الأربعاء، 3 أبريل 2024

التصويرية أو الملحد الجديد ... بقلم حسن سليم

التنويري أو الملحد الجديد هو الطفل الأوديبي (عقدة أوديب) الذي قتل أباه (الرب) ليخلو له المجال مع أمه (المسيحية)، يعتقد أن أباه لم يقدر أمه كما تستحق لهذا يستحق الموت، وسيفعل ذلك هو جيدا لو أزاحه، وقد صدق في هذا.
المسيحية بالنسبة للتنويري ليست مجرد دين كبقية الأديان، هي سلفه المشترك المباشر، ما يجعلها في نظره هي الدين الأكثر تحضرا ورقيا، وهي المعيار الذي تقاس عليه بقية الأديان لتعرف هل هي حقاً مجرد أديان أم تحمل إضافات أخرى غير دينية وغير مسيحية، فكل ما يتجاوز الحالة الروحية المسيحية فهو ليس ديناً.
نظرة التنويري للحياة كانت دائما مسيحية، وقيمه وتصوراته وأيديولوجياته المعاصرة كذلك، فهو لم يسقط صدفة من السماء على أرض مسيحية بل خرج من تربتها ولا يعرف مجالا آخر سواها فهو فيها مثل السمكة في البحر، وحتى عندما يبدو وكأنه يعاتب المسيحية فهو لا يعاتبها سوى على أنها ليست مسيحية بالقدر الكاف.

ودوكينز هنا لم يقل سوى الحقيقة، يقول أنه مسيحي غير مؤمن بل مسيحي ثقافة. لكن غير مؤمن بماذا؟ هو غير مؤمن بالله فقط، أما من حيث المسيحية فهو لا يقل عن آباء الكنيسة.

أما التنويري العربي فعقدة النقص لديه أمام المسيحية قديمة، فمنذ القرن 19 وهو يتحسر أن أمه لم تكن المسيحية ويحسد أبناءها عليها ويقسم أنها لو كانت أمه لأبرها أكثر منهم. التنويري العربي لم يستيقظ بعد من صدمة تعرفه على الغرب في القرن 19 ومشاعره ما تزال هناك دون تحديث، وما يزال يعتقد أنه من رقي الإنسان أن يكون مسيحيا لأن الأوروبي كان مسيحيا، وعندما يرى الأقليات المسيحية في بلاده يهرع إليهم والدموع تسبقه ليقول: أحبابي أحبابي يا ليتني كنت منكم. 
طبعا هو لا يقول هذا صراحة، لكن عيون العاشق تقول أكثر من لسانه، لهذا من الصعب أن تجد تنويري عربي مثل دوكينز يقول باعتزاز: أنا مسلم ثقافة، وإن قالها فستكون بنبرة: أنا للأسف مسلم ثقافة. لأن التنويري الأصلي تحركه عقدة أوديب أما النسخة المقلدة فهي مجرد عقدة نقص.
كتبه الأستاذ : حس سليم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...