الأربعاء، 15 يونيو 2016

عن الحسد والعين! ............. بقلم الدكتور محمد رياض

كثر اللغط في الآونة الاخيرة حول مفهوم الحسد والعين، وبإختصار، فإن هذه الأمور يساء فهمها ويشتبه تأويلها على الكثيرين بفعل ترسبات الموروث الديني الحشَوي تاريخيا ً.


وإليك تعريف الحسد والرد على شبهات البعض حوله:
ما هو الحسد؟
الحسد هو تمني شخص ما زوال النعمة عن آخر!
هل هناك شيء إسمه إصابة العين!
الإجابة : لا
ما تفسير الآيات التالية التي يستند اليها البعض في إثبات هذه الأمور ؟
1. قوله تعالى: ( قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق اذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد اذا حسد)
الإجابة :
من شر حاسد اذا حسد:
هذه الاية تتعلق بالاستعاذه بالله من شر الحاسد الذي لا يعجبه ما أنت فيه من نعمة فيسعى ليسلبك إياها ، كأن يشي بك زميلك في العمل او يدبر لك مكيدة عند مديرك لكي تخسر وظيفتك!
من شر النفاثات في العقد:
تعني الاستعاذة بالله من شر الذين يسعون لتفكيك اواصر الترابط الاخوي والعائلي. ( العقد) عن طريق المكيدة والغيبة والنميمة .
من شر غاسق اذا وقب:
الغسق هو الظلام، والغاسق هو الانسان الغامض الذي لا يبدي حقيقة نواياه تجاهك، أو يظهر لك عكس ما يخفي.
2. قال تعالى على لسان نبيه يعقوب مخاطباً بنيه:
( وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون ( 67 ) ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( 68 ) .
الإجابة:
هذه الآيات لا علاقة لها بموضوع العين كما يتوهم البعض، وانما هي تقص علينا جزءاً من حكاية نبي الله يوسف وذهاب اخوته الى مصر، حيث امرهم ابوهم بأن لا يدخلوا من باب واحد لأنه لم يرد لهم لفت الانتباه اليهم بدخولهم كمجموعة واحدة من باب واحد، لامر في نفسه كما تقول الآيات ، ولربما خاف عليهم بطش الجند او ما الى ذلك!
وقوله سبحانه: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ)
الإجابة : المعنى يتعلق بوصف حال كفار قريش حين كانوا يستمعون الذكر اي القرآن فينظرون للنبي بنظرات الريبة المدفوعة بالحقد ونية السوء ثم اذا ذهب عنهم قالوا عنه انه مجنون !
وربما استشهدوا بالأحاديث التالية:
الحديث الذي رواه أحمد ومسلم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين" .
ما رواه أبو نعيم في الحلية وابن عدي بإسناد حسن عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العين تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر" .
والإجابة: ان هذه المرويات لا تخلوا من عيب في السند أو المتن أو في كليهما، وحتى ان صحت فهي تشير الى دور الحاسد في إتيان عمل مادي لإيذاء المحسود ، مثل الوشاية به او تخريب تجارته الخ، وانما عبر عن ذلك بالعين لأن العين هي التي ترى النعمة فيبدأ الحاسد في الكيد للمحسود من خلال اتيان سلوك عملي لإيذائه كما شرحنا اعلاه.


يتبين من الشرح اعلاه، أنه لا يوجد شيء قرآنياً اسمه إصابة العين ، وان هذا من تقولات العامة فقط!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في النقاش حول ابن باريس.. بقلم نوري ادريس

ثمة موقفين لا تاريخيين  من ابن باديس:  الموقف الاول, يتبناه بشكل عام البربريست واللائكيين,  ويتعلق بموضوع الهوية. "يعادي" هذا التي...