الجمعة، 30 سبتمبر 2016

جرائم شمعون بيراز في حق الانسانية


- ﻗﺎﺩ ﺑﻴﺮﻳﺲ ﻋﺪﻭﺍﻧﺎً ﻋﺴﻜﺮﻳﺎً ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺳﻢ " ﻋﻨﺎﻗﻴﺪ ﺍﻟﻐﻀﺐ " ، ﻗﺼﻒ ﻓﻴﻪ ﻣﺪﻥ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺑﻴﺮﻭﺕ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﻣﺎﻳﻮ - ﺃﻳﺎﺭ 1996 ، ﻭﺗﻤﺜﻠﺖ ﺍﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻋﻨﻒ ﺻﻮﺭﻫﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺼﻔﺖ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﺔ ﻣﻠﺠﺄ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺑﻘﺎﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ ﻳﺆﻭﻱ ﻣﺪﻧﻴﻴﻦ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻣﻤﺎ ﺃﺳﻔﺮ ﻋﻦ ﺟﺮﺡ ﻭﻣﻘﺘﻞ ﺍﻟﻤﺌﺎﺕ 

.
- ﺷﺎﺭﻙ ﺷﺎﺭﻭﻥ ﺣﻤﻠﺔ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﻭﺍﻟﻤﺬﺍﺑﺢ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻮﺭﺳﺖ ﺿﺪ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺍﻷﻗﺼﻰ ، ﻭﻫﻮ ﻣﺘﻮﺭﻁ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﺬﺑﺤﺔ ﻣﺨﻴﻢ ﺟﻨﻴﻦ ﻭﻣﺠﺰﺭﺓ ﺣﻲ ﺍﻟﻴﺎﺳﻤﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺼﺒﺔ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻧﺎﺑﻠﺲ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻭﺑﺎﻗﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻻﻏﺘﻴﺎﻝ ﻭﺍﻟﻘﺼﻒ ﺍﻟﺘﺪﻣﻴﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﻗﻄﺎﻉ ﻏﺰﺓ ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﺷﺮﻳﻚ ﺷﺎﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ


- ﺃﻋﻄﻰ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﺍﻷﺧﻀﺮ ﻟﺠﻴﺶ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺑﻬﺠﻮﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﺰﺓ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺷﺒﺎﻁ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﺣﻴﺚ ﻛﺸﻒ
ﺳﻔﺎﺡ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻓﻲ ﺟﻮﻟﺔ ‏« ﺗﻀﺎﻣﻨﻴﺔ ‏» ﻣﻊ ﻛﻠﻴﺔ ﺳﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺳﺪﻳﺮﻭﺕ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺨﻤﻴﺲ ﺍﻟﺪﺍﻣﻲ ﻓﻲ ﻗﻄﺎﻉ ﻏﺰ ﺓ : " ﺣﺼﻞ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﺍﻷﺧﻀﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺑﺤﺮﻳﺔ " . ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﺍﻷﺧﻀﺮ ﺍﻟﺪﻡ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺪﻓﻖ ﺑﻐﺰﺍﺭﺓ ﻓﻲ ﻗﻄﺎﻉ ﻏﺰﺓ ﻭﺍﻟﻤﺤﺮﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺭﺗﻜﺒﺖ ﺑﺤﻖ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﺣﻴﺚ ﺳﻘﻂ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﻏﺰﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ 100 ﻗﺘﻴﻞ ﺧﻼﻝ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ ﻭﺩﻣﺮﺕ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﺑﺰﻋﻢ ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﻒ ﺍﻟﺼﻮﺍﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ، ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺑﺎﻷﺳﺎﺱ ﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﻭﺍﻹﻏﻼﻕ ﻭﺍﻟﺘﺠﻮﻳﻊ ﻭﺍﻟﻀﻐﻂ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ - ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺸﻠﺖ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﺍﻟﻤﻨﺸﻮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻗﻄﺎﻉ ﻏﺰﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺣﻤﺎﺱ ﻭﻣﻦ ﻧﻬﺞ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻭﺗﻨﺼﻴﺐ ﻗﺎﺩﺓ ﻣﻮﺍﻟﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﻳﻘﺒﻠﻮﻥ ﺑﻤﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﺴﻮﻳﺔ . . . ﻭﻛﺮﺭ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﺃﻥ ﺣﻜﻮﻣﺘﻪ ﻟﻦ ﺗﺘﻔﺎﻭﺽ ﻣﻊ ﺣﻤﺎﺱ ﺣﺘﻰ ﺗﻐﻴﺮ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻭﺗﻌﺘﺮﻑ ﺑﺈﺳﺮﺍﺋﻴﻞ .


- ﻓﻲ 8 /4 / 2008 ﺑﺚ ﺳﻤﻮﻣﻪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺣﻴﺚ ﻫﺪﺩ ﺇﻥ " ﻭﻗﻒ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻘﺬﺍﺋﻒ ﺍﻟﺼﺎﺭﻭﺧﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﻄﺎﻉ ﻏﺰﺓ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺗﺮﻳﺪﻩ " ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ " . ﻭﻧﻘﻞ ﻋﻨﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺿﻢ ﺳﻔﺮﺍﺀ ﺩﻭﻝ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻲ ، ﺇﻥ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﻗﻄﺎﻉ ﻏﺰﺓ ﺳﻴﻮﻗﻒ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻘﺬﺍﺋﻒ ، ﻭﺍﺩﻋﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﻣﻌﻨﻴﻴﻦ ﺑﺎﻟﺴﻼﻡ . ﻭﻭﺍﺻﻞ ﻫﺠﻮﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ، ﻭﻗﺎﻝ " ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺠﺎﺭﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ، ﺳﺘﻄﻮﻝ ﻟﻔﺘﺮﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺟﺪﺍ ، ﻣﺪﻋﻴﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﻣﻌﻨﻴﻴﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺪﻱ ﺑﺎﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﺗﻔﺎﻕ " . ﻭﻋﺎﺭﺽ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻗﺎﻃﻊ ﺃﻱ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺣﻖ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﻟﻼﺟﺌﻴﻦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ، ﻭﻗﺎﻝ ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ " ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ " ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻧﺘﺤﺎﺭﺍ ﺩﻳﻤﻮﻏﺮﺍﻓﻴﺎً ، ﻭﻗﺎﻝ ، " ﺇﻥ ﻋﻮﺩﺓ ﺍﻟﻼﺟﺌﻴﻦ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ " ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ " ﺩﻭﻟﺔ ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ ، ﻓﺎﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ " ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ " ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺩﺧﻮﻝ ﻣﺌﺎﺕ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ، ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﺔ




الخميس، 29 سبتمبر 2016

وراء كل عظيم حِمار ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍! بقلم المؤرخ فوزي سعد الله




يتشرف الحمار دون غيره من الكثير من الحيوانات بورود اسمه في القرآن الكريم وبخدمته للإنسان بوفاء وإخلاص منذ فجر التاريخ... مدينة الجزائر، التي أقْصَتْهُ من الاحتفالات بألْفِيَتِهَا عام 1998م، سهر قرونا طويلة ومازال ساهرا على نظافتها، وأنقذ ثقافتها من لهيب الحروب، كما ساهم في إفشال أحد أكبر انقلاباتها السياسية…
دخل حمير القصبة التاريخ من بابه الواسع بحضورهم في مؤلفات ومذكرات الرحالة والجغرافيين المسلمين والأوربيين الذين وقعوا دون شك في زحمتهم في الزقاق والمسالك الضيقة في عْقيبة الشِّيطَانْ وسَبَاطْ العْرُوسْ وزَنْقَةْ سيدي مْحمَّد الشّْرِيفْ...
الإسباني هاييدو، الفرنسي فونتور دو بارادي، البريطاني الدكتور شو والأمريكي جيمس كاثكارت وغيرهم، فوجئوا بالدور المركزي للحِمار في العناية بنظافة المدينة وصحتها في كتبهم التي أصبحت مراجع أساسية لتاريخ مدينة سيدي عبد الرحمن في العهد العثماني.
وإن أجحفنا في حقهم اليوم، فقد كتبتْ عنهم كلماتٍ رقيقةً ولطيفة متعاطفة الفرنسيةُ لوسيان فَافْرْ (Lucienne Favre) في "كل ما يُجْهَل عن قصبة الجزائر" في الخمسينيات الماضية. كتبتْ عن حمير ليسوا ككل الحمير... عن حمير يؤرقهم سؤال فلسفي وجودي كلما فاجأتْهم وصدمتْهم سلوكات بعض البشر: "مَن هُم الحمير؟"...
لوسيان فافر تحدثتْ عن: "حمير ينقلون الفضلات وفي عيونهم رِقَّة وأَلَم بَشَرِي (…)، يَسكن بعضُهم القصبة وينامون في أقبية لا ضوءَ فيها ولا هواء بِرفقة أصحابهم من البشر".
في هذا الماضي القريب، استفاد الحمير من فترة استراحة، بحيث حُوِّلوا إلى نقل مواد البناء بصفة خاصة بعد أن ابتدع الاحتلال نظام تنظيف للمدينة العتيقة يعتمد على رش أزقتها بأطنان من مياه البحر بواسطة "السِّيَاقين". لكن بعد زوال هذا التقليد الموروث عن عهد جاك شوفاليي، عادت حليمة إلى أشغالها الشاقة القديمة منذ أواسط السبعينيات. وقد استنفذت هذه المهمة الصعبة والمضنية طاقة هذه الحيوانات العظيمة حتى قضت على عدد منها خلال السنوات، بل العقود، الأخيرة، لاسيَّما أن البشر لم يُسَهِّلوا لهم المهمة.
أقل من 40 حمار لتنظيف القصبة؟
أندري ريموند (Andre Raymand) صاحب "المدن العربية الكبرى في الفترة العثمانية" وأحد أكبر المختصين والخبراء في المدينة الإسلامية، أكرم الحمير بصفحة ونصف من كتابه التحفة سنة 1985م اعترافا لهم بدورهم الأساسي في تنظيف ليس مدينة الجزائر فحسب، بل حتى تونس والقاهرة وحلب والقدس ودمشق...
واليوم، كل ما بقي من هذا "السَّلف الصالح" لآل الحمار بقصبة الجزائر يُمكن اختصاره في اصطبل يقع أسفل مقبرة القَطَّارْ بوادي قريش، قبالة حيّ مناخ فرنسا (Climat De France)، يحتوي على أقل من 40 حمارا، عدد منهم عاطل بانتظام عن العمل بسبب الأمراض وأعراض الشيخوخة...، مما حوَّل هذا الإصطبل جزئيا إلى مركزٍ للخدمات الاجتماعية الحَمِيرية.
يؤكد أحد قدماء هذا الإصطبل التابع لإدارة مدينة الجزائر أن هذه الحظيرة ضَمَّتْ أثناء العهد الاستعماري 70 إلى 80 حمارا عاشوا حياةً أسعد من حياتهم الحالية، وتمتعوا بظروف عمل أقل قساوة من ظروف اليوم وأفضل بكثير من نظيراتها في عهد الجزائر المستقلة. ظروفٌ روعيتْ فيها مختلف الإجراءات الوقائية الصحية بفضل طبيب بيطري كانت تربطه بهم علاقات حميمة قوية جعلته يسهر على راحتهم وصحتهم كما يفعل مع أطفاله…
عمي محمد، أحد قدماء منظفي القصبة المتقاعدين، أكد بعد اشتغاله مع الحمير طيلة 38 سنة، دون أن يتأثَّر على ذكاؤه وأسلوب تفكيره كما قد يعتقد بعض سيِّئي النوايا، بأن هذه الحيوانات الطيبة كان لها الحق في "الدُّوشْ"، الاستحمام، بانتظام وفي غسل المعدة من طرف البيطري في حالة الإصابة بآلام في البطن، وفي التطعيم بمختلف الحقن الضرورية للصحة، وفي أنواع أخرى من الأدوية، وفي تطهير الأظافر وتقليمها، وحتى في المشط "بالقَرْدَاشْ" الخاص بها، دون ذِكْر الاعتناء الخاص بالمأكل والمشرب.
كان يحدث ذلك في عهد المُستوْطِن، الإيطالي الأصل، برلسكوني (Berlusconi) الذي اشتهر في الخمسينيات برِفْقِه بالحمير وبقساوته على البشر الأنديجان الذين كان يُسَيِّرهم بقبضة من حديد حاملا معه في جيبه مسدسا للتخويف والترويع وحتى للاستخدام عند الضرورة… ولا عجب في ذلك فالبلد كان تحت نير الاحتلال...
جامعة "كْلِيمَا دُو فْرَانْسْ" !
والوحيد الذي تمسَّك بهذا الاحترام الكبير للحمير بعد الاستقلال وحافظ على التقاليد "الاستعمارية" في هذا المجال هو "كِيكِي" الذي تقاعد في الثمانينيات من القرن الماضي ويكون قد توفي، حسب بعض زملائه، منذ بضعة أعوام. وكانت وفاة "كيكي" خسارة كبيرة لِحمير القصبة سرعان ما انعكست على عددهم الذي تناقص متسارعا بسبب الوفيات الناتجة عن الأمراض وكِبر السِّن، ثم عدم تجديد السلطات المحلية لحضيرتها من هذا الحيوان.
حسب قدماء الإسطبل الذي يحلو للبعض تسميته "جامعة كليما دو فرانس" (Université de Climat de France) أو "أوتيل الحمير" (Hotel)، لم يشتر المسؤولون المحليون في ظرف الأعوام الخمسة والثلاثين الأخيرة، على الأقل، أكثر من 10 أحمرة، وجُلُّهم من جيل الاستقلال "لا يصلحون لا للدّف ولا للقمْبْرِي" بسبب الكسل و"التَّفْيَاسْ" كالبشر من جهة، ولِضعفهم الجسدي وقِصر قامتهم، مما يقلص من قدرتهم على تحمل الأثقال ويعرقل عملية السَّير بها، لأنها تصطدم عادة بالأرض وبـ: "الدّْروج"...
من جهة أخرى، هؤلاء الحمير ليسوا من "أولاد البلاد" بل قدموا من الأرياف، ويتطلب تَعَوّدهم على السير في المدينة وتحكّمهم في عملهم بحفظ مسار العمل ونقاط التوقف وقتا طويلا وجهودا كبيرة من طرف عمال النظافة المدعمين بالعصي الغليظة.
لذلك حمير القصبة الجدد، يقال إن أغلبهم غير مؤهلين لوظيفة النظافة بالقصبة ومن الأفضل أن يُعادوا إلى أريافهم، عكس أجدادهم الذين شاركوا مشاركة حاسمة في صنع تاريخها.
الحمير ينقذون الدَّايْ...
في سنة 1816م عندما أطاح الجيش الإنكشاري بالداي عمر باشا وأتى بعلي خوجة مكانه، سارع هذا الأخير بعد فترة قصيرة إلى نقل مقره الرسمي من قصر الجنينة بساحة الشهداء إلى القلعة الحصينة بالباب الجديد كوقاية من الحركة السياسية المعادية له داخل الجيش الذي كان يتأبَّط شرًّا، لأن بعض قياداته كانت تحضر انقلابا جديدا.
لكن هل كانتْ هذه المناورة ممكنة دون حمير المدينة الذين كانوا عند حُسْن الظن...؟
أثناء انتقاله من أسفل إلى أعلى القصبة، فهم الداي علي خوجة أن الاستغناء عن خدمات الحِمار مستحيل. بل يقال إنه اعتمد على 400 حمار وبغل لنقل متاعه وأمواله ليلا وبطريقة سرية من غروب الشمس حتى طلوع الفجر بعد أن فرض حظر التجول في كامل أنحاء "بهجة" سيدي عبد الرحمن. ثم بعد نجاحه في إفشال محاولة الانقلاب، واصل نقل ما تبقى من قصر الجنينة من أموال وكنوز "الخَزْنَة القْدِيمَة" إلى "الخَزْنَة الجْدِيدَة" بالقَلْعَة، المعروفة اليوم بـ: "دار السلطان"، طيلة 36 ليلة على ظهر 300 حمار وبغل كل ليلة. ولو لم يُهَرِّب الدَّاي علي معه أمواله بهذه السرعة لما نجح في البقاء على العرش، لأن السلطة لمن يملك الكنوز لشراء القوة والذَّمَم...
في الحقيقة، لا يكاد يوجد شيء أو حدثٌ في قصبة الجزائر دون أن يكون للحمير فضلٌ عليه، لأنهم نقلوا مواد البناء لتعميرها ونظفوا زَبلها ونقلوا مياهَها وطحنوا قمحها وشعيرها وحملوا بين الدِّيار والأضرحة والمقابر والأسواق أطفالها ونساءها ورجالها...
فهم الذين نقلوا أحجار أطلال مدينة تامنفوست الرومانية ومحجرة باب الوادي لبناء مرسى المدينة، وهم الذين أوْصَلوا المؤن والمعدات مِن وإلى السُّفن الراسية في "بَابْ دْزِيرَة"، أو باب الجزيرة، في مَساعٍ وخدمات لوجستيية إستراتيجية خفَّفتْ أتعابَ بَحَّارة الرَّايس علي بِتْشِّينْ، ومُراد رايَسْ والرَّايَسْ حَمِّيدُو والعلج علي...
وعندما كان فرانسوا دوكان (Francois Duquesnes) يقصف الجزائر باسم ملك فرنسا العام 1683م مُتسببًا في تحطيم ثُلثي المدينة وحرقها، سارع الحَميرُ إلى انقاذ عدد هام من الكُتب والمخطوطات التي كانت موجودة بالجامع الكبير، المُطلَ على الميناء والواقع في مرمى قذائف الأسطول الفرنسي، من لهيب الحرب بمساعدة الجِمال، وهَرَّبُوها إلى حِصن الإمبراطور بالتاغاران (Tagarins) بعيدا عن دائرة الخطر إلى حين عودة الأمن والأمان، لأن عَظمة المُدن بعظمةِ كُتبها وعلمائها .
في نهاية المطاف، لقد كان حميرُنا، وأنا أقصد الحيوانات، أكثرَ من حَميرٍ، لأن الحِمار الذي يُخاطر تحت القصف بحياته وبرزق أبنائه وحَريمه، وربَّما حتى جَواريه، من أجل أن تعيش الكُتب جديرٌ بأن نقول إكرامًا له إن "وراء كلِّ عظيم حمار"...!!َ! بل إن عظمة المدن بعظمة حميرها...حاشاكم!!!

المصدر  https://www.facebook.com/fawzi.sadallah




الأربعاء، 28 سبتمبر 2016

الرموز المنسية في سفيزف ..... قصة جزائريات رفضن الاستسلام

مقال ورد في جريدة الخبر يوم 27 سبتمبر يخلد ذكرى استشهاد 12 معلمة و معلما. حين أخذتهم أيدي الغدر الارهابية قبل 15 سنة من الآن. رحم الله شهداء الأزمة و أسكنهم فسيح جنانهم 
   

لحسن بوربيع


لن يتخلف سكان سفيزف، وعين آدن في سيدي بلعباس، نهار اليوم 27 سبتمبر 2012، على ما دأبوا عليه طيلة السنوات الـ15 الماضية. وسيتذكرون أرواح المعلمات الـ11 وزميلهن الثاني عشر، اللائي أزهقت أرواحهن في حاجز إرهابي وهن عائدات إلى أهاليهن وأولادهن، وكانت واحدة منهن تحمل جنينها في أحشائها منذ شهرين، رحل معها إلى الدار الآخرة.
فليو محمدية، بوعلي حنيفي سحنونية، بوداود خيرة، بوهند فاطمة، بوترعة رشيدة، شريد خيرة، ديش أمينة، لنفاد حفيظة، لوهاب نعيمة، مهدان زهرة، تونسي عزيزة وزميلهن صابر حبيب، كن عائدات إلى أهاليهن، في مثل هذا اليوم قبل 15 سنة، على متن سيارة نقل جماعي من نوع كارسان، بعد يوم شاق قضينه في عين آدن يعلمن أبناء تلك المنطقة، وهن اللائي كن يعرفن أن ما يقمن به خطر على حياتهن، لأن الإرهابيين قرروا منع التعليم على الجزائريين والجزائريات.

في مثل هذا اليوم قبل 15 سنة، احتل اسم بلادهن الجزائر، صدارة الأخبار في القنوات التلفزيونية ووكالات الأنباء العالمية، وعلم كل سكان المعمورة أن 11 معلمة وزميلهن، وقعوا في فخ جماعة إرهابية مررت السكاكين على أعناقهن، لأنهن كن مصرات على عدم ترك الجهل يعشش في أوساط أبناء بلادهن في عين آدن. ولم يرحم الإرهابيون من كانت منهن حاملا أو مرضعة أو معيلة لأسرة بأجر زهيد. وسلب الإرهابيون حتى ما كن يحملنه من بقايا الوجبات الغذائية التي يصطحبنها معهن إلى مدرستهن. وكانت وزارة التربية الوطنية لا تتكفل حتى بأتعاب تنقلهن اليومي.
حقيقة، تحمل المدرسة التي كانت المعلمات المغتالات في عين آدن يشتغلن فيها، اسمهن، كما أطلقت وزارة التربية اسمهن على ثانوية أنجزتها في سيدي إبراهيم، دشنها الرئيس بوتفليقة.
لكن هل يكفي هذا؟ ألا يجب أن يعرف مرتادو المدارس في كل المدن والقرى الجزائرية أنه في بلادهم مات في مثل هذا اليوم 11 معلمة ومعلم، لأنهن قاومن بطريقتهن، ولم يتوقفن عن تعليم أبناء الجزائريين، في الوقت الذي كان فيه الخروج من البيت مخاطرة بالحياة.


في الجزائر توجد رموز كثيرة، أقواها وأسطعها ليس أولئك الذين واللائي تتصدر اليوم صورهم الأحداث. رموز قوية رحلت وتركت آلاما لا يحس بها إلا أمثال الذين سيقفون اليوم دقيقة صمت ترحما على أرواح معلمات سفيزف. لكنها رموز تركت للجزائريين فخرا، وأي فخر. وإذا كانت اليوم رموزا منسية، فإن التاريخ لا ينسى.
المصدر

الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

هل يدخل الإنسان الجنة بالعمل أو برحمة الله ولو لم يعمل؟ ..... بقلم الباحث ابن قرناس

هناك أحاديث كثيرة متنوعة - بعضها على شكل قصص - تظهر أنه لن يدخل أحد الجنة بعمله، ولكن الناس يدخلون الجنة برحمة الله سواء كانوا قد آمنوا وعملوا الصالحات وابتعدوا عن الكبائر، أو كانوا عصاة يستحقون النار.
وكل هذه الأحاديث لا قيمة لها، لأنه لا يمكن أن يكون الرسول قالها. وأن من اختلقها تخيل أن الله حاكم متسلط وليس خالق عادل. والفرق أن الحاكم المتسلط يدير شئون من تحته بمزاجه دون رقيب أو حسيب. أما الخالق فعدله مثالي مطلق. فهو خلق الكون وما فيه وسيره بقوانين ثابتة لا تخضع لعواطف ولا مزاج. وأودع فيه كل النعم الباطنة والظاهرة لمخلوقاته قبل أن يخلقهم: أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ...(20) لقمان.
وهذه النعم لا حدود لها ولم يوفرها مقابل أن يطيعه الناس، ولكنه سبحانه وفرها رحمة منه وتفضل.
ثم خلقهم وعقد معهم ميثاقاً: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) المائدة.
وهذا الميثاق يتضمن طاعة أوامر الله والانتهاء عن نواهيه مع الإيمان مقابل أن يحصلوا على الجنة: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124) النساء.
فدخول الجنة سيكون مقابل تقيد الإنسان بالميثاق الذي وقعه مع الله، وجعل للإنسان كامل الاختيار الشخصي لتحديد مصيره بنفسه.
وبين سبحانه للمخلوقات ما يجب عليهم لدخول الجنة فمن اتبعه فله الجنة ومن خالفه فله النار ولن يتدخل سبحانه في تحديد مصيرهم مثلما أنه لم يتدخل في اختياراتهم. فرحمة الله سبقت خلق المخلوقات وكانت بلا مقابل. أما الجنة فدخولها مقابل الإيمان والعمل الصالح كما يقول تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) لقمان.
فالجزاء بجنة أو نار نتيجة للعمل الصادر من الإنسان بحريته وخياره: َ
الْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (54) يس.
أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{19} السجدة.
لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127) الأنعام.
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) السجدة.
أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) السجدة.
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14) الأحقاف.
إذا، الإنسان بعمله دخل الجنة وبعمله دخل النار:
فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) النازعات.
وهذا هو القانون الإلهي الثابت الذي لا يخضع للعواطف وتغير المزاج، إيمان وعمل صالح يساوي الجنة:
وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{28} هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{29} فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ{30} وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ{31} الجاثية.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) يونس.
وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{42} الزمر.
مثلما أن النار نتيجة لنقض العهد مع الله والكفر أو عدم القيام بالأعمال الصالحة:
وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) السجدة.
وسيكون هناك حساب دقيق بناء على ما قام به الإنسان وعليه يتحدد مصيره لجنة أو نار:
وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47) الأنبياء.
الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (57) الحج.
فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) المؤمنون.
ولن يكون هناك لقاء مع الله ولن يكون هناك توسلات ولن يدخل الله أحدا الجنة وهو ظالم لنفسه مقصر في واجباته أو كافر. كما أنه سبحانه لن يحرم أحدا من الجنة وهو مستحق لها:
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ{34} أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ{35} القلم.
ولو أدخل مستحق النار الجنة أو أدخل مستحق الجنة النار فهذا مناقض لعدل الله المثالي المطلق ولكانت تصرفات الخالق تخضع للعواطف وتقلب المزاج (تعالى الله وتبارك عن ذلك علوا كبيرا).
ولذا فلا يمكن أن يساوي الله بينهم: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ{28} ص.
أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ{21} الجاثية.
إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{40} فصلت.
فالإنسان بعمله وإيمانه سيدخل النار أو الجنة. أما رحمة الله فقد وسعت كل المخلوقات كافرهم ومؤمنهم في الدنيا بما وفره الله من نعم ظاهرة وباطنة ،،، ويوم القيامة لا مجال فيه لرحمة ولا استعطاف.
قد يقول جاهل: ولكن هناك آيات تقول إن الله يدخل من يشاء في رحمته ويعذب من يشاء.
ونقول نعم هناك آية تقول: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{40} المائدة.
وآيات كثيرة مماثلة.
إلا أن المشيئة في الآيات تعني أنه لولا مشيئة الله لما وجدت جنة ولا نار. ولولا مشيئة الله لما بعث الناس وحوسبوا ودخل بعضهم الجنة والنار .. فكل شيء لا يتم إلا بمشيئة الله، ولا شيء يجري جار مشيئته سبحانه. مثل قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) هود.
فلولا مشيئة الله لما كانوا خالدين فيها أبدا، ولا تعني أن أهل الجنة لن يخلدوا في الجنة وأهل النار لن يخلدوا في النار.
الخلاصة: أن كتب التراث عندما تقول: "لن يدخل أحد الجنة بعمله ولكن برحمة الله" فهي تثبط الناس وتخدرهم وتضلهم، وكأنها تقول: لا تتقيدوا بأوامر الدين ونواهيه، فمهما فعلتم لن تؤهلكم أعمالكم للجنة. وعليكم بالدعاء والتوسل لله فقد يستجيب لكم ويدخلكم الجنة بدون عمل.
أما القرآن فيقول: كل إنسان يملك تقرير مصيره بيده: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46) فصلت.
ولو دخلت النار فذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ.
والسلام


الثلاثاء، 6 سبتمبر 2016

ضوابط منهجية فهم القرآن .... بقلم الباحث ابن قرناس


فيما يلي أهم هذه الضوابط التي لا يمكن فهم القرآن كما نزل بدونها ولو تقيدنا بها فستبعدنا عن تأول القرآن كيفما اتفق:
ولعل أهم هذه الضوابط هو ترتيب السور حسب النزول، فبدونه يستحيل فهم القرآن كما نزل، ويستحيل تتبع الأحداث زمن الرسول.
نزول القرآن سورة سورة، وبدون هذه الحقيقة يستحيل فهم سياق الآيات، وبدون سياق الآيات يستحيل فهم الآيات. كما أن نزول القرآن سورة سورة يجعل من الممكن تتبع سير الأحداث والمواضيع.
معرفة المخاطب ونوع الخطاب لئلا نتأول الآيات لغير معناها، ولنعرف الأمر الإلهي هل هو تشريعي أو توجيهي. وبالتالي نعرف الأحكام المطلوبة لكل زمان ومكان والأحكام الآنية لعصر الرسول.
والقرآن ليس كتاباً يستعرض قدرة الله في حبك اللغة وفي التعبير واختيار الكلمات. ولكنه كتاب نزل بلغة المخاطب ويستخدم نفس الأساليب والكلمات والعبارات والأمثال التي يستخدمها المخاطب.
وبما أن اللغة تحتوي على المجاز فالقرآن يستخدم المجاز، وإنكار المجاز يؤدي إلى تشبيه الله بخلقه (تعالى الله وتبارك عن ذلك علوا كبيرا).
واللغة تحتوي على الترادف، والناس يستخدمون الترادف في كلامهم اليومي، فالقرآن يستخدم الترادف. ونفي الترادف في القرآن لا ينزه الله – كما يظن من ينفي الترادف – ولكنه يوقعهم في التقول على الله، بحيث يختلقون معنى مختلفا لكل كلمة، يخرج الكلمة القرآنية من معناها. يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا ,,,(104) البقرة.
وكل كلمة تتكرر في القرآن فإنها تأتي بمعان مختلفة، ويعرف معنى كل ككلمة من السياق.
والقرآن لا يأتي بكلمات جديدة لا يعرفها المخاطب (أهل مكة ويثرب وما حولهما) ولكنه يستخدم الكلمات المتداولة. فالجنة والملائكة والنار وشجرة الزقوم واليمين (بمعنى الصحيح) والشمال (بمعنى الضلال والخطأ) وغيرها، كلها كلمات كانت معروفة واستخدمها القرآن.
والقرآن يستخدم أمثالا متداولة، مثل قوله تعالى: "وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ" فالناس حين نزول القرآن يعتبرون خيوط العنكبوت ضعيفة لأن مجرد لمسها باليد يجعلها تتهاوى. وهذا يبعد اللبس الذي يقع فيه البعض من أن العلم اكتشف أن خيوط العنكبوت قوية جدا لدرجة يصنع منها دروع واقية للرصاص. فهذا الكلام لا علاقة له بالآية التي تقول أوهن البيوت بيت العنكبوت، لأنها تخاطب الناس في عصر الرسول بما يعرفون وهم يعتبرونه ضعيفا.
ومثله قوله تعالى: طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) الصافات.
فلابد أن وصف الشيء القبيح برؤوس الشياطين كان شائعا، فجاء القرآن واستخدم نفس التشبيه.
والقرآن لا يتحدث عن أي حدث سيقع في المستقبل أبداً، سواء في عصر الرسول أو بعد وفاته. ولا يحتوي على أي معجزات عددية كانت أو علمية أو طبية أو غيرها.


عندما نتقيد بهذه المنهجية سنفهم القرآن كما نزل دون حاجة لتأويل.





في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...