الأربعاء، 6 أبريل 2016

أدوات وشروط فهم القرءان الكريم .... بقلم الباحث نهرو طنطاوي


علق الأخ Randon Vetr بالأمس على منشور لي يتحدث عن تحذير الرسول من جدال المنافق بالقرءان فجاء تعليقه كالتالي:


(المعضله تتمثل في شئ مهم جدا فالذي يجادل بفهمه للقرأن يريد ان يعلي شأن الدين نفسه وان يضعه بمكان يجاري به ذلك الزمان كمثل من يجادل بفهمه للقرأن من التراث البائد من التفاسير القديمه ويريدنا ان نستحضر تفسيرات قديمه لا ادري انرجع بزماننا لنفهمها ونطبقها (هيهات)
بالتالي فالعبره بالنيه وتلك لا نعرفها ولا يلزمنا ان نفتش بنوايا الناس
ويا ليت شعري ان تضرب لنا امثالا معاصره فلا نضل عن فهمك وفهم الرسول(صلعم) لسياق ذلك الحديث فانا لم اقابل منافق بالقرأن الا باناس كانوا يتكسبون به ولا يعملون به
فإنا نري رجالا اليوم يتأملون بعقول حديثه لكتاب كما قال الشعراوي مازال لا يضن علينا بتأويلات جديده). انتهى


ففضلت أن أرد عليه في منشور مستقل على النحو التالي:
يا أخ Randon Vetr لا توجد أي معضلة في فهم القرءان الكريم لأي شخص كائنا من كان، ولكن من يريد فهم القرءان فلابد أن يمتلك أدوات فهمه التي وضعها القرءان الكريم، وأولها وأهمها أن يكون ملما إلماما جيدا بلسان قوم الرسول الذي نزل به القرءان الكريم، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الَعَزِيزُ الحَكِيمُ). (4_ إبراهيم). فلسان قوم الرسول الذي نزل به القرءان هو وسيلة البيان الأولى والأساسية لنصوص القرءان الكريم، فكيف لي أن أقر لشخص يحاول فهم القرءان وهو ربما لا يعرف عدد حروف الجر ولا الفاعل من المفعول ولا يعرف أبسط الدلالات الحقيقية لكلمات القرءان الكريم، وأنا على استعداد أن أسوق لك عشرات بل مئات الأمثلة من كلمات وجمل وعبارات القرءان التي أجزم وأقطع بأن غالبية من يتصدرون لفهم القرءان ممن لا يعرفون كم عدد حروف الجر لا يعرفون لها فهما ولا مدلولا حقيقيا ولا لماذا ولا كيف جاءت بهذه الكيفية، فكيف لشخص هذا حاله ننتظر منه فهما قويما وعلما صحيحا بنصوص القرءان وهو ليس لديه أي من أبجديات العلم والفهم القويم الصحيح؟!!، بل هل من الصواب أن أترك كتب التراث التي هي أكثر إلماما باللسان العربي وتاريخ القرءان وتاريخ أحاديث النبي وتاريخ المسلمين وتاريخ الفلسفة والمعتقدات وكل ما له علاقة بهذا الكتاب الكريم، وأجلس أستمع لشخص لا يجيد كتابة عبارة واحدة دون أخطاء بلاغية أو إملائية أو نحوية أو صرفية؟!!، بل وربما لا يحفظ عدد الحروف الأبجدية!!، وما يدريني من ذلك الشخص الذي يختبئ خلف شاشة الكمبيوتر ولا يعرف معظمنا من هو؟ ولا ما هي خصائصه العلمية والمعرفية؟ ولا ما هو انتاجه العلمي والفكري لأقبل منه ما يخوض فيه بلا علم ولا هدى؟؟.
دخل شخص من الأريكيين ذات مرة معي في حوار على الخاص، وأخذ يجادلني في منهجي وطريقتي في أخذي بالقرءان وأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، وأخذ ينسخ لي من آيات القرءان ويطرحها بين يدي كي يثبت لي صحة وجهة نظره، فقلت له: هل أنت ملم بلسان قوم الرسول "اللغة العربية" لكي تفهم القرءان فهما سليما وصحيحا؟. فأجاب: اللغة والقواميس والنحو والصرف والبلاغة كل هذا من صنع البشر وتراث بالي يجب التخلص منه إذ كيف نحكم بالشيء البشري المخلوق على كلام الله المنزل؟. فقلت له حسنا، ما رأيك في قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ). (4_ إبراهيم). لقد أرسل الله رسله وأنزل كتبه بنفس اللسان الذي يتكلم به قوم الرسول حتى يبين لهم ماذا عليهم وماذا يريد منهم بهذه الرسالة فأليس "لسان قوم الرسول" هو شيء بشري مخلوق أنزل الله به كتبه وأرسل به رسله لكي يبين للناس ماذا يريد منهم وماذا يريد بهم من هذه الرسالة؟؟ أليس الله قد أخضع بيان كلامه ورسالته للسان قوم الرسول الذي هو شيء مخلوق؟؟!!، ثم أين نجد على كوكب الأرض الذي نعيش فيه جمعا للسان قوم الرسول غير كتب التراث من معاجم وقواميس وكتب نحو وصرف وبلاغة وبيان؟. فلو ألقينا بكتب التراث في البحر كيف نفهم جمل وعبارات وكلمات وأساليب القرءان الكريم؟. فرد قائلا نفهم القرءان بالقرءان ومن القرءان نفسه. قلت له حسنا: قال تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس) ما معنى "دلوك الشمس" من القرءان فغاب برهة ثم عاد يقول: هذه كلمة واحدة ربما لا أستطيع أن أتبينها من القرءان الآن ولكن عدم فهمي لها الآن لن يؤثر على فهمي لبقية نصوص القرءان. فقلت له: ليست المشكلة في كلمة "دلوك وحدها" أنا أستطيع أن أسوق لك مئات بل إن شئت آلاف العبارات والمفردات من القرءان الكريم التي لن تستطيع أن تجد لها مفهوما في القرءان الكريم على الإطلاق، بل ليس فقط دلالة المفردات, بل هناك أساليب بلاغية وبيانية في القرءان بالآلاف لن تستطيع لها فهما من القرءان نفسه، وأضرب لك مثلا واحداً بعبارة واحدة فقط: يقول تعالى: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ). (138_ البقرة). ما قولك في كلمة "صِبْغَةَ" لماذا جاءت منصوبة بالفتحة رغم أنها لم يسبقها ما يستدعي النصب من حرف ناصب أو أن تقع مفعولا بها فتنصب؟؟. أم تراه خطأ في تشكيل القرءان وقع فيه من قاموا بخطه وتدوينه؟؟.
والوسيلة التي لا تقل أهمية عن الإلمام بلسان قوم الرسول هي "العلم" العلم بمفهومه ودلالته الحقيقية والتي هي أثر بالشيء به يعرف، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ(8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَذَابَ الحَرِيقِ). (9_ الحج).
فلابد من ربط نصوص القرءان بكافة العلوم من تاريخ وأدب وقلسفة وآثار وأركيولوجيا وووو... إلخ. والقرءان إن كنت تدرك وتفهم مدلولاته ومفرداته فهما علميا مطابقا للسان قوم الرسول عندها سيبين لك القرءان الكريم الصواب من الخطأ والحق من الباطل ووو... إلخ. وبغير توافر هذه الأدوات وغيرها سيكون هناك الجدال بلا علم ولا هدى بل هو الضلال البعيد والعبث بآيات الله والخوض فيها.
أما إن كنت تريد نماذج وأمثلة معاصرة كما طلبت وكيف تعبث بآيات الله وتخوض فيها بلا علم ولا هدى فأقدم لك غيضا من فيض من العبث والتحريف الممنهج لكلام الله عن موضعه والخوض في آيات الله بلا علم على النحو التالي:
أولاً: كلمة "التدبر" يستخدمها كل من يقول بالقرءان وكفى على أنها تعني الفهم والتفكير، فكلمة "التدبر" لها مفهوم مختلف تماما عن الفهم والتفكير، فالتدبر شيء والفهم شيء والتفكير شيء آخر تماما.
ثانياً: كلمة "الفطرة"، كل من يقولون بالقرءان وكفى يحيلون جل أفكارهم إلى الفطرة، ويقولون إن هذا تدبر أقرب للفطرة، بل إنهم يرجعون كثير من الاعتقادات والأحكام والأخلاقيات إلى الفطرة، والفطرة لا علاقة لها على الإطلاق لا بالاعتقاد ولا الإيمان الديني ولا بالأحكام والتشريعات ولا بالأخلاق نهائيا.
وهناك عشرات من الكلمات والمفردات القرءانية التي يستخدمونها في غير مفهومها ودلالتها الحقيقية، فينتج عن هذا خلط وخوض وعبث بمفاهيم القرءان الكريم في جل ما يسنتجونه من أفكار وأطروحات.
وهذه بعض الاستنتاجات التي نقلتها حرفيا من صفحة واحدة فقط من صفحات الأريكيين وهم يفسرون قوله تعالى:
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ).
هذه هي تفسيراتهم وفهمهم لهذه الآية على النحو التالي:
نﻻحظ وضع الزانية قبل الزاني في الآية...
ﻻن الزانية...هي الموجودات...(جعلنا ماعلى الارض زينة لها)...
والزاني...هو القلب السطحي
.الزنا هو تفاعل ظاهري...بين موجود...ومعقول
زن من وزنك بما وزنك
وما وزنك بـه فزنـه......الزان هو من لا يوفي الكيل في كل المعاملات المادية والمعنوية ويزين لهم الشر حتى يراه الناس خيرا ....جاء التانيت اولا كوعاء ومصدر للفعل ...والمذكر بعده كتابع ومقتبس ...زين لهم الشيطان اعمالهم ...فمثلا من يات بمعلومة خاطئة وقد ثبت خطئها علميا وينشرها بين الناس لهدف خبيث فهو زانية وتابعه والمنصت اليه فهو زان فكليهما يجب ايقاف تزيينهم للباطل الواضح بعقوبة الجلد
تمام صديقي الجلد هو الفضح والتعرية والعزل ...بدلناهم جلودا غيرها
المئة لا تعني عدد ضربات السوط وانما تعني الكثرة في الحجج التي تعري زناه وقد تكون اكثر بكثير
لا اعتقد ان مائة هي رقم او عدد اعتقد انها لها علاقة بالماء او الماؤي
الجلد...من الارتقاء والعلو
زيادة فلتريشن للبيانات المعرفيّة التي يستقبلها الوعي
كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليدوقوا العذاب
الارتقاء بالباسهم جلودا اي جلدهم على مراحل زمنية واطوار ليتتعذب روحهم وترتقي للنقاء
الجلد هو خلع افكارهم الزانية والباسهم القسطاس المستقيم
مائه جلدة ...الى تمام كفهم عن التزيين حيث التطهير الكلي من هذه الفاحشة
اجلدوا -اي ارفعوا مستوى العلم
مئة جلدة-تعني العلم من مصدره
وبما ان الماء هو اصل الحياة فالمئة هي المنبع الاصلي للعلم
المئة ليس عدد-بل هيئة عدد
يعني ايه هيئة عدد ؟
حين نقول ..اطعام ستين مسكين...هل اامقصود نبحث عن 60 مسكين...
ام تعني مايمكن ايجاده بطاقتنا القصوى...حتى لو كان فعليا ..10 او 25 مثﻻ
و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين
العذاب هو التنقية-الماء العذب هو المنقى من الشوائب
المؤمنين هيئة بداخلك هيئة علم ممكن
اي شيشهد العذاب طائفة-اي ارتقاء-من العلم الايماني
طائفة ﻻتعني زمرة اشخاص..بل من ال.طف..يطفو..طائفة...
بمعنى...طائفة من المؤمنين...اي مازاد علمهم من المؤمنين
تاخذكم تعود على العارفين -والرأفة هي قصر النظر بالمسالة
قميص يوسف...هو قص أثر علم ابراهيم...وايصاله الى موسى.
وﻻمانع من تقبلي لفهمك الراقي
## كما رأينا هذه هي فهومهم لآية الزنى من دون زيادة حرف واحد على ما جاء في كلامهم، وكل هذا الخوض والعبث بآيات الله وتحريف الكلم عن مواضعه له أسبابه المهمة والمعتبرة لديهم ألا وهي منع تجريم الزنى ونشر الإباحية الجنسية وفتح بابها على مصراعيه، وهذه هي اعترافت بعضهم في التعليقات:
(الغريب هو جعل الجنس جريمة ومحلّ شبهة و هذا سر تخلف الكثير الأحرى نتحرر من عقدة الجنس)
(اعتقد ان الزان هو من يزن الامر لنفسه)
(الزنا ليس له علاقة بالجنس ولكنه له علاقة بالعدل والامانة)
وهناك عشرات من نماذج العبث بدين الله وتحريف كلام الله عن موضعه في عشرات المسائل والموضوعات القرءانية التي تنتشر وتعج بها صفحات الأريكيين عن الصلاة والصيام والحج والرسول والنبي والرسالة والجنة والنار والعقوبات ووو... إلخ. والتي لا يتسع المجال هنا لذكر أكثر من هذا، فهل هؤلاء رجال اليوم يتأملون بعقول حديثة لكتاب الله كما تزعم أم هؤلاء محض عابثين محرفين خائضين يعبثون ويحرفون ويخوضون في آيات الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير؟؟. وهل الجنس ليس جريمة كما يزعمون أم أن جريمتهم الحقيقية هي: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ(8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَذَابَ الحَرِيقِ). (9_ الحج).


 


المصدر  https://www.facebook.com/nehro.tantawi.7?fref=nf

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...