الأحد، 24 يوليو 2016

ملحدونا ومتنورونا والمروءة المفقودة ....... بقلم جمال ضو


لم يعد اليوم إعلان المرء لإلحاده على صفحات الفايسبوك أو في وسائل الإعلام يعتبر شجاعة ..ولا مهاجمة كل ماهو عربي وكل ماهو إسلام شجاعة...كما لم يعد تحقير العربية كلغة شجاعة...فعندما تكون الأمة الإسلامية والعربية ضعيفة أو أي أمة أخرى فإن هذه هي فرصة مثالية للجبناء فكريا بأن يعلوا صوتهم لاحتقار كل مقومات تلك الأمة...ويطفو على السطح منعدمي المروءة والشجاعة لينهشوا فيها ويتزلفون للأمم الأخرى...فيتنكرون لبني جلدتهم ودينهم ولغتهم وثقافتهم...بل يبحثون عن أثرة من التاريخ المزيف أو الحقيقي علها تصلهم بـأمة منتصرة اليوم...


إن صاحب المروءة والشجاعة والمثقف الحر تجده دائما في صف المستضعف حتى وإن خالفه فكريا ودينيا...صفات المروءة تكاد تكون صفات غير مكتسبة بل أصيلة في الإنسان...أي يجبل عليها المرء..لهذا تجد أغلب المفكريين الغربيين المعروفين بالنزاهة الفكرية والموضوعية لا يسلطون سيوفهم وأقلامهم على الأمة الإسلامية ولا على المستضعفين من الناس ...بل تجدهم دائما في موضع دفاع عن الضعفاء والمستضعفين والمظلومين ...بينما منعدمي المروءة ممن ينسبون مرة للثقافة ومرة للفكر من بني جلدتها فتجد سيوفهم وأقلامهم علينا وعلى المستضعفين من هذه الأمة ولا يفوتون فرصة للتقرب للآخر ولو على حساب كرامتهم..


الملحد أو المهزوم فكريا أو الملحد الحضاري كما سماه أحد الأصدقاء من المجتمع المسلم أو العربي تجده مسارعا في جلد أمته وسب دينها وتسفيه أحلامها...بل في أغلب الأحيان لا يجاريه حتى أشد المتطرفين والعنصريين من الغرب....إنه ظاهرة نادرة تثير الإشمئزاز...يتأفف منهم حتى أعداء هذه الأمة ويضيقون بخلقهم ذرعا...
وما أكثر هذه الكائنات في وطننا الإسلامي..بل إنهم يتصدرون المشهد الإعلامي والثقافي في جميع البلدان الإسلامية تقريبا وأوكل لهم شأن إدارة شؤون هذه الأمة...
الخصال التي تأسرني هي خصال المروءة والشجاعة والعدل...وأحترم اختيار الملحد لإلحاده أو أي إيديولوجية يعتنقها المرء ، ولكن حتما لن أحترمه إذا تنكر لإنسانيته وأفتقد العدل ..فهذا يدل على أن اختياره للإلحاد أو أي أيديولوجية أخرى غير نابع عن قناعة فكرية أو تأمل ، بل نابع عن محاولة منه للتنكر لقومه ومجتمعه عله يجد القبول والرضا عند المجتمعات المنتصرة، إنه نابع عن هزيمة فكرية بداخله...يختار جانب القوي المنتصر دائما، فهذا يكفيه عناء التفكير في هموم أمته ويختصر له الطريق...فهو يصبو إلى الذوبان في الآخر والتماهي معه....وهذا في الواقع يعطينا صورة لما يمكن أن يقوم به هذا النوع من بني جلدتنا أذا آل له أمر هذه الأمة وسلطانها...


هذا التصرف من انعدام المروءة والهزيمة الحضارية أو الإلحاد الحضاري قد يكون تصرف أفراد أو جماعات..فلقد تتطور حالة الإلحاد الحضاري أو الهزيمة الحضارية من حالات فردية نخبوية إلى حالة أو ظاهرة مجتمعية تأخذ أشكالا متعددة تحاول في كثير من الأحيان أن تظهر في شكل عقد تفوق- بحكم تشكل قناعة زائفة أن هذه الجماعة لا يسري عليها ما يسري على باقي الأمة- ولكن في واقع الأمر هي انعكاس لعقدة نقص متجذرة بل أبدية. لأن هذا النوع من الناس سرعان ما تتغير بوصلتهم بتغير دورات الحضارة...وبهذا الشكل يحرمون أنفسهم من أن يكونوا مشاركين في صناع حضارات ويجدون أنفشهم مجرد متزلفين متملقين للحضارات وعبئا عليها وأسرع الناس إلى الخيانة والغدر.3

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...