الأربعاء، 9 أكتوبر 2024

احداث اكتوبر 1988 .. الجزائر الرابع ... براء عبد الله

أحداث أكتوبر 1988
الجزء الرابع
أصعب أيام الجزائر

سيادة الرئيس، سمعتك تقول في أكثر من مناسبة، إذا شعرت يوما، أنك فقدت ثقة الشعب، فستترك السلطة
العميد رشيد بن يلس للرئيس الشاذلي 09 أكتوبر 1988.
     
في صبيحة السادس من أكتوبر، تجددت المواجهات، لتشمل كامل أرجاء العاصمة تقريبا، وبدا الوضع يتصاعد، ويتجه نحو تمرد شعبي غير مسبوق، ومن الصعب التحكم فيه، فقد توجه المشاغبون هذه المرة إلى محافظات الشرطة لحرقها، بعد أن حولوا مقرات حزب جبهة التحري الوطني إلى رماد، وبالرغم من وصول الطلائع الأولى للوحدات القتالية، وولوجها للعاصمة، إلا أنها كانت تحتاج لبعض الوقت، حتى تكمل انتشارها في نقاط التمركز، التي حددها لها قائد القيادة العسكرية، المكلفة بتسيير حالة الحصار في الجزائر العاصمة (1)، كما واجهت هذه القيادة الكثير من المشاكل من بينها:
1- صعوبة ربط الاتصال بالوحدات القتالية داخل العاصمة، فأجهزة الراديو التي كان يستعملها الجيش، بدت غير صالحة للاستعمال داخل المدن، مما تطلب استبدالها بأجهزة التاكي والكي، المستعملة في مصالح الشرطة والدرك، إلا أن عددها كان محدودا جدا، مما صعب عملية الاتصال بالوحدات، وصعب تمرير الأوامر وتلقي التقارير (2).
2- لم تجد القيادة العسكرية المكلفة بتسيير حالة الحصار في الجزائر العاصمة، أي قانون أو مرسوم أو أي نص رسمي يحدد كيفية تسيير وضعيات شبيهة بالتي تعيشها العاصمة، مما صعب من مهمة الوحدات القتالية، التي في أغلبية الأحيان، كان إطلاق النار هو الرد الوحيد لها، وحتى يتدارك العميد خالد نزار هذا النقص، ولتفادي والتقليل من الإصابات، وسط المدنيين، حرر مذكرة عسكرية حدد فيها بدقة، كيفية التعامل من المتظاهرين، ومتى يمكن استعمال الأسلحة، للدفاع عن النفس، أو لحماية المعدات والمنشآت (راجع الوثيقة المرفقة رقم 01). 
بدا واضحا منذ صبيحة السادس من أكتوبر، أن ذلك اليوم سيكون داميا، وأكثر تعقيدا وصعوبة من سابقه (05 أكتوبر 88) فالقيادة العسكرية أخذت تحاول نشر القوات المسلحة، التي توافدت على العاصمة، وهي مدركة تمام الإدراك، أن هذه الوحدات مدربة على القتال، في حروب كلاسيكية تقليدية، وبالتالي ليس لديها أدنى خبرة، بكيفية مواجهة المظاهرات سوى باستعمال السلاح، إما بإطلاق النار في الهواء، وقد تسبب ذلك في سقوط قتلى وجرحى كانوا متجمعين في شرفات المنازل والعمارات، أو بإطلاق النار على الأرض، وهذه الطريقة كانت أكثر خطورة من إطلاق النار في الهواء، لأن الرصاص المستعمل حين يصيب شيئا صلبا، مثل أرضية الشوارع أو الجدران فإنه ينفلق لشظايا، ويتسبب في إصابات خطيرة جدا.
لم تستطع طلائع الجيش الوطني الشعبي، عند وصولها للعاصمة في 6 أكتوبر 1988، أن تسيطر على الوضع بالسرعة المطلوبة، لأسباب عدة منها:
1- العدد المهول للمتظاهرين (كان عددهم بعشرات الآلاف).
2- عدم استكمال عملية تمركز الجيش في النقاط التي حددتها القيادة.
3- عدم أهلية وحدات الجيش، لمواجهة مظاهرات شعبية، لأن الجيش كان مدربا على الحروب الكلاسيكية.
4- ظهور خلاف بين رئيس أركان الجيش اللواء بلهوشات، وقائد القوات البرية العميد خالد نزار، أنهاه نزار بوضع بلهوشات جانبا وتهميشه تماما، وعدم إشراكه في أي قرار يخص تسيير حالة الحصار في العاصمة. 
تحول مكتب العميد بلخير، في رئاسة الجمهورية، إلى مركز قيادة عملياتي حقيقي، بحيث كان أعضاء خلية الأزمة على اتصال دائم بالوزراء، والولاة، ومحافظي الشرطة، وقادة مجموعات الدرك الوطني، ومكاتب أمن القطاعات العسكرية، وكان العميد العربي بلخير يتصل بصفة منتظمة، برئيس الجمهورية في إقامته بزرالدة، ليقدم له تقارير شفهية عن تطور الأوضاع.
استقر أعضاء خلية الأزمة (3)، في مكتب العربي بلخير، ولم يغادروه سوى للذهاب لبيوتهم، قصد الاستحمام وتغيير ملابسهم، ثم العودة مسرعين لرئاسة الجمهورية لمتابعة التطورات التي بدت، وكأنها تتجه نحو تصعيد خطير جدا.
في ذات اليوم (06 أكتوبر 1988)، وصلت مكتب العميد بلخير برقية إخبارية، مفادها أن هناك ولايات بدأت تظهر فيها بوادر توحي أنها ستلتحق بالعاصمة، لتشملها حالة الفوضى العارمة التي تعيشها البلاد. فور وصول هذه الإخبارية، اجتمع العميد بلخير، مع أعضاء خلية الأزمة، وعرض عليهم الأمر، وطلب أن يتحركوا فورا لاحتواء الأمر قبل أن تتوسع أعمال الشغب، وتشمل ولايات أخرى، مما أوحى أكثر فأكثر أن هناك فعلا، أياد خارجية تحرك حالة الفوضى والعصيان الشامل الذي ألم بالبلاد..
وسط ذلك الجو الثقيل والمكهرب، تلقت خلية الأزمة، أول برقية تتحدث عن سقوط، أول ضحية مدنية في ساحة أول ماي، حين حاول أحد المتظاهرين رشق دبابة بقنبلة مولوتوف، فرد عليه مساعد أول بإطلاق النار عليه ليرديه قتيلا (4). أمام هذه التطورات الخطيرة،. لم يبق أمام خلية الأزمة إلا التحرك سريعا، لاحتواء الموقف قبل أم يتوسع لولايات أخرى، فقاموا بتكليف السعيد آيت مسعودان، بمهمة الاتصال بأعيان ومشايخ منطقة القبائل، والمؤثرين فيها، وحثهم على التدخل للحفاظ على الاستقرار في المنطقة.
بفضل نداءات التعقل التي أطلقها أعيان ومشايخ والمؤثرين في منطقة القبائل، بقيت المنطقة كلها خارج الأحداث، ولقي ذلك النداء استجابة واسعة جدا بين أواسط السكان، بحيث قام قلة قليلة فقط من الشباب بالتظاهر، لكن مصالح الأمن سيطرت عليهم سريعا، وتم إطلاق سراحهم بعدها بوقت يسير، مقابل تعهد بعدم تكرار ما فعلوه.
في نفس اليوم 06 أكتوبر 1988؛ نشر الإسلاميون أول بيان لهم على صفحات جريدة الشهاب وبعض الصحف الوطنية وهذا أول بيان:

البيان الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
 إن الأحداث الجارية في الساحة ليست مجرد طفرة أو وليدة رد فعل انتهازي فقط، بل تجد دوافعها وأسبابها من الوضع العام المتردي بسبب سياسة الترف والمباهاة والتبذير المتبعة على حساب المصالح العليا للشعب.
والإصلاح لا يكمن في القمع وإسكات أصوات المتألمين من الجوع والعري والضيق الخانق، وإنما الحل يكمن في مراجعة النفس بصدق ومواجهة الحقيقة بإجراء عملي يمليه الشعور بالمسؤولية أمام الله ثم التاريخ، وهو العودة إلى الإسلام شريعة ومنهاجا بعدما فشلت النظم الوضعية المخربة، لنكون منطقيين مع ما عاهدنا الله عليه وسجل في الدستور "الإسلام دين الدولة".
إن هذه العبارة لا تجد محتواها العملي إلا في تطبيق الإسلام بإعطائه أبعاده العملية:
- الشورى الصادقة في الحكم
- والعدالة في توزيع خيرات البلاد على فئات الشعب
- وتحقيق الكفاية مع الضروريات لكل فرد
- والمساواة أمام القانون
- الطهارة في الأخلاق
- والأمن على كل المقدسات من دين وعرض ونفس ومال
- والحرية في التفكير والتعبير
آن الأوان للشعب أن يعامل معاملة شعب مسلم كريم قدم أعلى التضحيات ليرفع راية الإسلام وليحيا حياة كريمة.
وبقدر ما نقف إلى جانب الشعب في مطالبه المشروعة من حد أدنى من عيش كريم كشعب هو جزء من خير الأمة له رسالة يتطلع إلى غد مشرق في ظل الإسلام، فإننا ندين كل عمل تخريبي لممتلكات الشعب سواء عن طريق سياسة المباهاة والبذخ والتبذير الرسمي أو عن طريق أعمال غير المسؤولة من حرق تخريب ونهب.
ونهيب بكل الصادقين في دينهم أن لا يدمروا اقتصاد هذا الشعب لأن التخريب الاقتصادي يزيد من المديونية والتبعية للدول الغنية التي تفرض نفوذها وتملي شروطها وإلا يصدق علينا قول الله ﴿يخربون بيوتهم بأيديهم﴾.
﴿هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين﴾.
أحمد سحنون
الواعظ بمسجد دار الأرقم
الأربعاء 25 صفر 1409 (6 أكتوبر 1988)
مساء نفس اليوم 06 أكتوبر 1988، صار الوضع العام يغلي وينبئ بما لا تحمد عقباه، فمن جهة اتسعت المظاهرات لتشمل كل أحياء العاصمة تقريبا، ومن جهة أخرى بدا جليا أن الوحدات القتالية، التي استقدمت من داخل البلاد رغم عددها الكبير، غير مؤهلة تماما لمواجهة عصيان مدني، متكون من مواطنين شباب وأطفال، لا يتعدى سنهم العشرين سنة، فكان أفراد الجيش يردون على حجارة المتظاهرين، بإطلاق النار في الهواء، أو على الأرض مما تسبب، في سقوط قتلى وجرحى. لينتهي يوم الخميس 6 أكتوبر 1988، بتسجيل قتيلين، و35 جريح بالإضافة لأكثر من 286 موقوف (5).
في ساعة متأخرة جدا، من مساء السادس إلى السابع من أكتوبر، اتصل العميد بلخير برئيس الجمهورية، ليطلعه على آخر التقارير بما فيها، عرض حال شامل عن عدد القتلى والجرحى والموقوفين، فانهار الرئيس تماما، عند سماعه خبر سقوط قتلى من المدنيين، فأوقف الكلام وقطع الاتصال (6).
في ليلة 6 إلى 7 أكتوبر 1988، طافت شوارع مدينة وهران، سيارات مشبوهة، أخذ ركابها يشتمون ويسبون سكان المدينة، وينعتونهم بأشنع الصفات، ويطلبون منهم الخروج، في مظاهرات لمساندة إخوانهم في العاصمة، وتكررت نفس العملية في ولايات أخرى، مثل تيارت، تلمسان، عنابة، باتنة، والتبسة، مما زاد من فرضية وجود أياد أجنبية، تقف خلف الأحداث.
في صبيحة يوم الجمعة 7 أكتوبر 1988، اشتعل شجار بين شخصين، في سوق السيارات الواقع بالقرب من حديقة التسلية (جنة الأحلام كما تسمى) بمحاذاة الحي الشعبي الحمري في وهران، ليتحول الشجار إلى أعمال شغب حطم على إثرها، عدد هائل من السيارات، التي جاء بها أصحابها لبيعها في ذلك السوق، ولتشتعل مدينة وهران عن بكرة أبيها، ويتحول ذلك الشجار البسيط بين شابين منحرفين، إلا أعمال شغب دامية، أتت على الأخضر واليابس، ولتلتحق مدينة وهران بركب أعمال الشغب، التي أحرقت الجزائر العاصمة، منذ صبيحة الخامس من أكتوبر، وكانت الهيئات المستهدفة هي نفسها التي استُهدفت في الجزائر العاصمة، فكان المتظاهرون يحرقون مقرات حزب جبهة التحرير الوطني، وأقسام الشرطة، والمؤسسات العمومية، بعد أن نهبوا وأحرقوا أسواق الفلاح ومؤسسات الأروقة الجزائرية (7). 
أمام خطورة الوضع، واتساع دائرة التمرد لتشمل كلا من العاصمة، وهران، المدية، الجلفة، الشلف، المسيلة، عين الدفلى، بومرداس، البويرة، تيبازة، البليدة، سيدي بلعباس، عين تموشنت، تيارت، تلمسان، ڨالمة وعنابة، قررت خلية الأزمة المسيرة لحالة الحصار، فرض حظر التجول ابتداء من الساعة 10 ليلا، ويمتد لغاية 06 صباحا، على العاصمة وضواحيها، مع دعوة الآباء لمنع أبنائهم من الخروج، كما تم تعليق الدراسة، وإغلاق المدارس والثانويات، في كامل أرجاء التراب الوطني، في انتظار استتباب الأمن العمومي، إلا أن هذه الإجراءات لم تحقق الأهداف المنشودة منها (8).
في ساعة متأخرة جدا من ليلية 07 إلى 08 أكتوبر 1988، وجه وزير الداخلية الهادي لخذيري، كلمة مقتضبة جدا للشعب الجزائري، والدموع تملأ عينيه، قال فيها إن ما يحدث قد أساء للثورة في الداخل والخارج، ووعد بأن جميع الإجراءات ستتخذ لوضع حد لهذه الوضعية المؤسفة التي تجتازها البلاد، الكثير من كبار مسئولي الحزب والدولة، لم يهضموا هذا التدخل التلفزيوني لوزير الداخلية، الذي اعتبروه ضعيفا جدا، من حيث طريقة الأداء، ولم يأت بأي شيء يساعد على تهدئة الوضع، أو حتى يبين ما تريد السلطة فعله لمواجهة الأزمة التي عمت الجزائر كلها (راجع الصورة المرفقة رقم 02).
تماما مثل العاصمة ووهران، أدى تدخل قوات الجيش لسقوط قتلى وجرحى، وسط المتظاهرين، إلى هنا شعر الرئيس الشاذلي بخطورة الوضع، ووصوله لدرجة لا يمكنه البقاء منعزلا فيها، فغادر إقامته بزرالدة، وعاد للعاصمة، التي كانت آثار الدمار بادية في كل مكان منها.
عند عودته لرئاسة الجمهورية في 08 أكتوبر 1988، طلب الرئيس الشاذلي الاتصال بالأمين العام للرئاسة مولود حمروش الذي كان غائبا، وأثناء الحديث معه (عبر التلفون)، أمره بالعودة فورا لمكتبه، وأبلغه أن الأوضاع صارت خطيرة جدا، وأنه قرر أن يوجه خطابا للأمة، ويتخذ بعض الإجراءات لتهدئة الوضع.
بعد ظهر نفس اليوم (08 أكتوبر 1988)، عاد مولود حمروش لمكتبه، وتقرر حل خلية الأزمة، التي سيرت الوضع من 5 إلى 8 أكتوبر، وتولى الرئيس الشاذلي إدارة الأزمة، فاجتمع مع قيادة تسيير حالة الحصار التي قدمت له على لسان قائدها العميد خالد نزار، عرضا شاملا لكل ما حدث، بما في ذلك إحصاء لعدد الجرحى والقتلى والموقوفين، كما تولى رئيس قسم الأمن والشؤون العسكرية في رئاسة الجمهورية، تقديم ملخص لما رصدته أجهزة الأمن من شرطة ودرك وأمن عسكري جاء فيه:
1- أن الطابع الشامل للعصيان، الذي شمل 17 ولاية في مدة يومين، يستحيل أن يكون عملا معزولا أو غير منظم.
2- استهداف مقرات الحزب ومقرات الشرطة ومؤسسات الدولة الإدارية والاقتصادية، دون غيرها، يؤكد أن القضية موجهة.
3- استعمال الأسلحة البيضاء وزجاجات المولوتوف والأسلحة النارية، يوحي بأن هناك فعلا، هيئة منظمة تقف خلف أعمال العنف.
4- الانتشار السريع لأعمال الشغب، يوحي بوجود خلايا، كانت تنتظر صدور التعليمات لتتحرك.
5- ظهور سيارات مجهولة حرضت على الشغب في وهران، وأطلقت النار على المواطنين في العاصمة، دليل آخر على أن هناك فعلا، يد أغلب الظن أنها أجنبية، تقف خلف الأحداث.
6- قرب موعد انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر، الذي كان مقررا أن ينعقد في شهر نوفمبر 88، لإعلان قيام دولة فلسطين، يوحي أن هناك مصالح استخبارات أجنبية، أرادت زعزعة استقرار الجزائر، وضرب مؤسساتها لعرقلة انعقاد المؤتمر.
أمام كل هذه المعطيات، قرر الرئيس الشاذلي، استدعاء المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني، للاجتماع ظهيرة يوم الأحد 09 أكتوبر 1988، وكلف مدير الديوان العربي بلخير، بصفته المكلف بالقضايا السياسية والعسكرية، الاتصال بأعضاء المكتب، وإعلامهم بمكان وموعد الاجتماع.
اتصل العميد العربي بلخير هاتفيا، بأعضاء المكتب الواحد فردا فردا، وطلب منهم الحضور لرئاسة الجمهورية، دون أن يحدد لهم السبب، ولو أن أغلبية الذين اتصل بهم، فهموا أن هذا الاستدعاء العاجل، ما هو إلا دعوة لحضور اجتماع طارئ للمكتب السياسي للحزب، الذي سيجتمع للمرة الثانية خلال أسبوع واحد، وبمجرد اكتمال عدد أعضاء المكتب السياسي الوافدين على ديوان رئاسة الجمهورية، أدخلهم العربي بلخير، على الرئيس الشاذلي في مكتبه، حيث بدا جليا أنه منكسر ومحبط لأقصى درجة.
افتتح الرئيس الشاذلي اجتماع المكتب السياسي، بصوت منكسر ومنخفض لدرجة أن أعضاء المكتب كانوا بالكاد يستطيعون سماع ما يقول، وبعد أن قدم عرض حال سريع عن الوضع، طلب من أعضاء المكتب إبداء رأيهم حول الأسباب التي أوصلت البلاد لهذه الحالة، مع تقديم مقترحاتهم، للخروج من حالة الاحتقان والفوضى العارمة التي ألمت بالبلاد، وأكد على ضرورة الحديث بكل ثقة وصراحة.
كان العميد رشيد بن يلس، عضو المكتب السياسي للحزب ووزير النقل أول من تدخل مباشرة بعد انتهاء الرئيس الشاذلي من كلمته، ليقول في آخر كلامه، سيادة الرئيس لقد سمعتك في أكثر من مناسبة تقول إنك ستختفي من الساحة السياسية إذا شعرت أنك قد فقدت ثقة الشعب، وأظن أن الوقت قد جاء، لإجراء إصلاحات عميقة، مع التزامك للشعب بترك السلطة عند انتهاء عهدتك بعد أربعة أشهر من الآن.
يتبع

الهوامش:
1- تشكلت على مستوى قيادة القوات البرية بعين النعجة، قيادة ميدانية لتسيير حالة الحصار في الجزائر العاصمة، كان على رأسها العميد خالد نزار، وانتهت مهمة هذه القيادة بمجرد رفع حالة الحصار في 12 أكتوبر 1988.
2- راجع تصريحات اللواء خالد نزار حول أحداث أكتوبر.
3- خلية الأزمة: كانت تضم محمد الشريف مساعدية، وعبد الحميد الإبراهيمي، الهادي لخذيري، والعربي بلخير.
4- تم الاستماع للمساعد الأول الذي أطلق النار على المدني، فكان رده (الذي أكده جميع الجنود الحاضرين أثناء وقوع الحادث) أن ذلك المدني حاول تسلق الدبابة، وهو يحمل في يده، زجاجة مولوتوف، وبالتأكيد كان يريد أن يرميها داخل الدبابة، التي كان بداخلها 43 قذيفة، فأطلق عليه النار بمسدسه، وأثناء التحقيق تم اكتشاف أن الضحية عسكري قديم، فار من صفوف الجيش.
5- المصدر رسمي.
6- راجع شهادة اللواء خالد نزار في تلفزيون النهار.
7- شهادة قدمها الكثير من المواطنين الذين كانوا في عين المكان ساعة حدوث الواقعة.
8- مصادر رسمية أكدها اللواء خالد نزار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عرائس الحروب ..

عرائس الحرب أو "War Brides : لماذا تتخلى النساء عن شركائهن بسرعة ويتكيفن مع الجدد بسهولة؟ الحقيقة المدهشة وراء التكيف الأنثوي!" عر...