الثلاثاء، 6 سبتمبر 2016

ضوابط منهجية فهم القرآن .... بقلم الباحث ابن قرناس


فيما يلي أهم هذه الضوابط التي لا يمكن فهم القرآن كما نزل بدونها ولو تقيدنا بها فستبعدنا عن تأول القرآن كيفما اتفق:
ولعل أهم هذه الضوابط هو ترتيب السور حسب النزول، فبدونه يستحيل فهم القرآن كما نزل، ويستحيل تتبع الأحداث زمن الرسول.
نزول القرآن سورة سورة، وبدون هذه الحقيقة يستحيل فهم سياق الآيات، وبدون سياق الآيات يستحيل فهم الآيات. كما أن نزول القرآن سورة سورة يجعل من الممكن تتبع سير الأحداث والمواضيع.
معرفة المخاطب ونوع الخطاب لئلا نتأول الآيات لغير معناها، ولنعرف الأمر الإلهي هل هو تشريعي أو توجيهي. وبالتالي نعرف الأحكام المطلوبة لكل زمان ومكان والأحكام الآنية لعصر الرسول.
والقرآن ليس كتاباً يستعرض قدرة الله في حبك اللغة وفي التعبير واختيار الكلمات. ولكنه كتاب نزل بلغة المخاطب ويستخدم نفس الأساليب والكلمات والعبارات والأمثال التي يستخدمها المخاطب.
وبما أن اللغة تحتوي على المجاز فالقرآن يستخدم المجاز، وإنكار المجاز يؤدي إلى تشبيه الله بخلقه (تعالى الله وتبارك عن ذلك علوا كبيرا).
واللغة تحتوي على الترادف، والناس يستخدمون الترادف في كلامهم اليومي، فالقرآن يستخدم الترادف. ونفي الترادف في القرآن لا ينزه الله – كما يظن من ينفي الترادف – ولكنه يوقعهم في التقول على الله، بحيث يختلقون معنى مختلفا لكل كلمة، يخرج الكلمة القرآنية من معناها. يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا ,,,(104) البقرة.
وكل كلمة تتكرر في القرآن فإنها تأتي بمعان مختلفة، ويعرف معنى كل ككلمة من السياق.
والقرآن لا يأتي بكلمات جديدة لا يعرفها المخاطب (أهل مكة ويثرب وما حولهما) ولكنه يستخدم الكلمات المتداولة. فالجنة والملائكة والنار وشجرة الزقوم واليمين (بمعنى الصحيح) والشمال (بمعنى الضلال والخطأ) وغيرها، كلها كلمات كانت معروفة واستخدمها القرآن.
والقرآن يستخدم أمثالا متداولة، مثل قوله تعالى: "وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ" فالناس حين نزول القرآن يعتبرون خيوط العنكبوت ضعيفة لأن مجرد لمسها باليد يجعلها تتهاوى. وهذا يبعد اللبس الذي يقع فيه البعض من أن العلم اكتشف أن خيوط العنكبوت قوية جدا لدرجة يصنع منها دروع واقية للرصاص. فهذا الكلام لا علاقة له بالآية التي تقول أوهن البيوت بيت العنكبوت، لأنها تخاطب الناس في عصر الرسول بما يعرفون وهم يعتبرونه ضعيفا.
ومثله قوله تعالى: طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) الصافات.
فلابد أن وصف الشيء القبيح برؤوس الشياطين كان شائعا، فجاء القرآن واستخدم نفس التشبيه.
والقرآن لا يتحدث عن أي حدث سيقع في المستقبل أبداً، سواء في عصر الرسول أو بعد وفاته. ولا يحتوي على أي معجزات عددية كانت أو علمية أو طبية أو غيرها.


عندما نتقيد بهذه المنهجية سنفهم القرآن كما نزل دون حاجة لتأويل.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...