السبت، 1 أغسطس 2015

الخطاب التاريخي لرئيس نجم الشمال الإفريقي .... مصالي الحاج....




النشيد الرسمي(*) للحركة الوطنية الجزائرية (نجم شمال افريقيا- حزب الشعب الجزائري)، والنشيد الرسمي لانطلاقة الثورة التحريرية.
تأليف مفدي زكريا.

مصالي الحاج يوم 02 أوت 1936 بالملعب البلدي بالجزائر
بالعربية
سادتي! إخواني!
باسم نجم الشمال الافريقي أحييكم تحية الأخوة وأحمل إليكم تضامن مائتي ألف شمال افريقي يقيمون في فرنسا، واحتراما للغتنا الوطنية: اللغة العربية التي نعتز كلنا بها ونفخر بها، وتقديرا لنبل هذا الشعب الجزائري الشجاع الكريم، قد أردت أن أعبر أمامكم بلغتي الأم بعد نفي دام اثني عشر سنة.
إنني سعيد اليوم بهذا الاتصال المباشر معكم وأنتهز هذه الفرصة التي أتيحت لي لأقول لكم.. كم أنا سعيد ومتأثر للوقوف على أرض أجدادي، ولأقول لكم أيضا كم تعذبت بهذا الفراق الطويل عن وطني.
ثم بالفرنسية
إخواني الأعزاء!
باسم نجم الشمال الأفريقي قدمت للمشاركة في هذا التجمع الكبير لكي أشارك منظمتنا في هذه المظاهرة الضخمة، إن نجم شمال إفريقيا معروف لديكم، لذلك فإنني في غنى عن الحديث إليكم عن نشاطه وكفاحه الذي قاده منذ عشر سنوات دفاعا عن مصالح الشعب الجزائري، ومع ذلك فإني سأغتنم هذه الفرصة التي اجتمعتم فيها بكثرة، بل بالآلاف، لكي أذكر لكم بعض التفاصيل عن الدور الذي لعبه، ومن الواجب علي أن أقول بأن المعركة كانت صعبة ومريرة.
وتحت حكومات من أكثر الحكومات رجعية، وفي الوقت الذي كان فيه كل الناس في بلادنا صامتين، تحت حكم استثنائي، كان نجم الشمال الإفريقي هو الوحيد الذي تجرأ على رفع الصوت بالاحتجاج ضد كل سوء استعمال للسلطة. والظلم والإجحاف، وليقول أمام العالم إن الجزائر لم تمت، وإنها بإرادة أبنائها تريد أن تعيش حرة وسعيدة، وهذه الجرأة هي التي جرت على مناضلي النجم المشاق التي لا مثيل لها كما جرت عليهم أكثر أنواع الحقد عنصرية.
لقد صدرت ضدنا أحكام بالسجن لمدة سنوات، مع التغريم بآلاف الفرنكات، وقد عرفنا النفي والتهجير، ولم يسلم أحد خلال هذا الكفاح.. وحتى اليوم وتحت حكومة الجبهة الشعبية مازلنا نتعرض لسلسلة من الإجراءات الخاصة والقوانين الاستثنائية، في قلب باريس، وهي إجراءات وقوانين لا تستعمل إلا ضدنا نحن فقط..
ومن أجل ذلك اتهمونا أكثر من مرة بكوننا شيوعيين، ووهابيين، وعملاء ألمانيا وعملاء موسكو، وغيرها من البلدان، ونحن نقول لكم بأننا لم نكن عملاء لا لهؤلاء ولا لأولئك، لأننا كنا ومازلنا وسنظل دائما عملاء وخدمة للشعب الجزائري، لقد عزمنا على تحمل كل التضحيات من أجل أن تكون الجزائر حرة مزدهرة ومتعلمة.
ونخبركم بأننا أيضا ذهبنا إلى وزارة الداخلية، وقدمنا إلى السيد راوول أوبو نائب كاتب الدولة قائمتين بالمطالب إحداهما تخص الجزائريين المقيمين في فرنسا والأخرى تخص الشعب الجزائري، ونخبركم أيضا بأننا علمنا وسررنا بانعقاد المؤتمر "الإسلامي" الذي انعقد في بداية جوان بعاصمة الجزائر، وقد أيدناه رغم أننا لاحظنا عليه الضعف والتسرع ومنذ وصول الوفد الجزائري إلى باريس المنبثق عن المؤتمر سارعنا إلى تحيته والاتصال به وتبادل الآراء معه حول مشكل بلادنا، ورغم موافقتنا وتأييدنا بل وتهنئتنا لمنظمي هذا المؤتمر، الذي سيكون نقطة تحول في تاريخ الجزائر، فإننا نقول لكم بصراحة بأنه يجب علينا اليوم أن نقدم لكم توضيحات نراها ضرورية، حقا أننا نوافق على المطالب المستعجلة التي هي في الواقع متواضعة وشرعية، والتي هي في قائمة المطالب التي قدمت إلى حكومة الجبهة الشعبية وإننا سنؤيدها بكل قوانا حتى نراها محققة..
وهنا ألتزم باسم منظمتي وأمام الشيخ الجليل ابن باديس أن أعمل كل ما في وسعي لتأييد هذه المطالب ولخدمة القضية النبيلة التي ندافع عنها جميعا، لكننا نقول بصراحة وبشكل لا يقبل التراجع بأننا نتبرأ من كراس المطالب بخصوص إلحاق بلادنا بفرنسا وبخصوص التمثيل البرلماني.
والواقع أن بلادنا اليوم ملحقة بفرنسا اداريا وهي تابعة لسلطتها المركزية، ولكن هذا الإلحاق كان نتيجة غزو فظيع، تلاه احتلال عسكري يقوم اليوم على الفيلق التاسع عشر من الجيش، لكن الشعب لم يوافق عليه أبدا.
أما الإلحاق الذي نص عليه كراس المطالب فهو مطلوب إراديا باسم مؤتمر يقولون عنه أنه يمثل إجماع الشعب الجزائري، ومن ثمة فهناك فرق أساسي بين إلحاق لبلادنا حصل رغم إرادتنا وإلحاق إرادي مقبول عن طيب خاطر في المؤتمر الذي انعقد في السابع من جوان بالجزائر العاصمة، (وهو المؤتمر الذي صفي في ثلاث ساعات فقط)، إننا أيضا أبناء الشعب الجزائري ولن نقبل أبدا أن تكون بلادنا ملحقة ببلاد أخرى رغم إرادتها، فنحن لا نستطيع مهما كانت الظروف، أن نراهن على المستقبل الذي هو أمل الحرية الوطنية للشعب الجزائري.
إن هذا المستقبل يخص الجيل الصاعد، فهو وحده الذي يملك الحق في تقرير مصيره وقدره، ونحن أيضا ضد التمثيل البرلماني لأسباب عديدة، إننا نؤيد إلغاء المجلس المالي ومنصب الوالي العام ونطالب بإنشاء برلمان جزائري منتخب عن طريق الاقتراع العام بدون تمييز عنصري أو ديني.
إن هذا البرلمان الوطني الجزائري الذي يتكون في عين المكان سيعمل تحت مراقبة الشعب المباشرة ومن أجل الشعب، ونحن نعتقد من جهتنا، بأن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي تسمح للشعب الجزائري أن يعبر عن نفسه بحرية وبصراحة بعيدا عن كل الضغوط والمناورات الإدارية.
ليس باستطاعتي في هذا الوقت القصير أن أقول لهذا الشعب الجزائري الكريم كل ما يجول في فؤادي، ولقد تجاوزت الوقت المحدد لي من طرف المكتب الموقر، على أني أريد أن ألفت نظركم منبها لكم أيها الأخوة! أن تفهموا وأن تفكروا وأن تدرسوا بإمعان مشكل وطننا الذي ترونه أمامكم، ومع أني قضيت سفرا متعبا ـ ولم أنزل من الباخرة إلا الساعة ـ لا يمكنني أن أفارق هذا المنبر من غير أن أعبر لكم عن سروري وتأثري بوجودي بينكم على أرض وطننا العزيز وقبل إتمام حديثي أتقدم بالشكر إلى مكتب هذه اللجنة الموقرة التي سمحت لي بالحديث من أعلى هذا المنبر.
لقد سمعت آنفا بعض الخطباء الذين سبقوني عن المقابلة التي قوبلوا بها من طرف حكومة الجبهة الشعبية، أنا لا أريد أن أقلل من أهمية هذه المقابلة ولا من الجو الذي سادها ولكني أقول أن الشعب الجزائري يجب أن يكون يقظا، لا يكفي أن نبعث بوفد يقدم كراس مطالب ولا أن نغتر بأبهة المقابلة، وننتظر تحقيق مطالبنا بوحدها.
أيها الأخوة!
لا ينبغي أن تناموا على جوانبكم مطمئنين وتظنون أن الأعمال قد تمت والحقيقة أنها قد بدأت.
فمن واجبكم أن تنتظموا وتتوحدوا في منظماتكم لتكونوا أقوياء ولتحترموا ويكون صوتكم قويا ومسموعا في الطرف الآخر من البحر المتوسط.
لنيل الحرية ولنهضة الجزائر التفوا جميعا حول منظمتكم الوطنية: نجم الشمال الإفريقي الذي يعرف كيف يدافع عنكم ويوجهكم لطريق التحرير.
وأختم حديثي مناديا بأعلى صوتي
فلتسقط الانديجينا! فلتسقط القوانين الاستثنائية والعنصرية.. يحيا الشعب الجزائري! تحيا الأخوة بين الشعوب.. يحيا نجم الشمال الإفريقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...