الجمعة، 29 أبريل 2016

في ذكرى رحيل مولانا جلال الدين الرومي .............

محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي عرف أيضا باسم مولانا جَلَال الدِّين الرُّومي تركت أشعاره ومؤلفاته الصوفية و التي كتبت بلغته الأم الفارسية تأثيرا واسعا في العالم الإسلامي وخاصة على الثقافة الفارسية والأردية والبنغالية والتركية، وفي العصر الحديث ترجمت بعض أعماله إلى كثير من لغات العالم ولقت صدا واسعا جدا بحيث وصفته البي بي سي سنة 2007  م بأكثر الشعراء شعبية في الولايات المتحدة. 
حالة تستطيع إخراجك من أحلك الظروف، تضيق بك الحياة فتنتشلك كلماته في تصوف وتعبد، يرسم لك طريقا من العشق ينتظرك الخالق في آخره، عشق يولد من نبع لا تدرك مصدره، فقط يجذبك لتسير خلفه وتسلم له قلبك وروحك، وتستمتع به أذنك، من همس شفاهك التي تردد عباراته، لم يترك سبيلا إلا وفتح فيه بابا من الزهد بالأمل، فكان "مولانا" الذي ظل دارويشه يسلكون من العشق دربا يقوده فيهم. قصائد شعرية ودوواين ورباعيات وكتب، كنزا خلفه "مولانا جلال الدين الرومي" لعاشقيه على مدار قرون طويلة، فزهدوا بالعشق مثله، وباتوا يفتشون في السطور على كلمات خطها تلمس بروحهم سكرة تجعلهم يترفعون عن دنيا اختصرها في نهر عشق، ناصحا إياهم هم بالانغماس فيها.
من بين السطور أجمل 50 مقولة لـ"مولانا"، تتذكر أرواحنا بها روحه العاشقة، في تصوف يليق بحضرته: ـ
كم هم سعداء أولئك الذين يتخلصون من الأغلال التي ترسخ بها حياتهم.
ما تبحث عنه يبحث عنك.
الوداع لا يقع إلا لمن يعشق بعينيه.. أما ذاك الذي يحب بروحه وقلبه فلا ثمة انفصال أبدا.
لا تحزن.. فأي شيء تفقده سيعود إليك في هيئة أخرى.
العشق يزهر من تلقاء نفسه بإرادة مستقلة.. فالعشق لا يمكن أن يكتسب أو يلقن.
لا تجزع من جرحك.. وإلا فكيف للنور أن يتسلل إلى باطنك؟.
استمع إلى صوت الناي.. كيف يبث آلام الحنين يقول: مُذ قُطعت من الغاب وأنا أحن إلى أصلي.
يا سيدي لا تسلمني إلى إغواء النفس.. لا تتركني مع أي سواك.. لخوفي مني أسرع إليك.. أنا منك فأعدني إلي.
يا أخي أنت مجرد فكر.. وما بقي منك عظام وجلد.
ولتعلم أن العشق صامت تماما.. وأنه ﻻ يوجد كلمات يمكنها وصفه.
بغير هذا الحب.. لا تكن.
ألقِ نفسك في نهر العشق.. حتى وإن كان نهرًا من الدماء.
ليس العاشق مسلما أو مسيحيا.. أو جزءا من أي عقيدة.. دين العشق لا مذهب له.. لتؤمن به أو لا تؤمن.
إن كان نورك ينبع من القلب.. فإنك لن تضل الطريق أبدا.
دع الماء يسكن.. وسترى نجومًا وقمرًا ينعكس في كيانك.
ذات يوم كان لي ألف رغبة.. لكنهم تلاشوا جميعا في رغبتي الأكبر أن أعرفك.. أعرفك وحسب.
أينما كان النور فأنا الشغوف به.. وأينما كانت الزهرة فأنا الفراشة.. وأينما كان الجمال فأنا العشاق.. وأينما كانت الحكمة فهي ضالتي.
فقط حين تفعل ما تمليه عليك روحك.. تشعر بهذا النهر العذب يتدفق داخلك.. إنها البهجة الخالصة.
لا تجزع إن ذابت وانطفأت كل شموع العالم.. نحن الشرارة التي تبدأ النار.
يا قلب.. ﻻ تجالس إﻻ الذين يفهمونك ويعرفون حقيقتك، يا قلب.. ﻻ تجلس إﻻ تحت الشجرة المزهرة.
فلندر حول قلوبنا، فإن في كل قلب كونا مخفيا.
يبقى القمر مضيئا.. حين ﻻ يهرب من ظلمة الليل.
أيا كان ما يشعرك بالنقاء.. فهو الطريق الصحيح.
وضع الله أمامنا سلما علينا أن نتسلقه درجة إثر درجة.. لديك قدمان.. فلم التظاهر بالعرج؟.
فن المعرفة هو أن تعرف ما يجب عليك تجاهله.
العشق نبع.. فانغمر. ـ مع الزمن.. يتحول الألم إلى حزن.. ويتحول الحزن إلى صمت.. ويتحول الصمت إلى وحدة ضخمة وشاسعة كالمحيطات المظلمة.
العشق هو تلك الرحلة التي تأخذك من نفسك إلى نفسك.
كل الأشياء تصبح أوضح حين تفسر.. غير أن هذا العشق يكون أوضح حين لا تكون له أي تفسيرات.
واعلم، عظمة العشاق.. من عظمة ما يعشقون.
المرء مع من لا يفهمه مثل السجين.
لا تسر مع التيار.. كن أنت التيار.
اطبق شفتي، وأتحدث إليك بمئة لغة لا يفهمها سوانا. ـ فالعاشق لا يعرف اليأس أبدا.. وللقلب المغرم كل الأشياء ممكنة.
انظر بقلبك.. وستعرف أن كل ذرات الكون في رقصة عشق أبدية.. ستعرف أنها تتلمس العاشقين فتعرفهم.
حين تختلف مع أحدهم أو تتعرض للنقد.. تنمو في قلبك نملة من الكراهية.. إن لم تسحقها في الحال ربما تحولت تلك الحشرة الضئيلة مستقبلا إلى ثعبان أو وحش قبيح.
إن هذه الحياة أقصر من شهقة وزفيرها.. فلا تغرس بها سوى بذور المحبة.
حين يخلد الجميع للنوم.. لا يبقى سوى العشاق يحكون حكايا عشقهم للمولى فيسمعهم.
وما الموسيقى إلا أزيز أبواب الجنة.
ما الجسد إلا رداء خارجي للروح الخالدة.. فلا تطلب الرداء ولكن خاطب المرتدي.
من بين كل الطرق إلى الله.. اخترت العشق.
تعلمت أن كل نفس ذائقة الموت إلا أن الحياة.. لا تتذوقها إلا البعض من الأنفس.
المرأة هي إشعاع النور الإلهي.
لكم تمنيت ان أشدو حرا مثل هذه الطيور.. غير مبال بكيفية تلقي الناس لما أقول.. ولا بأي نغم أصوغه.
إن قلبك هذا أكبر من البحار السبع.. لا تتعجب، فقط اذهب والتمس ذاتك في أعماقه.
فقط من القلب.. يمكنك أن تلمس السماوات. ـ في كل ما قد تعرفه.. يبقى العشق وحده لا متناهيا.
كن كالثلج الذائب يغسل نفسه بنفسه.
دين الحب منفصل عن كل أشكال الديانات.. العاشقون أمة واحدة ودين واحد وهذا هو الله.
كنت فجا.. فنضجت فاحترقت.


المصدر cbc

الأربعاء، 27 أبريل 2016

تأثير الفراشة

هل سمعتم يوماً بتأثير الفراشة ؟ إنه مصطلح جميل ومثير للأهتمام, تعرف على تأثير الفراشة في هذا الفيديو القصير, 





الأحد، 24 أبريل 2016

الفيلم الوثائقي: فن الحرب - ترجمة فيصل كريم الظفيري



الفيلم الوثائقي [فن الحرب]



عمل يستعرض بالتحليل والمقارنة كتاب الفيلسوف والقائد الصيني القديم (صن تزو) الذي يقدم أفضل الوسائل والمبادئ لتحقيق النصر سواء في الحرب أو السلم.


ترجمة: فيصل كريم الظفيري - مراجعة لغوية: منتظر السوادي





السبت، 23 أبريل 2016

عن بواعث التطرّف المتجدّدة .... ياسين اوعمران

يقول المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري: “إن التطرف الديني بما فيه استعمال الدين في السياسة، هذه ظاهرة ملازمة للتاريخ وللبشر جميعاً، ولكن مكانها في الغالب هو في الهوامش.. عندما يصبح التطرف مهيمناً على المجتمع ككل ابحث عن السبب في الاقتصاد وفي الديموقراطية وفي حقوق الإنسان وليس في الدين”، من هذه الفكرة يمكننا الانطلاق وبلورة رؤية للصورة الاجتماعية والسياسية التي تنمو فيها ظاهرة التطرّف، فلم تزل هذه الأخيرة منذ فجر التاريخ السياسي الإسلامي ملازمة ومعبّرة -كما يقول أستاذنا الجابري- عن موقف سياسي معيّن، وأكبر ما يدفع بالإنسان للتطرّف -حسب رأيي- هو عدم شعوره بقيمة وجوده، وعدم قدرته على التعبير عن هذه الحقيقة التي يعيها ويعجز عن تحقيقها من خلال التعبير عن آرائه أو نيل حقوقه.
وهذا تماماً ما عبّرت عنه المنظّرة السياسية هانّا آرندت في كتابها (أصول التوتاليتارية) بقولها: “الإرهاب أصبح نوعاً من الفلسفة التي يمكن بواسطتها التعبير عن الاحباط، الاستياء، والكراهية العمياء، نوعاً من التعبيرية السياسية التي تستخدم القنابل للتعبير عن ذاتها، التي تراقب ببهجة الدعاية المصاحبة للأعمال المدوية، وتكون على أتم الاستعداد للتضحية بالحياة من أجل النجاح في فرض الاعتراف بالوجود على الطبقة العادية من المجتمع.. ما عبّرت عنه دعاية غوبلز (وزير الدعاية في زمن هتلر) بدقة بالغة، هو الوصول إلى التاريخ، حتى لو كان الثمن خراباً ودماراً”.
إن امتهان حقوق وكرامة الإنسان العربي على مدار عقود، وتراكم التجارب التاريخية المريرة عليه كانت أكبر دافع له نحو التطرّف للتعبير عن قيمته ومعناه الوجودي، فما فتئ الإنسان في العالم العربي يتجرّع الإذلال من الاستعمار ثم بعد ذلك من الأنظمة الشمولية الاستبدادية، يعلّق هاني شكر الله مدير تحرير (الأهرام الأسبوعي) بالقول: “بالنسبة للعرب، فإن الشعور بالكرامة الجريحة بكل ما فيه من غيظ ومذلة ومرارة، كان وما يزال يسبب عجزاً ويوجد حالة ذهنية تبدو فيها الخيارات محصورة بين الانتقام الانتحاري والخضوع والذليل واليأس المرير”، حتّى عندما انتفضت الشعوب العربية ضد أنظمتها الديكتاتورية فيما أطلق عليها بثورات الربيع العربي لقيت ردّا وصدّا عنيفين لم يكن يخطر ببال أحد أن وحشية الاستبداد قد تصل كلّ ذلك المبلغ!
في تلك البيئة السوداوية اللاإنسانية حيث تحرص الأنظمة الشمولية كل الحرص على تقديم تعليم متهالك، وتدنّي مستوى الثقافة لدى الأفراد يمكننا تصوّر أيّ فهم للدين سينتج، ستنعكس على الدّين وممارساته كل أمراض هذا الإنسان المشوّه، عقب تخلّي بعض الرؤساء العرب عن الحكم إثر الثورات الشعبية، وفراغ الساحة السياسية من أية منافسة ديموقراطية حقيقية وذلك طبيعي في أي نظام سياسي شمولي تكون فيه السلطة الفاعل السياسي الرئيسي، وتكون الأطياف السياسية الأخرى مجرّد ديكور مسرحي يُراد من خلاله إيهام العالم أن هناك ممارسة سياسية حقيقية.
تصوّرت بعض التيارات الدينية المتطرّفة أنه يمكنها تحقيق مشروعها السياسي، خصوصا وأنها حاولت استغلال متنفّس الحريّات الذي خلقته الثورات العربية في الظهور والبروز للعلن بدل البقاء في نفق العمل السرّي، فأصبحت بعض التيارات السلفية الجهادية تعقد لقاءاتها على مرأى ومسمع من السلطات التي كانت تحاربها بالأمس بلا هوادة، أنصار الشريعة بتونس نموذجاً، قبل أن يجنحوا إلى العنف التكفيري وتسوء الأمور، بل إن التيارات الإسلامية الموسومة بالاعتدال والتي وصلت إلى السلطة عقب ثورات الربيع العربي استعانت بالتيارات المتطرّفة لإرهاب مناوئيها السياسيين، لكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر وأصبحت التيارات الجهادية أكبر عدوّ سيساهم في إفشال أول تجربة سلطوية ديمقراطية للإسلاميين المعتدلين، وأدّى التطرّف السياسي والديني إلى فقدان الكثير من مكاسب الربيع العربي، بل جعل بعض الدول تنقلب إلى مسرح للفوضى وأخرى عادت إلى استبداد ألعن من الذي كانت عليه، وكل هذا كان نتيجة فقدان الفرد العربي لثقافة المواطنة والممارسة السياسية التي كان محروماً منها في ظل الديكتاتورية.
لقد استغلّت الأنظمة الشمولية التي كانت في منأى عن رياح التغيير تلك الفوضى الدموية التي عرفتها دول أخرى، بل راحت إلى حدّ الاستثمار في التيارات المتطرّفة والسماح لها بالنمو لإرهاب مواطنيها من أي محاولة ثورية للمطالبة بالديموقراطية أو العدالة الاجتماعية أو حقوق الإنسان، ما يضمن بقاء المستنقعات التي يتغذى عليها التطرّف، والتي قد تكون تداعياتها في المستقبل أخطر من أي وقت مضى.
مراجع المقالة :
1. محمد عابد الجابري، وجهة نظر (نحول إعادة بناء قضايا الفكر العربي المعاصر)
2. منتصر حمادة، في نقد العقل السلفي (السلفية الوهابية في المغرب نموذجا)
3. إدريس جنداري، من أجل مقاربة فكرية لإشكاليات الربيع العربي
4. ديفيد كين، حرب بلا نهاية (وظائف خفية للحرب على الإرهاب)
5. هانا أرندت، أصول التوتاليتارية
عن الكاتب: ياسين إعمران، خريج كلية الحقوق بالجزائر، مهتم بالمجال الفكري (الديني والسياسي منه)، كاتب ومترجم مقالات بموقع ساسة بوست، وموقع (الجزائر 24) الإعلامي وكذا موقع (سبق برس)، و(مجلة مدى) الدورية الصادرة عن أكاديمية جيل الترجيح، وله مقالات نشرت في صحيفة الحوار الجزائرية.

المصدر    http://www.irfaasawtak.com/archives/16762

الخميس، 21 أبريل 2016

مفاهيم قرآنية: الرحمن الرحيم ..... الباحث حسام الحداد

هناك بعض المفاهيم القرآنية التي يلتبس على البعض فهمها والكثير منا قد علم مدلولها منذ الصغر دون ان يسأل هل هذا المدلول صحيح أم لا؟ ومن بين هذه المفاهيم “الرحمان الرحيم” ومن المفروض أن يكتب القرآن كلمة الرحمن هكذا “الرحمان” ولكنك تجدها مكتوبة الرحمن وحذف الألف ولكن المسلمين عند طباعة المصحف يكتبون ألف صغيرة بجانبها.وهذه الألف الصغيرة ليست موجودة في أبجدية اللغة العربية، وتلك الكلمة “الرحمن” يعتبرها المستشرقون من الأخطاء الإملائية بالقرآن فما هي قصة هذه الكلمة؟ والتي لم نجد لها إجابة شافية في كتب التفاسير، فقد جاء كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام للمؤرخ العلامة جــــواد عــلى دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثانية الجزء الثاني 1980 ص 679 – 680 والذي يعد مرجعا من المراجع الهامة التي يعتمد عليها الباحثون في التاريخ والدارسون له.يتساءل الكتاب هل الرحمن إله اليهود؟ ويقدم للإجابة بقوله “أما عبادة “الرحمن” “رحمنن”، فهي عبادة توحيد، ظهرت من جزيرة العرب فيما بعد الميلاد. وقد وردت كلمة “رحمنن”، أي “الرحمن”، في نص يهودي كذلك وفي كتابات “أبرهة”، وردت في نصوص عربية جنوبية أخرى وفي نصوص عثر عليها في أعالي الحجاز. وقد كان أهل مكة على علم بالرحمن، ولا شك، باتصالهم باليمن وباليهود. ولعلهم استخدموا الكلمة في معنى اللّه. وإن ذكر علماء اللغة أو علماء التفسر أن اللفظة لم تكن معروفة عند أهل مكة في الجاهلية.وقد جاء في النص اليهودي المذكور: “الرحمن الذي في السماء واسرائيل وإلهَ اسرائيل رب يهود”. وقد حمل هذا النص بعض الباحثين على القول بأن العرب الجنوبيين قد أخذوا هذه الكلمة وفكرتهم عن الله من اليهودية، وأن فكرة التوحيد هذه إنما ظهرت بتأثر اليهودية التي دخلت إلى اليمن. غير ان من الباحثين من رأى خلاف هذا الرأي. رأى أن افتتاح النص بذكر الرحمن، ثم إشارته بعد ذلك إلى إلهَ يهود،وورود كلمة “الرحمن” في نص آخر يعود إلى سنة “468” للميلاد. كتبه صاحبه يقول فيه “شكراً للرحمن الذي ساعده في بناء بيته” كل هذه وأسباب أخرى، تناقض رأي القائلين بأن عقيدة الرحمن عقيدة اقتبست من اليهود.وقد ذكر بعض علماء اللغة ان “الرحمن” اسم من أسماء الله مذكور في الكتب الأول، وأن اللفظة عبرانية الأصل، وأما “الرحيم” فعربية. وذكروا ان “الرحمن” اسم مخصص باللَه، لا يجوز أن يسمى به غيره. وقد أنشدوا للشنفرى أو لبعض الجاهلية الجهلاء:(ألا ضربت تلك الفتاة هجينهـا *** ألا قضب الرحمن ربي يمينهاْ)فيظهر من هذا البيت أن الشاعر كان يدين بعبادة الرحمن. ونجد مثل هذه العقيدة في قول سلامة بن جندل الطهويّ:(عجلتم علينا عجلتينا عليكـم *** ومايشأ الرحمن يعقد ويطلق).إن ذلك يعني أن قوماً من الجاهليين كانوا يدينون بعبادة “الرحمن”. ومما يؤيد هذا الرأي ما ورد من أن بعض أهل الجاهلية سموا أبناءهم عبد الرحمن، وذكروا أن “عامر بن عتوارة” سمى ابنه “عبد الرحمَن”.وقد وردت لفظة “الرحمن” في شعر ينسب إلى “حاتم الطائي” هو: كلوا اليوم من رزق الإلهَ وأيسروا وإن على الرحمان رزقكم غـداَوحاتم من المتألهة، ويعده البعض من النصارى و “الرحمن” نعت من نعوت الله في النصرانية، من أصل “رحمونو”، Rahmono، فهل عبر شاعرنا بهذه اللفظة عن هذا المعنى النصراني ؟“وقد زعم بعضهم أن العرب لا تعرف الرحمن حتى ردّ الله عليهم ذلك بقوله: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى. ولهذا قال كفّار قريش يوم الحديبية لما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لعلي: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. فقالوا: لا نعرف الرحمن ولا الرحيم. رواه البخاري. وفي بعض الروايات: لا نعرف الرحمن إلاّ رحمن اليمامة”.وذكر أن المشركين سمعوا النبيّ يدعو ربه، يا رينا الله ويا ربنا الرحمن، فظنوا أنه يدعو إلهين، فقالوا: هذا يزعم أنه يدعو واحداً، وهو يدعو مثنى مثنى. وأن أحدهم سمع الرسول يقول في سجوده: يا رحمن يا رحيم فقال لأصحابه: انظروا ما قال ابن أبي كبشة دعا الرحمن الذي باليمامة. وكان باليمامة رجل يقال له الرحمان.ولم يذكر أهل الأخبار شيئاً عن ذلك الشخص الذي زعموا انه كان يُعرف ب “رحملن اليمامة”. لكنهم ذكروا ان “مسيلمة الكذاب”، كان يقال له رحمان اليمامة. فهل عنوا ب “رحمان اليمامة” مسيلمة نفسه، أم شخصاً آخر كان يدعو لعبادة “الرحمان” قبله ? وورد ان قريشاً قالوا للرسول: “انا قد بلغنا انك إنما يعلمك رجل باليمامة، يقال له الرحمن ولن نؤمن به أبدا”. فنزل فيهم قوله: “كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم الذي أوحينا اليك، وهم يكفرون بالرحمن، قل هو ربي لا إلهَ إلا هو عليه توكلت واليه متاب”. وذكر بعض أهل الأخبار: كلن مسيلمة بن حبيب الحنفي، قد تسمى بالرحمن في الجاهلية، وكان من المعمرين، وذلك قبل أن يولد عبد الله أبو رسول الله.وورد في بعض أقوال علماء التفسير ان اليهود قالوا: “ما لنا لا نسمع في القرآن اسماً هو في التوراة كثير. يعنون الرحمان، فنزلت الاية”.ويرى المستشرقون ان عبادة “الرحمن” “رحمنن”، إنما ظهرت بين الجاهليين بتأثير دخول اليهودية والنصرانية بينهم.وقد ذكر “اليعقوبي” أن تلبية “قيسى عيلان”، كانت على هذا النحو:“لبيك اللهم لبيك، لبيك أنت الرحمان ، أتتك قيس عيلان، راجلها والركبان”وأن تلبية عك والأشعرين، كانت: نحج للرحمان بيتاً عجباً مستترا ًمغبباً محجباًوفي التلبيتين المذكورتين دلالة على اعتقاد القوم بإلهَ واحد، هو الرحمان. ولم ترد لفظة “الرحمان” إلاّ مفردة، فليس لها جمع، لأنها تعبير عن توحيد.الفقرة التالية للمؤرخ العلامة جــــواد عــلى في موضع آخر من كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام دار العلم للملايين ، بيروت ، الطبعة الثانية الجزء الثالث 1980م الفصل السبعون أَصنام الكتابات ص 736ونقرأ في النصوص العربية الجنوبية اسم إله جديد، هو الإله “رحمنن”، أي “الرحمن”. وهو إله يرجع بعض المستشرقين أصله إلى دخول اليهودية إلى اليمن وانتشارها هناك. وهذا الإله هو الإله “رحمنه” Rahman-a “رحمنا” في نصوص تدمر.وورد في نص: “رحمنن بعل سمين” “رحمنن بعل سمن”، أي “الرحمن رب السماء”، أي انه إله السماء. فصار في منزلة الإله “ذ سموى”. ثم لقب ب “رحمنن بعل سمين وارضن”، أي “الرحمن رب السماء والأرض” في نصوص أخرى. فصار إله السماوات والأرضين.وقد نشر نص بالمسند، وردت فيه جملة: “الرحمن الذي في السماء واسرائيل رب يهود”. وهو نص، إن صح نقله عن الأصل بدقة وعناية، وإن صح انه نص صحيح غير مزيف، يشير إلى تأثر صاحبه باليهودية وبعبارة الرحمن. وقد استشهد به من قرأه على تهود صاحبه.ويرد اسم الإله “بعل سمن” “بعل السماء” “بعل السماوات” في الكتابات الصفوية، وفي كتابات تدمر، حيث ورد “بعل شمن” “بعل شمين”، وفي كتابات بعلبك، وفي كتابات اللحيانيين. وقد ظهرت عبادته قبل الميلاد. ويظهر لذلك انه من الآلهة المعروفة عند الساميين وعند العرب الشماليين قبل الميلاد، ومن الجائز ان يكون قد انتقل إلى العرب الجنوبيين من العرب الشماليين.وفي نص متأخر، يعود عهده الى ما بعد الميلاد، وورد معه اسم: “رحمنن بعل سمن”، أي “الرحمن رب السماء “. وقد أرخ النص بشهر “ذ دون” “ذ داون” “ذي دوأن” لسنة “574” من التأريخ الحميري. المقابلة لسنة “9 5 4” للميلاد.إن معنى الرحيم أي بالرحيم وصلتم إلى الله وإلى الرحمن، فـ(الرحيم) نعت محمد صلى الله عليه وسلم، وقد نعته تعالى بذلك فقال: رءوف رحيم فكأن المعنى أن يقول بسم الله الرحمن وبالرحيم، أي وبمحمد صلى الله عليه وسلم وصلتم إلي، أي باتباعه وبما جاء به وصلتم إلى ثوابي

المصدر     http://www.wakae3.com/%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D9%8A%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86/





الثلاثاء، 19 أبريل 2016

صعود تنظيم الدولة الإسلامية ........ بقلم احمد جرار

شكل صعود تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة واحداً من أكثر المواضيع جدلاً في الفضاء السياسي والإعلامي ولا نزال حتى اليوم نسمع تحليلاتٍ ودراسات تحاول الإجابةَ عن الكثير من الأسئلة الغامضة المحيطة بهذا التنظيم الذي حوَّل الصورة الذهنية لمصطلح "الدولة الإسلامية" لكثيرين إلى مجرد إنسان مقنّع يحمل رأساً تقطر منه الدماء.
خلافاً لكثير من التحليلات والأحكام المعلبة؛ فأنا أرى التنظيم بمثابة الظاهرة المركبة التي ساهمت عواملُ عدة في تشكيلها، وأرى أن عالمنا العربي يوجد به عدة نسخ من التنظيم ليس بالضرورة أنها متشابهة.
فالعوامل والمتغيرات التي ساهمت بظهور التنظيم في سيناء مثلا، قد تختلف بشكل كبير عن عوامل ظهوره وتمدده في سرت، أو في اليمن، أو حتى في سوريا، وقد تكون العوامل المشتركة أقل مما تبدو في ظاهر الأمر.
التنظيم لم يخرج من العدم
خلافا لكثير من التحليلات التي تشعرك بأن العالم استيقظ ذات صباح، فوجد مقاتلين مقنعين مدججين بالأسلحة ويرفعون راية الخلافة دون أي سابق إنذار، فإن التنظيم في بنيته الرئيسية كان بمثابة الوريث غير الشرعي لتنظيم القاعدة وتحديداً للفرع العراقي الذي سبق وأن تزعمه الأردني أبو مصعب الزرقاوي، وجزء كبير من القيادات الحالية سبق وأن كانت قيادات في تنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، وهم مزيج من مقاتلين جهاديين مع ضباط وأفراد سابقين في الجيش العراقي.
حصادٌ للقمعِ والاستبداد والفشل
المتتبع للمناطق التي برز فيها التنظيم وتمدد يكاد يلمح عدة عوامل مشتركة فيها.
أولاً: وجود نظام مستبد قمع الناس بوحشية وارتكب انتهاكات بشعة خلّفت في نفوس الكثيرين غضباً وألماً ورغبةً بالثأرِ والانتقام إلى درجة يمكن القول فيها بأن تمدد التنظيم داخل بلد ما يتناسب طرديا مع زيادة وحشية وجرائم النظام في ذلك البلد.
ويكتسب التنظيم أنصاراً ومتعاطفين أكثر في حال كان الظلم والاضطهاد قد وقع على مكون معين كما حصل مع السنّة في العراق.
ثانياً: انسداد أفق التغيير السلمي فقد مثّل الربيع العربي تحديا ليس فقط للأنظمة المهترئة بل للتيارات التي تؤمن بالتغيير عبر القوة والعنف، حيث أعطت الثورات لا سيما في بداياتها أملاً للملايين من الشباب العربي بإمكانية تغيير الأنظمة الاستبدادية والفاسدة من دون كلفة بشرية كبيرة، وعبر مظاهرات سلمية تحافظ على الدولة ومؤسساتها ولا تلقي "بالبلد" في مهب الريح، لكن مع انكسار الثورات والتآمر عليها وجرِّها نحو مربع العسكرة، عاد سوق التيارات الجهادية للانتعاش، كيف لا وبيدهم هذه المرة دليلاً دامغاً على أنّ التغيير السلميّ لا يحقق أحلام الناس بدولة الحرية والعدالة والكرامة، ويمكن بسهولة ملاحظة الخطاب الساخر لدى أنصار تنظيم الدولة من جماعات الإسلام السياسي؛ التي اختارت الانتخابات وصندوق الاقتراع وسيلة للوصول إلى السلطة ،وصلت إلى درجة الشماتة بالتنكيل والقمع الذي تعرضت له تلك الجماعات واعتبار ذلك عقاباً من الله لتقاعسهم عن تغيير
"منكر الأنظمة" بالقوة.
ثالثاً: تمدد في الفشل رغم الصبغة الأيدولوجية التي تطغى على خطاب التنظيم إلا أن جاذبيته لدى كثيرين لم تكن بسبب ذلك بل كان باختصار؛ لأنه استطاع أن يملأ مكان الدولة ويقدم للناس منظومة بديلة من الخدمات والاحتياجات الأساسية التي عجزت الأنظمة الفاشلة عن تقديمها.

استثمار في التوحش
خلافا للتحليلات التي تحاول تفسير صعود التنظيم على أنه صنيعة طرف ما بعينه - كأن يقال بأنه صنيعة إسرائيلية أو أمريكية أو إيرانية أو صنيعة نظام الأسد أو أجهزة المخابرات العربية - برأيي أن التنظيم ليس صنيعة أحد وأن هناك فرق بين الصناعة والعمالة، وبين التوظيف والاختراق والاستثمار وكما أسلفت من قبل فإن النواة الصلبة للتنظيم جاءت عبر وراثة تنظيم القاعدة في العراق.
لكنّ أطرافاً عدة سعت للاستثمار بهذا التنظيم ولمآرب مختلفة، فالكل كان يبحث عن "الوحش" الذي يخدم أهدافه ويبرر بقاءه وكل هؤلاء وجودوا ضالتهم في "تنظيم الدولة" فتمدده في بعض الأحيان لم يكن بسبب قوته وصلابة مقاتليه، بل برغبة أطراف أخرى في تضخيمه ونفخه واتخاذ محاربته بعد ذلك وسيلة لقهر الناس وسحقهم ووضعهم أمام مفارقة مفادها إما أن ترضوا بحكمنا الفاسد الفاشل وإما ان يأتيكم من يحكمونكم بالسكاكين التي تقطر منها الدماء.
رغم أن هذا الأمر أعطى في بعض الأحيان مفعولا عكسيا فالقوة التي بلغها التنظيم في بعض البقاع كانت أكبر مما أريد له فأصبحت محاولة اقتلاعه أمرا بالغ الكلفة.
من هم المستثمرون؟
برأيي أن هناك طرفان رئيسيان استثمرا ظهور تنظيم الدولة وسعيا لاختراقه وتوظيفه ونفخه لصالحهما.
الأول: أنظمة الثورات المضادة وأنظمة القمع والاستبداد فهي أرادت أن يصل الناس لقناعة مفادها ألا ليت الربيع لم يطرق بوابة عالمنا العربي يوماً.
لذلك كان ظهور التنظيم بمثابة طوق النجاة لتلك الأنظمة ولأجهزتها الأمنية الراغبة في إيجاد شماعة لمواصلة انتهاكاتها البشعة بحق معارضيها وسحق كرامتهم عبر رفع شعار محاربة "الإرهاب" .
الثاني: في "التنظيم" هي إيران وأذرعها وميليشياتها في المنطقة ويبدو أن المخابرات الإيرانية ومن خلال خبرتها في إدارة العلاقة - مع تنظيم القاعدة - في كل من أفغانستان والعراق خلال الاحتلال الأمريكي لكلا البلدين، قد تعلمت كيفية توجيه حراب ذلك التنظيم لصدور خصومها بعيدا عنها وسعت لتوظيف ذلك في حماية الأنظمة الحليفة لها داخل العالم العربي، كانت إيران تدرك وفي ظل الإجرام البشع الذي مارسه نظام الأسد وفي ظل الممارسات الاستبدادية والطائفية التي صبغت حكم المالكي أنها بحاجة لخَصمٍ دموي وقاسٍ، تبرر فيها تدخلها الطائفي الفجّ لصالح أنظمة مجرمة وفاشلة فوجدت هي أيضا ضالتها في "تنظيم الدولة" فهي جعلته شماعة لتبرير أكاذيبها عن سبي زينب والعتبات المقدسة وسهل عليها مهمة إرسال أتباعها لمحرقة مشروعها عبر إيهامهم أنهم أمام حرب مقدسة فإما أن تَذْبَحَ وإما أن تُذبح ، رغم أنّ النّاس خرجت أصلا في سوريا والعراق للمطالبة بالحرية والكرامة وليس لأنّ بشار علوي أو لأنّ المالكي شيعي.
ثانياً: هي تستخدم ورقة التنظيم في تبرير تدخلاتها وهيمنتها في المنطقة عبر تقديم نفسها كطرف فاعل في محاربة الإرهاب والتكفيريين، كما أنها لعبت بهذه الورقة أمام القوى الغربية في سبيل تدعيم صورتها أمامهم لا سيما خلال جولات المفاوضات حول ملفها النووي وسعي طهران لاستعادة ملياراتها المجمدة بسبب العقوبات.
كيف جاء الاستثمار والتوظيف؟
يمكن القول إن بنية تنظيم الدولة وسعيه للتمدد والسيطرة وكسب مزيد من المقاتلين الراغبين بالانتقام والحالمين بالعيش تحت ظل "الخليفة" جعلت من السهل اختراق التنظيم وعلى عدة مستويات فخلافاً للانطباع السائد بأن مقاتلي التنظيم هم إسلاميون متشددون فقد كشفت كثير من الشواهد ضعفاً كبيراً لدى عناصر التنظيم بالعلم الشرعي والفقه وأصوله وبعضهم كان حتى الأمس القريب يعيش حياة أبعدَ ما تكون عن التدين والالتزام بل إن بعضهم كان يرى عضوية التنظيم بمثابة التطهر من دنس حياته السابقة وطريقا للغفران من الموبقات التي كان يرتكبها.
على عكس تنظيمات عسكرية مثل كتائب القسام أو حزب الله والتي يخضع فيهم الفرد لتجربة اختبار قاسية وصارمة ومرحلة إعداد عقائدي وتربوي ونفسي طويلة فإن عضوية تنظيم الدولة تبدو وكأنها نزهة مقارنة مع تلك التنظيمات، حيث تواترت الشهادات الموثوقة وفي أكثر من ساحة عربية عن أشخاص هامشيين ذوي قدرات محدودة تحولوا في ليلة وضحاها إلى أمراء يفتون في دماء الناس.
وليس من المبالغة القول إن عدداً من أجهزة المخابرات العربية والغربية والإقليمية قد نجحت باختراق التنظيم وجعلته مطية لأهدافها وخناجر في ظهر خصومها وهذا أمر يبدو جليا في سوريا وليبيا واليمن حيث كانت قوة التنظيم مضادة للقوى الثورية وحتى الإسلامية الساعية للإطاحة بأنظمة مستبدة، وكان بأسه شديدا عليها فضلا عن تكفيرها واتهامها بالردة والعمالة.
خلاصة
تنظيم الدولة ليس لغزاً معقداً بقدر ما هو نتاج لمرحلة دموية ومشوهة تعيشها منطقتنا، وساهمت عوامل عديدة في صعوده وتمدده وفي حال زوال هذه الأسباب وهزيمة المشاريع الاستبدادية والطائفية في المنطقة فإن التنظيم حتما سينحسر.
أما الحلول الأمنية والعسكرية فهي وإن نجحت في توجيه ضربات له هنا أو هناك فإن هذا لن ينهي التنظيم وحتى لو تمت هزيمته مرحليا فإن بقاء تلك العوامل لن تحول دون ظهور نسخة أخرى من التنظيم في المستقبل وقد تكون أكثر شراسة وأكثر دموية.


المصدر    http://www.huffpostarabi.com/ahmed-jaraar/story_b_9708068.html

الاثنين، 11 أبريل 2016

خطايا الآباء في أساميّ الأبناء

يولد الطفل عاجزا عن كل شيء، فيسبغ عليه أبوه أو أبواه اسمه. يؤمن البعض أن هذا الاسم سيؤثر في مصير الطفل، ويؤمن آخرون أنّ الاسم سيؤثر في مستقبل الطفل. والحقيقة أن الاسم يعكس وجهة نظر من وضعه لا وجهة نظر من يحمله.
قبل أن تضع لابنك اسما يناسب مظهر طفولته البريء الجميل تذكّر أن هذا الاسم سيرافقه مدى حياته، وراعي في الاختيار أن لا يكون الاسم من أسباب تعاسة الوليد. الطفل لن يبقى بريئا جميلا، بل سيتغير شكله بالكامل، لذا من غير المعقول أن تضع " لولو" مثلا اسما لطفلة ولدت توا، لأنها ستكبر وقد تتولى مسؤولية من نوعا ما فتخيل أن المدير العام لمصلحة الضرائب التي تريد مراجعتها اسمها لولو!
جنيفر موس مؤلفة متخصصة في شؤون الأسرة أنشأت موقع BabyNames.comالخاص بأسماء المواليد الجدد، تنصح في موقعها بالقول "اختبر الاسم الذي تريد. تريد وضعه للوليد الجديد على نفسك، فاذهب إلى المقهى القريب وقدم نفسك لهم باسم الوليد المنتظر، وراقب ردود الفعل على الاسم فقد تنفع في تقييمه".
يقدم الموقع المذكور نصائح في كيفية اختيار الأسماء واقتراحات لأسماء المواليد الجدد تتناسب مع تواريخ ميلادهم وحتى مع أبراجهم لمن يؤمنون بهذه القضية. بل أن الموقع المذكور يقدم مقترحات لأسماء بثماني لغات، من بينها الألمانية والانكليزية والتركية.
خطايا الآباء في أساميّ الأبناء
وتشيع في كثير من الأمم تقاليد ومعتقدات بشأن أسماء المواليد الجدد، ففي بعض الثقافات، تريد الأم أن ترزق بولد لأنها غالبا ترزق ببنات، فتقرر مع نفسها، أن تسمي المولود المنتظر اسما قبيحا منفرا يطرد عنه شر القوى الخفية التي تمنع أن يكون ذكرا وتحيله إلى أنثى!! وهكذا تسمي بعض الأمهات أبناءهن "كلب" أو" تأبط شرا" أو" غضبان" أو " حزنان" أو " تعبان" وهكذا.
ثم ترزق الأم بولد، وتفي بوعدها مع نفسها أو بنذرها وتضع له الاسم التعس، فيكبر الولد إلى رجل يحمل هذا الاسم، ما يجعل حياته جحيما في أحيان كثيرة. كما أن المجتمع يتعامل مع الأسماء السيئة غالبا بالسخرية وعدم القبول. فتخيل لو انك صاحب شركة، وأعلنت عن وظيفة شاغرة، وتقدم لشغلها رجل يحمل اسم "تأبط شرا غضبان تعبان تالف" ، كيف سيكون رد فعلك؟ هل تقبله موظفا فيتوجب عليك كلما خاطبته أن تقول له" صباح الخير تأبط شرا"!!.
ويرى موقع هوروسكوب المتخصص بالأبراج أن الأسماء تقابل الأرقام الفلكية، وبهذا فهي تحدد مصائر حامليها وتتدخل في أقدارهم. ويفسر هذا المقولة العربية الشائعة" الأسماء تعني أضدادها"، فمن كان اسمه "نظام" على سبيل المثال يكون فوضوي الطباع، ومن كان اسمه "رحيم" تراه قاسيا طبقا لوجهة نظر هذا الموقع، ومن كان اسمه سريع تراه بطيئا وهكذا. ويرى موقع هوروسكوب أن "حساب الجُمّل" الفلكي يجعل لكل حرف في اسم الإنسان تقديرا مصيريا. إلا أنّ هذه تبقى تكهنات ترتبط بمعتقدات الناس.
مشكلات الأسماء في الغالب تقع في أسماء الذكور، وتجدها في كل اللغات، فيما يندر أن تعثر على أسماء سيئة تطلق على مواليد الإناث.
وكانت الأسماء المنتهية بهمزة مختصة بالمؤنث" عفراء، بيداء، خنساء، شيماء، زهراء" باتت الأسماء الوافدة من الثقافات الأوروبية والمختلطة باللغة العربية بشكل هجين مظهرا لتسمية مواليد الإناث في اللغة العربية. فشاعت أسماء مثل " تينا، بي بي، لانا، ميرفا" . لكن على وجه العموم لا تمثل أسماء البنات مشكلة لهن حين يبلغن ويكبرن ويتحولن إلى نساء، وربما تشذّ عن هذه القاعدة بعض الأسماء ومن أشهرها اسم" عذراء" حين تصبح حاملته أمّا لخمسة أطفال ! وليس عجبا أن غنت المطربة فيروز " اسامينا شو تعبو اهالينا تالقوها وشو افتكروا فيها" ، فهي أرادت إكرام الأهل لمنحهم الوليد اسما يبقى معه حتى الممات.
المصدر dw

الأحد، 10 أبريل 2016

اللغة والثقافة .... بقلم قاسم حسن محاجنة




أجدُ نفسي أحياناً مُنساقاً إلى "التصرف" على فطرتي العربية التقليدية، وتحديداً حينما يُغضبني أحدهم، يغدر بي، يغشني أو يستغفلني، أجدُ نفسي مُوجهاً سهام غضبي الى أُم أو أُخت ذلك الوغد ،شاتماً إياهما أو إحداهما بأقذع الشتائم المتداولة والدارجة ، ناعتاً اياهن "بالشرموطات" أو "القحاب"، وبذاءات أُخرى لا أُريدُ أن ألوث مسامعكم بها .والشتيمة الأكثر تداولاً في قاموسي ،هي "إبن شرموطة" .. لكنني وبعد أن أهدأ، أُعاتبُ نفسي وألومها على هذا البغي بحق إنسانة لم تُسيءْ إلّيّ في حياتها.. وللتنويه فأنا مُقلٌّ في الغضب وفي الشتيمة أيضاً، إلّا فيما ندر.لكن ، لمَ ننشغل بالأُم ونترك إبنها ؟ هل لأننا "نؤمن" بأن هذا الوغد أو ذاك ، ستردعه شتيمتنا لأُمه ، أُخته أو زوجته؟! وهل إهانة الآخر وتحديداً الأُنثى (الأم ، الأُخت ، الزوجة)، فيها إهانةٌ للوغد بطريقة أُخرى؟! عِلماً بأنني لم أسمع شتيمة جنسية تخص الذكور، إلّا في حالة واحدة فقط ، تُعنى بالميل الجنسي للذكر المشتوم بشتيمة "يا هومو" ، أي يا مثلي الجنس ..!!مثلنا العامي يُقرر بأن "الولد العاطل (السيء) بجيب لأهله المسبية (الشتيمة)".. فهل هذا ما يحدث، أم أن للأمر جذور ثقافية أعمق ؟!لكن قبلاً أود أن أُشيرَ الى أن اللغات التي أعرفها، كالعبرية ،الإنجليزية والسلوفاكية ، كلها تشترك مع العربية في تخصيص الأُم بالشتيمة نيابة عن إبنها.. بل أشهر شتيمة في ملاعب كرة القدم الإسرائيلية هي الشتيمة التي يتلقاها حكم المباراة ، والقائلة "الحكم ابن زانية" ، يرددها المتفرجون وتحديداُ من أنصار الفريق الخاسر.أعتقد، بأن المجتمع الذكوري ، والذي يتعامل مع الأُنثى على أنها وعاء تفريغ جنسي ، يُقدسه ويزدريه في آن واحد، يرى في الجنس ضالته ومتعته، ومع ذلك يُشهّر بهذه الأنثى التي شاركته فراشه أي فراش الذكر ، وليس ذكراً محدداً بالضرورة .. فكل أنثى شاركت آخرين الفراش هي "شرموطة" بالضرورة ، لأن "وجود" ذكور آخرين ، غير "هذا" الذكر، يُفقده إمتيازه وخصوصيته. وإلّا كيف نُفسّر "تدافع" الذكور على شراء الخدمات الجنسية من البائعات المختصات بذلك ..؟ فلو كان يحتقرها لما لجأ إليها باحثاً عن متعة مدفوعة الثمن (لكنه يحترمها ويحتقرها في نفس الوقت). لئلا يتوقف عن احترام نفسه ..!!كل أمهاتنا مارسنَ الجنس مع شريك واحد على الأقل، وأنجبننا، لكنهن غير مذنبات لأن أبنائهن أصبحوا أوغاداً، فليست مسؤولية وغدنة الإبن من نصيب الأم ، بل هي بالأساس ناتجةٌ من التنشئة الاجتماعية ،الثقافية والتربوية والتي يقوم عليها وكلاء المجتمع ، والعائلة واحد من هؤلاء الوكلاء. ولا ننسى الوضع الإقتصادي وظروف الفقر والقهر .لكن ما مناسبة هذا الكلام الآن؟ لأنني قرأتُ مقالاً لزميل عزيز على صفحات الحوار ، يتعرض للاضطهاد والملاحقة، وأنا أتعاطف معه ، لم يجد ما "يفش خلقه" به سوى توجيه الشتائم لأمهات المجرمين ... أعتقد بأن الأولى بالشتيمة هو المجتمع الذي يسكتُ عن ظلم وعدوان هؤلاء الظلمة ..


المصدر  موقع الحوار المتمدن  http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=512825

الخميس، 7 أبريل 2016

كتاب / الاسلام بين الشرق والغرب .... علي عزت بيجوفيتش

 ليست الانسانيه احسانا وعفوا وتحملا، وان كان هذا كله نتاجا ضروريا لها.لكن الانسانيه بالدرجه الاولي توكيد لحريه الانسان، اي توكيد لقيمته باعتبارة انسانا.


وكل شئ يحط بشخصيه الانسان ويحيله الي شئ هو امر غير انساني،
فمثلا من الانسانيه ان نقول ان الانسان مسئول عن افعاله وان نحاسبه عليها. وليس من الانسانيه ان نطلب منه ان يتأسف او يغير رايه، ان يتحسن وان يصفح عنه.انها اكثر انسانيه ان يعاقب انسان بسبب معتقداته من اجباره علي التخلي عنها او التبرؤ منها باتاحه الفرصه المعروفه باسم(الاخذ في الاعتبار بموقفه المخلص) ولذا فهناك عقوبات انسانيه، وعفو هو اكثر شئ غير انساني.


كان محققوا محاكم التفتيش في الماضي يزعمون انهم يحرقون الجسد لكي ينقذوا الروح، اما المحققون المعاصرون، فانهم يفعلون العكس (يحرقون)الروح بدلا من الجسد ..
كان محققوا محاكم التفتيش في الماضي يزعمون انهم يحرقون الجسد لكي ينقذوا الروح، اما المحققون المعاصرون، فانهم يفعلون العكس (يحرقون)الروح بدلا من الجسد ..


ان تقليص الانسان الي مجرد وظيفه انتاجيه استهلاكيه ، حتي-ولو كان له مكان في عمليات الانتاج والاستهلاك .ليس علامه علي الانسانيه، وانما هو سلب لانسانيته.


ان تدريب البشر علي ان يكونوا مجرد منتجين،وتنظيمهم في صفوف المواطنين الصالحين، هو ايضا غير انساني.


وبالمثل ، يمكن ان يكون التعليم غير انساني اذا كان عمليه من جانب واحد، موجها وقائما علي تلقين تعاليم حزبيه، اذا لم يكن يعلم الفرد كيف يفكر بطريقه استقلاليه ،اذا كان يقدم اجابات جاهزه، اذا كان يعد الناس فقط للوظائف المختلفه.


بدلا من توسيع افقهم، وبالتالي حريتهم.


ان اي تلاعب بالناس حتي ولو كان في مصلحتهم هو امر غير انساني،
ان تفكر بالنيابه عنهم وان تحررهم من مسئوليتهم والتزاماتهم هو ايضا غير انساني، ان نسبه الانسانيه الينا تجعلنا ملتزمين.فعندما وهب الله الحريه للانسان وانذره بالعقاب الشديد اكد علي اعلي مستوي. قيمه الانسان كانسان.


ان علينا ان نتبع المثل الاعلي الذي وضعه الله لنا.


لندع الانسان يجاهد بنفسه بدلا من ان نقوم بعمله نيابه عنه.
بدون الدين وبدون فكره الجهاد الروحي المتصل للانسان كما تقرر في(الحدث التمهيدي بالجنه) لا يوجد ايمان حقيقي بالانسان باعتباره قيمه عليا.بدون ذلك ينتفي الايمان بامكانيه انسانيه الانسان، او لانه موجود علي الحقيقه.


ان القول بمذهب انساني ملحد ضرب من التناقض،لانه اذا انتفي وحود الله انتفي بالتالي وجود الانسان،وكما انه لا يوجد انسان،فان(الانسانيه)التي يزعمونها تصبح عباره بلا مضمون.
ان الذي لا يعترف بخلق الانسان لا يمكن ان يفهم المعني الحقيقي للانسانيه.





الأربعاء، 6 أبريل 2016

أدوات وشروط فهم القرءان الكريم .... بقلم الباحث نهرو طنطاوي


علق الأخ Randon Vetr بالأمس على منشور لي يتحدث عن تحذير الرسول من جدال المنافق بالقرءان فجاء تعليقه كالتالي:


(المعضله تتمثل في شئ مهم جدا فالذي يجادل بفهمه للقرأن يريد ان يعلي شأن الدين نفسه وان يضعه بمكان يجاري به ذلك الزمان كمثل من يجادل بفهمه للقرأن من التراث البائد من التفاسير القديمه ويريدنا ان نستحضر تفسيرات قديمه لا ادري انرجع بزماننا لنفهمها ونطبقها (هيهات)
بالتالي فالعبره بالنيه وتلك لا نعرفها ولا يلزمنا ان نفتش بنوايا الناس
ويا ليت شعري ان تضرب لنا امثالا معاصره فلا نضل عن فهمك وفهم الرسول(صلعم) لسياق ذلك الحديث فانا لم اقابل منافق بالقرأن الا باناس كانوا يتكسبون به ولا يعملون به
فإنا نري رجالا اليوم يتأملون بعقول حديثه لكتاب كما قال الشعراوي مازال لا يضن علينا بتأويلات جديده). انتهى


ففضلت أن أرد عليه في منشور مستقل على النحو التالي:
يا أخ Randon Vetr لا توجد أي معضلة في فهم القرءان الكريم لأي شخص كائنا من كان، ولكن من يريد فهم القرءان فلابد أن يمتلك أدوات فهمه التي وضعها القرءان الكريم، وأولها وأهمها أن يكون ملما إلماما جيدا بلسان قوم الرسول الذي نزل به القرءان الكريم، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الَعَزِيزُ الحَكِيمُ). (4_ إبراهيم). فلسان قوم الرسول الذي نزل به القرءان هو وسيلة البيان الأولى والأساسية لنصوص القرءان الكريم، فكيف لي أن أقر لشخص يحاول فهم القرءان وهو ربما لا يعرف عدد حروف الجر ولا الفاعل من المفعول ولا يعرف أبسط الدلالات الحقيقية لكلمات القرءان الكريم، وأنا على استعداد أن أسوق لك عشرات بل مئات الأمثلة من كلمات وجمل وعبارات القرءان التي أجزم وأقطع بأن غالبية من يتصدرون لفهم القرءان ممن لا يعرفون كم عدد حروف الجر لا يعرفون لها فهما ولا مدلولا حقيقيا ولا لماذا ولا كيف جاءت بهذه الكيفية، فكيف لشخص هذا حاله ننتظر منه فهما قويما وعلما صحيحا بنصوص القرءان وهو ليس لديه أي من أبجديات العلم والفهم القويم الصحيح؟!!، بل هل من الصواب أن أترك كتب التراث التي هي أكثر إلماما باللسان العربي وتاريخ القرءان وتاريخ أحاديث النبي وتاريخ المسلمين وتاريخ الفلسفة والمعتقدات وكل ما له علاقة بهذا الكتاب الكريم، وأجلس أستمع لشخص لا يجيد كتابة عبارة واحدة دون أخطاء بلاغية أو إملائية أو نحوية أو صرفية؟!!، بل وربما لا يحفظ عدد الحروف الأبجدية!!، وما يدريني من ذلك الشخص الذي يختبئ خلف شاشة الكمبيوتر ولا يعرف معظمنا من هو؟ ولا ما هي خصائصه العلمية والمعرفية؟ ولا ما هو انتاجه العلمي والفكري لأقبل منه ما يخوض فيه بلا علم ولا هدى؟؟.
دخل شخص من الأريكيين ذات مرة معي في حوار على الخاص، وأخذ يجادلني في منهجي وطريقتي في أخذي بالقرءان وأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، وأخذ ينسخ لي من آيات القرءان ويطرحها بين يدي كي يثبت لي صحة وجهة نظره، فقلت له: هل أنت ملم بلسان قوم الرسول "اللغة العربية" لكي تفهم القرءان فهما سليما وصحيحا؟. فأجاب: اللغة والقواميس والنحو والصرف والبلاغة كل هذا من صنع البشر وتراث بالي يجب التخلص منه إذ كيف نحكم بالشيء البشري المخلوق على كلام الله المنزل؟. فقلت له حسنا، ما رأيك في قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ). (4_ إبراهيم). لقد أرسل الله رسله وأنزل كتبه بنفس اللسان الذي يتكلم به قوم الرسول حتى يبين لهم ماذا عليهم وماذا يريد منهم بهذه الرسالة فأليس "لسان قوم الرسول" هو شيء بشري مخلوق أنزل الله به كتبه وأرسل به رسله لكي يبين للناس ماذا يريد منهم وماذا يريد بهم من هذه الرسالة؟؟ أليس الله قد أخضع بيان كلامه ورسالته للسان قوم الرسول الذي هو شيء مخلوق؟؟!!، ثم أين نجد على كوكب الأرض الذي نعيش فيه جمعا للسان قوم الرسول غير كتب التراث من معاجم وقواميس وكتب نحو وصرف وبلاغة وبيان؟. فلو ألقينا بكتب التراث في البحر كيف نفهم جمل وعبارات وكلمات وأساليب القرءان الكريم؟. فرد قائلا نفهم القرءان بالقرءان ومن القرءان نفسه. قلت له حسنا: قال تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس) ما معنى "دلوك الشمس" من القرءان فغاب برهة ثم عاد يقول: هذه كلمة واحدة ربما لا أستطيع أن أتبينها من القرءان الآن ولكن عدم فهمي لها الآن لن يؤثر على فهمي لبقية نصوص القرءان. فقلت له: ليست المشكلة في كلمة "دلوك وحدها" أنا أستطيع أن أسوق لك مئات بل إن شئت آلاف العبارات والمفردات من القرءان الكريم التي لن تستطيع أن تجد لها مفهوما في القرءان الكريم على الإطلاق، بل ليس فقط دلالة المفردات, بل هناك أساليب بلاغية وبيانية في القرءان بالآلاف لن تستطيع لها فهما من القرءان نفسه، وأضرب لك مثلا واحداً بعبارة واحدة فقط: يقول تعالى: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ). (138_ البقرة). ما قولك في كلمة "صِبْغَةَ" لماذا جاءت منصوبة بالفتحة رغم أنها لم يسبقها ما يستدعي النصب من حرف ناصب أو أن تقع مفعولا بها فتنصب؟؟. أم تراه خطأ في تشكيل القرءان وقع فيه من قاموا بخطه وتدوينه؟؟.
والوسيلة التي لا تقل أهمية عن الإلمام بلسان قوم الرسول هي "العلم" العلم بمفهومه ودلالته الحقيقية والتي هي أثر بالشيء به يعرف، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ(8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَذَابَ الحَرِيقِ). (9_ الحج).
فلابد من ربط نصوص القرءان بكافة العلوم من تاريخ وأدب وقلسفة وآثار وأركيولوجيا وووو... إلخ. والقرءان إن كنت تدرك وتفهم مدلولاته ومفرداته فهما علميا مطابقا للسان قوم الرسول عندها سيبين لك القرءان الكريم الصواب من الخطأ والحق من الباطل ووو... إلخ. وبغير توافر هذه الأدوات وغيرها سيكون هناك الجدال بلا علم ولا هدى بل هو الضلال البعيد والعبث بآيات الله والخوض فيها.
أما إن كنت تريد نماذج وأمثلة معاصرة كما طلبت وكيف تعبث بآيات الله وتخوض فيها بلا علم ولا هدى فأقدم لك غيضا من فيض من العبث والتحريف الممنهج لكلام الله عن موضعه والخوض في آيات الله بلا علم على النحو التالي:
أولاً: كلمة "التدبر" يستخدمها كل من يقول بالقرءان وكفى على أنها تعني الفهم والتفكير، فكلمة "التدبر" لها مفهوم مختلف تماما عن الفهم والتفكير، فالتدبر شيء والفهم شيء والتفكير شيء آخر تماما.
ثانياً: كلمة "الفطرة"، كل من يقولون بالقرءان وكفى يحيلون جل أفكارهم إلى الفطرة، ويقولون إن هذا تدبر أقرب للفطرة، بل إنهم يرجعون كثير من الاعتقادات والأحكام والأخلاقيات إلى الفطرة، والفطرة لا علاقة لها على الإطلاق لا بالاعتقاد ولا الإيمان الديني ولا بالأحكام والتشريعات ولا بالأخلاق نهائيا.
وهناك عشرات من الكلمات والمفردات القرءانية التي يستخدمونها في غير مفهومها ودلالتها الحقيقية، فينتج عن هذا خلط وخوض وعبث بمفاهيم القرءان الكريم في جل ما يسنتجونه من أفكار وأطروحات.
وهذه بعض الاستنتاجات التي نقلتها حرفيا من صفحة واحدة فقط من صفحات الأريكيين وهم يفسرون قوله تعالى:
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ).
هذه هي تفسيراتهم وفهمهم لهذه الآية على النحو التالي:
نﻻحظ وضع الزانية قبل الزاني في الآية...
ﻻن الزانية...هي الموجودات...(جعلنا ماعلى الارض زينة لها)...
والزاني...هو القلب السطحي
.الزنا هو تفاعل ظاهري...بين موجود...ومعقول
زن من وزنك بما وزنك
وما وزنك بـه فزنـه......الزان هو من لا يوفي الكيل في كل المعاملات المادية والمعنوية ويزين لهم الشر حتى يراه الناس خيرا ....جاء التانيت اولا كوعاء ومصدر للفعل ...والمذكر بعده كتابع ومقتبس ...زين لهم الشيطان اعمالهم ...فمثلا من يات بمعلومة خاطئة وقد ثبت خطئها علميا وينشرها بين الناس لهدف خبيث فهو زانية وتابعه والمنصت اليه فهو زان فكليهما يجب ايقاف تزيينهم للباطل الواضح بعقوبة الجلد
تمام صديقي الجلد هو الفضح والتعرية والعزل ...بدلناهم جلودا غيرها
المئة لا تعني عدد ضربات السوط وانما تعني الكثرة في الحجج التي تعري زناه وقد تكون اكثر بكثير
لا اعتقد ان مائة هي رقم او عدد اعتقد انها لها علاقة بالماء او الماؤي
الجلد...من الارتقاء والعلو
زيادة فلتريشن للبيانات المعرفيّة التي يستقبلها الوعي
كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليدوقوا العذاب
الارتقاء بالباسهم جلودا اي جلدهم على مراحل زمنية واطوار ليتتعذب روحهم وترتقي للنقاء
الجلد هو خلع افكارهم الزانية والباسهم القسطاس المستقيم
مائه جلدة ...الى تمام كفهم عن التزيين حيث التطهير الكلي من هذه الفاحشة
اجلدوا -اي ارفعوا مستوى العلم
مئة جلدة-تعني العلم من مصدره
وبما ان الماء هو اصل الحياة فالمئة هي المنبع الاصلي للعلم
المئة ليس عدد-بل هيئة عدد
يعني ايه هيئة عدد ؟
حين نقول ..اطعام ستين مسكين...هل اامقصود نبحث عن 60 مسكين...
ام تعني مايمكن ايجاده بطاقتنا القصوى...حتى لو كان فعليا ..10 او 25 مثﻻ
و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين
العذاب هو التنقية-الماء العذب هو المنقى من الشوائب
المؤمنين هيئة بداخلك هيئة علم ممكن
اي شيشهد العذاب طائفة-اي ارتقاء-من العلم الايماني
طائفة ﻻتعني زمرة اشخاص..بل من ال.طف..يطفو..طائفة...
بمعنى...طائفة من المؤمنين...اي مازاد علمهم من المؤمنين
تاخذكم تعود على العارفين -والرأفة هي قصر النظر بالمسالة
قميص يوسف...هو قص أثر علم ابراهيم...وايصاله الى موسى.
وﻻمانع من تقبلي لفهمك الراقي
## كما رأينا هذه هي فهومهم لآية الزنى من دون زيادة حرف واحد على ما جاء في كلامهم، وكل هذا الخوض والعبث بآيات الله وتحريف الكلم عن مواضعه له أسبابه المهمة والمعتبرة لديهم ألا وهي منع تجريم الزنى ونشر الإباحية الجنسية وفتح بابها على مصراعيه، وهذه هي اعترافت بعضهم في التعليقات:
(الغريب هو جعل الجنس جريمة ومحلّ شبهة و هذا سر تخلف الكثير الأحرى نتحرر من عقدة الجنس)
(اعتقد ان الزان هو من يزن الامر لنفسه)
(الزنا ليس له علاقة بالجنس ولكنه له علاقة بالعدل والامانة)
وهناك عشرات من نماذج العبث بدين الله وتحريف كلام الله عن موضعه في عشرات المسائل والموضوعات القرءانية التي تنتشر وتعج بها صفحات الأريكيين عن الصلاة والصيام والحج والرسول والنبي والرسالة والجنة والنار والعقوبات ووو... إلخ. والتي لا يتسع المجال هنا لذكر أكثر من هذا، فهل هؤلاء رجال اليوم يتأملون بعقول حديثة لكتاب الله كما تزعم أم هؤلاء محض عابثين محرفين خائضين يعبثون ويحرفون ويخوضون في آيات الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير؟؟. وهل الجنس ليس جريمة كما يزعمون أم أن جريمتهم الحقيقية هي: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ(8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَذَابَ الحَرِيقِ). (9_ الحج).


 


المصدر  https://www.facebook.com/nehro.tantawi.7?fref=nf

في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...