية الدينية والصراطات المستقيمة على أفكار مولانا جلال الدين الرومي.
لكن نفرًا غير قليل من المحافظين في إيران يرفضون هذا الفهم، ويعتبرونه تحريفًا لأفكار الرومي فإذا رأى سروش أن المعرفة الدينية ـ كأي معرفةٍ بشريةٍ ـ ليس فيها ثمة قول حجّة تعبداً لشخص ما على شخصٍ آخر، كما أنه ليس هناك فهم مقدّس ومتعالٍ عن المُساءلة. يُدان فهمه فكيف يقول سروش أن كل فهم يعد فهماً رسمياً معترفاً به، وهو من هنا قادرٌ على الإيصال إلى النجاة البشرية؟ أو أن التعددية تعني الاعتراف بأي دين وتمثل اعتقاداً بأن كافة الأديان بإمكانها تأمين سعادة البشر؟! فلا رابطة منطقية عند هذا الاتجاه المحافظ بين التعددية والاعتراف بكافّة الأفهام.
ويتردد المحافظون في اعتماد ما يقوله الرومي من آراء أو يبثه من أفكار في قصصه، ويتم تفسير كلامه بصورة مذهبية، لحفظ الدين، تمامًا كما فعل النبي موسى مع الراعي في القصة، وبعد شرح وتفنيد كثير من الآراء التي تعتمد على الرومي، يوصف الرومي بكونه عرفانيًا أو شاعرًا لا يمكن التعويل أو الاستناد على أشعاره وحدها، فباطن اشعار مولوي لابد من التفتيش عنه في هذا الموضوع بالذات، لقد ارتبط مولوي بالمنهج العرفاني كما تابع وتتبّع المباني العرفانية في أشعاره، وقد تأثر مولوي جيداً بآثار الغزالي ومن ثم لفّق بين المباني العرفانية ونتائج فكر الغزالي، وهذه الفكرة التي يطرحها رضا قائمي ويتشبث بها من أجل الخروج من فكرة التعددية الدينية، وإثبات أن «الدين عند الله الإسلام» تخالف ما أراد جلالي لفت أنظارنا إليه من دروس مولانا جلال الدين الرومي.


 

الثلاثاء، 16 أغسطس 2016

ماذا هي الدنيا والآخرة؟ وما هو البعث؟ ....... بقلم المفكر الصادق النيهوم


التفسير السائد في قاموس الفقه , أن كلمة ( الدنيا ) تعني ( عالم الأحياء ) , و أن كلمة (الآخرة ) تعني ( عالم ما بعد الموت ) . و هو تفسير يستند في الظاهر إلى نص القرآن , لكن القرآن نفسه لا يسنده بشيء .
فالواقع أن كلمة ( الدنيا ) ليست إسما أصلا , بل صفة تحتاج بالضرورة إلى اسم موصوف . إنها مجرد نعت مضاد لكلمة ( قصوى ) , تستخدم لتحديد المسافة بين مكانين . و قد أوردها القرآن بهذا المعنى في قوله تعالى : { إذ أنتم بالعدوة الدنيا و هم بالعدوة القصوى } , فليس ثمة شيء قائم بذاته اسمه ( الدنيا ) أو ( الأخرة ) , بل ثمة اسم موصوف , تلحق به هاتان الصفتان , لأنه يستحق عناء الوصف .
هذا الأسم الموصوف , سقط من قاموس الفقه منذ مولد الفقه , و أخلى مكانه سرا للنعت , حتى أصبح النعت اسما , فصارت كلمة ( الدنيا ) تعني ( عالم الأحياء ) , و صارت كلمة ( الآخرة ) تعني ( عالم ما بعد الموت ) , و انقسمت حياة المسلمين تلقائيا بين عالمين , أحدهما هنا على الأرض , و الثاني على أرض أخرى . و هي صورة مألوفة في تاريخ الأديان منذ عصر أوزيريس , لكنها لا تستند إلى نص القرآن .
فالقرآن لا يسقط اسم الموصوف , و لا يستعمل كلمة ( الدنيا ) منفردة في أي مكان . و قد أورد هذه الصفة مائة و أربع عشرة مرة , مقرونة دائما باسم الموصوف في صيغتين .
الصيغة الأولى , تستعمل كلمة ( الدنيا ) كصفة لأسم المكان , كما في قوله : { و لقد زينا السماء الدنيا بمصابيح } . و هي صيغة فهمها العرب من دون عناء , لأن كلمة الدنيا كانت مألوفة في لغتهم بمعنى ( قريب ) , و كان بوسعهم أن يحدسوا أن السماء الدنيا هي السماء الأقرب إليهم . لكن المشكلة ظهرت فجأة عندما بدأ القرآن يستعمل كلمة ( الدنيا ) كصفة للحياة في صيغة جديدة لم يسمع بها العرب حتى ذلك الوقت .
فكلمة ( الحياة الدنيا ) مصطلح قرآني بحت , لم يعرفه العرب في تراثهم الجاهلي , و لم يرد مرة واحدة في قاموسهم , و لم يكن من شأنه أن يعني لهم شيئا سوى أن الحياة لها مكانان , أحدهما قريب على هذه الأرض , و الآخر بعيد في السماء . و هو تفسير ناقص بمقدار النصف لأنه يتجاهل نصف ما يقوله القرآن :
فالحياة الدنيا في النص القرآني ليست حياة الناس على الأرض , بل هي المرحلة الطفولية منها فقط . و قد وصفها القرآن بأنها ( لعب و لهو ) لأنها مرحلة غير مسؤولة , و غير مؤهلة لضمان حق الحياة في السلام و العدل , إنها ليست حياتنا كلها , بل هي النقص الطبيعي فيها , الذي أراد القرآن أن يستكمله بوسائل المعرفة و الجدل . و إذا كانت ( الحياة الدنيا ) قد أصبحت الآن هي ( الحياة كلها ) في لغة العرب , فذلك أمر مرده أن العرب خسروا حقهم في بقية الحياة منذ زمن بعيد .
منهج القرآن في استخدام كلمة ( الدنيا ) له قاعدتان : فإذا وردت هذه الصفة , من دون كلمة (الآخرة ) , يرد معها اسم الموصوف كما في قوله تعالى { ذلك متاع الحياة الدنيا , و الله عنده حسن المآب } .
أما إذا وردت هذه الصفة مع كلمة ( الآخرة ) , فإن القرىن يتجنب تكرار اسم الموصوف بثلاثة حلول :
الحل الأول : أن يحذف اسم الموصوف المكرر قبل كلمة الآخرة , كما في قوله تعالى : { بل تؤثرون الحياة الدنيا , و الآخرة خير و أبقى }
الحل الثاني : أن يستبدل اسم الموصوف المكرر بكلمة مرادفة , كما في قوله تعالى { و ما هذه الحياة الدنيا إلا لهو و لعب , و إن الدار الاخرة لهي الحيوان }
الحل الثالث : أن يضِّمِن اسم الموصوف لغرض الأيجاز كما في قوله تعالى { فاطر السموات و الأرض , أنت وليي في الدنيا و الآخرة } , و هو تضمين لأسم الموصوف , و ليس حذفا له , لأن القرآن لا يجمع هاتين الصفتين أبدا إلا مع كلمة ( الحياة ) .
في جميع هذه الآيات لا يقول القرآن إن الدنيا هي عالم الأحياء على الأرض , بل يقول إنها جزء عابر منه لأنها مرحلة طفولية عابرة . و قد جاء في سورة الأنعام { و ما الحياة الدنيا إلا لعب و لهو } , و في سورة الحديد : { و اعلموا إنما الحياة الدنيا لعب و لهو و زينة و تفاخر بينكم }. و هو تقرير لا يريد أن يقول إن الحياة كلها عبث , بل يقول بوضوح إن الحياة الدنيا مرحلة طفولية , و غير مسؤولة , لأنها مشغولة بالحاضر عن المستقبل , مثل حياة الأطفال
فالصفة الأولى لعقل الطفل أنه مقيد إلى الزمن الحاضر , و مشغول دائما بما يريده الآن عما يحتاج إليه فعلا . إنه لا يحمل مسؤولية الأنسان عن المستقبل , و لا يضمن حق الحياة في السلام و العدل , و لا يختلف في هذا الشأن عن أي حيوان أعجم آخر . لكن ذلك لا يجعل الطفل حيوانا إلى الأبد إلا إذا نسي أن يكبر .
إن القرآن لا يدين حياة الأطفال , بل يدين الحياة المشغولة بالحاضر عن المستقبل , لأن هذه الصفة الطفولية علامة مؤكدة على سقوط الأنسان المسؤول , و العودة بالحياة إلى عالم الغابة ملايين السنين إلى الوراء . فالقرآن لا يخاطب جميع الأحياء , بل يخاطب الحي الوحيد الذي يعرف أن الحاضر مسؤول شرعا عن المستقبل , و يعرف أن إسقاط هذه المسؤولية ليس إنكارا لشريعة , بل إنكارا لحق الحياة في الخروج من شريعة الغابة . و هي جريمة عقابها العادل - و التلقائي - أن يخلد الأنسان في غابة إلى الأبد .
فالحياة الدنيا في النص القرآني ليست هي حياة الحيوانات و الأشجار , بل هي حياة الأنسان المسؤول الذي يعرف يقينا أن الله قد بعثه من جسد طفل و عقل طفل , و علمه ما لم يكن يعلم , و كشف له علاقة الحاضر بالمستقبل , و أعطاه مفتاحا خاصا لباب الجنة .
لا أحد غير الأنسان , يعيش تجربة البعث من عالم الطفولة .
لا أحد غيره يغادر سجنه الغريزي الذي تحرسه غرائز عمياء , و يفتح لنفسه بابا على عالم لا يحرسه سوى صوت العقل و المنطق . إنه الحيوان الخارق الوحيد الذي يخرج من ( حياته الدنيا ) , و يدخل فعلا في ( حياة أخرى ) , يواجه فيها مسؤوليته عما كسبت يداه , و يدفع فيها ثمن خسائره شخصيا .
هذا البعث من الحياة الغريزية يسميه القرآن بعثا من الموت . و هي تسمية تعني ما تقوله حرفيا , فخروج الأنسان من عالمه الطفولي الغائب في ظلام اللاوعي , إلى عالم العقل الحاضر في ضوء الصحوة و اليقين , خروج خارق لجميع قوانين الطبيعة , مثل البعث من الموت . لكن العرب الوثنيين أساءوا فهم هذه الحقيقة الماثلة أمام أعينهم , و نقلوا الجدال إلى عالم الأموات الذي يعرفونه في لغتهم الوثنية , فأنكروا خروج الموتى إلى الحياة , و سخروا من فكرة البعث نفسها , و تحدوا الرسول لكي يحيي أمامهم رجلا ميتا . و لو كان الرسول يريد من العرب أن يؤمنوا بالبعث بعد الموت فقط لقبل هذا التحدي أو سكت .
لكن الرسول كان يدعوا العرب إلى الأيمان بالبعث في هذه الحياة , و كان يعرف أن هدفه لا يتحقق بإحياء رجل ميت , بل بإعادة الوعي إلى جيل غائب عن عالم الوعي . و قد اختار أن يجادل , و يحاور , و يضرب أمثلة من التاريخ , لشرح العلاقة المباشرة بين حاضر الناس , و بين مستقبلهم . و هو رد أوجزه القرآن في نقطة صاعقة مؤداها أن البعث من الموت أمر واقع , لكنه أمر لا يحتاج إلى دليل من عالم الموتى لأن الدليل موجود هنا على هذه الأرض :
.. فكل جيل من الأحياء هو في الحقيقة سجل مفتوح لأعمال جيل من الموتى . إنه يتكلم لغتهم , و ينطق بلسانهم , و يحصد ما زرعوه , و يخسر ما خسروه , و يكون شاهدا حيا على بعثهم الآن , في هذه الحياة .
كل جيل من الأحياء هو اعمال جيل من الموتى المبعوثين للحساب في ضوء النهار . و كل ما كسبته أيدي الموتى بالأمس , يجده الأحياء أمامهم كاملا و غير منقوص , من الحدائق المعلقة إلى الصراع الطائفي , و التلوث , و الأنفجار السكاني , و القنابل النووية.
إن عجز العقل الوثني عن إدراك هذا البعث الماثل في واقع الأحياء , هو الذي دعا العرب إلى طلب الدليل على البعث من عالم الأموات , و في ما عدا مبرر العجز , فإن العقل لا يستطيع أن ينكر أن الحي يخرج فعلا من الميت , و أن المستقبل يولد فعلا من الحاضر , و أن البعث العلني المستمر في هذه الحياة , دليل في حد ذاته على حقيقة البعث .
و الواقع أن القرآن لم يطلب من العرب أن يؤمنوا بالخروج من الموت لاختبار قدرتهم على الأيمان الأعمى , بل دعاهم إلى استقراء حقيقة هذا الميلاد من واقعهم على الأرض , لأنه أراد أن يعلمهم أن الحاضر يبعث حيا في المستقبل . و أن الأنسان الذي يعرف هذا السر , يعرف في الواقع جميع الأسرار , و يستطيع وحده أن يخرج بالحياة من حاضرها في الغابة إلى مستقبلها في الجنة , لأول مرة منذ مولد الحياة . فالقرآن رسالة من هذا الحجم , لها هدف عملي من هذا الحجم , و ليس مجرد وصفة سحرية للحصول على جنة بالمجان .
إنه ليس كتابا للموتى , و لا يطلب من الأحياء أن يؤمنوا ببعث الأموات , رغبة في الحصول على قرابينهم . و قد تعمد أن يغلق عالم الموتى الذي فتحه الكهنة منذ عصر أوزيريس , و تعمد أن يعلن بطلان القرابين بنصوص صريحة , منها قوله : { إن الذين كفروا و ماتوا و هم كفار , فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا , و لو افتدي به ...} فالميت لا يفديه سوى عمله بين الأحياء , لأن القرآن كتاب يخاطب عالم الأحياء وحدهم , و يريدهم أن يكتشفوا بعثهم الآن , فوق هذه الأرض , و يخرجوا من حياتهم الدنيا إلى حياة مسؤولة , و قادرة - بالتالي - على ضمان حقهم في السلام و العدل . و إذا كان الفقه الأسلامي قد أقنع المسلمين بعد ذلك بأن (حياتهم الدنيا ) , هي كل حياتهم , فإن ثمن هذه الغلطة الفادحة لم يدفعه الفقه , بل دفعه المسلمون الذين يمثلون حاليا أعلى نسبة من اللاجئين في التاريخ , و أعلى نسبة بين الأميين و الفقراء , و يعيشون محشورين داخل أوطان محاطة بالبوابات , عليها حراس غلاظ شداد , مثل سجون مسورة من الجحيم .
فثمة ملايين من المسلمين , يركضون في هذا النهار حفاة عراة على تلال آسيا الحارقة . و ثمة ملايين أخرى يتضورون جوعا في الوطن العربي و أفريقيا . و كلهم يدفعون نقدا ثمن ما خسرته أيدي موتاهم الذين تنازلوا عن حقهم في المستقبل , و شغلتهم حياتهم الدنيا عن آخرة حياتهم , و نسوا معجزة البعث على الأرض , و نسوا مسؤوليتهم عن واقع عيالهم , و طمعوا في جنة مجانية , و ذهبوا وراء هذا الحلم الطفولي إلى النقطة التي لا عودة منها .
إن هذه ( الدنيا ) التي يعيشها المسلمون الآن , هي - بالضبط - ما كسبته أيدي موتاهم , موزونا بدقة متناهية , مثقال ذرة بمثقال ذرة . و هي حقيقة ماثلة في واقع الناس , يمكن إثباتها بلغة الحساب و المنطق , و لا تحتاج إلى أدلة من عالم الأموات , و لا تحتاج إلى غيبيات الفقه , و ليس من شأنها أن تشكك في البعث بعد الموت , بل من شأنها أن تؤكده , لأنها تشرحه عمليا في واقع الأحياء . و سواء استبان المسلمون هذه الحقيقة , أو غابت عنهم , فإن الأسلام لا يستطيع أن يضمن لهم الحاضر أو المستقبل إلا إذا خرجوا من دهليز الفقه الطفولي , و اكتشفوا معجزة البعث المعلن في هذه الحياة , و عرفوا مسؤولية الحاضر عما يحدث في المستقبل , و رفضوا جنة أوزيريس المجانية , و استعادوا حقهم في ضمان السلام و العدل , بنظام إداري قادر على توفير الضمان .
و الواقع , أن كلمة ( الدنيا ) لا تستطيع أن تعني ( عالم الأحياء ) إلا في ثقافة خسرت حقها في ( الآخرة ) , و خسرت قدرتها على تغيير المستقبل , و أنكرت بعث الأنسان المسؤول , من طفولته غير المسؤولة , و فقدت - بالتالي - كل أمل في الخروج بالحياة من شريعة الغابة . و هي ثقافة لم يرثها العرب من القرآن الذي بشرهم بالجنة , بل ورثوها من نظمهم الأقطاعية المتخلفة , التي ألغت مسؤوليتهم عن الحاضر و المستقبل , و ألغت بذلك حاجتهم إلى فكرة البعث نفسها , و سخرت الفقه إلى تمرير هذه الكارثة السياسية , بمنهج تربوي شامل , ما لبث أن أباح لنفسه صفة ( العلم الآلهي ) , و أصبح ثقافة شفوية بحتة , كلامها جميل و مقدس , و واقعها قبيح , و شيطاني جدا



الاثنين، 15 أغسطس 2016

لماذا نشعر بمرور الوقت اسرع كلما تقدمنا في العمر ??? بقلم ايثار جمال


ساعتان تستغرقهما رحلة سفر كانتا تبدوان عمرًا في طفولتنا، بينما نتساءل وقد جاوزنا الثلاثين فيم مضت الشهور والأعوام، هذا الشعور شائع لدينا جميعا، فحين كنا صغارًا كانت الأسابيع تبدو طويلة، العام كان وقتًا طويلًا جدًا، لكننا حين كبرنا صرنا نتفاجأ بأن عامًا جديدًا على الأبواب دون أن نشعر، وأصبحت السنوات تمضي دون أن ندرك، بحيث صرنا نتحدث عن «عِقدٍ فات» كما لو كالأسبوع الماضي، وحين تسأل رجلا عما فعله في الثلاثين عامًا الماضية تجده يتساءل هل حقًا كبرت إلى هذا الحد؟
الأكيد أن الثانية تستغرق ثانية دوما، الوقت موجود لدينا جميعا بالتساوي، فلماذا نشعر بسرعة مرور هذا الوقت؟ وأحيانا بأننا لا نملك الوقت الكافي لعمل كل ما نريد فعله؟ لعلنا لن نعرف تحديدًا لماذا ينتابنا هذا الشعور، إدراكنا لسرعة مرور الوقت تُكوِّنه أجزاء متعددة في الدماغ، لا يعلم أحد كيف تعمل تحديدًا، وما يبدو في الواقع هو تأثير نفسي بقي حتى الآن ضمن الظواهر الأكثر غموضًا في معظم الثقافات، لكن علماء النفس قدموا تفسيرات مختلفة لمحاولة كشف بعض الغموض، نستعرضها في السطور التالية.

أثناء مروره، وبعد مروره.. كيف ندرك الوقت؟

الحقيقة أننا ندرك الوقت بطريقتين مختلفتين، أثناء مروره، وعقب مروره، إلى جانب تذكرنا لشعورنا عما فعلناه في هذا الوقت؛ أثناء مروره نشعر بالوقت يطير حين نمارس فيه نشاطًا نحبه، كأن نقرأ رواية ممتعة، لكن تقييمنا لهذا الوقت بعد مروره يختلف إذ نتذكره أطول من الحقيقة، والسبب هو أننا اختبرنا فيه شيئًا جديدًا، كلما كانت التجربة جديدة إذن كلما احتلت مساحة أكبر في ذاكرتنا وبدا معها الوقت أطول.
حين نجرب شيئًا جديدًا «يكتب» العقل أشياء أكثر من تلك التي يكتبها حين نعيش تجربة مكررة: القبلة الأولى، والمرة الأولى التي تذوقت فيها أكلتك المفضلة، وأول يوم عمل، كلها أشياء يمكنك تذكرها بالتفاصيل وكأنها استغرقت دهرًا.
حين نكون شبابًا، فإن الكثير من التجارب تكون جديدة، ويكون على العقل أن يشفّر الكثير، لذلك يتوهم العقل أن الوقت يمر ببطء.

لأننا نقيس الزمن بالأحداث التي نتذكرها عنه

مبكرًا جدًا – في عام 1890 – قدم عالم النفس ويليام جيمس تفسيرًا لذلك، حيث قال إن لدى الأطفال تكون كل التجارب جديدة، هناك الكثير من الأشياء التي يفعلونها لأول مرة، والكثير مما يعلق في الذاكرة، أما البالغين فلديهم مرات أقل من «أول مرة» كل شيء مكرر في الغالب، وبالتالي نولي مرور اللحظات انتباهًا أقل، وأصبحنا نشبه طيارًا آليًا، الأطفال على العكس لديهم الكثير مما لا يُنسى لذلك تبدو أيامهم مزدحمة، بينما تمر الأيام تلو الأيام ولا يشعر بها البالغون، تنفرط حتى يحسبونها في النهاية بالسنوات. ويبدو العام الماضي كما لو كان بالأمس.
إداركنا للزمن يحدث حين يكون هناك ما يكفي من أحداث لنتذكرها، والذكريات تتكون حين يكون هناك ما يثير انتباهنا، لهذا فإن ضغوط العمل عدو خطير. لأن تركيزنا على إنهاء المهام لا يدع أمامنا الفرصة لنشعر بمرور كل لحظة.

الأمر يتعلق بعمر الفرد أيضًا

أحد التفسيرات الأخرى لذلك، أننا في عمر الخمس سنوات يمثل العام بالنسبة لنا 20% من الذكريات التي يحتفظ بها العقل؛ لكننا حين نبلغ الخمسين فإن العام يمثل 2% فقط، وهكذا يصبح للعام نسبة من الذاكرة في عقولنا تقل بمرور الأعوام وبتقدمنا في العمر فيما يطلق عليه «نظرية النسبة».
وهكذا نظل نقارن العام بالأعوام التي عشناها فعلا، وبالتالي يختلف تقدير الفرد للعام وفقًا لعمره الحقيقي.

وظائف العقل تتباطأ

مع استمرار تقدم العمر، يقل معدل التوصيل العصبي، وتصبح نبضات الدماغ أكثر حدة، وتتراجع القدرات البدنية والإدراكية للفرد أحيانًا، تم إجراء تجربة بسيطة في هذا المجال تم فيها سؤال الشباب والكبار أن يغلقوا أعينهم ويفتحوها بعد مرور دقيقة واحدة. الشباب عادة كانوا يفتحون عيونهم بعد مرور 55 أو 65 ثانية، الأكبر عمرًا عادة كانوا يفتحون عيونهم معلنين مرور دقيقة بعد 90 ثانية تقريبًا.
وبدخولنا في مرحلة الشيخوخة تتباطأ ضربات القلب، فيما لا يكون بوسعنا أن نبطئ دقات الثواني والدقائق، وبالتالي نشعر بالوقت ينفرط.

حين نكبر لا نلتفت لمرور الزمن

حين كنا أطفالا، كان بوسعنا عدّ الأيام في انتظارِ عيدٍ ما قادم، بينما الكبار ينشغلون بالكثير من الأشياء، بحيث لا يولون لانقضاء الوقت انتباهًا، ولهذا يشعرون بمروره سريعًا.
حين نكبر لا تعود لدينا رفاهية متابعة وانتظار مرور الوقت، فحتى قدوم حدث ننتظره أمامنا مهام متعددة: التسوق، وسداد الفواتير، وإنجاز أعمال اقتربت مواعيد تسليمها؟ وأمام مهام مملة مثل هذه، القليلون منا هم من يلتفتون للوقت الذي انقضى. شعورنا إذن بمرور الوقت أسرع ليس حقيقة، إنه إحساس لدينا فقط، لسبب علمي لا يزال غير معروف على وجه الدقة حتى الآن.
وطالما أن التفسير المؤكد ليس معروفًا بعد فما يمكن فعله حتى الآن لنتجاوز هذ الشعور أن نركز أكثر في مذاق الطعام، وفي شكل السماء، وفي طيور المدينة حولنا، وفي أي شيء يحدث، فكل هذا يساهم في أن نعيش اللحظة (بصرف النظر عن كونها لحظاتٍ سعيدة ام حزينة).
الطريقة الأخرى هي محاولة المرور بتجارب جديدة، بحيث يتسع نطاق «المرات الأولى»، لماذا لا تجرب القفز بالحبال، أو بالمظلات، أو حتى تجربة شيء أبسط كالذهاب لمطالعة الصحف في المكتبة بدلا من المنزل. الفكرة هي خلق ذكريات جديدة. وأخيرًا فإن أكثر ما ينصحنا به المتخصصون أن نُبقي العقل دائمًا في حالة تعلُّم، وأن نتوقف بين الحين والحين لنستمتع بلحظات مع العائلة والأصدقاء، وأن نتأكد دومًا من أن الساعة تمضي على ما يرام.
المصدر  http://www.sasapost.com/why-does-time-seem-to-speed-up-as-we-get-older/

الأربعاء، 10 أغسطس 2016

الرسالة كعبء وتكليف ..... بقلم المدون حليم عباس



الرسول على ناقته القصواء ببطن الوادي، وقد اجتمع حوله عشرات الألوف من الناس، والشمس تميل نحو الغروب لتضفي على المشهد طابع الوداع الأخير : يا أيها الناس، أسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا...وعرفت هذا الخطبة لاحقا بخطبة الوداع. أهم ما استوقفني في هذه الخطبة سؤال الرسول للناس : وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون ؟ فقالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت.
فقال بإصبعه السبابة يرفعها الى السماء، وينكتها إلى الناس : اللهم أشهد،اللهم أشهد، اللهم أشهد.
ولتأمل هذا المشهد من المفيد أن نرجع للوراء أكثر من عشرين عاما، كان النبي جالسا وقد نزل عليه الوحي قبل قليل ،وزجته تسأله: "لم لا تنام يا أبا القاسم " ؟
- إنتهى ياخديجة عهد النوم والراحة ، فقد أمرني جبريل أن أنذر الناس، وأن أدعوهم الى الله وإلى عبادته فمنذا أدعو ؟ ومنذا يستجيب ؟
لقد كان عبئا وتكليغا ثقيلا تنوء له الجبال، ومن الواضح أن النبي كان يدرك ثقل الأمانة ، ولكنه كان أمرا ، لا يستطيع النبي رفضه مهما كان.
في الأيام الأولى للرسالة ، لم تكن تشريفا بقدر ما كانت عبئا وتكليفا ثقيلا، ومن المفيد أن ننظر للرسالة من هذه الزاوية، زاوية التكليف. ففي تلك الأيام لم يكن محمد بن عبدالله قد اكتسب تلك الأسطورية التى ينظر له بها الناس اليوم.
لقد تناول مالك بن نبي في كتاب" الظاهرة القرآنية" حقيقة إقتناع محمد الشخصي بالنبوة. وتساءل هل كان كان إقتناع محمد بنوته تلقائيا أم ناشئا عن تغكير ؟ وينتهي مالك نبي الى إقتناع النبي ناتج عن تفكير واع،وبحث دقيق متردد للوقائع، واستبطان متغلغل في اعماق الضمير.
وهنا أود أن أشير إلى إيمان النبي بنفسه، وهو إيمان يستند الى التفكير وإلى العقل كما أوضح مالك بن نبي. فعلاقة النبي بالغيب هي علاقة إيمان أيضا، فالغيب بالنسبة له لم يكن معطى مباشرا وإنما يؤمن به . ويؤمن بأن ظاهرة الوحي ليست من نسج خياله هو، ولا من كائن آخر غير الله. أي أن مصدر الوحي هو الله. وهذه نقطة مهمة.
لقد أصبح إيمان النبي فيما بعد راسخا لا يخالطه شك، ولكنه مع ذلك بقي إيمانا. ولقد كان القرآن يدعم إيمان النبي الشخصي ويقويه بإستمرار، "كذلك لنثبت به فؤداك ورتلناه ترتيلا".
إن عظمة محمد بن عبدالله تنبع من هذا الإيمان وتحمل عبء الرسالة كإنسان مؤمن بالغيب، يصبر ويتوكل على الله إيمانا به "غيبا".
" وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحي إلي وما أنا إلا نذير مبين".
عادة في تناول سيرة الرسول يطغى الإلهي على الإنساني في شخصية النبي، الى الحد الذي يجعله مستلبا للإرادة الإلهية، وتختفي شخصيته وإيمانه ومعاناته وجهاده وصبره وتوكله.
إن النظرة الأسطورية للنبي وللصحابة هي أحد أهم أسباب عدم التأسي بالرسول والصحابة. حيث يتصور الناس أن كل تلك النماذج هي نماذج فوق-طبيعية، وهي بالتالي خارج إطار الممكن بالنسبة للناس الطبيعيين. ولذلك تجد من يتهمك بالمثالية من المؤمنين عندما تتكلم عن التأسي بالأنصار مثلا أو المهاجرين. فتلك النماذج -على ما يبدو - هي للإستعراض فقط. وقد تدخل الإله بنفسه لصناعتها وهي غير قابلة للتحقق مرة أخرى.
لقد كان محمد بن عبدالله ينظر للرسالة على أنها أمانة .. تكليف ومسئولية، وكان يجاهد من أجل أداء الأمانة بالوجه الأكمل. وفي أشد الأوقات عندما كذبوه في مكة وذهب الى الطائف فوجد أقسى مما لاقاه في مكة ،فقد رموه بالحجارة وبثوا في طريقه الأشواك وجعلوا الأطفال والعبيد يسخرون منه. مع كل هذه المعاناة كان كل همه : " إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي.. لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك" لعله كان يخشى أن يكون مقصرا في أداء رسالته رغم كل ما لاقاه !
إن تلك النظرة المدائحية لمحمد بن عبدالله، والتى تصوره وكأن كل الكون تحت أمره ، يظلله الغمام ويبكي له الشجر، حبيب الله الذي يعتقد الكون نفسه أنه ما خلق إلا لأجله، إن هذه النظرة تبدو ظاهريا كتعظيم للنبي ولكنها في الواقع تسلبه أهم مقومات العظمة، وهو إنسانيته. فحينما رماه سفهاء الطائف بالحجارة حتى اختضبت نعلاه بالدم فقد كان يتألم كأي إنسان. وعندما كان يقاتل في أحد وقد طوقه جيش من المشركين وكان معه تسعة فقط من المسلمين، فقد كان يقاتل كإنسان شجاع وبقوة إنسان.
ودائما كانت الرسالة أهم من الشخص، لدرجة أن الرسول نفسه كان مستعدا للإستشهاد من أجلها. ولكن لقد ماتت الرسالة، وبقي الرسول ! اليوم إسم الرسول لا يذكر بالرسالة، وأصبح تعظيم الرسول غاية لذاته في أغلب الأحيان.


الصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله، وعلى من سبقوه من الأنبياء والرسل . والصلاة والسلام على من يحملون الرسالة اليوم وغدا.
ونواصل



هذه حقيقة فرقة “زواف” العسكرية - بقلم الباحث محمد أرزقي فراد


أفزعني هول “منطق المغالطة” باسم التاريخ، الذي ركبه متطرفون عطّلت “إيديولوجية سقيمة” عقولهم، وكانت سببا في تمزيق أوصال وطننا العربي من السودان إلى ليبيا ومن اليمن إلى سوريا. ومن سماتهم توظيف “المفاهيم” خارج سياقها التاريخي، كمفهومي “الخوارج” و”الشعوبية” مثلا. وها هو طيف من هذه الجماعة أصحاب العقول الفطيرة، يروّجون “بهتانا” خَطِرًا عن طريق توظيف مفهوم “زواف” خارج سياقه التاريخي، بأسلوب كاذب لا أساس له من الصحة، بنيّة تشويه سمعة كلّ ساكنة منطقة القبائل، بتهمة الخيانة والعمالة لفرنسا. ومن المؤكد أن سوء تصرف هؤلاء المتطرفين يزرع “الكراهية والبغضاء” بين جزائريين جمع شمْلَهم التاريخُ والجغرافية، ووحّدتهم الحضارة العربية الإسلامية التي ساهم الأمازيغ في صنع مآثرها وأمجادها. وما يدرون أن سوء صنيعهم هذا يهدد الجدار الوطني المرصوص، لأنه يصب في خدمة دعاة التمايز والانعزال في منطقة القبائل.


– فرقة زواف في منطقة القبائل (مشاة).
– فرقة مهاري في جنوب الجزائر (التنقل بالجمال).
– فرقة القومية في باقي مناطق الجزائر.
وفـي هــذا السياق أنشأ الفرنسيون عند احتلالهم للجزائر في سنة 1830م فرقة “ZOUAVEزواف” العسكرية على أنقاض فرقة “الزواوة” التي أنشأها إخواننا العثمانيون. وكانت تتشكل من المجندين المحليين ولباسهم مستوحى من اللباس الزواوي (القبائلي) المحلي، لكن بألوان العلم الفرنسي. إن ما تجدر الإشارة إليه أن هذه الفرقة العسكرية قد توقفت عن تجنيد أهل الزواوة بصفة نهائية سنة 1840م، وصارت تتشكل فقط من العنصر الأوروبي، مع احتفاظها بلباسها الزواوي. وقد خاضت هذه الفرقة عدة معارك خارج الجزائر في حروب دولية في أواخر القرن 19م ومطلع القرن20م بلباسها الزواوي الملوّن بالعلم الفرنسي. ثم لم تلبث هذه الفرقة أن تخلت عن لباسها الأصيل، وهكذا لم يبق من فرقة “زواف” عند اندلاع الثورة التحريرية إلاّ الاسم فقط .
لعل ما يقلق المواطن هو السؤال التالي: لماذا أخرج هؤلاء المتطرّفون فرقة “زواف” عن سياقها التاريخي عندما حاولوا إيهام الرأي العام – خلافا للحقيقة- أنها كانت أثناء ثورة أول نوفمبر 1954م تتشكل من ساكنة القبائل؟ وهل نفهم من ذلك أن وجود فرقة القومية وفرقة مهاري يبرر تعميم الخيانة على كلّ القطر الجزائري؟ إن أخطر ما في “منطق المغالطة” أن يصير “الأمر الشاذ” (وهو الخيانة في هذا السياق) قاعدة بدل من أن يحفظ. هل درى هؤلاء المتحذلقون أنهم بتصرفهم هذا “الخَبِل” يعمّمون تهمة التخوين على كل أرجاء الجزائر ويشتمون شهداءنا الأبرار الذين تجاوز عددهم خمسة ملايين شهيد؟
لقد أنجبت منطقة الزواوة (القبائل) – كغيرها من مناطق الجزائر- ثورات عديدة منذ نزول الفرنسيين في سيدي فرج سنة 1830، إلى غاية استرجاع الاستقلال سنة 1962م. وإنه لمن الجنون أن نختزلها في حالة “زواف” الشاذة، على حساب المقاومة الشعبية القوية والحركة الوطنية والحركة الإصلاحية التي أنجبت قادة وعلماء مصلحين كثيرين، كالحاج محمد بن زعموم، والصديق بن أعراب، وبوبغلة، والحاج أعمر، وفاطمة نسومر، والشيخ محمد أمزيان بن حداد، والحاج محمد المقراني، وأرزقي البشير، وبلقاسم راجف، وعيماش أعمر، وكريم بلقاسم، وحسين آيت أحمد، وعبان رمضان، وآيت حمودة عميروش، والفضيل الورتلاني، والسعيد صالحي، والسعيد البيباني، ويحي حمودي، وحسن حموتن، ومحمود بوزوز، وباعزيز بن عمر، وعلي أولخيار، والهادي الزروقي، وأرزقي الشرفاوي، والمولود الحافظي، والسعيد أبو يعلى الزواوي، والسعيد اليجري، والربيع بوشامة، ومبارك جلواح، وإسماعيل العربي، ورابح بونار، وحنفي بن عيسى، ويوسف اليعلاوي، ومحمد الطاهر فضلاء، ومحمد الحسن فضلاء، ومولود قاسم ناث بلقاسم، عبد الرحمان شيبان، ومحمد الصالح الصديــق، ويحي بوعزيز، والقائمة طويلة.
إن ما تحتاجه الجزائر هو “إقصاء الإقصاء”، وانتهاج حوار هادئ، غايته تحقيق المصالحة مع الذات، ومع ثقافتنا المتنوعة التي تضررت كثيرا بفعل التخندق الإيديولوجي المدمّر في غفلة من العقلاء والنخبة. وأزعم أخي القارئ أنني آليت على نفسي أن أخصص أعمالي الفكرية – بصفتي باحثا في التاريخ- من أجل رفع ظلم ذوي القربى على هذه المنطقة العزيزة، التي تعاني اليوم أيضا من ضربات دعاة التغريب والانعزال، وتاريخها يؤكد أنها لم تكن في ماضيها القريب والبعيد “جزيرة مجنونة تعادي المحيط الوطني”، بل كانت قلعة للحضارة العربية الإسلامية، أنجبت لها ألسنة وأقلاما سار بذكرها الركبان، دون أن تفرّط في المكوّن الثقافي الأمازيغي الذي لا يزال حيّا يرزق في المنطقة، وهو ما يكرّس سنة الله في خلقه المتمثلة في تنوع الألسن والثقافة والحضارة.
وأنصح من يريد معرفة تاريخ الزواوة معرفة علمية وموضوعية، أن يعود إلى ما كتبه المؤرخون والباحثون المتخصصون في مجال التاريخ. فأهل التخصص لا يرتكبون هذه الحماقات، ولا يلقون الكلام على عواهنه، بل يلتزمون أحيانا بقاعدة “ليس كلّ ما يعرف يقال” إن اقتضت المصالح العامة ذلك.
ومن جهتي فقد نشرت عددا من الكتب حول تاريخ المنطقة أذكر منها:
– المجتمع الزواوي في ظل العرف والثقافة الإسلامية (منشورات الحبر).
– زواوة من خلال نصوص الحركة الإصلاحية 1925- 1956 (دار الأمة).
– الأمازيغية وسؤال الانتماء (دار هومة للنشر).
– إطلالة على منطقة القبائل (دار الأمل).
وآخر دعوانا أن: اللهمّ أرِنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه. آمين.

السبت، 6 أغسطس 2016

ما لا تعرفه عن صناعة المواد الإباحية على الإنترنت ????????????

في الثانية التي تبدأ فيها قراءة هذا المقال، بحث 372 شخصًا حول العالم بكلمات بحث إباحية، وأُنفق أكثر من 3 آلاف دولار على المواد الإباحية، وشاهد حوالي 30 ألف شخص محتوىً إباحي. كمّ مرَّ الآن من ثوانٍ؟ خمس؟ العدَّاد مستمر.
لعبة الأرقام قد تكون مفيدة في إدراك حجم صناعةٍ تُدر ربحًا يفوق في الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، أرباح أكبر ثلاث شبكات تليفزيونية فضائية، لكنها قد تكون مُضلّلة أيضًا.
يُمكننا القول في فقرة سريعة مُركّزة: في كل 39 دقيقة يُنتج فيها فيلم إباحي احترافي في أمريكا؛ الصين أكبر الدول نصيبًا من صناعة المواد الإباحية التي تبلغ أرباحها 30 مليار دولار سنويًا، أي ما يُمكن أن يُطعم أكثر من 60% من فقراء العالم لعامٍ كامل؛ يشاهد 42% من مستخدمي الإنترنت محتوىً إباحيًا، و25% من كلمات البحث على المحرّكات الشهيرة هي كلمات إباحية.
كم يبلغ حجم الصناعة بالتحديد؟
هذا أصعب سؤال يواجه المهتمين بالإحصاءات والأرقام؛ إذ لا يُمكن حصر الأرباح والمواد المُنتجة والمُستفيدين من الصناعة (والمتضررين منها) بشكل دقيق، والأرقام عادةً ما يكون مبالغًا فيها، لكن ما يُمكن تأكيده هو أن حوالي 12% من مجموع مواقع الإنترنت هي مواقع إباحية؛ تبلغ نسبة المواقع المجانية منها بين 70% و80%؛ أكثر من نصف المشتركين فيها يأتون من خارج الولايات المتحدة الأمريكية، و9 من كل 10 مستخدمين يشاهدون المحتوى المجاني فقط.
الولايات المتحدة الأمريكية تتصدر الصناعة بنسبة 89% تقريبًا، تليها البرازيل وهولندا وإسبانيا واليابان. أما البلاد الأفقر فتتصدر استخدام الأطفال والقُصَّر في تجارة الجنس (ويشمل المحتوى الجنسي على الإنترنت) مثل الفلبين.
ويُمكن رصد 3 ظواهر أساسية على مستوى الأرقام:
1. ساهم المحتوى الإباحي المجاني على الإنترنت في تقليل أرباح الأشكال التقليدية منه (الأقراص المدمجة والشرائط) بنسبة تجاوزت 50%.
2. أرباح هذه الصناعة تتجاوز – في متوسط التقديرات – 20 مليار دولار أمريكي سنويًا.
3. بحلول عام 2015، ستكون الأجهزة الذكية (المحمولة واللوحية) الوسيط رقم واحد في مشاهدة المواد الإباحية، وسيتضاعف عدد مستهلكوها 3 مرات على الأقل.
كيف تنمو الصناعة بهذا الشكل مع غلبة المحتوى المجاني؟
نسبة الـ 80% المجانية التي تحدَّثنا عنها لا تتحرَّك بشكل مُنفصل عن المواقع المدفوعة؛ فهي تعمل على جلب الزيارات لتلك المواقع من خلال النوافذ الإعلانية (pop-up) والفيديوهات «التشويقية» المُقتطعة، ودفع المستخدم إلى الاشتراك في خدمات مدفوعة، بالإضافة إلى رفع وقت الزيارة الواحدة لمشاهدي المواد الإباحية على الإنترنت إلى متوسط يتجاوز 6 دقائق ونصف للزيارة يوميًا. الإعلانات؛ الكثير من الإعلانات هي الإجابة.
أعطني بعض الأرقام الحقيقية (المُقلقة)
43 % من مستخدمي الإنترنت شاهدوا موقعًا إباحيًا واحدًا على الأقل (نوافذ الإعلانات مرة أخرى)
يوجد أكثر من 100 ألف موقع إباحي يُقدم محتوىً يستغل الأطفال جنسيًا.
 منذ بداية 2014، بلغ عدد مرات البحث عن المواد الإباحية أكثر من مليار و425 مليون مرة (باللغة الإنجليزية فقط).
يبلغ عدد رسائل البريد الإلكتروني ذات المحتوى الإباحي 2.5 مليار (8% من مجموع الرسائل)
11 سنة هو متوسط سن الأطفال عند تعرضهم للمواد الإباحية للمرة الأولى.
مع تأكيد المواقع الإباحية على أنها للبالغين فقط (باختلاف التعريف القانوني بين 18 و21 عامًا في بعض الدول)، إلا أنه ليس ثمة وسيلة للتأكد من ذلك، وعادةً ما يشاهد المستخدمون هذا المحتوى بطرق عديدة غير الزيارة المباشرة.
ما الاختلافات بين دول العالم في مشاهدة المواد الإباحية؟
تختلف دول العالم في عدة أمور تحدد نشاط مشاهدة المواد الإباحية فيها: مدى قانونية إنتاج ومشاهدة هذه المواد، وانتشار الإنترنت ومتوسط سرعته، واتجاه الحكومات إلى منعه أو محاربته، بالإضافة إلى العديد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والدينية الأخرى.
على سبيل المثال، تشن الحكومة الصينية مجددًا حملةً ضد المواقع الإباحية منذ إبريل 2014، وأغلقت الصين بداية من عام 2010 أكثر من 100 ألف موقع ينشر ما تراه الحكومة «مواد إباحية»؛ يدخل هذا المنع في إطار تحكم الحكومة الصينية في الإنترنت، وحجب مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث وويكيبيديا وغيرها.
هل صحيح أن الدول العربية تتصدر البحث عن المواد الإباحية؟
ليس صحيحًا؛ الولايات المتحدة الأمريكية تتصدَّر مؤشرات البحث عن هذا المحتوى، لكن مصر والسعودية على وجه التحديد لديهما نسبة مرتفعة في المشاهدة والبحث؛ رغم حجب المواقع الإباحية في السعودية إلا أن 96% ممن يستخدمون خدمات تجاوز الحجب Proxy يبحثون عن محتوى إباحي.
كيف تختلف الصورة في الواقع؟
جميع الدراسات العلمية التي تناولت موضوع المحتوى الإباحي وجدت نسبًا مرتفعة من الاعتداء الجسدي واللفظي (تبلغ حوالي 88%)، ونسبة 66% من العاملين في هذه الصناعة مصابون بأمراض مثل الصدفية، و28% مصابون بأمراض تنتقل عن طريق الممارسة الجنسية، و7% مصابون بفيروس الإيدز.
في المعتاد، تبلغ رحلة العمل في هذه الصناعة بين 6 و18 شهرًا فقط؛ تتعرض النساء بعدها إلى صعوبات اجتماعية وصحية ومهنية كثيرة.

http://maktabaelama.com/?p=271



في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...