الاثنين، 11 يوليو 2016

سعدالله يردّ على الفرنسيين: .......... مراحيضنا.. وحضارتكم .............

سخر المؤرخ والصحفي والروائي الجزائري فوزي سعدالله من ادّعاء الفرنسيين أن استعمارهم للجزائر أضفى عليها حضارة، كما وانتهز الفرصة للردّ على من قالوا إن الوجود التركي في الجزائر كان احتلالا.
وقال سعد الله في منشور على “فيسبوك”.. “كانت مدينة الجزائر تستحم في 33 حمّاما، في فترة لم يكن يعرف خلالها ملوكٌ في أوروبا ما معنى المرحاض”.
وجدير بالذكر أن فرنسا سنت قانونا لتمجيد استعمارها للجزائر وبلدان شمال إفريقيا، وأثار القانون موجة سخط كبيرة في الجزائر، ورغم محاولة نواب في المجلس الشعبي الوطني سنّ قانون مواز لتجريم الاستعمار، إلا أن رغبتهم اصطدمت برفض السلطة، ما اعتبره كثيرون “خضوعا لفرنسا”.
وفيما يلي نص منشور فوزي سعدالله كاملا:
_________________________________________________________________



مدينة الجزائر العثمانية….ضحية “المهمة الحضارية” الفرنسية 1830م…في ذكرى الأيام التي سبقت الغزو كانت تُسمّى جزائر بني مزغنه، باسم القبيلة الأمازيغية التي كانت تعمِّرها، ثم جزائر الثعالبة نسبة إلى قبيلة الثعالبة الهلالية العربية التي التحقت بها منذ القرن 13م و14م، ليُختزَل اسمُها في “الجزائر” فقط، بمعنى: الجُزُر.
ومن “الجزائر” استوحى الفرنسيون اسم “آلْجي” بما يستسيغه لسانهم.
هذه المدينة العتيقة بُنيتْ في شكل مُدرَّج يطل على البحر وفق التقاليد المعمارية اليونانية القديمة، وقد أطلقت أثينا على عاصمتنا حينذاك اسم “إيكوزيس”.
في القرن 18م، الفترة العثمانية من تاريخ الجزائر، كان يعيش في المدينة العاصمة ما بين 100 ألف إلى 120 ألف نسمة، غالبيتهم من المسلمين، لكن أقام بينهم عشرات آلاف اليهود والنصارى. وقد جاء هؤلاء جميعا من مختلف البقاع والأصقاع، مسلمين وغير المسلمين.
كانت مدينة الجزائر توفر الحظ لكل من لم يسعفه الحظ في بلاده أن يعيش حياة كريمة. إيطاليون، ألبانيون،أتراك، يونانيون…وغيرهم من الأقوام تداولوا بمقتضى هذا الانفتاح على حُكم البلاد، من بينهم: الحاج حُسين ميزُّو مورْتُو، الحاج حسان فِينِيزّْيانُو، قُورْصُو، آرْنَاؤُوطْ، وغيرُهم.
هكذا كانت مدينة الجزائر في أيام عزها… أقولها للذين لا يعرفونها ولا يشاهدونها سوى بأعين الذين دَمَّروا ثلثيْها (2/3) خلال الأعوام الأولى للاحتلال بدعوى نشر الحضارة التي كانوا هم أحوج إليها…
كانت الجزائر تنعم بمرافق لم تتوفر في كبريات المدن المتوسطية والعالمية، فقد احتوت على 60 مقهى، على غرار أشهرها وهي القهوة الكبيرة والقهوة الصغيرة وقهوة بحاية وقهوة العريش. وشربت وارتوت من عدد مماثل أو أكبر من العيون والنافورات العمومية، فضلا عن تلك المتواجدة في الديار والقصور. وكانت تستحم في 33 حمّاما، في فترة لم يكن يعرف خلالها ملوكٌ في أوروبا ما معنى المرحاض. وكانت تنام مطمئنة بجنودها الـ: 12 ألف الساهرين على أمنها في 8 ثكنات، عكس ما تُرَدِّدُه النّظريات التي يُسوِّقها مَن يروِّجون لفكرة “الاحتلال التركي” للبلاد…
كما عبدت المدينة الله في أكثر من 120 جامعا ومسجدا وعشرات الزوايا والأضرحة، وأيضا في الكنائس والبِيَع اليهودية. وتَعلَّم أبناء أهل الحاضرة القراءة والكتابة والعلوم في المدارس والزوايا وباحات المساجد والمِدْرَاشْ، بالنسبة لليهود، وطالعوا المخطوطات في المكتبات والورّاقات في حيّ القَيْصرية الذي كان يؤمّه المثقفون والطلبة والعلماء.
وكان في المدينة أسواق شاع ذِكْرُها في البحر المتوسط تمتد من باب عزون إلى باب الوادي، فضلا عن الأسواق الصغيرة الجِوارية في مختلف الحوْمات على غرار حوانيت سيدي عبد الله أسفل حوْمة سيدي محمد الشريف وحوانيت بن رابحة في سور السّْطارة…
وفي قلب “البهجة”، كما كان يُطلق على المدينة، انتشرتْ الفنادق والمخازن بملاهيها وطَبَرْنَاتِها للترفيه عن المسافرين والتجار وعابري السبيل متعددي الجنسيات…
أما خارج أسوار المدينة، فقد تعددت الجنان والبساتين المحيطة بالقصور والفيلات؛ من حيّْ الثغريين في مرتفعات المدينة إلى بوزريعة، ومن باب الوادي إلى مرسى الذبان، لا بوانت يسكاد حاليا، وأيضا من جنان مصطفى باشا الممتد عبْر ساحة أول ماي وتيليملي إلى حيدرة وبئر مراد الرايس وبئر الخادم….
هكذا كانت مدينة الجزائر في أيام عزها… أقولها للذين لا يعرفونها ولا يشاهدونها سوى بأعين الذين دَمَّروا ثلثيْها (2/3) خلال الأعوام الأولى للاحتلال بدعوى نشر الحضارة التي كانوا هم أحوج إليها…

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...