الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

كيف نخرج من فوضى العقل والروح ... بقلم الدكتور أبو يعرب المرزوقي


1-كلما سمعت أحدا يتكلم على "تجديد الخطاب الديني" تأكدت من خطابه التجديدي المزعوم أنه أكبر دجال وخاصة منذ أن انتشرت فضائيات هذه المزاعم وبصورة أخص منذ انقلاب السيسي.
2-وذلك لسبب بسيط: لا وجود لخطاب ديني. توجد مرجعيات وعلوم لفهمها وتوجد توظيفات إيديولوجية للدين بمعنى استمداد سلطة روحية تعيد الكنسية التي ألغاها القرآن.
3-وعلوم النصوص المرجعية أساسها اجتهاد ككل العلوم تتسلم موضوعها بوصفه معطى وتحاول رد عناصره إلى مبادئ عامة يمكن ان تسنتج منها مقدمها وتاليها للتعليم.
4-والفرق بين علوم الدين وعلوم الدنيا أن هذه تساعد في استعمار الإنسان في الأرض ماديا وروحيا وتلك تساعد في السمو بها إلى جدارة الاستخلاف.
5-لكن كذبة العلماء ورثة الأنبياء في ما يتجاوز ذلك بصورة تجعل التعليم ذا سلطة روحية إعادة خفية لسلطان كنسي اعتبر القرآن أكثر أهله فاسقين (الحديد 27).
6-فذلك نوع من الرهبانية التي هي مصدر الفسق بمعنيين: أخلاق اصحابها واثرها على شروط المسؤولية الشخصية في الجماعة التي يوجد فيها هذا الرهط.
7-ما من أمة تنازل أفرادها على مسؤوليتهم ليلقوها على من يفتي لهم في ليتحمل عنهم مسؤولية حريتهم الروحية إلا وآل أمرها إلى الانحطاط الحتم.
8-القرآن والسنة هما المفتيان الوحيدان. ولا شك أن هذين المرجعين يحتاجان إلى معلمين. معلمين لا غير وليس قادة روحيين أو سلطان على الضمائر.
9-لذلك فالرسول نفسه ينفي عن نفسه علما لدنيا ليس في متناول الإنسان من حيث هو إنسان ولا يمكن ادعاء وراثة ما لم يدعه النبي بتجاوز العقل.
10-قد افهم الكلام على تجديد مناهج التعليم الديني ككل تعليم. لكن "الخطاب" الديني لا معنى له. خطاب الله هو القرآن وتفسير مبلغه هو السنة. وما عداهما إما علم أو إيديولوجيا.
11-فما عداالنصوص المرجعية وعلومها الصحيحية توظيف لخطاب الله ولتعليمه النبوي في غير ما قصده الله ونبيه: فهل القصد بالخطاب الديني تفسير القرآن مثلا؟ التفسير ليس خطابا إيديولوجيا بل هو اجتهاد تعليمي لا سلطان تبهيمي.
12-في الحقيقة ما يقصدونه بالخطاب الديني هو مهنة الدجالين الذين يريدون حط القرآن والسنة إلى إيديولوجيا توظفها جماعة ضد جماعة بسلطان على الضمائر ومن ثم استعادة الوظيفة الكنسية.
13-فتعليم القرآن والسنة يقتضيان أرقى درجات العلوم الأداتية: اللسانيات والمنطق والرياضيات والتاريخ وأسمى درجات الأخلاق اي التقوى والصدق.
14-والبعدان المعرفي والخلقي نادرا ما تجدهمها عند المتكلمين على تجديد الخطاب لأن الخطاب يعني التوظيف الإيديولوجي أي نفي العلم والأخلاق.
15-وكل هذا اسوقه بسبب ما أشاهده في مصر التي صار فيها جل الأزهر والدعاة مجرد أبواق الثورة المضادة والحرب على الإسلام وخدمة أعدائه وألدهم.
16-إن مكثري الكلام على تجديد الخطاب الديني هم إما فسدة من أدعياء الاختصاص في الدين أو ألأفسد منهم من أدعياء الحداثة في النقد الديني.
17-حتى صار أميو الصحافة وسفلة المتشاعرين ومخبرو الاستعلامات والاستعمار دعاة تجديد الخطاب الديني وهم لا صلة له لا بالعلم ولا بالأخلاق.
18-فعندما أسمع السفلة في تونس أو في مصر أو في أي مكان آخر ببعض مطالعات لمبتذلات التقريب الجمهوري يتفلسفون في الدين وإصلاحه يقشر بدني.
19-كما أن بدني يقشعر عندما أسمح بعض الشيوخ بزاد دون أدنى معارف علماء عصور ما قبل الانحطاط أتساءل: هل يمكن الرد على الصواريخ بالنبال وعلى الدبابات بالجمال؟
20-فالعلم ليس محفوظات ولا استشهاد بببعض الابيات من الشعر:أعماق الوجود الإنسان والعلوم الطبيعية والرياضية واللسانية والمنطقية ضرورية.
21-ذلك هو التجديد المطلوب لا تجديد الخطاب: فالخطاب ثرثرات يتنافس أصحابها في ترديد بلاغة بليدة لا تتجاوز السجع وركاكة الحكمة الشعبية.
22-وحتى لو قبلنا أن الإسلام يحتاج إلى دعاة فينبغي أن يكون ذلك موجها لغير المسلمين ومزودا بما يضاهي مستوى المخاطبين به من علوم وأخلاق.
23-خطب الحمعة في المساجد الموجودة في الغرب أراها دون التعليم والتوعية المناسبين وتحولت إلى بث إيديولوجيا الفتن كما يمثلها عدنان ابراهيم.
24-فهذا الصنف من الدجالين يحول المساجد إلى نكأ الجروح التاريخية وخدمة اجندات لا علاقة لها بالدين والأخلاق بل هي إرهاب فكري على العامة.
25-فالرسالة التي تحرر البشرية من الفتن والسمو بها إلى النساء 1 والحجرات 13صارت خطابا إيديوجيا القصد بتجديده هو تجريد الأمة من مناعتها.
26-وعلة ذلك كله هو سخافة تأسيس العقائد الكلامي.فالعقائد هي بذرة كل الحروب الأهلية في أي ملة دينية: يدعي متكلم أن فهمه هو حقيقة الدين.
27-وهذا الزعم يفترض دعويين سخينفتين: دعوى حاجة العقيدة إلى وسطاء يترجمون تحديدها القرآن بلغتهم الاصطلاحية-المنتحلة من الفلسفة اليونانية بلا فهم- هم المتكلمون والوسطاء أكثر قدرة على التبليغ من رب العباد وأفهم من رسوله.
28-فالعقيدة الإسلأمية جمعها القرآن في البقرة 177 وحرم التأويل الذي يفسدها في آل عمران7: فيأتي المتكلم بمرض قلبه مبتغيا الفتنة في الدين.
29-والفتنة الدينية لا يكفي أنها تسبب الحرب الأهلية بين الفرق والطوائف هي تحول دون الفراغ لعلاج شروط الاستعمار في الأرض والاستخلاف فيها.
30-ومعنى ذلك أن الامة بدلا من تربي شبابها بجنسيه على تحقيق شروط الحياة الكريمة والعزيزة تتلهى عن ذلك بما يبعدها عن شروط الحرية والسيادة.
31-لذلك وجود العدو لنا عزلا فتمكن من استعمارنا لأننا عشنا على مضغ بزنطات المتكلمين وتخريف المتصوفين ونفاق فقهاء السلطان بدل قيم القرآن.
32-فالقرآن يقول لنا إن الله خلق العالم بقوانين رياضية وبمنطق عقلي ينضح حكمة وخلقا فحولناه إلى تخريفات التأويل الكلامي والصوفي المنحط.
33-فصار إسقاط فلك بطليوس والتناظر بين العالمين الأكبر والأصغر غاية العلم وأسرار الحروف والتنجيم غاية العلم اللدني في تفاهات ابن عربي. 

34-وقد فضح ابن خلدون
كل هذه العلوم الزائفة وبين ما تحتوي عليه من خدع مبتذلة تنال اعجاب العامة وتحقق خطة الغزو الروحي الباطني للأمة.
35-وكان الغزالي قد سبقه في فضائح الباطنية فبين سخافات التأويل الباطني للقرآن وهو التأويل الذي ما يزال ساريا اليوم في غزو الدجالين للأمة.
36-طبعا ستجد من يتصور أن ما سنقوله يعني التخلي عن التفكير مدعين أن رفض علم الكلام والتخريف الدعوي بالمعارف العامية يعني نفي الفكر الحر.
37-وهذا من الإيهام بأن علم الكلام والتخريف الدعوي بالمعارف العامية فكر بل وعلم كما يزعمون وأن بيان طابعها الفكري الزائف تعد عن حرية نعلم أن منعها مستحيل: العلوم الحقيقية والبناءة تنجح دائما ولا أحد يحاول منعها.
38-نحن لا نجهل أن كتابة "الدخان يقتل" على صناديق السجائر لا يمنع المدمنين على تعاطيها. لكن ذلك لا يلزم الطبيب بعدم التصريح بما يعلم عن أضراره على الصحة.
39-علم الكلام عامة ومنظومات العقائد التي تنتج عنه أخطر من الإدمان على المخدرات: فهي جرثومة الحروب الأهلية وهي الحائل دون المعرفة العلمية بنص القرآن الصريح (الآية السابعة من آل عمران: مرض القلوب وابتغاء الفتنة).
40-فهي للعلتين الشرط الضروري والكافي لانحطاط الأمم: فبما تسببه من فتن بين الفرق وبالمعرفة الزائفة تلغي شروط القيام حماية لذاته ورعاية.
41-تصوروا أمة لا يهتم فكرها بما يقبل العلم (الآفاق والأنفس) ويعالج شروط بقائها استعمارا في الأرض واستخلافا لتنشغل بما يبين القرآن أنه من الغيب المحجوب: الذات والصفات والمعتقدات وصفات الدار الآخرة وجنس الملائكة والشياطين والجن.
42-عندئذ لا تعجبوا إذا صارت عزلاء في الحماية وخواء في الرعاية فتكون قدحققت شروط القابلية للاستعمار مع كثرة الثرثرة في ما نهى عنه القرآن.
43-فقد وجدنا الاستعمار الغربي عزلا بعد أن سيطرت هذه الثرثرة التي جمعت بين الهذيان الكلامي والشطح الصوفي والفقر والمرض والفوضى السياسية والروحية والحروب القبلية والأهلية فتناهش السلاطين أرض الخلافة وفتتوها.
44-ولهذه العلة كتب الغزالي كتابه في "فضائح الباطنية" وفي ما يمكن تسميته "فضائح الظاهرية" الذي هو احياء علوم الدين وقد بدأه بدائين هما التكالب على علم الكلام والفتن والفقه خادم السلطان.
45-وهو في الحقيقة يعجب من إهمال العلوم التي وجه إليها القرآن فكر الأمة والانغماس في المعرفة الزائفة التي نهى عنها فمثل بحال الطب إذ لا يوجد إلا طبيب واحد وهو يهودي.
46-عدد يهود العالم لا يتجاوز عدد سكان دويلة عربية متوسطة. وعدد المسلمين مليار ونصف.هم في ذروة العلم ونحن في قاعه وفي ذروة الجهل والأمية.
47-فتجد المتكلمين بنفس العنجهية التي اعتبرها الغزالي وكل علماء الأمة الذين يفهمون معنى النهي القرآن من علامات مرض الزعامة الهذيانية.
48-يكفي أن الواحد منهم يتحول إلى زعيم فرقة متصورا أنه اقدر من القرآن على تحديد عقيدة الفرقة الناجية ومن النبي على فهم القرآن وسبل الهداية.
49-أما تفاهات المتصوفة فهي أدنى من أي بحث علمي في النفس البشرية إذا نزعنا عنها المحسنات البلاغية والتهويل في دعوى إدارك أسرار الوجود.
50-لوجمعت كل متصوفي العالم وتخريفهم لوجدت الحصيلة لا تساوي أي تحليل أرسطي أو أفلاطوني أو سينوي أو غزالي أو تيمية أو خلدوني مع تواضع حقيقي.
51-يكفي أن يقول الشيخ للمريد أنه يريده كالميت يغسله لتعلم أنه جوهر الدجل والتنويم المغناطيسي لكأن المعرفة ليست مشروطة بالوعي لا الغيبوبة.
52-لذلك خصص ابن خلدون فصولا لدحض العلوم الزائفة -علوم المتكلمين والمتصوفة الدجالين-ويخصص كتابا لبيان المجاهدتين الممكنتين والمشروعتين.
53-وكان هدف الكتاب -شفاء السائل-لدحض مجاهدة الكشف وبيان استحالة علم الغيب المحجوب وامتناع التعبير المفهوم عن الوجدانيات لسانيا وعقليا.
54-كل بحث في ذات الله وصفاته مآله إما علم زائف أو إلحاد خفي من رد العجوزعلى من عرفها بالرازي فاعتبرت أدلته دليل ضعف إيمانه لا دليل علمه.
55-القرآن يغنينا بفصلت 53 التي لا تحتاج إلى شرج أو تأويل: نعلم أن القرآن حق بآيات الآفاق (علوم الطبيعة) وبآيات أنفسنا (علوم الإنسان).
56-المتكلمون والمتصوفة أجهل الناس بآيات الآفاق (علوم الطبيعة) وآيات الأنفس(علوم الإنسان) ويريدون أن يفسروا لنا معنى استواء الله وصفاته.
57-يتركون ما يقبل العلم فلا يطلبوه ويطلبون ما لا يقبل العلم لأنه موضوع إيمان فيدعون المؤمنين لترك الإيمان بكلام الله إلى اتباع كلامهم.
58-ويسمون ذلك عقائد ثم يكونون فرق تتنابز بالألقاب ثم رويدا رويدا تتماكن بالأيدي فيفتتون الامة: أمراء حرب وطواحين هواء لا بناة حضارة. وتلك هي الفوضى الروحية التي نزعت كل أسلحة الأمة فجعلتها قابلة للاستعمار.
 


الخميس، 24 ديسمبر 2015

هل استطاع العقل البشري أن يثبت وجود الله أو ينفيه ??? ... بقلم المفكر نهرو طنطاوي


لقد حاول المعتزلة مجتمعين في الماضي والحاضر أن يثبتوا أن بإمكان العقل البشري أن يتعرف على الله ووحدانيته وصفاته ووجوده عن طريق العقل لا عن طريق النقل (الرسل والرسالات) فهل أفلحوا في هذا؟.
هذه مقتطفات من أقوال أئمة المعتزلة حول هذا الموضوع:
يرى أبو القاسم الرسي المعتزلي: ( ت: 246هـ) (أن حجة العقل جاءت بمعرفة المعبود).
وقال المحسن الجشمي المعتزلي ( ت: 457 هـ) : (الذي نقول في ذلك: إن أول ما يجب على المكلف النظر في طريق معرفة الله تعالى، ثم النظر في طريق معرفة صفاته).
ويرى الزمخشري أنه (لا طريق إلى معرفتة إلا النظر).
ويقول القاضي عبد الجبار المعتزلي: (إن سأل سائل فقال: ما أول ما أوجب الله عليك؟ فقل النظر المؤدي إلى معرفة الله تعالى؛ لأنه تعالى لا يعرف ضرورة ولا بالمشاهدة، فيجب أن نعرفه بالتفكير والنظر).
ويقول أيضا القاضي عبد الجبار المعتزلي: (إن معرفة الله تعالى لا تنال إلا بحجة العقل فلأن ما عداها فرع على معرفة الله تعالى بتوحيده وعدله، فلو استدللنا بشيء منها على الله والحال هذه، كنا مستدلين بفرع الشيء على أصله وذلك لا يجوز).
والسؤال الآن:
لو كان العقل كما يزعم المعتزلة (إن وجد حقا ما يسمى "عقل") باستطاعته معرفة الله من دون نص ولا رسالة ولا نبي فلماذا هناك ملايين على مر التاريخ البشري من العقول الناظرة الباحثة عن الله لم تتوصل إلى معرفة الله بل أنكرت وجوده ببراهين وأدلة عقلية معتبرة؟؟ أم أن عقول المعتزلة خلقها الله من لون خاص غير عقول البشر؟!!
العقل وفقاً لأهل العقل يقول: لو افترضنا وجود سبب أول، أو علة أولى، أو عقل أول، أو أو ... إلخ، على الفور سينهض السؤال المشروع اليقظ في أذهاننا: من أوجده؟ فإن قلت إنه واجب الوجود من غير موجد. قلنا لك كيف يدرك العقل وجود موجود بدون موجد؟ إذ جميع بني آدم على مر العصور لم يروا شيئا حدث إلا من شيء أحدثه، ومن ادعى غير ذلك فقد ادعى ما لم يشهده جميع بني البشر على مر الدهور والأزمان، ومن ادعى أو زعم أن العلة الأولى أو السبب الأول موجود بذاته من دون موجد، نجيبه فنقول: وهل شاهدت أنت ذلك الموجود الأول بلا موجد؟ فإن قال لا فقد كذب في ادعائه، وإن قال نعم شاهدته، نقول له إن الموجود الأول بدون موجد الذي لم يزل لا أول لوجوده، وادعاؤك بأنك شاهدت ذلك فقد ادعيت لنفسك أنك مثله بلا أول لوجودك وأنك مثله لم تزل وهذا محال حدوثه وتصديقه.
كذلك لو افترضنا وجود سبب أول أو علة أولى أو نقطة بدء أو صانع أول أو عقل أول أو محرك أول أو سَمِّه ما شئت، إذا كنا لم نر ولم نشاهد ذلك الأول ولم نعرف كنهه فلماذا نفترض أن ذلك الأول هو الله؟ لماذا لا يكون أي شيء آخر سوى الله؟
وكذلك العقل يقول: إن كان للكون موجد فلابد من أن يكون الموجد واحدا من اثنين، الأول إما أن يكون مثله في كل شيء، الثاني إما أن يكون ليس مثله في كل شيء، فإن كان مثله في كل شيء فهو مخلوق حادث مثل خلقه، وإن كان ليس مثله في كل شيء -وجميعنا يقر بأن الخالق ليس مادة والخلق مادة-، فمن المحال أن يخلق من ليس مادة الموجود الأزلي المخلوق المادة المحدث، لأن الخالق الأول لو كان هو علة وجود الخلق فلا يمكن للعلة أن تفارق المعلول بأي وجه من الوجه، وعليه فلو كانت العلة أزلية فكذلك المعلول أزلي مثل علته.
وكذلك العقل يقول: لو كان للكون صانع أول أو خالق أول فلا يخلو ذلك الصانع أو الخالق من أنه صنع العالم أو خلق الكون لجلب نفع أو دفع ضر أو لأنه أُجبِر أو اضطر إلى ذلك، وفي كل الأحوال هو مخلوق محدث كخلقه، لأن الصانع الأول الأزلي لا ينفعه ولا يضره ولا يجبره ولا يضطره شيء من مخلوقاته فهذه أحوال المخلوقات الحادثة الضعيفة المحتاجة وإلا فهو حادث مثلها ومحتاج مثلها، أما من يعترض ويقول إن الخالق الأول أو الصانع الأول صنع العالم ليس من أجل شيء، فقد خرج على براهين وأدلة العقل (إن وجد حقا ما يسمى "عقل") إذ لا يمكن تصور حدوث شيء أو فعل شيء من دون جلب منفعة أو دفع مضرة أو إجبار أو اضطرار.
فإن عاد واعترض المعترض وقال: ولكن هذه تصوراتنا نحن البشر المخلوقة الحادثة إذ لا يمكن تطبيق موازين وقوانين ومعايير الخلق المحدثة المخلوقة على الله، فهو ليس مثلها، وهي ليست مثله، قلنا له: وهل ما تسمونه عقلا هل براهينه وأدلته هي ميزان ومعيار وقانون محدث مخلوق أم هي أزلية؟ فإن قالوا: هي محدثة مخلوقة، فقد ردوا على أنفسهم بأنفسهم أنه لا يمكن تطبيق معيار وقانون وتقييم العقل الحادث المخلوق على الله الأزلي الخالق، أما إن قالوا: هي أزلية. فقد قالوا بتعدد الأزليين.
وكذلك قد يعترض معترض ممن يألهون العقل البشري (إن وجد حقا ما يسمى "العقل البشري") ويقول: نحن نتفق معكم في أنه لا يمكن للأزلي أن ينتج غير أزلي، أو لا يمكن لغير المادي أن ينتج ما هو مادي، فنحن لا نقول بأن الله علة مباشرة في الخلق والصنع والإيجاد، فالمادة الأولى لم تنشأ عن الله مباشرة، ولكننا نقول إن المادة الأولى نشأت عن "إرادة أولى" صنعت وخلقت المادة بكل خصائصها وصورها وما هي عليه في هيئتها الآن.
وجواباً على هذا الاعتراض أقول: هذا الاعتراض يرجعنا لندور في نفس الحلقة المفرغة حيث كنا، والسؤال الآن: هل تلك الإرادة التي أنشأت وصنعت وخلقت الكون هل هي ذات الله؟ أم جزء منه؟ أم هي شيء غير الله؟، فإن كانت هي الله أو جزء منه فما الفرق بين الله وإرادته إن كانت من ذات الله؟ وما الفرق بين الله وجزء منه؟ إذ الجزء هو بعض من الكل، وإذا كانت تلك الإرادة ليست هي الله ولا جزء منه فهناك إرادة أزلية قديمة مع الله لكنها ليست هي الله، وبالتالي فهناك أزلي قديم آخر مع الله.
ياليت من يألهون العقل البشري من المعتزلة ومن لهث خلفهم أن يراجعوا عقولهم (إن وجد حقا ما يسمى "عقولهم") وينظروا هل صلحت عقولهم حقا في معرفة الله؟؟
قد يغتبض وينتشي ويفرح بعض من يألهون العقل من العلمانيين والملحدين واللادينيين واللأدريين بهذا الكلام ويقول في نفسه: نعم هذه هي نتيجة العقل الصحيحة الصواب التي تثبت عدم وجود فاعل أول أو موجد أول أو إله خالق أول لهذا الكون.
إلا أن عقول هؤلاء (إن وجد حقا ما يسمى "عقول") كذلك لم تجب ولن تجد أجوبة عقلية عن الأسئلة الملحة المشروعة التي لم تزل تلح ولن تبرح تلح وتسأل: من خلقنا؟ من أوجدنا؟ من أين جئنا؟ من أتى بنا؟ لماذا نحن هنا؟ وإلى أين نذهب؟.
هل أوجدتنا الصدفة؟
ما هي الصدفة؟ أو من هي الصدفة؟ ما كنهها؟ من شاهدها؟ من أوجدها؟ كيف جاءت؟ ونغوص لآذاننا في يمٍ من الأسئلة الثكلى التي لا مجيب لها.
هل العلم يمتلك جواباً؟
ما هو العلم؟ أو من هو العلم؟ أي علم من العلوم؟ علم مَن مِن العلماء؟ أي نظرية علمية هي الصحيحة والصواب ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها؟ ألن تظهر نظريات أخرى جديدة في المستقبل تدحض كل ما نطلق عليه الآن "نظريات علمية" كما حدث من قبل في شتى النظريات العلمية في كافة مناحي العلم؟؟.
إن براهين العقل وأدلته القاطعة (إن وجد حقا ما يسمى "عقل") تقول: لم ولن يكون في هذه الحياة منذ أن وجدت، موجود بدون موجد، أو سبب بدون مسبب، أو علة بدون معلول، لكن في المقابل كيف نفس هذا العقل هو هو بأدلته وبراهينه _ كما هو الحال في عقول أهل الإلحاد واللادينية_ يقبل أن يوجد هذا الكون بجملته أو هذه الحياة بجملتها، بلا موجد أول، وبلا سبب أول، وبلا علة أولى، وجدت بدون موجد؟؟.
ياليت من يألهون العقل البشري أن يراجعوا عقولهم (إن وجد حقا ما يسمى "عقولهم") وينظروا هل صلحت عقولهم حقا لدحض حقيقة فكرة وجود إله خالق لهذا الكون وجد من دون موجد؟؟.
كم أعجب وكم أشفق على من يلهثون خلف من يحاولون تعبيد الناس لعقولهم، فكم يبددون أوقاتهم وأعمارهم وجهدهم خلف سراب لن يدلهم على شيء ولن يهديهم إلى حق.



المغالطات المنطقية .......... مقال مترجم



حتى ولو كانت كل المعطيات صحيحة فمن الممكن للحجة أن تكون غير سليمة إذا كان المنطق المستخدم غير سليم، تسمى هذه الحالة بالمغالطات المنطقية. فالعقل البشري لم يتكيف مع استخدام المنطق بكل دقة، فهناك أفخاخاَُ منطقية تنجذب عقولنا إليها، فيجب أن نكون واعين بها ونحاول أن نتفاداها.ف هناك ميل إلى البدء من النتيجة قبل بناء حجة تدعم هذه النتيجة، وأغلب الناس سيستخدم المغالطات المنطقية ليبني حجة تؤدي إلى النتيجة المطلوبة. في الحقيقة، إذا كانت النتيجة غير صحيحة فيجب استخدام إما معطى خاطئ أو مغالطة منطقية لبناء حجة تؤدي إليها. تذكّر، إن الحجة السليمة لا يمكن أن تؤدي إلى نتيجة خاطئة ابداً. لذلك يجب أن نتعلم كيف نتعرف على المغالطات المنطقية لكي نقدم حججاً منطقية سليمة قوية.

فمن المغالطات المنطقية الشائعة:

عدم الترابط Non-sequitur

تطلق عندما تكون نتيجة الحجة لا تنبع بالضرورة من المعطيات، أو بمعنى آخر النتيجة قد تكون صحيحة أو غير صحيحة ولكن تكون الحجة غير سليمة لأن هناك عدم ترابط بين المعطيات والنتيجة.
وكل المغالطات المنطقية تشترك بعدم الترابط، مثالاً:
عمار يعيش في عمارة كبيرة؛ إذاً، عمار يعيش في شقة كبيرة.
العيش في عمارة كبيرة لا يعني العيش في شقة كبيرة، فالعمارة الكبيرة قد تحتوي على شقق صغيرة.

التحريف Strawman

هو تحريف حجة الطرف الآخر لتسهيل الانتقاد ولجعل حجتك تبدو قوية وسليمة.
مثلاً: قال صالح: “يجب أن نزيد ميزانية التعليم والصحة.” ورد علية مازن، “أستغرب من كره صالح للوطن لدرجة استعداده لترك الوطن بدون أي دفاع بتقليصه لميزانية الجيش.”
مازن لا يملك أي انتقاد هادف لحجة صالح، لذلك ستخدم حجة التحريف للهجوم على صالح وجعل حجته تبدو أقوى من حجة صالح.

حدث بعده، إذاً هو سببه Post hoc ergo propter hoc

لربما تكون هذه المغالطة الأكثر شيوعاً، فهي تتبع شكلاً بسيطاً وهو س حدث قبل ص، إذاً، س سبّب ص، و هكذا يُفترض السبب والنتيجة لحادثتين فقط لحدوثهما مؤقتاً بعد بعض، مثال:
مستنداً على رسم بياني، وضح مازن أن درجة حرارة الأرض ترتفع على طيلة مدار القرن السابق، وبنفس الوقت عدد القراصنة يقل؛ إذاً، القراصنة يحفظون برودة المناخ والإحترار العالمي ما هو إلا خدعة.
ولكن في الحقيقة ربما يكون هناك حادثة ثالثة تسبب الحادثتين أو سبب حدوث الحادثتين مجرد صدفة.

إلتماس المشاعر Appeal to emotion

وهي محاولة إثارة المشاعر بدلاً من تقديم حجة سليمة وقوية. من المهم الملاحظة أن في بعض الأحيان قد تثير حجة سليمة منطقياً بعض المشاعر، أو أن تحتوي على جانب مشاعري، ولكن تحدث المغالطة عندما تستخدم المشاعر بدلاً من الحجة، أو لإخفاء الضعف في الحجة، مثلاً:
مازن يحاول بيع جهاز محمول لصالح، “هذا الجهاز لم يصنع منه إلا ألف جهاز، الكل سيحسدك على امتلاكك لهذا الجهاز، الكل سيريد أن يكون مثلك، لا يملك هذا الجهاز إلا من أراد التميز.
ففي المثال، مازن لم يحاول إقناع صالح بخصائص الجهاز، أو ميزاته عن الأنواع الأخرى، بل حاول إقناع صالح بإثارة مشاعره.

الشخْصَنة Ad hominem

مغالطة الشخْصَنة تحدث عندما يُرد على حجة بالهجوم على صاحب الحجة بدلاً من الحجة نفسها، مثلاً:
بعد ما قدمت ساره حل مقنع يقضي على مشكلة الطلاق، سأل مازن الجمهور، “هل تصدقون ما تقوله هذه المرأة؟ فهي لا تملك شهادة جامعية وغير متزوجة.”
ويجب التنويه أن الإهانة بحد ذاتها لا تعتبر مغالطة منطقية، ولكن إذا أُطلق على الحجة أنها غير صحيحة فقط لأن صاحب الحجة لدية صفة معينة فتكون مغالطة. وتستخدم هذه المغالطة لإضعاف حجة الخصم بدون مناقشة الحجة نفسها.

الاحتكام إلى سُلطة Argument from authority

هذا النوع من المغالطات هو الأسهل في التعرف عليه، و يحدث عندما يتم إسناد النتيجة على حكم شخص أو أشخاص خبراء بموضوع الحجة، مثلاً:
أستاذي في الجامعة صاحب شهادات عِلمية ولدية خبرة بالموضوع، يقول أن الأرض مسطحة؛ إذاً، الأرض مسطحة.
غالباً ما تحتوي الحجة على تأكيد عدد سنين خبرة صاحب السُلطة، أو ذِكر مستواه التعليمي، أو شهاداته. وعكس هذه المغالطة أيضاً يستخدم: “إن صاحب الحجة لا يمتلك (الخبرة، التعليم، الشهادات)، اذاً حجته لابد من أن تكون خاطئة” وهذا الاستخدام يدخل تحت مغالطة الشَخْصنة.
في التطبيق قد تكون هذه المغالطة معقدة من حيث التعامل معها، فإن من الجائز أن يؤخذ بعين الاعتبار خبرات أو شهادات الشخص عندما نحلل حجته، أيضاً إجماع العلماء في الموضوع له سُلطة لابد من أن تؤخذ بعين الاعتبار. الاحتكام إلى سُلطة لا يجعل الحجة صحيحة، ففي النهاية كلنا بشر.
هناك أيضاً انواع عدة تحت هذه المغالطة، منها الاحتكام إلى الشعبية (Argument from popularity) وهي بناء حجة على معطى: “إن الأكثرية يفعلون أو يصدقون شيئاً ما، فلابد أن يكون هذا الشيء صحيحاً”، مثلاً:
الكل يعتقد أن الشمس تدور حول الأرض؛ إذاً، الشمس تدور حول الأرض.
ونوع آخر هو الاحتكام إلى الأفكار المتوارثة (Argument from antiquity) وهي بناء حجة على معطى “إنه متعارف عليه منذ قدم الزمن، إذا لابد من أن يكون صحيح”، مثلاً:
استخدم الصينيون الوخز بالإبر في معالجة الأمراض منذ أكثر من الفي سنة؛ إذاً، العلاج بالإبر يشفي الأمراض.
وطبعاً هناك دراسات علمية كثيرة تثبت أن العلاج بالإبر لا يشفي الأمراض.

مغالطة المغالطة The fallacy fallacy

هي افتراض أن استنتاج حجة ما خاطئ لسبب احتوائها على مغالطات منطقية أو كونها غير سليمة. ففي بعض الأحيان تُربح المناقشة ليس بسبب صحة حجة الفائز ولكن بسبب أن الفائز هو الأفضل في النقاش وبناء الحجج. مثلاً:
قال صالح لمازن، “أستاذي في المدرسة يقول أن التدخين يضر بالصحة، فيجب أن تقلع عن التدخين،” ورد مازن عليه، “استخدمت مغالطة الاحتكام إلى سُلطة؛ إذاً، حجتك خاطئة والتدخين لا يضر بالصحة.”
فيجب علينا أن لا نتسرع بالحكم على عدم صحة الاستنتاج بسبب سوء تقديم الحجة أو احتوائها على مغالطات منطقية.

سد الذرائع Slippery slope

هي ربط حدوث أمرٍ ما بحدوث عدد من الأمور التي تنتهي بحدث سلبي، ولذلك يجب عدم حدوث الأمر الأول، مثلاً:
يقول مازن لصالح “إن لم تدرس يوم الخميس لن تحصل على درجات عالية، وإن لم تحصل على درجات عالية لن تستطيع دخول الجامعة، وإن لم تستطع دخول جامعة لن تستطيع أن تجد وظيفة، وأن لم تستطع أن تجد وظيفة سوف تكون بواب مدرسة. هل تريد أن تكون بواب مدرسة؟ إذاً، يجب أن تدرس يوم الخميس.”
هذه المغالطة تستخدم لتتجنب مناقشة الحجة وتحول الانتباه إلى أمور أخرى افتراضية.

وأنت كذلك Tu quoque

هذه المغالطة تدخل تحت مغالطة الشَخْصنة، ولكن تستخدم كثيراً لذلك تستحق أن تكون في جزء خاص بها، فهي تحدث عند تفادي مناقشة الحجة ومحاولة عكسها على صاحب الحجة، مثلاً:
دكتور مدخن لمريض، “يجب أن تقلع عن التدخين.” رد المريض، “كيف اسمع بنصيحتك و أنت مدخن.”
فيعتقد المريض أن حجة الدكتور خاطئة لأن الدكتور منافق.

حجة من جهل Argument from ignorance

هي انتقاد صحة أمرٍ ما لعدم وجود أدله تثبت عدم صحته، مثلاً:
قال صالح، “لا توجد أدلة علمية تدعم تأثير الظواهر الفلكية بحياة الأفراد على الأرض، إذاً التنجيم خرافة.” ورد مازن، “في وقتنا الحالي لا نملك المعرفة الكافية لنستطيع تفسير كل الظواهر الفلكية، فلا نستطيع أن نثبت أن التنجيم خرافة ولذلك، التنجيم ليس خرافة.”
وهذه المغالطة تُستخدم أحياناً لنقل عبء الإثبات من صاحب الحجة إلى الطرف الآخر، ففي المثال السابق مازن نقل عبء إثبات أن التنجيم خرافة وربطه بوجوب معرفة كل ما يمكن معرفته عن الظواهر الفلكية، بدلاً من إثبات تأثير الظواهر الفلكية على حياة الأشخاص.
و من الحالات الخاصة لهذه المغالطة هو الخلط بين الذي لا نستطيع تفسيره مع غير القابل للتفسير، فعدم وجود تفسير لظاهرة ما لا يعني أننا لا نستطيع تفسيرها في المستقبل أو كونها ظاهرة غير قابلة للتفسير خارجة عن الطبيعة، فكان يُعتقد أن كسوف الشمس هو ظاهرة غير قابلة للتفسير ولكن في وقتنا الحالي يوجد تفسير علمي لها، بل نستطيع أن نتنبأ بالكسوف قبل حدوثه.

اِلتماس الأعذار Special pleading

هو تقديم أعذار عند إدراك عدم صحة الحجة، فبدلاً من المصداقية مع النفس والاعتراف بالخطأ نخلق أعذاراً لنستمر بتصديق معتقداتنا، مثلاً:
مازن يدعي بأنه يستطيع قراءة الأفكار، لكن بعد اختبار “قدراته” بواسطة اختبارات عِلمية صارمة، اختفت قدراته. برر مازن أن سبب اختفائها هو، “يجب أن تؤمن بقدراتي لتعمل.”
فخلق الأعذار لتبرير عدم الصحة أسهل علينا من الاعتراف بالخطأ. وهذه المغالطة تستخدم بكثرة عند مناقشة من يؤمنون بالمؤامرات.

خلط الارتباط بالأسباب Correlation does not imply causation

هذه المغالطة هي الشكل العام لمغالطة حدث بعده، إذاً هو سببه، فارتباط حدوث أمرين لا يقتضي بأن أحدهما يسبب الآخر، مثلاً:
عند ارتفاع مبيعات المثلجات، يزداد معدل الوفيات بسبب الغرق إذاً، أكل المثلجات يسبب الغرق.
المثال السابق لا يأخذ بعين الاعتبار الوقت والحرارة مع مبيعات المثلجات، فالمثلجات تزداد مبيعاتها في أشهر الصيف الحارة، وتنخفض مبيعاتها في الأشهر الباردة، وفي الأشهر الحارة تكثر النشاطات المائية مثل السباحة والغوص ولذلك، زيادة هذه النشاطات هي سبب زيادة معدل الغرق وليست المثلجات. واحتمال آخر، أن يكون ارتفاع معدل الحدثين مجرد صدفة.
لإثبات أن هناك علاقة سببية بين حدثين لابد من تحليل عدة أحداث مرتبطة لإثبات أن هناك علاقة سببية، فإذا كانت العلاقة سببية فالزيادة في الحدث الأول يُنتج الزيادة في الحدث الثاني. مثلاً، لوحظ أن التدخين مرتبط مع الإصابة بسرطان الرئة، فصرحت شركات التبغ أن هذه مغالطة منطقية فالارتباط لا يعني التسبب، فقالت الشركات أن هناك “عامل س”، عامل آخر هو المسبب لكل من سرطان الرئة والتدخين. ولكن إذا كان التدخين يسبب سرطان الرئة، إذاً كلما طالت مدة التدخين كلما ازداد خطر الإصابة بالسرطان والتوقف عن التدخين يجب أن يقلل خطر الإصابة بالسرطان، تدخين السيجارة بدون فلتر يجب أن يزيد خطر الإصابة بالسرطان، الخ. إذا كانت كل هذه الارتباطات صحيحة (وهي صحيحة)، إذاً افتراضنا أن التدخين يسبب سرطان الرئة يكون الافتراض الأكثر احتمالية ولا تكون مغالطة منطقية إذا استنتجنا من هذه الأدلة أن التدخين يسبب سرطان الرئة.

مغالطة الاتصال False continuum

وهي الاعتقاد بأن عدم وجود خط فاصل بين طرفين متصلين يعنى أن الطرفين لا يمكن التفرقة بينهما، فتعني هذه المغالطة أن وجود الحرارة والبرودة على نفس خط الدراجات المئوية يعني عدم وجود درجة حرارة يمكن وصفها بأنها حارة أو باردة. مثال للمغالطة:
لا يمكن وصف مازن بالصلع، فمازن ليس أصلع الآن. لكن، إذا سقطت شعره واحده من مازن لن تجعله أصلعا. وإذا سقطت شعره ثانية، أيضاً لن تجعله أصلعا. فلذلك، مهما كان عدد الشعر المتساقط من مازن، لا يمكن وصفه أصلعا.
على حسب هذه المغالطة، التغير في الحال لا يمكن أن ينتُج من التغير في العدد، فلا يوجد فقراء، أغنياء، أطفال، مسنين، سمناء، نحفاء، الخ.
فهناك حالات معقولة واضحة وحالات غير معقولة واضحة بحيث أن أمراً ما يمكن وصفه بأنه ينتمي أو لا ينتمي لمجموعة محددة من الأمور على حسب خصائصه. فحتى لو كان تعريف الخصائص غامضاً، فباستطاعتنا تعيين الحالات على حسب هذه الخصائص الغامضة ووجود حالات صعبة أو مثيرة للجدل لا يمنعنا من التفرقة يبن كل أفراد المجموعة.

التقسيم الخاطئ False dichotomy

وهي تقليص عدة احتمالات لشيء ما إلى احتمالين فقط، فهي إلى حدٍ ما عكس مغالطة الاتصال، فهي تستخدم لتبسيط خط اتصال له عدة نقاط إلى طرفين فقط، مثل درجة الحرارة و القول أن هنالك إما برودة أو حرارة مع تجاهل درجات الحرارة المتوسطة.
وتستخدم هذه المغالطة أحياناً لإجبار الخصم على اختيار عدة اختيارات منتقاة وإيهامه بعدم وجود اختيارات أخرى، مثلاً في خطاب لجورج بوش عن الحرب ضد الإرهابيين:
إما أن تكون معنا، أو تكون مع الإرهابيين.
فالمثال يتجاهل الخيار المحايد “لست معك ولا مع الإرهابيين”.

مغالطة الشخص الذي.. Anecdotal Evidence

هي استخدام قصص و تجارب شخصية (الشخص الذي حدث له…، الشخص الذي جرب…) كبرهان لصحة أمرً ما أو استخدام أدلة لم تجمع بطريقة علمية في الحجة، مثلاً:
قال مازن، “جدي يدخن ٣٠ سيجارة في اليوم وعاش ٩٧ سنة – فلا تصدق كل شيء تسمعه.”
فيجب أن نتذكر أن التجارب الشخصية تكون حالة واحدة من حالات كثيرة، فلا نستطيع معرفة ما إذا كانت هذه الحالة شاذة أو مشابهة للحالات الأخرى. في المثال السابق، هناك دراسات علمية إحصائية تثبت أن التدخين يسبب سرطان الرئة وبناءً على البيانات نستنتج أن جد مازن يعتبر حالة شاذة أو مصداقية مازن مشكوك بها، ولكن في أمور أخرى يصعب التفريق بين الحالات الشاذة وغير الشاذة لعدم توفر بيانات كافية.
عند التفكير في هذه الحجة، نجد أن أغلب هذه التجارب هي حالات شاذة، فبسبب الانحياز التأكيدي معظم التجارب التي يتذكرها الإنسان هي إما تجارب داعمة لأفكاره وافتراضاته أو تجارب شاذة عن المتعارف عليه. فيجب استخدام طرق علمية إحصائية لدارسة الحالات للتفريق بين التجارب الطبيعية والتجارب الشاذة.

مغالطة القناص Texas Sharpshooter

هي انتقاء البيانات التي تدعم الحجة مع تجاهل البيانات التي لا تدعم الحجة، مثلاً:
صرحت شركة مشروبات غازية أن ثلاثة من الخمس دول الأولى في قائمة المبيعات، تعتبر من الدول العشر الأولى في قائمة الصحة.
سميت هذه المغالطة على الذي يرمي الجدار بالبندقية ثم يرسم نقطة الهدف على موقع الرصاصة ثم يدعي بأنه قناص. هذه المغالطة تحدث عند محاولة تحليل البيانات بدون تكوين فرضية دقيقة، فغالباً ما يكثر استخدام هذه المغالطة في علم الأعداد، والتنجيم، وقراءة الفنجان، والأبراج.

الحجة الدائرية Circular Reasoning

وهي استخدام الاستنتاج المراد الوصول إليه كأحد المعطيات، مثلاً:
أنجح محافظ على الإطلاق هو المحافظ مازن لأنه أفضل محافظ بتاريخ المدينة.
بمعنى آخر، سبب نجاح مازن هو أنه ناجح. عادةً ما يصاغ الاستنتاج بطريقة أخرى ويقدم كمعطى قد لا يبدو مشابه للاستنتاج من الوهلة الأولى.
.
.

مقال مترجم
.
.

فمن المغالطات المنطقية الشائعة:
عدم الترابط Non-sequitur
تطلق عندما تكون نتيجة الحجة لا تنبع بالضرورة من المعطيات، أو بمعنى آخر النتيجة قد تكون صحيحة أو غير صحيحة ولكن تكون الحجة غير سليمة لأن هناك عدم ترابط بين المعطيات والنتيجة.وكل المغالطات المنطقية تشترك بعدم الترابط، مثالاً:عمار يعيش في عمارة كبيرة؛ إذاً، عمار يعيش في شقة كبيرة.العيش في عمارة كبيرة لا يعني العيش في شقة كبيرة، فالعمارة الكبيرة قد تحتوي على شقق صغيرة.
التحريف Strawman
هو تحريف حجة الطرف الآخر لتسهيل الانتقاد ولجعل حجتك تبدو قوية وسليمة.مثلاً: قال صالح: “يجب أن نزيد ميزانية التعليم والصحة.” ورد علية مازن، “أستغرب من كره صالح للوطن لدرجة استعداده لترك الوطن بدون أي دفاع بتقليصه لميزانية الجيش.”مازن لا يملك أي انتقاد هادف لحجة صالح، لذلك ستخدم حجة التحريف للهجوم على صالح وجعل حجته تبدو أقوى من حجة صالح.
حدث بعده، إذاً هو سببه Post hoc ergo propter hoc
لربما تكون هذه المغالطة الأكثر شيوعاً، فهي تتبع شكلاً بسيطاً وهو س حدث قبل ص، إذاً، س سبّب ص، و هكذا يُفترض السبب والنتيجة لحادثتين فقط لحدوثهما مؤقتاً بعد بعض، مثال:مستنداً على رسم بياني، وضح مازن أن درجة حرارة الأرض ترتفع على طيلة مدار القرن السابق، وبنفس الوقت عدد القراصنة يقل؛ إذاً، القراصنة يحفظون برودة المناخ والإحترار العالمي ما هو إلا خدعة.ولكن في الحقيقة ربما يكون هناك حادثة ثالثة تسبب الحادثتين أو سبب حدوث الحادثتين مجرد صدفة.
إلتماس المشاعر Appeal to emotion
وهي محاولة إثارة المشاعر بدلاً من تقديم حجة سليمة وقوية. من المهم الملاحظة أن في بعض الأحيان قد تثير حجة سليمة منطقياً بعض المشاعر، أو أن تحتوي على جانب مشاعري، ولكن تحدث المغالطة عندما تستخدم المشاعر بدلاً من الحجة، أو لإخفاء الضعف في الحجة، مثلاً:مازن يحاول بيع جهاز محمول لصالح، “هذا الجهاز لم يصنع منه إلا ألف جهاز، الكل سيحسدك على امتلاكك لهذا الجهاز، الكل سيريد أن يكون مثلك، لا يملك هذا الجهاز إلا من أراد التميز.ففي المثال، مازن لم يحاول إقناع صالح بخصائص الجهاز، أو ميزاته عن الأنواع الأخرى، بل حاول إقناع صالح بإثارة مشاعره.
الشخْصَنة Ad hominem
مغالطة الشخْصَنة تحدث عندما يُرد على حجة بالهجوم على صاحب الحجة بدلاً من الحجة نفسها، مثلاً:بعد ما قدمت ساره حل مقنع يقضي على مشكلة الطلاق، سأل مازن الجمهور، “هل تصدقون ما تقوله هذه المرأة؟ فهي لا تملك شهادة جامعية وغير متزوجة.”ويجب التنويه أن الإهانة بحد ذاتها لا تعتبر مغالطة منطقية، ولكن إذا أُطلق على الحجة أنها غير صحيحة فقط لأن صاحب الحجة لدية صفة معينة فتكون مغالطة. وتستخدم هذه المغالطة لإضعاف حجة الخصم بدون مناقشة الحجة نفسها.
الاحتكام إلى سُلطة Argument from authority
هذا النوع من المغالطات هو الأسهل في التعرف عليه، و يحدث عندما يتم إسناد النتيجة على حكم شخص أو أشخاص خبراء بموضوع الحجة، مثلاً:أستاذي في الجامعة صاحب شهادات عِلمية ولدية خبرة بالموضوع، يقول أن الأرض مسطحة؛ إذاً، الأرض مسطحة.غالباً ما تحتوي الحجة على تأكيد عدد سنين خبرة صاحب السُلطة، أو ذِكر مستواه التعليمي، أو شهاداته. وعكس هذه المغالطة أيضاً يستخدم: “إن صاحب الحجة لا يمتلك (الخبرة، التعليم، الشهادات)، اذاً حجته لابد من أن تكون خاطئة” وهذا الاستخدام يدخل تحت مغالطة الشَخْصنة.في التطبيق قد تكون هذه المغالطة معقدة من حيث التعامل معها، فإن من الجائز أن يؤخذ بعين الاعتبار خبرات أو شهادات الشخص عندما نحلل حجته، أيضاً إجماع العلماء في الموضوع له سُلطة لابد من أن تؤخذ بعين الاعتبار. الاحتكام إلى سُلطة لا يجعل الحجة صحيحة، ففي النهاية كلنا بشر.هناك أيضاً انواع عدة تحت هذه المغالطة، منها الاحتكام إلى الشعبية (Argument from popularity) وهي بناء حجة على معطى: “إن الأكثرية يفعلون أو يصدقون شيئاً ما، فلابد أن يكون هذا الشيء صحيحاً”، مثلاً:الكل يعتقد أن الشمس تدور حول الأرض؛ إذاً، الشمس تدور حول الأرض.ونوع آخر هو الاحتكام إلى الأفكار المتوارثة (Argument from antiquity) وهي بناء حجة على معطى “إنه متعارف عليه منذ قدم الزمن، إذا لابد من أن يكون صحيح”، مثلاً:استخدم الصينيون الوخز بالإبر في معالجة الأمراض منذ أكثر من الفي سنة؛ إذاً، العلاج بالإبر يشفي الأمراض.وطبعاً هناك دراسات علمية كثيرة تثبت أن العلاج بالإبر لا يشفي الأمراض.
مغالطة المغالطة The fallacy fallacy
هي افتراض أن استنتاج حجة ما خاطئ لسبب احتوائها على مغالطات منطقية أو كونها غير سليمة. ففي بعض الأحيان تُربح المناقشة ليس بسبب صحة حجة الفائز ولكن بسبب أن الفائز هو الأفضل في النقاش وبناء الحجج. مثلاً:قال صالح لمازن، “أستاذي في المدرسة يقول أن التدخين يضر بالصحة، فيجب أن تقلع عن التدخين،” ورد مازن عليه، “استخدمت مغالطة الاحتكام إلى سُلطة؛ إذاً، حجتك خاطئة والتدخين لا يضر بالصحة.”فيجب علينا أن لا نتسرع بالحكم على عدم صحة الاستنتاج بسبب سوء تقديم الحجة أو احتوائها على مغالطات منطقية.
سد الذرائع Slippery slope
هي ربط حدوث أمرٍ ما بحدوث عدد من الأمور التي تنتهي بحدث سلبي، ولذلك يجب عدم حدوث الأمر الأول، مثلاً:يقول مازن لصالح “إن لم تدرس يوم الخميس لن تحصل على درجات عالية، وإن لم تحصل على درجات عالية لن تستطيع دخول الجامعة، وإن لم تستطع دخول جامعة لن تستطيع أن تجد وظيفة، وأن لم تستطع أن تجد وظيفة سوف تكون بواب مدرسة. هل تريد أن تكون بواب مدرسة؟ إذاً، يجب أن تدرس يوم الخميس.”هذه المغالطة تستخدم لتتجنب مناقشة الحجة وتحول الانتباه إلى أمور أخرى افتراضية.
وأنت كذلك Tu quoque
هذه المغالطة تدخل تحت مغالطة الشَخْصنة، ولكن تستخدم كثيراً لذلك تستحق أن تكون في جزء خاص بها، فهي تحدث عند تفادي مناقشة الحجة ومحاولة عكسها على صاحب الحجة، مثلاً:دكتور مدخن لمريض، “يجب أن تقلع عن التدخين.” رد المريض، “كيف اسمع بنصيحتك و أنت مدخن.”فيعتقد المريض أن حجة الدكتور خاطئة لأن الدكتور منافق.
حجة من جهل Argument from ignorance
هي انتقاد صحة أمرٍ ما لعدم وجود أدله تثبت عدم صحته، مثلاً:قال صالح، “لا توجد أدلة علمية تدعم تأثير الظواهر الفلكية بحياة الأفراد على الأرض، إذاً التنجيم خرافة.” ورد مازن، “في وقتنا الحالي لا نملك المعرفة الكافية لنستطيع تفسير كل الظواهر الفلكية، فلا نستطيع أن نثبت أن التنجيم خرافة ولذلك، التنجيم ليس خرافة.”وهذه المغالطة تُستخدم أحياناً لنقل عبء الإثبات من صاحب الحجة إلى الطرف الآخر، ففي المثال السابق مازن نقل عبء إثبات أن التنجيم خرافة وربطه بوجوب معرفة كل ما يمكن معرفته عن الظواهر الفلكية، بدلاً من إثبات تأثير الظواهر الفلكية على حياة الأشخاص.و من الحالات الخاصة لهذه المغالطة هو الخلط بين الذي لا نستطيع تفسيره مع غير القابل للتفسير، فعدم وجود تفسير لظاهرة ما لا يعني أننا لا نستطيع تفسيرها في المستقبل أو كونها ظاهرة غير قابلة للتفسير خارجة عن الطبيعة، فكان يُعتقد أن كسوف الشمس هو ظاهرة غير قابلة للتفسير ولكن في وقتنا الحالي يوجد تفسير علمي لها، بل نستطيع أن نتنبأ بالكسوف قبل حدوثه.
اِلتماس الأعذار Special pleading
هو تقديم أعذار عند إدراك عدم صحة الحجة، فبدلاً من المصداقية مع النفس والاعتراف بالخطأ نخلق أعذاراً لنستمر بتصديق معتقداتنا، مثلاً:مازن يدعي بأنه يستطيع قراءة الأفكار، لكن بعد اختبار “قدراته” بواسطة اختبارات عِلمية صارمة، اختفت قدراته. برر مازن أن سبب اختفائها هو، “يجب أن تؤمن بقدراتي لتعمل.”فخلق الأعذار لتبرير عدم الصحة أسهل علينا من الاعتراف بالخطأ. وهذه المغالطة تستخدم بكثرة عند مناقشة من يؤمنون بالمؤامرات.
خلط الارتباط بالأسباب Correlation does not imply causation
هذه المغالطة هي الشكل العام لمغالطة حدث بعده، إذاً هو سببه، فارتباط حدوث أمرين لا يقتضي بأن أحدهما يسبب الآخر، مثلاً:عند ارتفاع مبيعات المثلجات، يزداد معدل الوفيات بسبب الغرق إذاً، أكل المثلجات يسبب الغرق.المثال السابق لا يأخذ بعين الاعتبار الوقت والحرارة مع مبيعات المثلجات، فالمثلجات تزداد مبيعاتها في أشهر الصيف الحارة، وتنخفض مبيعاتها في الأشهر الباردة، وفي الأشهر الحارة تكثر النشاطات المائية مثل السباحة والغوص ولذلك، زيادة هذه النشاطات هي سبب زيادة معدل الغرق وليست المثلجات. واحتمال آخر، أن يكون ارتفاع معدل الحدثين مجرد صدفة.لإثبات أن هناك علاقة سببية بين حدثين لابد من تحليل عدة أحداث مرتبطة لإثبات أن هناك علاقة سببية، فإذا كانت العلاقة سببية فالزيادة في الحدث الأول يُنتج الزيادة في الحدث الثاني. مثلاً، لوحظ أن التدخين مرتبط مع الإصابة بسرطان الرئة، فصرحت شركات التبغ أن هذه مغالطة منطقية فالارتباط لا يعني التسبب، فقالت الشركات أن هناك “عامل س”، عامل آخر هو المسبب لكل من سرطان الرئة والتدخين. ولكن إذا كان التدخين يسبب سرطان الرئة، إذاً كلما طالت مدة التدخين كلما ازداد خطر الإصابة بالسرطان والتوقف عن التدخين يجب أن يقلل خطر الإصابة بالسرطان، تدخين السيجارة بدون فلتر يجب أن يزيد خطر الإصابة بالسرطان، الخ. إذا كانت كل هذه الارتباطات صحيحة (وهي صحيحة)، إذاً افتراضنا أن التدخين يسبب سرطان الرئة يكون الافتراض الأكثر احتمالية ولا تكون مغالطة منطقية إذا استنتجنا من هذه الأدلة أن التدخين يسبب سرطان الرئة.
مغالطة الاتصال False continuum
وهي الاعتقاد بأن عدم وجود خط فاصل بين طرفين متصلين يعنى أن الطرفين لا يمكن التفرقة بينهما، فتعني هذه المغالطة أن وجود الحرارة والبرودة على نفس خط الدراجات المئوية يعني عدم وجود درجة حرارة يمكن وصفها بأنها حارة أو باردة. مثال للمغالطة:لا يمكن وصف مازن بالصلع، فمازن ليس أصلع الآن. لكن، إذا سقطت شعره واحده من مازن لن تجعله أصلعا. وإذا سقطت شعره ثانية، أيضاً لن تجعله أصلعا. فلذلك، مهما كان عدد الشعر المتساقط من مازن، لا يمكن وصفه أصلعا.على حسب هذه المغالطة، التغير في الحال لا يمكن أن ينتُج من التغير في العدد، فلا يوجد فقراء، أغنياء، أطفال، مسنين، سمناء، نحفاء، الخ.فهناك حالات معقولة واضحة وحالات غير معقولة واضحة بحيث أن أمراً ما يمكن وصفه بأنه ينتمي أو لا ينتمي لمجموعة محددة من الأمور على حسب خصائصه. فحتى لو كان تعريف الخصائص غامضاً، فباستطاعتنا تعيين الحالات على حسب هذه الخصائص الغامضة ووجود حالات صعبة أو مثيرة للجدل لا يمنعنا من التفرقة يبن كل أفراد المجموعة.
التقسيم الخاطئ False dichotomy
وهي تقليص عدة احتمالات لشيء ما إلى احتمالين فقط، فهي إلى حدٍ ما عكس مغالطة الاتصال، فهي تستخدم لتبسيط خط اتصال له عدة نقاط إلى طرفين فقط، مثل درجة الحرارة و القول أن هنالك إما برودة أو حرارة مع تجاهل درجات الحرارة المتوسطة.وتستخدم هذه المغالطة أحياناً لإجبار الخصم على اختيار عدة اختيارات منتقاة وإيهامه بعدم وجود اختيارات أخرى، مثلاً في خطاب لجورج بوش عن الحرب ضد الإرهابيين:إما أن تكون معنا، أو تكون مع الإرهابيين.فالمثال يتجاهل الخيار المحايد “لست معك ولا مع الإرهابيين”.
مغالطة الشخص الذي.. Anecdotal Evidence
هي استخدام قصص و تجارب شخصية (الشخص الذي حدث له…، الشخص الذي جرب…) كبرهان لصحة أمرً ما أو استخدام أدلة لم تجمع بطريقة علمية في الحجة، مثلاً:قال مازن، “جدي يدخن ٣٠ سيجارة في اليوم وعاش ٩٧ سنة – فلا تصدق كل شيء تسمعه.”فيجب أن نتذكر أن التجارب الشخصية تكون حالة واحدة من حالات كثيرة، فلا نستطيع معرفة ما إذا كانت هذه الحالة شاذة أو مشابهة للحالات الأخرى. في المثال السابق، هناك دراسات علمية إحصائية تثبت أن التدخين يسبب سرطان الرئة وبناءً على البيانات نستنتج أن جد مازن يعتبر حالة شاذة أو مصداقية مازن مشكوك بها، ولكن في أمور أخرى يصعب التفريق بين الحالات الشاذة وغير الشاذة لعدم توفر بيانات كافية.عند التفكير في هذه الحجة، نجد أن أغلب هذه التجارب هي حالات شاذة، فبسبب الانحياز التأكيدي معظم التجارب التي يتذكرها الإنسان هي إما تجارب داعمة لأفكاره وافتراضاته أو تجارب شاذة عن المتعارف عليه. فيجب استخدام طرق علمية إحصائية لدارسة الحالات للتفريق بين التجارب الطبيعية والتجارب الشاذة.
مغالطة القناص Texas Sharpshooter
هي انتقاء البيانات التي تدعم الحجة مع تجاهل البيانات التي لا تدعم الحجة، مثلاً:صرحت شركة مشروبات غازية أن ثلاثة من الخمس دول الأولى في قائمة المبيعات، تعتبر من الدول العشر الأولى في قائمة الصحة.سميت هذه المغالطة على الذي يرمي الجدار بالبندقية ثم يرسم نقطة الهدف على موقع الرصاصة ثم يدعي بأنه قناص. هذه المغالطة تحدث عند محاولة تحليل البيانات بدون تكوين فرضية دقيقة، فغالباً ما يكثر استخدام هذه المغالطة في علم الأعداد، والتنجيم، وقراءة الفنجان، والأبراج.
الحجة الدائرية Circular Reasoning
وهي استخدام الاستنتاج المراد الوصول إليه كأحد المعطيات، مثلاً:أنجح محافظ على الإطلاق هو المحافظ مازن لأنه أفضل محافظ بتاريخ المدينة.بمعنى آخر، سبب نجاح مازن هو أنه ناجح. عادةً ما يصاغ الاستنتاج بطريقة أخرى ويقدم كمعطى قد لا يبدو مشابه للاستنتاج من الوهلة الأولى...
مقال مترجم..فمن المغالطات المنطقية الشائعة:عدم الترابط Non-sequiturتطلق عندما تكون نتيجة الحجة لا تنبع بالضرورة من المعطيات، أو بمعنى آخر النتيجة قد تكون صحيحة أو غير صحيحة ولكن تكون الحجة غير سليمة لأن هناك عدم ترابط بين المعطيات والنتيجة.وكل المغالطات المنطقية تشترك بعدم الترابط، مثالاً:عمار يعيش في عمارة كبيرة؛ إذاً، عمار يعيش في شقة كبيرة.العيش في عمارة كبيرة لا يعني العيش في شقة كبيرة، فالعمارة الكبيرة قد تحتوي على شقق صغيرة.التحريف Strawmanهو تحريف حجة الطرف الآخر لتسهيل الانتقاد ولجعل حجتك تبدو قوية وسليمة.مثلاً: قال صالح: “يجب أن نزيد ميزانية التعليم والصحة.” ورد علية مازن، “أستغرب من كره صالح للوطن لدرجة استعداده لترك الوطن بدون أي دفاع بتقليصه لميزانية الجيش.”مازن لا يملك أي انتقاد هادف لحجة صالح، لذلك ستخدم حجة التحريف للهجوم على صالح وجعل حجته تبدو أقوى من حجة صالح.حدث بعده، إذاً هو سببه Post hoc ergo propter hocلربما تكون هذه المغالطة الأكثر شيوعاً، فهي تتبع شكلاً بسيطاً وهو س حدث قبل ص، إذاً، س سبّب ص، و هكذا يُفترض السبب والنتيجة لحادثتين فقط لحدوثهما مؤقتاً بعد بعض، مثال:مستنداً على رسم بياني، وضح مازن أن درجة حرارة الأرض ترتفع على طيلة مدار القرن السابق، وبنفس الوقت عدد القراصنة يقل؛ إذاً، القراصنة يحفظون برودة المناخ والإحترار العالمي ما هو إلا خدعة.ولكن في الحقيقة ربما يكون هناك حادثة ثالثة تسبب الحادثتين أو سبب حدوث الحادثتين مجرد صدفة.إلتماس المشاعر Appeal to emotionوهي محاولة إثارة المشاعر بدلاً من تقديم حجة سليمة وقوية. من المهم الملاحظة أن في بعض الأحيان قد تثير حجة سليمة منطقياً بعض المشاعر، أو أن تحتوي على جانب مشاعري، ولكن تحدث المغالطة عندما تستخدم المشاعر بدلاً من الحجة، أو لإخفاء الضعف في الحجة، مثلاً:مازن يحاول بيع جهاز محمول لصالح، “هذا الجهاز لم يصنع منه إلا ألف جهاز، الكل سيحسدك على امتلاكك لهذا الجهاز، الكل سيريد أن يكون مثلك، لا يملك هذا الجهاز إلا من أراد التميز.ففي المثال، مازن لم يحاول إقناع صالح بخصائص الجهاز، أو ميزاته عن الأنواع الأخرى، بل حاول إقناع صالح بإثارة مشاعره.الشخْصَنة Ad hominemمغالطة الشخْصَنة تحدث عندما يُرد على حجة بالهجوم على صاحب الحجة بدلاً من الحجة نفسها، مثلاً:بعد ما قدمت ساره حل مقنع يقضي على مشكلة الطلاق، سأل مازن الجمهور، “هل تصدقون ما تقوله هذه المرأة؟ فهي لا تملك شهادة جامعية وغير متزوجة.”ويجب التنويه أن الإهانة بحد ذاتها لا تعتبر مغالطة منطقية، ولكن إذا أُطلق على الحجة أنها غير صحيحة فقط لأن صاحب الحجة لدية صفة معينة فتكون مغالطة. وتستخدم هذه المغالطة لإضعاف حجة الخصم بدون مناقشة الحجة نفسها.الاحتكام إلى سُلطة Argument from authorityهذا النوع من المغالطات هو الأسهل في التعرف عليه، و يحدث عندما يتم إسناد النتيجة على حكم شخص أو أشخاص خبراء بموضوع الحجة، مثلاً:أستاذي في الجامعة صاحب شهادات عِلمية ولدية خبرة بالموضوع، يقول أن الأرض مسطحة؛ إذاً، الأرض مسطحة.غالباً ما تحتوي الحجة على تأكيد عدد سنين خبرة صاحب السُلطة، أو ذِكر مستواه التعليمي، أو شهاداته. وعكس هذه المغالطة أيضاً يستخدم: “إن صاحب الحجة لا يمتلك (الخبرة، التعليم، الشهادات)، اذاً حجته لابد من أن تكون خاطئة” وهذا الاستخدام يدخل تحت مغالطة الشَخْصنة.في التطبيق قد تكون هذه المغالطة معقدة من حيث التعامل معها، فإن من الجائز أن يؤخذ بعين الاعتبار خبرات أو شهادات الشخص عندما نحلل حجته، أيضاً إجماع العلماء في الموضوع له سُلطة لابد من أن تؤخذ بعين الاعتبار. الاحتكام إلى سُلطة لا يجعل الحجة صحيحة، ففي النهاية كلنا بشر.هناك أيضاً انواع عدة تحت هذه المغالطة، منها الاحتكام إلى الشعبية (Argument from popularity) وهي بناء حجة على معطى: “إن الأكثرية يفعلون أو يصدقون شيئاً ما، فلابد أن يكون هذا الشيء صحيحاً”، مثلاً:الكل يعتقد أن الشمس تدور حول الأرض؛ إذاً، الشمس تدور حول الأرض.ونوع آخر هو الاحتكام إلى الأفكار المتوارثة (Argument from antiquity) وهي بناء حجة على معطى “إنه متعارف عليه منذ قدم الزمن، إذا لابد من أن يكون صحيح”، مثلاً:استخدم الصينيون الوخز بالإبر في معالجة الأمراض منذ أكثر من الفي سنة؛ إذاً، العلاج بالإبر يشفي الأمراض.وطبعاً هناك دراسات علمية كثيرة تثبت أن العلاج بالإبر لا يشفي الأمراض.مغالطة المغالطة The fallacy fallacyهي افتراض أن استنتاج حجة ما خاطئ لسبب احتوائها على مغالطات منطقية أو كونها غير سليمة. ففي بعض الأحيان تُربح المناقشة ليس بسبب صحة حجة الفائز ولكن بسبب أن الفائز هو الأفضل في النقاش وبناء الحجج. مثلاً:قال صالح لمازن، “أستاذي في المدرسة يقول أن التدخين يضر بالصحة، فيجب أن تقلع عن التدخين،” ورد مازن عليه، “استخدمت مغالطة الاحتكام إلى سُلطة؛ إذاً، حجتك خاطئة والتدخين لا يضر بالصحة.”فيجب علينا أن لا نتسرع بالحكم على عدم صحة الاستنتاج بسبب سوء تقديم الحجة أو احتوائها على مغالطات منطقية.سد الذرائع Slippery slopeهي ربط حدوث أمرٍ ما بحدوث عدد من الأمور التي تنتهي بحدث سلبي، ولذلك يجب عدم حدوث الأمر الأول، مثلاً:يقول مازن لصالح “إن لم تدرس يوم الخميس لن تحصل على درجات عالية، وإن لم تحصل على درجات عالية لن تستطيع دخول الجامعة، وإن لم تستطع دخول جامعة لن تستطيع أن تجد وظيفة، وأن لم تستطع أن تجد وظيفة سوف تكون بواب مدرسة. هل تريد أن تكون بواب مدرسة؟ إذاً، يجب أن تدرس يوم الخميس.”هذه المغالطة تستخدم لتتجنب مناقشة الحجة وتحول الانتباه إلى أمور أخرى افتراضية.وأنت كذلك Tu quoqueهذه المغالطة تدخل تحت مغالطة الشَخْصنة، ولكن تستخدم كثيراً لذلك تستحق أن تكون في جزء خاص بها، فهي تحدث عند تفادي مناقشة الحجة ومحاولة عكسها على صاحب الحجة، مثلاً:دكتور مدخن لمريض، “يجب أن تقلع عن التدخين.” رد المريض، “كيف اسمع بنصيحتك و أنت مدخن.”فيعتقد المريض أن حجة الدكتور خاطئة لأن الدكتور منافق.حجة من جهل Argument from ignoranceهي انتقاد صحة أمرٍ ما لعدم وجود أدله تثبت عدم صحته، مثلاً:قال صالح، “لا توجد أدلة علمية تدعم تأثير الظواهر الفلكية بحياة الأفراد على الأرض، إذاً التنجيم خرافة.” ورد مازن، “في وقتنا الحالي لا نملك المعرفة الكافية لنستطيع تفسير كل الظواهر الفلكية، فلا نستطيع أن نثبت أن التنجيم خرافة ولذلك، التنجيم ليس خرافة.”وهذه المغالطة تُستخدم أحياناً لنقل عبء الإثبات من صاحب الحجة إلى الطرف الآخر، ففي المثال السابق مازن نقل عبء إثبات أن التنجيم خرافة وربطه بوجوب معرفة كل ما يمكن معرفته عن الظواهر الفلكية، بدلاً من إثبات تأثير الظواهر الفلكية على حياة الأشخاص.و من الحالات الخاصة لهذه المغالطة هو الخلط بين الذي لا نستطيع تفسيره مع غير القابل للتفسير، فعدم وجود تفسير لظاهرة ما لا يعني أننا لا نستطيع تفسيرها في المستقبل أو كونها ظاهرة غير قابلة للتفسير خارجة عن الطبيعة، فكان يُعتقد أن كسوف الشمس هو ظاهرة غير قابلة للتفسير ولكن في وقتنا الحالي يوجد تفسير علمي لها، بل نستطيع أن نتنبأ بالكسوف قبل حدوثه.اِلتماس الأعذار Special pleadingهو تقديم أعذار عند إدراك عدم صحة الحجة، فبدلاً من المصداقية مع النفس والاعتراف بالخطأ نخلق أعذاراً لنستمر بتصديق معتقداتنا، مثلاً:مازن يدعي بأنه يستطيع قراءة الأفكار، لكن بعد اختبار “قدراته” بواسطة اختبارات عِلمية صارمة، اختفت قدراته. برر مازن أن سبب اختفائها هو، “يجب أن تؤمن بقدراتي لتعمل.”فخلق الأعذار لتبرير عدم الصحة أسهل علينا من الاعتراف بالخطأ. وهذه المغالطة تستخدم بكثرة عند مناقشة من يؤمنون بالمؤامرات.خلط الارتباط بالأسباب Correlation does not imply causationهذه المغالطة هي الشكل العام لمغالطة حدث بعده، إذاً هو سببه، فارتباط حدوث أمرين لا يقتضي بأن أحدهما يسبب الآخر، مثلاً:عند ارتفاع مبيعات المثلجات، يزداد معدل الوفيات بسبب الغرق إذاً، أكل المثلجات يسبب الغرق.المثال السابق لا يأخذ بعين الاعتبار الوقت والحرارة مع مبيعات المثلجات، فالمثلجات تزداد مبيعاتها في أشهر الصيف الحارة، وتنخفض مبيعاتها في الأشهر الباردة، وفي الأشهر الحارة تكثر النشاطات المائية مثل السباحة والغوص ولذلك، زيادة هذه النشاطات هي سبب زيادة معدل الغرق وليست المثلجات. واحتمال آخر، أن يكون ارتفاع معدل الحدثين مجرد صدفة.لإثبات أن هناك علاقة سببية بين حدثين لابد من تحليل عدة أحداث مرتبطة لإثبات أن هناك علاقة سببية، فإذا كانت العلاقة سببية فالزيادة في الحدث الأول يُنتج الزيادة في الحدث الثاني. مثلاً، لوحظ أن التدخين مرتبط مع الإصابة بسرطان الرئة، فصرحت شركات التبغ أن هذه مغالطة منطقية فالارتباط لا يعني التسبب، فقالت الشركات أن هناك “عامل س”، عامل آخر هو المسبب لكل من سرطان الرئة والتدخين. ولكن إذا كان التدخين يسبب سرطان الرئة، إذاً كلما طالت مدة التدخين كلما ازداد خطر الإصابة بالسرطان والتوقف عن التدخين يجب أن يقلل خطر الإصابة بالسرطان، تدخين السيجارة بدون فلتر يجب أن يزيد خطر الإصابة بالسرطان، الخ. إذا كانت كل هذه الارتباطات صحيحة (وهي صحيحة)، إذاً افتراضنا أن التدخين يسبب سرطان الرئة يكون الافتراض الأكثر احتمالية ولا تكون مغالطة منطقية إذا استنتجنا من هذه الأدلة أن التدخين يسبب سرطان الرئة.مغالطة الاتصال False continuumوهي الاعتقاد بأن عدم وجود خط فاصل بين طرفين متصلين يعنى أن الطرفين لا يمكن التفرقة بينهما، فتعني هذه المغالطة أن وجود الحرارة والبرودة على نفس خط الدراجات المئوية يعني عدم وجود درجة حرارة يمكن وصفها بأنها حارة أو باردة. مثال للمغالطة:لا يمكن وصف مازن بالصلع، فمازن ليس أصلع الآن. لكن، إذا سقطت شعره واحده من مازن لن تجعله أصلعا. وإذا سقطت شعره ثانية، أيضاً لن تجعله أصلعا. فلذلك، مهما كان عدد الشعر المتساقط من مازن، لا يمكن وصفه أصلعا.على حسب هذه المغالطة، التغير في الحال لا يمكن أن ينتُج من التغير في العدد، فلا يوجد فقراء، أغنياء، أطفال، مسنين، سمناء، نحفاء، الخ.فهناك حالات معقولة واضحة وحالات غير معقولة واضحة بحيث أن أمراً ما يمكن وصفه بأنه ينتمي أو لا ينتمي لمجموعة محددة من الأمور على حسب خصائصه. فحتى لو كان تعريف الخصائص غامضاً، فباستطاعتنا تعيين الحالات على حسب هذه الخصائص الغامضة ووجود حالات صعبة أو مثيرة للجدل لا يمنعنا من التفرقة يبن كل أفراد المجموعة.التقسيم الخاطئ False dichotomyوهي تقليص عدة احتمالات لشيء ما إلى احتمالين فقط، فهي إلى حدٍ ما عكس مغالطة الاتصال، فهي تستخدم لتبسيط خط اتصال له عدة نقاط إلى طرفين فقط، مثل درجة الحرارة و القول أن هنالك إما برودة أو حرارة مع تجاهل درجات الحرارة المتوسطة.وتستخدم هذه المغالطة أحياناً لإجبار الخصم على اختيار عدة اختيارات منتقاة وإيهامه بعدم وجود اختيارات أخرى، مثلاً في خطاب لجورج بوش عن الحرب ضد الإرهابيين:إما أن تكون معنا، أو تكون مع الإرهابيين.فالمثال يتجاهل الخيار المحايد “لست معك ولا مع الإرهابيين”.مغالطة الشخص الذي.. Anecdotal Evidenceهي استخدام قصص و تجارب شخصية (الشخص الذي حدث له…، الشخص الذي جرب…) كبرهان لصحة أمرً ما أو استخدام أدلة لم تجمع بطريقة علمية في الحجة، مثلاً:قال مازن، “جدي يدخن ٣٠ سيجارة في اليوم وعاش ٩٧ سنة – فلا تصدق كل شيء تسمعه.”فيجب أن نتذكر أن التجارب الشخصية تكون حالة واحدة من حالات كثيرة، فلا نستطيع معرفة ما إذا كانت هذه الحالة شاذة أو مشابهة للحالات الأخرى. في المثال السابق، هناك دراسات علمية إحصائية تثبت أن التدخين يسبب سرطان الرئة وبناءً على البيانات نستنتج أن جد مازن يعتبر حالة شاذة أو مصداقية مازن مشكوك بها، ولكن في أمور أخرى يصعب التفريق بين الحالات الشاذة وغير الشاذة لعدم توفر بيانات كافية.عند التفكير في هذه الحجة، نجد أن أغلب هذه التجارب هي حالات شاذة، فبسبب الانحياز التأكيدي معظم التجارب التي يتذكرها الإنسان هي إما تجارب داعمة لأفكاره وافتراضاته أو تجارب شاذة عن المتعارف عليه. فيجب استخدام طرق علمية إحصائية لدارسة الحالات للتفريق بين التجارب الطبيعية والتجارب الشاذة.مغالطة القناص Texas Sharpshooterهي انتقاء البيانات التي تدعم الحجة مع تجاهل البيانات التي لا تدعم الحجة، مثلاً:صرحت شركة مشروبات غازية أن ثلاثة من الخمس دول الأولى في قائمة المبيعات، تعتبر من الدول العشر الأولى في قائمة الصحة.سميت هذه المغالطة على الذي يرمي الجدار بالبندقية ثم يرسم نقطة الهدف على موقع الرصاصة ثم يدعي بأنه قناص. هذه المغالطة تحدث عند محاولة تحليل البيانات بدون تكوين فرضية دقيقة، فغالباً ما يكثر استخدام هذه المغالطة في علم الأعداد، والتنجيم، وقراءة الفنجان، والأبراج.الحجة الدائرية Circular Reasoningوهي استخدام الاستنتاج المراد الوصول إليه كأحد المعطيات، مثلاً:أنجح محافظ على الإطلاق هو المحافظ مازن لأنه أفضل محافظ بتاريخ المدينة.بمعنى آخر، سبب نجاح مازن هو أنه ناجح. عادةً ما يصاغ الاستنتاج بطريقة أخرى ويقدم كمعطى قد لا يبدو مشابه للاستنتاج من الوهلة الأولى...مقال مترجم..

عيد المولد النبوي الشريف في بداياته...... بقلم الباحث فوزي سعد الله


السياسة هي التي أنجبت الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، ولم تقترن طقوسه أبدا بظهور الإسلام، لأن، وعلى العكس مما قد نتصوره اليوم، إحياء ذكرى ميلاد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لم يحدث لا في حياته ولا في مماته في عهد الخلفاء الراشدين والصحابة والتابعين، ولا اهتمت به الأجيال الأولى من المسلمين باستثناء أهل يثرب الذين كانوا يؤدون لضريحه زيارة متواضعة وبعض الأقليات المذهبية في أوقات لاحقة وفي شكل محدود.
كان على المسلمين أن ينتظروا قرونا طويلة قبل أن تُثرى طقوسُهم الاجتماعية بهذه الاحتفالات التي ما زالت صامدة إلى اليوم والتي هي في الأًصل طقوس أنجبتْها السياسة وضرورات الظرف التاريخي قبل كل شيء.
فالفاطميون المنحدرون من أهل البيت بدأوا يحتفلون بميلاد جدهم محمد بن عبد الله في قصورهم منذ القرن 10م بعدما رحلوا من شرق الجزائر وتونس إلى القاهرة مثلما كانوا يحتفلون بمولد علي بن أبي طالب وابنيه الحسن والحسين ووالدتهما فاطمة الزهراء بنت محمد بن عبد الله رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم. ثم سرعان ما حوَّلوا هذه الاحتفالات بذكرى المولد النبوي إلى طقوس وطنية رسمية ألقوا بها إلى الشعب واستثمروا فيها الأموال الطائلة التي تغيِّر وتيرة حياة الناس لنحو أسبوع وتُنسيهم همومهم ومتاعبهم اليومية حيث يُطعم فيها الفقير ويسعد خلالها الحزين ولو لأيام معدودات.
في نهاية القرن 12م، شهد الرحالة الأندلسي ابن جبير احتفالات ضخمة بالمولد النبوي في مكة المكرمة يلتحق بها كل الناس المتواجدين بهذه المدينة وضواحيها التي احتضنت ميلاد رسالة الإسلام.
أما أبو العباس العزفي السَّبْتِي فيؤكد في نهاية القرن 12م وبداية القرن 13م في كتابه المعروف "الدّر المُنظَّم في موْلِد النَّبي المُعَظَّم" أن يوم عيد ميلاد محمد بن عبد الله كان في مَكَّة يوم عطلة ينقطع خلاله الناس عن العمل وتفتح فيه الكعبة المشرفة للزوَّار.
أما في المغرب الإسلامي والأندلس، فإن إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف قد وُلد مِن رحم الصراع الثقافي الإسلامي النصراني، وهو أيضا ثمرة جهود اعتمدتها النُّخب الثقافية والسياسية لكبح تغلغل العادات المسيحية في الوسط الإسلامي في وقت كانت عامة الشعب تُقلِّد فيه النصارى بل وتحتفل معهم بأعيادهم كالعنصرة، عيد النبي يحي (Saint Jean)، والسابع من يناير الذي اعتُبِر يوم مولد المسيح عليه السلام...
وهكذا اعتُمِد عيد جديد يحتفي بذكرى ميلاد رسول الإسلام تُقام فيه الأفراح وتوقَد خلاله الأنوار في المدن والحواضر ومحيط المساجد والجوامع والأضرحة...
واستُلْهِم فيه بذكاء ودون أية عقدة بعضٌ من طقوس وتقاليد الاحتفال بعيد ميلاد المسيح التي أخذوا منها على الأقل المسيرات الليلية حاملين "المنارات" والشموع في أزقة قرطبة وغرناطة وفاس وتلمسان وبجاية وتونس والقيروان وطرابلس مثلما يفعل النصارى في عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام حاملين التماثيل التي ترمز له ولمريم العذراء يجولون بها الشوارع... ولم يكن ذلك الاستلهام الديني الإسلامي الوحيد من الطقوس الروحية النصرانية بل اكتسح بعضُها حتى حضرات الإنشاد الديني في المساجد...
وحدث أن مَنع السَّاسة الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف بقرارات رسمية، وأعاده آخرون بقررات مماثلة. وبقي هذا العيد يتأرجح بين مد وجزر حسب أهواء الحُكام، بِمَنْ فيهم المحتلون الفرنسيون في الجزائر، وحسب إمكانيات الناس وظروفهم، إلى أن بَلَغَنَا كما نعرفه اليوم في نُسخة شِبْه مُفرَغة من محتواها الرُّوحي الذي قامتْ من أجله قبل نحو سبعة قرون.
في الجزائر، ما بقي من تقاليد الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم سوى المفرقعات و"النُّوَالات" و"الصواريخ" النَّارية و"الجَاكْسْ" تقريبا وبعض الطبيخ التقليدي الذي يعود دوريا إلى الموائد كالكسكس والتّْشَخْتْشُوخَة والثَّرِيدَة والرَّشْتَة، حسب المناطق والعائلات، في مثل هذا النوع من المناسبات. بل يوجد مَن أقحم فيه الشوكلاطة وما تيَسر من الشكلاطة والفستق واللوز والحلويات...
لكن هناك مَن بقي محافظا أيضا على عادة إيقاد الشموع داخل بيوت المنازل والشرفات وعلى إقامة "الحضرات" الصوفية في المساجد والزوايا والأضرحة حيث تُنشَد المدائح والتوسلات كما يحدث إلى اليوم في مسجد ضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي في قصبة مدينة الجزائر...
هكذا إذن كان عيد المولد النبوي الشريف في بداياته. وهكذا هو اليوم، وتحديدا في هذه الليلة التي عاد فيها إلينا ربَّما حاملا معه خيرا وبركات وآفاقا سعيدة وأعمارا مديدة لكم ولكل مَن تُحبون وتعزون.
فمبروك مولدكم أعاده الله علينا وعليكم بالطمأنينة والصحة والهناء وأبعد عنكم كل مكروه وشقاء...

السبت، 19 ديسمبر 2015

الرد على الدكتور يوسف زيدان حول موضع المسجد الأقصى ...... بقلم اسامة جمعة الاشقر


   د. أسامة الأشقر
د. أسامة جمعة الأشقر
عرفنا د. يوسف زيدان خبيراً محترفاً في شؤون المخطوطات وتاريخها ثم عرفناه روائياً جريئاً يكتب الرواية التاريخية باحتراف ولغة عالية واجتهاد يخرج عن النصوص كثيراً، ويتعمّد في رواياتها التركيز على لحظات المفارقة بين فكرين أو عالمين فيشرح لنا بسردياته حكايات التداخل؛ كما يتعمّد تناول الفراغات التاريخية التي لم يتخصص فيها إلا قلّة ليتمكّن من فرض أسلوبه الذي ينتهج فيه سياسة الغرائبية المبهرة. 

ما يعنيني منه الآن هو إطلالاته الجديدة التي تحدث فيها عن المسجد الأقصى وأن رحلة الإسراء لم تكن للمسجد الأقصى في القدس بأرض فلسطين وإنما لمسجد حمل هذا الاسم في موضع بمكة أو قرب الطائف .

هذه التصريحات كانت مجرد رأي أراد من خلاله التأكيد على مواقفه السياسية من صراعات المنطقة القديمة وأنه ليس هناك ما يبررها لأن مادة الصراع المتعلقة بالمسجد الأقصى هي مجرد خرافة سياسية كما يقول وأن الصراع عبث ، وتناسى الدكتور زيدان أنها قضية شعب طرد من أرضه ووطنه أيضاً فحتى لو افترضنا جدلاً أن المسجد الأقصى ليس بفلسطين فإن القضية قائمة .

وأنا أعلم أن الدكتور زيدان يستطيع أن يسرد لنا بعض موجّهات رأيه الذي أطلقه دون استدلال لكنني أعلم أيضاً أنه فقير جداً في الدراسات المقدسية الإسلامية وأن خبرته في هذا المجال هي في التاريخ الديني للقدس قبل الإسلام وليست خبرته احترافاً بل هي ثقافة، وأنه لم يكن يوماً من المحققين في الدراسات المقدسية في صدر الإسلام التي تعاني إلى اليوم من ندرة المتخصصين المحترفين.

ولابد لي أن أشرح هنا أن استناد الدكتور زيدان إلى بعض مقولات التاريخ في رأيه كحكاية صناعة رمزية القدس الدينية بإرادة أموية سياسية هي مقولات قديمة تبنّاها مؤرخون شيعة لأغراض مذهبية معروفة وسياقات منسوبة للزبيريين الذين أعلنوا الخلافة من مكة ودخلوا في حرب طاحنة مع الأمويين واستخدموا تجمعات لمبايعة عبد الله بن الزبير رضي الله عنه خليفة للمسلمين ... هؤلاء هم الخصوم السياسيون للأمويين ثم نقل المؤرخون المتأخرون النصوص دون تمحيص أو تحقيق اعتماداً على منهج " ناقل الكفر ليس بكافر" ، وبالتالي فإن تبني بعض الآراء هو تدوير لمسائل ساكنة في التاريخ لم تحظَ بدراسة معمقة؛ وللأسف فقد استُخدمت هذه الآراء من الصهاينة المحتلين للقدس وبعض متطرفي الأديان المنافسة للديانة الإسلامية.

كان ينبغي من أمثال الدكتور زيدان أن يشرح لنا رأيه الذي صدم قناعات الملايين الحاسمة بموضع المسجد الأقصى، ولماذا أراد مسح هذه القناعة بجرّة قلم أو نفخة هواء باردة باستخفاف قاتل يوحي بانتفاخ في الشخصية وغرور مسرف في ادعاء المعرفة، وعليه أن يشرح لنا هذا الأمر استناداً إلى المرويات التاريخية مجتمعة دون انتقاء ، ثم إلى علم الآثار والنقوش الدال على موضع المسجد الثاني المزعوم، ثم إلى تاريخانية اللغة والأدب والاجتماع ودلالتها على تطور حياة الألفاظ والتراكيب وسيرورة حركتها باتجاه ما يدعيه .  

وكنتُ أنوي إنشاء كتاب ضخم في الرد عليه لكن تأليفه سيأخذ مني وقتاً طويلاً لاسيما في مرحلة الصف والإعداد للطباعة وصولاً إلى النشر والتوزيع فأشرتُ على نفسي أن تكتب في ذلك مختصراً يدلّ على المراد أدلل فيه على خلاف مزاعمه، وأثبّت الوضع القائم في نقاط :

- عندما يشترك موضعان أو أكثر في الاسم نفسه أو الوصف ذاته فإن الذهن ينصرف فوراً إلى الاسم أو الوصف الأكثر شيوعا واستقراراً وحضوراً ، ولا ينصرف هذا المراد إلى غيره إلا بقرينة واضحة تدل عليه نصّاً وسلوكاً، فصرفُ موضعِ المسجد الأقصى عن مكانه المعروف في فلسطين إلى موضع آخر يحتاج إلى سياق آخر ليس منه تشابه الاسم أو الوصف.

- ما استقر لدى الناس أن أسماء المدن والقرى والمواضع وعناوينها موروثة متواترة، لا تتأثر بالطعون الفردية أو الاجتهادات النشاز أو الآراء الشاذة أو الإشارة السطحية ، فما بالكم بموضع من أقدم المواضع وأكثرها شهرة في التاريخ .  

- ما أشار إليه د. زيدان من كلام الواقدي من أن المسجد الأقصى في الطائف، ورد في سياقٍ مشهور ومع ذلك فإن أحداً من قدماء المحققين لم يستفزّه هذا السياق ليفتي بما أفتى به زيدان، فقد تحدث الواقدي وابن جريج وغيرهما أن رسول الله لمّا فتح مكة وغزا حنيناً في الطائف عاد إلى مكة فأحرم في طريقه من موضع يقال له "الجعرانة" ، وكان رسولُ الله أقام هناك نحواً من ثلاثة عشر يوماً وكان يصلي في موضع سمّي بالمسجد الأقصى، ونص المؤرخون وكتاب السيرة أن هناك موضعاً آخر يقال له المسجد الأدنى الذي هو على الأغلب مسجد التنعيم أو مسجد عائشة رضي الله عنها؛ ووصف المسجدين بالأدنى والأقصى يفيد أن بينهما تقابلاً وأن هذا الوصف لكل واحد منهما نتج عن وجودهما معاً في مواضع معروفة إلى اليوم ، وأنه لا ينفرد أحد منهما بالوصف دون ذكر الآخر في التعليل.

- وتحديد الجهة بالأقصى والأدنى إنما هو بالنسبة إلى الكعبة فالمسجد الأقصى الذي بالجعرانة كان مقارنةً بالمسجد الآخر أبعد مسافة منه لذلك وصف بالأقصى .

- جميع مرويات قصة الإسراء والتي وردت من طرق عديدة تتجه في مسارات شمالية واضحة، وتتحدث عن أماكن في شمال مكة مثبتة إلى اليوم في خرائط جزيرة العرب الذهنية والمرسومة وما تزال تحمل أسماءها إلى اليوم.

- وصفت النصوص القرآنيّة والحديثية المكانَ الذي أسري إليه النبيّ بأنه مسجد وأنه قصيّ بعيد، بل هو الأقصى؛ وأنّ منتهى الإسراء هو بيت المقدس؛ وأنّ مبتدأ العروج هو بيت المقدس، وأن خط سير العودة كان يمرّ بطريق القوافل القادمة من الشام تجاه مكة بدليل حكايته عن القافلة القرشية التي نفر أحد جِمالِها الذي يحمل غِرارتي طعام لمّا مرّ النبي - وهو على البراق - بها، فصُرِع ذلك البعير، وانكسر.

- لم تأت نصوص شرعية في فضل المسجد الأقصى الذي بالجعرانة سوى أنه في حدود حرم مكة وأنه موضع أحرم منه رسول الله في طريقة عودته من الطائف، ولم ترد نصوص خاصة في المكان شبيهة بما للمسجد الأقصى في فلسطين من أحكام كاتجاه القبلة وشد الرحال وفضل الصلاة ، بل إن مسجد الجعرانة لكون في حرم مكة الذي هو امتداد المسجد الحرام يكون أجر الصلاة فيه أكثر مضاعفةً من أجر الصلاة في المسجد الأقصى . 

- جميع مصادر تاريخ فتوحات صدر الإسلام ، وتحديداً في حركة أجناد الشام  تتحدث عن أن هذا الموضع في فلسطين هو المسجد الأقصى ، ويكفي في ذلك حشد مرويات اهتمام الخليفة عمر بن الخطاب بالمسجد الأقصى وافتتاحه المدينة ودخوله إليها وتتبعه لموضع صلاة رسول الله في المسجد، مما يؤكد صحة نسبة موضع المسجد الأقصى لفلسطين .

- كان الخليفة عمر بن الخطاب ملمّاً بأوصاف المسجد الأقصى قبل فتحه له من خلال قربه الشديد من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذي كان يروي لأصحابه قصة الإسراء والعروج إلى السماء بدليل ما رواه أبو المعالي ابن المرجّى المقدسي في كتاب فضائل بيت المقدس بإسناده أن عمر بن الخطاب قال للبطريق في بيت المقدس الذي ادّعى أن موضع المسجد هو موضع كنيسة القيامة : كذبتَ ! لقد وصف لي رسولُ الله مسجدَ داود بصفةٍ ما هي هذه ؛ وقد رفض الخليفة أن يأخذ بإشارة كعب الأحبار لموضع الصلاة خلف صخرة بيت المقدس ، وأصرّ أن تكون صلاته في الموضع الذي صلى فيه رسولُ الله بالأنبياء، مما يؤكد الصلاة النبوية في هذا الموضع .

- لو كان المسجد الأقصى هو الذي في الطائف قرب لما احتاج كفار قريش إلى تحدي رسول الله بمطالبته بوصف المسجد الأقصى الذي أسري به إليه وتقديم أدلة حسية على ذلك لأن كثيراً من أهل مكة يعرف الجعرانة، ولا يحتاج الأمر إلى استدلال.

- يتردد اسم المسجد الأقصى مع بيت المقدس وإيلياء كثيراً في النصوص النبوية مما يؤكد العلاقة الجغرافية المتصلة بينهما، وانظر مثلاً إلى حديث الطبراني والبيهقي في الدلائل والبزار(ثم انطلق بي " أي جبريل" حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني ، فأتى قِبلة المسجد، فربط فيه دابته، ودخلنا المسجد من بابٍ فيه تميل الشمس والقمر ، فصليت من المسجد حيث شاء الله ...). 

وفي مختتم مقالتي المختصرة هذه فإنني أعيد التأكيد أن الدلائل على خلاف ما قاله د. يوسف زيدان كثيرة جداً ولو أردنا صناعة مجلدات استدلالٍ ضخمة لفعلنا، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق ودل على الفائدة مباشرة لئلا يستدرجنا أمثال هؤلاء المتسرّعين إلى جنايات علمية واعتقادية.

في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...